كانت «العائلة» الوصفة السحرية لعودة المغرب إلى ثمن نهائي كأس العالم في كرة القدم، بعد انتظار طويل دام 36 عاما، رافقتها «روح معنوية قوية» في مجموعة «الموت». ظل إنجاز الجيل الذهبي لكرة القدم المغربية في الثمانينيات عندما بات «أسود الأطلس» أول منتخب عربي وإفريقي يبلغ الدور الثاني في مونديال المكسيك 1986، خالدا في الأذهان، وكان ملهما لجميع الأجيال التي تلته حتى نجح رفاق «العائد» إلى عرين الأسود حكيم زياش في تكراره الخميس. أكدها حكيمي، أفضل لاعب في المباراة ضد كندا (2-1)، «حلمت بتحقيق ما فعله الجيل الذهبي للمنتخب المغربي، ولذلك بكيت حين تذكرت عائلتي والجماهير وكل ما فعلناه من أجل هذه اللحظة». وأضاف «نحن لسنا فريقا فقط، نحن عائلة ولدينا مجموعة جيدة سواء من يلعب أو من لا يلعب، لدينا عقلية جيدة». بدوره قال المدرب وليد الركراكي «أنا عشت تلك الفترة، وذلك الجيل منحني الإلهام للعب كرة القدم والدفاع عن ألوان المنتخب. اليوم نجحنا في جعل بعض الأطفال يحلمون في المستقبل وتحقيق الأفضل، ولهذا السبب كرة القدم جميلة». وأضاف «عدت إلى الطفولة لأقول إنني عشت ملحمتي 1986 و1998، وتذكرت أيضا أننا أصبنا بخيبات أمل، وفي كل مرة لا يكون مصيرنا بأيدينا في المباراة الأخيرة وندخل في حسابات معقدة تتوقف على نتائج منتخبات أخرى. كان هدفنا هو تفادي هذه الحسابات وجعل الأمور بين أيدينا». خالف أسود الأطلس التوقعات في مجموعة رشح فيها الجميع كرواتيا، وصيفة بطلة النسخة الأخيرة، وبلجيكا ثالثها، لحسم البطاقتين المؤهلتين إلى الدور الثاني. كرر الجيل الحالي ما فعله سلفه بقيادة عزيز بودربالة ومحمد التيمومي وعبد المجيد الظلمي وبادو الزاكي، عندما تصدر المجموعة السادسة بالذات أمام العمالقة انكلترا وبولندا والبرتغال، ولكن برصيد خمس نقاط، قبل أن يخرج بخسارة قاسية أمام ألمانيا الغربية 0-1 في الدقيقة 89 من ركلة حرة مباشرة. قال زياش: «كنا نعلم منذ البداية بأن طريقنا سيكون صعبا، لكن لعبنا بتكتيك واضح، وبذلنا جهدا كبيرا، وكنا على قلب رجل واحد ويد واحدة من أجل التأهل لثمن النهائي». تركيز الركراكي على «العائلة» لم يأت من فراغ، بل كانت تميمة نجاحه مع فريق الوداد البيضاوي وتتويجه معه بالثنائية الموسم الماضي «الدوري المحلي ودوري أبطال إفريقيا»، إنجاز رفع أسهمه لاستلام منصب مدرب المنتخب قبل أشهر قليلة على انطلاق العرس العالمي. حرص على حضور عائلات اللاعبين حتى تسود «روح العائلة في المنتخب داخل الملعب وخارجه». أوضح «عندما تخوض مسابقة عالمية هناك البعض لديه أولاد والبعض الآخر يرغب في الشعور بأن عائلاتهم بجوارهم، وحتى الآن نحن صائبون في قرارنا. في هذه المسألة، عندما تفوز تكون الأمور على الطريق الصحيح، ولكن عند الخسارة تكون الانتقادات». تابع «هذه مسؤوليتي في هذا القرار، ونحن رأينا أنهم سعداء عقب الفوز على بلجيكا. نركز على عملنا والعائلات لا تزعجنا طالما نراها بعد المباريات فقط». أكد الركراكي أن التواصل بينه وبين اللاعبين رائع جدا واستشهد بلقطة نهاية المباراة عندما جمع اللاعبين للحديث إليهم وفي نهايتها بدؤوا بالضرب على صلعته. قال «اللاعبون يتفاءلون خيرا بلمس صلعتي وربما تجلب لهم الحظ. قلت لهم أن يستمتعوا بالتأهل وسألتهم عما إذا كانوا لا يزالون متعطشين للانتصارات». تابع «يجب أن نبدأ من الصفر اعتبارا من الغد ونمضي قدما وبعد ذلك سنرى ما سيحدث. ستكون الأمور معقدة في الأدوار التالية فاللعب في كأس العالم أمر رائع بالنسبة للاعبين». وأبرز «كنت لاعبا في صفوف المنتخب ولم ألعب أبدا في كأس العالم، فشلنا مرتين في الجولة الأخيرة من التصفيات، وبما أننا نؤمن بقضاء لله وقدره، قلت أنه ربما سأحظى بها كمدرب وأدخل التاريخ مع هذا الفريق، هذا رائع وأنا اليوم أسعد من في الكرة الأرضية». ختم الركراكي بأنه مدين لرئيس الاتحاد المغربي على الثقة التي وضعها فيه قبل شهرين من انطلاق المونديال ومجازفته بتعيين مدرب محلي «لم يكن العديد من الأشخاص، الرأي العام وبعض الصحافيين، يؤمنون بقدرته على تحقيق أفضل النتائج بالنظر إلى قلة خبرته». قال «الحمدلله أثبت اليوم أن الخبرة لا تعني شيئا في كرة القدم، والأمر يتعلق بحواجز يتم وضعها حتى نحرم العديد من المواهب من إثبات كفاءتها. أنا بطبعي مقاتل وهدفي تكسير هذه الحواجز، ليس من أجلي ولكن من أجل الشباب الموهوبين القادمين. لدينا أطباء جيدون ومهندسون ورياضيون وصحافيون جيدون. يجب أن نبدأ في منح الثقة للنخبة القادمة لبناء بلادنا».