إذا كان القانون رقم 08/37 المتعلق بتنظيم مراجعة استثنائية للوائح الانتخابية العامة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 151/08/1 يشرح الكيفيات والمساطر، فيبدو أن جماعة أم الربيع بإقليم خنيفرة لها قانونها الخاص، إذ تفتقت عبقرية إحدى اللجان المكلفة بهذه الجماعة، واعتمدت على خريطة 1992 لتقطيع الدوائر الانتخابية على مقاس يرضي أعضاء المكتب المسير لهذه الجماعة! تحت تصفيقات جهات معلومة في السلطة المحلية لا زالت تحن إلى أيام برامج "أم الوزارات" التي كانت تصنع وتطبخ ما تشتهيه من المجالس المفبركة، والمعروف أن العضوية بكراسي جماعة أم الربيع يتم إرثها أبا عن جد كما هو متعارف عليه مثلا بمقاطعتي 2 و9، حيث يعتقد البعض أنهما من محميتان خاصتان، لولا التعديل الجديد الذي أربك تجار اللعبة، فاشترط مبدأ الإقامة والتصدي لمظاهر الانزالات والسمسرة، وكان بديهيا أن يجتهدوا من جديد في إبداع تقسيم تراب الجماعة بخريطة ظلت إلى وقت قريب تعتمد في دوائرها على التقسيم القبلي، وليس الجغرافي، وشرط الإقامة جعل الدائرة الواحدة تضم عددا من المسجلين من قبيلتين أو أكثر، ويمكن التحدث دون حرج حيال تصرفات القائد ومكاتب التسجيل التي أضحت عبارة عن "مختبر" للتشطيب والتسجيل والتنقيل وفق مزاج «أناس لا يتوقفون عن أفعال التنسيق والتخطيط». الخريطة الانتخابية يجري طبخها بتواطؤ بين عدة أطراف، بينهم نائب رئيس الجماعة الذي استنجد باللجنة الإدارية وقائد المنطقة من أجل مساعدته في تحقيق طموحاته الانتخابوية، وعشقه الأبدي لسيارة الجماعة من نوع بيرلينكو التي لا يكاد يغادرها آناء الليل وأطراف النهار، وتستره على المسجلين المعروفين لدى المتتبعين على لائحة الموظفين الأشباح، والذين تم توظيفهم عن طريق المحسوبية والزبونية ضدا على تطلعات المعطلين من أبناء المنطقة الغنية بمؤهلاتها ومداخيلها، أما عن حكاية تنقيل المسجلين فأمرها لا يخلو من شبهات، إذ عمد "الطباخون" إلى الإبقاء على عشرات المسجلين بما سمي ب"اللائحة الأم" لصالح الرئيس الذي عزلته وزارة الداخلية نتيجة تورطه في سلسلة من مظاهر الفساد والتجاوزات المالية التي كشفت عنها الجريدة الرسمية، وعوض أن يستحيي هاهو يتحرك من جديد، شأنه شأن نائبه، وقد سجل عليه رفضه تسليم شهادات سكنى لعدد من السكان للتسجيل بدعوى حصوله على تعليمات قيادية. ونائب رئيسنا المخلوع هو نفسه الذي اجتهد في امتحان التصويت لصالح الحساب الإداري بهدف تبرئة ذمته وذمة أصحابه من شيكات لازال الرئيس المذكور يحتفظ بها، حيث عمد المصوتون إلى نهج منطق "شهادة الزور" رغم أن الرئيس وزع عليهم وثائق الحساب الإداري من دون توقيع، وباللغة الفرنسية التي لا يفقهون فيها شيئا، والمثير للاستغراب أن الرئيس صرح بوجود فائض قيمته 110 مليون سنتيم فقط، في حين أن الحقيقة تؤكد وجود فائض بمبلغ 710 مليون سنتيم، ولا أحد توصل إلى سبب صمت السلطة المحلية إزاء هذه المهزلة، اللهم إلا إذا كان وراء الأمر ما يبطل العجب، علما بأن بعض رجال السلطة جهروا بتأسفهم حيال قرار العزل الذي طال الرجل، وأعربوا سرا وعلانية عن حنينهم لكرمه الوفير بالولائم والأموال والوجبات التي كانت تنقل بين الفينة والأخرى من أحد مقاهي مدخل مريرت. الرأي العام بجماعة أم الربيع الذي يتحدث بمرارة عن هذه الفوضى، يتداول أيضا قضية محل للمواد الغذائية يدين للجماعة بحوالي 15 مليون سنتيم من أصل 22 مليون سنتيم عن سنة 2008، ومحل للميكانيك بأزرو قيل بأنه انتظر طويلا من ذات الجماعة صرف رزقه البالغ 2,5 مليون سنتيم تتعلق بفاتورة إصلاح سيارة سي 15 الخاصة بمقرر الجماعة الذي سبق له أن وقع بها في حادثة سير بمنعرجات عين اللوح، ويجري الحديث عن سيارة من نوع رونو 21، والتي اقتنيت في عهد سابق وأهدرت مبالغ مالية في إصلاحات تجاوزت ثمنها بثلاثة أضعاف، وكان يستغلها نائب الرئيس قبل استفادته من سيارة أخرى. والمؤكد أن عملية تجديد مكتب مجلس الجماعة، على خلفية قرار عزل الرئيس، لم تتم فيها مواكبة البرنامج الزمني لتصحيح مظاهر الفوضى والتسيب التي عرفتها اللوائح الانتخابية، مما حمل المآت من السكان إلى إثارة انتباه الجهات المسؤولة من خلال وقفة احتجاجية نظمت يم 19 فبراير الفارط، وعلى هامشها وعدهم رئيس الدائرة بتصحيح الأمور قبل أن يتبين للمتتبعين أن هذه الوعود لم تكن سوى مسكنات يطبعها الهاجس الأمني، وهدفها مجرد ربح الوقت وإنهاء ما يجري خلف الستار.