إيران تدين اغتيال هيثم الطباطبائي    غضب في البرلمان الأسترالي بعد ارتداء سياسية متطرفة للنقاب داخل القاعة    من الديون التقنية إلى سيادة البيانات.. أين تتجه مخاطر الذكاء الاصطناعي؟    توقعات أحوال الطقس اليوم الاثنين    جمعية التحدي تدق ناقوس الخطر بشأن تفاقم العنف ضد النساء وتجدد مطالبتها بإصلاح تشريعي شامل    تحديد ساعات التدريس من منظور مقارن    العثور على ستيني جثة هامدة داخل منزله بالمدينة العتيقة لطنجة        الوداد يحقق فوزا مهما على نيروبي يونايتد في كأس الكونفدرالية    طنطان تحتضن مشروعا أمريكيا ضخما لتعزيز الطاقة الشمسية    درجات حرارة تحت الصفر بمرتفعات الريف    طنجة .. وفاة مسن داخل مرحاض مقهى تثير استنفار الأمن    إسرائيل تستهدف قياديا في حزب الله    اللجنة المنظمة تكشف التميمة الرسمية لكأس العرب 2025شخصية "جحا" التراثية    الدرك يضبط كوكايين ويحجز سيارتين نواحي اقليم الحسيمة        وزارة الصحة تغلق مصحة خاصة بورزازات بسبب خروقات        رصيد المغرب من العملة الصعبة يتجاوز 432 مليار درهم    الركراكي يتجه لاستبعاد 4 أسماء من قائمة كأس إفريقيا    إغلاق حركة الطيران بمطار هولندي بسبب رصد طائرات مسيّرة    إجراء بطولة المغرب للدراجات الجبلية في للا تكركوست    بعد التتويج القاري.. الرميشي تكشف سر تألقها مع العساكر في دوري الأبطال    جائزة الصحافة والحاجة للتغيير    إنقاذ الثقافة من الرداءة    البرازيل.. إبراز أهمية قرار مجلس الأمن 2797 الداعم لمبادرة الحكم الذاتي    وزارة التربية الوطنية تطلق "إحصاء الموظفين" وتشهر ورقة الاقتطاعات    العزوزي يعود إلى الواجهة رفقة أوكسير    موعد مباراة الوداد ونايروبي يونايتد والقنوات الناقلة    احتجاج جديد لعمال فندق أفانتي رفضاً للطرد التعسفي وتنصّل الإدارة من التزاماتها    "التغطية الإعلامية للتظاهرات الرياضية" محور دورة تكوينية تنظمها مندوبية حقوق الإنسان    فضيحة "مهداوي غيت" أو كافكا على ضفاف أبي رقراق    مزاد خيري يبيع كاميرا البابا فرنسيس بأكثر من 7 ملايين دولار    لجنة الأفلام وCompany 3 تطلقان تعاونًا يعزز مستقبل ما بعد الإنتاج في المنطقة    النجم التركي إنجين ألتان دوزياتان في مهرجان الدوحة السينمائي:    الفنان جاسم النبهان في حديثه للصحفيين في مهرجان الدوحة السينمائي:    أرقام جديدة تؤكد الإقبال المتزايد على تعلم الإسبانية في المغرب    تكريم الفنانة المغربية لطيفة أحرار في افتتاح أيام قرطاج المسرحية بتونس    بنسليمان: البرلمان ليس ساحة ل"التبوريد" واستعراض العضلات بل فضاء لمصارحة المواطنين    دراسة: استخدام الأصابع في الحساب يمهد للتفوق في الرياضيات    المغرب يتوج بلقب "وجهة السنة" في "جوائز السفر" 2025 ببروكسيل    نهضة بركان يستهل مشواره في عصبة الأبطال بفوز مستحق والجيش يتعثر    أوكرانيا.. اجتماع أوروبي أمريكي في جنيف لمناقشة خطة ترامب لإنهاء الحرب    إعصار "فينا" يضرب الإقليم الشمالي لأستراليا ويتسبب بأضرار واسعة وانقطاع الكهرباء    طقس الأحد: انخفاض كبير في درجات الحرارة وصقيع فوق المرتفعات    المغرب يتموقع ضمن الوجهات الأكثر جذبا للاستثمار في المنطقة (سفير)    "كوب 30" تتبنى اتفاقا بشأن