توفي المفكر والأكاديمي والمؤرخ التونسي هشام جعيط، أول أمس الثلاثاء، عن عمر ناهز 86 سنة، وقد نعاه الرئيس التونسي قيس سعيد قائلا إنه كان «شخصية وطنية فذّة وقامة علمية مرموقة ستظلّ ذكراها خالدة في تاريخ الساحة الثقافية في تونس والعالم العربي والإسلامي». يعد المؤرخ والمفكر التونسي الراحل د. محمد هشام جعيط من أهم المفكرين العرب الذين اشتغلوا ونقبوا في التاريخ الإسلامي، وأعطوا أهمية كبرى لمناقشة جملة الإشكاليات المركزية في التاريخ الإسلامي وأهم مكونات الفكر الإسلامي والموروث الحضاري بشكل عام. ولعل من أهم القضايا المركزية التي تناولها دكتور جعيط مسألة نقد الشخصية العربية والثقافة الإسلامية والأزمات التي عاشها المسلمون وأهم الإشكاليات الكبرى التي واجهوها، كما تناول جعيط علاقة الإسلام بأوربا، وكذلك التركيز على التعمق في دراسة السيرة النبوية وشخصية النبي صلى الله عليه وسلم مستخدماً في ذلك المنهج التاريخي الذي تتداخل فيه جملة من العلوم الأخرى كالأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع وعلم النفس وعلم الأديان والفلسفة حتى يتسنى له تقديم قراءة أكثر موضوعية، وبعيدة عن التحليل الإيماني الذي يرى فيه أنه محاولة لاغتيال الحقيقة التاريخية. غير هشام جعيط النظرة التاريخية إلى الإسلام، وأنسنها بعد أن أخضعها للإجرائية المنهجية التاريخية ووصل بها إلى نتائج أظهرت اللوحة الخفية لمختلف الصراعات وأسسها الدينية والسلطوية. تقلد الراحل العديد من المناصب، إذ كان أستاذا فخريا لدى جامعة تونس، وأستاذا زائرا بعدة جامعات عربية وغربية. كما شغل منصب رئيس المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون (بيت الحكمة) بين عامي 2012 و2015. وكان جعيط أيضا عضوا في الأكاديمية الأوروبية للعلوم والفنون، وتخطت مؤلفاته حدود العالم العربي، إذ أصدر العديد من المؤلفات باللغتين العربية والفرنسية، ناقش فيها العديد من القضايا المرتبطة بالتاريخ الإسلامي، وأهم مكونات الموروث الحضاري. وحاز المفكر والمؤرخ التونسي على «وسام الجمهورية» الذي منحته إياه بلاده، بالإضافة إلى جوائز أخرى، من بينها جائزة سلطان بن علي العويس الثقافية في الدراسات الإنسانية والمستقبلية عام 2007. كما اختارته المؤسسة العربية للدراسات والنشر في لبنان (شخصية العام الثقافية) لعام 2016. من أعماله: «الشخصية العربية الإسلامية والمصير العربي»، «الكوفة: نشأة المدينة العربية الإسلامية، «الفتنة: جدلية الدين والسياسة في الإسلام المبكر»، «أزمة الثقافة الإسلامية»،» تأسيس الغرب الإسلامي»، «أوروبا والإسلام: صدام الثّقافة والحداثة»، «في السيرة النبوية. 1: الوحي والقرآن والنبوة»، «في السيرة النبوية. 2: تاريخية الدعوة المحمدية»، «في السيرة النبوية.3: مسيرة محمد في المدينة وانتصار الإسلام».