تعلمنا أن الشعب المغربي شعب مضياف، كرما وحسن استقبال وحسن توديع، لذلك جرت العادة أن يُستقبل الضيف بالأحضان عند العتبة ويُودع بالأحضان عند الباب. لكن الضيوف أصناف وأنواع، ضيف ثقيل مُطيل، وضيف خفيف شفيف لطيف. ضيف يترك مكانه نظيفا كما يقال، وضيف يدعو «الله يلعن اللي يخلي بلاصتو نقية» كما يقال. لذلك، حينما اختار سكان مكناس تحويل حفل تنصيب الوالي الجديد إلى حفل لتوديع حسن أوريد بالزغاريد، فإنهم كانوا يقدمون شهادة حسن سيرة حسن، وكانوا يقدمون العرفان له بالجميل وحسن الصنيع، وكانوا يقولون إن المواطن من سكان مكناس، ككل مواطن مغربي، يرى ويسمع ويتتبع، ويدرك من يعمل، ومن لا يعمل، ومن يخدم مصلحة المواطن، ومن يخدم مصلحة نفسه، ومن يبادر ويشجع، ومن يُعيق ويعرقل. وكان سكان مكناس يقولون في هذا التوديع أيضا، إن المواطن المكناسي، ككل مواطن مغربي، قادر على أن يتصالح مع سلطاته، حينما تتصالح هذه السلطة معه، وتعمل لخدمة الوطن والمواطن. إن زغرودة المكناسيين في وداع الوالي السابق، هي شهادة فَرِحَةٌ بنجاح حسن أوريد في مهمته، وشهادة اعتراف، عَلَّ الخلف يسير على خطو السلف.