"يونس الخراز رسام زيلاشي عرف كيف يبني بهدوء و مثابرة بحثية عالمه التشكيلي الخاص به، فحظي بمنزلة متميزة بين صناع حركة الرسم المعاصر في المغرب وسواء في الحفر(يمارسه صيفا في محترف موسم الثقافي) أو في الصباغة، ما انفك يونس ينوع و يبدل تقنياته وفق نهج تجريبي لا يقف عند مرحلة بذاتها و منجز بعينه". هكذا يقدم الشاعر المهدي أخريف صديقه الرسام" يونس الخراز_نزوات في الرسم والحياة". كلاهما من مدينة أصيلة وكلاهما يتقاسمان تجربة العيش فيها و تجربة صداقة طويلة تمتد إلى أكثر من عشرين سنة. يجدر بنا إذن أن نعتبر هذا الكتاب بمثابة تتويج لهذه التجربة المشتركة بينهما لكن وفق مقاربة خاصة. فالكتاب كما يوحي العنوان نفسه_" يونس الخراز_ نزوات في الرسم والحياة" هو كتاب عن يونس الخراز عن تجربته في الفن كما في الحياة. وبذلك فهو كتاب يختلف عما ألفناه من أعمال أومؤلفات مشتركة بين رسامين و شعراء أو رسامين وكتاب _ما حول موضوعات معينة يلتقون فيها كل بوسائله الخاصة و _ما من خلال تذويب الحدود التعبيرية بينهما باتخاد الرسام لقصائد الشاعر أو الشاعر لرسوم الرسام منطلقا لأعمال محددة ومخصوصة في دقتي كتاب. أستحضر هنا "كتاب الحب" المشترك بين محمد بنيس وضياء العزاوي والمستوحى من "طوق الحمامة" لابن حزم وكتاب "الرياح البنية" المشترك بين حسن نجمي ومحمد القاسمي عن غزو العراق عام 1991. إذن المهدي أخريف ويونس الخراز اختارا صيغة أخرى. » نزوات في الرسم والحياة« هو عبارة عن نص يقدم لنا اضاءات عن فن يونس ومراحل حياته مصاحبة بنماذج دالة ومختارة بعناية من أعماله التشكيلية في مراحلها المختلفة. وهذه الاضاءات يمكن تقسيمها إلى أربع_ 1 _ الأولى: تقدم لنا نبذة عن طفولة يونس، عن جماليات المكان الاصيلي في المدينة القديمة,عن أسرته وعن المؤثرات التي صاغت موهبته وصقلتها. 2 _ الثانية: عن مراحل تكوينه الفني والثقافي سواء داخل تجربة موسم أصيلة الثقافي أو على المستوى الأكاديمي أو فيما يخص عناصر التكوين المعرفي والثقافي الشخصي ليونس. 3- الإضاءة الثالثة: تتعلق بإبراز وتحليل المراحل التي مرت بها تجربته التشكيلية منذ بدايتها إلى اليوم، أي منذ الرسوم التخطيطية الأولى عن المر ف_ القديم حتى رسومه الأخيرة المتعددة التكنيكات حول "فن العري" مروراً برسوم الشجرات الثلاث.فالأعمال المكرسة للمكان الزيلاشي، فالبورتريهات والوجوه والأجساد بدون أن ننسى الرسوم المكرسة "للطبيعة الصامتة". 4- الاضاءة الرابعة تمثلها الشهادات الثلاث المقدمة عن يونس شاعراً وإنساناً بتوقيع محمد شكري و بديع الرماد و خوان مانويل الونصو. هذه الاضاءات الأربع توازيها وتتخللها اضاءات أخرى يقدمها يونس نفسه من خلال تدخلاته وتعقيباته وإضافاته إلى النص حيث يختمها بكلمات وأفكار مركزة عن الفن والحياة والموت وعن مدينته أصيلة مركز الكون حيث يقول «أصيلة هي مركز الكون عندي فيها أمارس و جودي الفردي من خلال ذاتي التي لا أملك سواها حينما سأفقدها سأفقد مركزيتي ومعها مركز الكون الذي سيبقى كما كان مركزا للكون بالنسبة إلى من يجيدون استخدام اللحظة المتاحة لهم من الوجود فسلاما أصيلةالكون مادمت موجودا وسلاما أيها الكون اللا متناهي بعد تناهي وجودي.» القسم الأخير من الكتاب يضم ألبوماً شخصيا مهما ليونس يعرض صورا مع شخصيات بارزة في عالم السياسة والفن والأدب. »يونس الخراز_نزوات في الرسم والحياة«، نص حواري سردي، وصفي، تحليلي، تأملي، استرجاعي، تخييلي نقدي، نثري حينا شعري حينا. إنه نص متعدد اللغات متآلف متناغم تماما مع"نصوص" يونس التشكيلية المتعددة التقنيات والجماليات.