المناخ            التساقطات المطرية تساهم في خفض أسعار زيت الزيتون بشمال المغرب    أجهزة قياس السكري المستمر بين الحياة والألم    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    أجهزة قياس السكر المستمر بين الحياة والألم: نداء أسر الأطفال السكريين لإدماجها في التغطية الصحية    جمعية "السرطان... كلنا معنيون" بتطوان تشارك في مؤتمر عالمي للتحالف الدولي للرعاية الشخصية للسرطان PCCA    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضايا مسرحية : مكانة الميت فوق خشبة المسرح المعاصرة

«يمكن أن يكون العرض المسرحي محملا بإبقاء أسطورة حية او بإطالة أمد حقبة مؤسِّسة ذات طبيعة سياسية او دينية. يمكن كذلك ان يشتغل المسرح كجهاز تذكري ذي صبغة فنية وأدبية. فالجهاز التذكري الذي يشكله العرض المسرحي، يساهم في إعطاء جماعة الاحساس باستمرارها الذاتي. إنه أداة تكون في خدمة «تحريك الذاكرة». فإذا كانت مكانة الميت فوق خشبة المسرح المعاصرة تتغذى من تذكرات شكسبير، ايشيل، سينيك، ماتيرلانك ، او من «نو» (دراما غنائية يابانية) فإنها تظهر فجأة في حكاية مسرحية معاصرة. من ثم تولد خشبة المسرح داخل هذا الجهاز التذكري شكلا من سيرة اوسجل مرض شخص معين، بحيث يحمل لنا الامر ذكرى نسعى الى نسيانها، ماض، الموت في صلب حيواتنا».
عن الموت ومكانة الميت في خشبة المسرح المعاصرة خصصت المجلة الفصلية المتخصصة في المسرح « بدائل مسرحية » عددها رقم 99 لهذا الموضوع الذي نقدمه في حلقات ...
القوة الاسطورية الشعرية للمسرح
يكتب باولو بازوليني وديدييه غابيلي مسرحهما ضمن سياقات وطنية وسوسيوسياسية جد مختلفة (حركات احتجاجية طلابية وظهور مجتمع الاستهلاك بالنسبة للأول، سقوط جدار برلين والتوسع الكاسح لليبرالية الاقتصاد ذات النموذج الانغلوساكسوني، بالنسبة للثاني). مع ذلك فإن أعمالها تتقاسم نفس الاماء في الكتابة في كونهما ستشكلان القوات الخاصة بالمسرح وعلائقها بالتشكل الاجتماعي والسياسي المعاصر. بتعبير آخر ان المسرحيات تسائل القوة الاسطورية الشعرية للخشبة داخل المجتمع. كذلك تتقاسم حياتهما نفس المساءلة بخصوص قوات المسرح أمام الميت، أو تحديدا فيما يخص العلائق التي تقيمها الجثث في نفس الآن مع التخييل والكلمة المسرحية.
تطرح هذه القوة الأسطورية الشعرية من طرف الكاتبين كإلزامية خاصة للمسرح، وهذا منذ أثينا. فهما يعتمدان على النموذج الاغريقي، على التراجيديا كتساؤل للجماعة حول نفسها. في المقدمة التي كتبها لترجمته لمسرحيتهL في عدة تجارب أواسط السبعينيات، استعمل بازوليني مصطلح «إبادة» للحديث عن التحولات التي تطال المجتمع الايطالي. عند غابيلي نجد ان جثث الحداثة هي تلك المتعلقة بعدة حروب حدثت منذ 1945، ولكن أيضا ضحايا النظام الليبرالي: «نمشي فوق الجثث ونستمر في محاولة القيام بتحرك والتفكير كما لو اننا لم نكن هؤلاء المشائين الذين يدوسون جثث أكثر من نصف قرن من الكوارث، من الهزائم ومن الاستسلامات من كل نوع. اليوم تؤثث الجثث حتى شوارعنا». يتعلق الامر بالنسبة للمؤلفين بإعطاء تخييل لهذه الاجساد المغتالة أو المسفوك دمها. بيد ان هذا المستلزم للحديث عن فظاعة العالم يجد نفسه هو الآخر مهددا، ومن خلال القوة الاسطورية الشعرية للمسرح (...)
