حمل الطاهر الرعد منذ فترات الصبا والطفولة، ملامح قائد يعشق هندسة خطوات زملائه ورفاقه الصغار وهم يلامسون الكرة في دروب وأزقة منطقة العاليةبالمحمدية. وحتى عندما اشتد عوده، وأصبح حارسا لمرمى فريق شباب المحمدية بكل نجومه الكبار في تلك الفترة الجميلة من حقبة السبعينيات، فقد كان «كلامه» مسموعا، وتوجيهاته يقابلها زملاؤه في الفريق باحترام وتقبل وتقدير. «التدريب» لم يكن مجرد هواية بالنسبة إليه، كان موهبة فطرية خلقت معه.. وهو حارس مرمى في فريق الشباب، أو في المنتخب الوطني، لم يكن ذلك ليلهيه عن قيادة فريق الحي الذي نشأ فيه (درب مكناس)، ذلك الفريق الذي فرّخ لاعبين كبارا حملوا قميص الشباب أو الاتحاد، وصنعوا مجدا كرويا لاتزال مدينة المحمدية عاجزة عن صنع ولو جزء بسيط منه! «أعتقد أن الموهبة وحدها لاتكفي لصنع التميز أو تحقيق النجاح. فميدان كرة القدم يعج باستمرار بالمتغيرات والمستجدات، وعلى هذا الأساس، من المفروض في مدرب لكرة القدم أن يكون مستعدا لمواكبة كل ذلك. هذا الأمر، لا يمكن تحقيقه، في نظري، سوى بالانكباب على الاطلاع على كل ما هو جديد في الميدان، والخضوع باستمرار للتكوين وإعادة التكوين. بكل صدق، شعرت بسعادة كبيرة وأنا أحضر ذلك الاجتماع الذي عقدته، مؤخرا، الودادية الوطنية للمدربين المغاربة، وذلك لما لامسته من حماس لدى كل أعضاء مكتب الودادية، خصوصا لدى الرئيس الزميل عبدالحق ماندوزا، وهم يتداولون في مناقشة البرنامج التكويني الذي سطرته الإدارة الوطنية التقنية. وسعدت كثيرا كذلك، لأن البرنامج إياه، سيمنح الفرصة لكل من يحمل الرغبة في ولوج عالم التدريب، ولكل من يحمل ذلك الاقتناع بضرورة الخضوع للتكوين، والاستفادة من تجارب الآخرين. كما سيمنح هذا البرنامج الفرصة للمدربين الذين يحملون الطموح في إغناء رصيدهم المعرفي، وفي الارتقاء بدرجات شهاداتهم ودبلوماتهم. لايمكن أن نختلف حول وجود إرادة حقيقية تروم تطوير كرة القدم الوطنية، وقد بدأت تظهر العديد من البوادر تشير لحصول بعض التطور والتقدم. صحيح تفصلنا مسافات واسعة عن الوصول إلى ما نطمح إليه جميعا، كرياضيين، ولكن يجب الإقرار بكون منتوجنا الكروي بدأ يبصم لنفسه مسارات ناجحة ومتميزة، والدليل على ذلك هو أنه يعتبر حاليا الأغلى قيمة على مستوى النقل التلفزي مقارنة بكل البطولات والدوريات العربية. هناك فعلا إرادة حقيقية، يجب أن يواكبها عزم واضح ونية صادقة، وأكيد أننا سننجح في تحقيق المبتغى. على مستوى وضعية المدرب المغربي، أرى أن العديد من النجاحات تحققت في هذا الميدان، وأسماء كثيرة برهنت عن كفاءات عالية، وتجاوزت بكثير مؤهلات مدربين أجانب كانوا بالأمس القريب، يحتلون كل المساحات في كرة القدم الوطنية. هناك حاليا، عمل كبير يتم التأسيس له، ويخص كل محيط مهنة التدريب بالمغرب. هناك أولا مشروع القانون الذي وضعته ودادية المدربين، واطلعت عليه الإدارة الوطنية التقنية، وناقشته الجامعة، وهو مشروع طموح سيشكل لامحالة، عند خروجه للتطبيق، قفزة كبيرة في الميدان. هناك أيضا البرنامج التكويني، الذي وفرت لإنجاحه كل الشروط، ويطرح دورات تكوينية متعددة وبأهداف كثيرة، ولا شك في أنها ستخلف الكثير من الإيجابيات على مستوى إغناء الأرصدة المعرفية للمؤطرين المغاربة. بخلاصة، نحن نسير في الطريق السليم، بشرط أن تظل كل الجهود متماسكة، فهدفنا جميعا هو الارتقاء بمنتوجنا الكروي على كل المستويات».