الأموات في المسرح:
سباق التناوب
يمكن المسرح من عودة الاموات، تلك قوته. وهذه العودة تترافق مع انبجاس النص الغالب. فالمؤلفان يقابلان نصا أولا بنص ثان. النص المتمثل في «مواكب الجثث، الذي يبطل ويوقف نصوص حجب واستغلال الموت. تثير أعمال غابيلي نوعين آخرين من النصوص الغالبة المعاصرة، في تهديد لضرورة ابراز جثث العالم، النصوص التي تستغل هذه الجثث، والنصوص التي تطلب المزيد من جثث جديدة. فالاساطير نصوص من تقتيل بالنسبة غابيلي، وخلفتها تطرح مشكلا لكونها تستتبع إرباك الفظاعات المتضمنة فيها.
يسائل المؤلفان حكايات الحاضر، ولكن كذلك حكايات الماضي، بفضل إدخال الاشباح، الاطياف، شخوص على الهامش باختصار بفضل إدخال صوت آخر، كلام للغيرية. على ان عودة الاموات لا تختزل في بادرة سياسية لاركيولوجيا الحكاية، انها تدخل جمالية المسرحية خاصة، حيث تكون للكلمة قيمة (ينعت بازوليني أعماله ب «مسرح الكلمة أو الكلام»). ذلك ان ما يتم داخل فتحات الحكاية المعاصرة هو انتشار الكلام، الذي يمكن من موقعة المسرح في تمفصل الحضور والغياب، بالذهاب للاحتكاك بالموت. بيد ان هذا التمفصل يقدم بصفة عامة كعنصر أساسي لإدراك الصورة. فإذا كان الجسم المسرحي، لا يمكنه ان يظهر الغياب بصريا، فبإمكان الكلمة المسرحية الاشارة إليه بالإيماء الى ما لا يوجد فوق الخشبة، اختيار مسرح الكلام ضد مسرح التقليد، معناه اختيار إحضار الغياب ضد تقليد المظاهر، إعطاء الفرصة لمعايشة تجربة الموت بدل إبرازه.
غير ان الصلات بين الكلمة ووجه الميت لا تتوقف عند هذا الحد. فما يمكن ان يكون بمقدور الكلمة ايضا هو التعزيم عن غياب مكان الجثة المبادة. في مسرحيةDe slyle Bete تكفل الاشباح بالمرويا الإبادية، تتكفل بها كذلك «الأرواح»، روح كاريل، روح الام، في هذا الجانب يندرج بازوليني ضمن تقليد مسرحي طويل ومهم. مثلا نتذكر هنا، مثلا، شبح داريوس في مسرحية (الفُرْس) لايشيل، أو شبح الابفي (هاملت).
يأتي دخول الجثة، كلام الجثة أو كلام يعبر عنها لإفساد التخييل، أو بالتحديد يأتي لحفر الحكاية. تتم الكتابة الدرامية بطريقة طبقاتية، في المعنى الذي مكن عودة الميت من جعل الحكاية مثل ميدان أركيولوجي. في مسرحيةpylade يقترح بازوليني رمزا يشير الى ميلاد المجتمع الديمقراطي الحديث ومصيره المتحول الى مجتمع للاستهلاك من خلال صور أسطورة الاتريداتAtrides.
إذا كان التعبير «الاركيولوجي للحكاية» يساهم أكثر في الاستعارة لدى بازوليني، يبدو لي ان غابيلي يحثنا على ان نأخذها في معناها الحرفي لوصف إيماءاته في الكتابة. فهو يصف الخشبة المسرحية كمكان لبعث الاموات: «المسرح هو كذلك مسألة سلب ونبش للقبور. إذ نبحث بين ركام العظام، بين البقايا»، يتعلق الامر بالنسبة لغابيلي بحفر التخييل القديم أو الحديث بغية الكشف فوق خشبة المسرح عن تلك الجثث التي كان يجب طمرها لترتقي الحكاية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.