جزيرة «Buss» المراوغة أجادت بعض السجلات القديمة أيضاً بحكايات لا تقل غرابة عن سابقتها تحكي عن جزيرة متلاشية من عام 1576. بدأت قصة الجزيرة عندما أبحر القبطان «جيمس نيوتن» سعياً لرسم ممر بحري في الشمال الغربي من أوروبا إلى آسيا على متن السفينة إيمانويل، حتى صادف جزيرة غريبة، وصفها بإنها جزيرة مليئة بالغابات الكثيفة التي تعج بالحياة ، وتمت تسميتها باسم «Buss» تبعاً لنوع السفينة التي عثرت عليها. ومنذ ذلك الوقت وُضعت Buss على الخرائط ، ولكن العديد من البعثات التالية فشلت في العثور على أي أثر للجزيرة، واستمر الحال هكذا حتى عام 1671 عندما تمكن البريطاني «توماس شيبارد» من شركة خليج هدسون من العثور على الجزيرة والهبوط على أرضها، والمغامرة في ذلك العالم المفقود، فكتب عن طبيعتها ونقاءها وعن النباتات والحيوانات الوفيرة التي كانت تسكنها، ورحل عنها عازماً على العودة إليها يوماً ما، وبالفعل بعد عدة سنوات عندما حاول «شيبارد» العودة إلى جزيرته الغامضة، كانت متلاشية كالخيال، لم يجدها كما لو أنها لم تكن موجودة على الإطلاق! لم تتمكن أي حملات أخرى من العثور على جزيرة Buss، ومن ثمّ تم إزالتها تدريجياً من الخرائط، وأضحت أحدى تلك الحالات الغامضة التي تجود بها حكايات البحار ، بينما فسّر البعض اختفاء الجزيرة في ذلك الوقت بأنها غرقت في أعماق البحر لسبب مجهول. جزيرة سارة آن ما ذكرناه ليس سوى عدد قليل من العديد من الجزر التي اختفت لأسباب مجهولة، ففي عام 1858، تم اكتشاف جزيرة بالقرب من جزيرة إيستر الشهيرة، وطالبت بها شركة جوانو الأمريكية التي أطلقت على الجزيرة اسم « جزيرة سارة آن «Sarah Ann». وفي ثلاثينيات القرن الماضي، لاحظ علماء الفلك أن الجزيرة تقع على خط الكسوف الكلي المقرر حدوثه في 8 يونيو عام 1937، وقرر العديد من العلماء أن الجزيرة موقع مثالي لإنشاء مرصد لمشاهدة هذا الحدث الهام، وبالفعل تم ارسال رحلة استكشافية من قِبل أسطول المحيط الهادي للولايات المتحدةالأمريكية للهبوط على الجزيرة ومعاينتها لإقامة المرصد الفلكي، ولكن عندما وصلت البعثة.. لم تجد أي جزيرة.. اختفت ببساطة، كما لم يظهر المسح الشامل أي أثر لها. في نهاية الأمر تم إنشاء المرصد الفلكي في جزر كانتون وإنديربري القريبة، وفي غضون ذلك تمت إزالة جزيرة «سارة آن» بهدوء من الخرائط البحرية الرسمية. إن حالة جزيرة «سارة آن» غريبة بح .. فقد اكتشفتها شركة شهيرة، قامت بمسحها واعتزمت تطويرها بالكامل لأسباب اقتصادية بموجب قانون جزر جوانو، لذلك لم يكن لديهم سبب بسيط حتى لتلفيق ذلك المكان وإدعاء وجوده، وبقى السؤال الذي حيّر الجميع.. أين ذهبت جزيرة «سارة آن»؟ جزيرة المحيط المتجمد الشمالي في منطقة أخرى من العالم، شهد القرن التاسع عشر قصة جزيرة أخرى اختفت بلا أثر، يُعتقد أنها كانت تقع في المحيط المتجمد الشمالي قُبالة ساحل سيبيريا المتجمد، حيث شوهدت الجزيرة الغامضة وتم رسمها من قِبل المستكشفين في الأعوام 1811 و1896و1893. فيما بعد أصبحت الجزيرة أسطورة تقريباً في القرن التاسع عشر، حيث بُذلت العديد من محاولات الوصول لتلك الأرض الجديدة الغريبة ولكن بلا جدوى، كان أبرزها رحلة استكشافية قام بها المستكشف البلطيقي الألماني «بارون إدوارد تول» في عام 1901، حيث شاهد الجزيرة بعيدة المنال بعينيه من قبل في عام 1886، وعاد مرة أخرى لزيارتها، وأُطلق على تلك البعثة «البعثة القطبية الروسية» حيث انطلق «بارون تول» وسفينته Zarya، في مهمة لتحديد موقع منطقة ساننيكوف لاند بشكل نهائي. عبرت البعثة «بحر لابتيف» الجليدي الكئيب، وسرعان ما وجد أفراد الطاقم أنفسهم محاصرين وسط قطع سميكة من الجليد العائم بالقرب من جزر سيبيريا الجديدة، ولم يتمكنوا من الإستمرار في المهمة، فغادر «تول» وثلاثة أفراد من البعثة سفينتهم السجينة وسط الجليد، وتحركوا مشياً على الأقدام بحثاً عن تلك الجزيرة المراوغة، حيث اختفوا تماماً من على وجه الأرض ، ولم يتمكن أحد من العثور عليهم او رؤيتهم مرة أخرى! نظراً لتلك الأحداث استولت الجزيرة الأسطورية على المخيلة الشعبية لسنوات عدة، وبمرور الوقت اكتسبت مكانة أسطورية كبيرة . عندما مرت كاسحة الجليد سادكو عبر المنطقة في رحلة استكشافية في عام 1937 ، لم تتمكن من العثور على أي أثر للجزيرة، فتضاربت الأقوال حول إمكانية وجود الجزيرة بالفعل ولكنها غارقة بسبب التآكل الساحلي، مما جعلها مياه ضحلة رملية تحت الماء .. ولكن ربما لن نعرف أبداً حقيقة هذه الأرض الضائعة . جزيرة ساكسبرج.. حقيقة ام سراب ؟ جزيرة أخرى بدا أنها اختفت من الوجود سماها المستكشفون باسم «جزيرة ساكسبرج» Saxemberg، والتي غالباً ما تم رسمها في خرائط جنوب المحيط الأطلسي بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر. اكتشفها لأول مرة المستكشف الهولندي «جون لينديست ليندمان» عام 1670، وقد وصف الجزيرة بأنها أرض منخفضة تقع تحت مستوى سطح الماء، ويميزها قمة جبل مدببة بارزة في وسطها، وقام «ليندمان» بصنع اسكتشات للجزيرة، كما يفعل المستكشفون الآخرون، وإحدى تلك الرسومات ضمت السمات الأساسية للجزيرة، كأشكال الأشجار المختلفة والحياة النباتية الفريدة، ومع ذلك فإن العديد من الرحلات الاستكشافية التالية التي أبحرت إلى موقع الجزيرة لم تجدها أبداً. في عام 1804 ظهرت جزيرة ساكسبرج مرة أخرى في سجلات موثوقة عندما ادعى طاقم مركب شراعي أمريكي رؤيتهم للجزيرة بوضوح طوال 4 ساعات كاملة، وصفها قبطان المركب «غالاوي» بإنها جزيرة ذات أشجار وقمة جبلية في المنتصف كما تم وصفها من قبل . تم مشاهدة الجزيرة مرة أخرى عام 1809 من قِبل النقيب لونغ، من كولومبوس، الذي وصفها أيضاً بنفس المواصفات السابقة . وفي عام 1816، تمت رؤية الجزيرة مرة أخرى من قِبل طاقم سفينة «ترو بريتون» الذي راقب الجزيرة ل 6 ساعات، وذكر أفراد الطاقم أيضاً الجزيرة بغاباتها المميزة وقمتها الجبلية، ومع ذلك لم يتم العثور على تلك الجزيرة المراوغة مرة أخرى من قِبل الرحلات الاستكشافية التي أبحرت إلى المنطقة في عامي 1821 و1824، على الرغم من مشاهدة الجزيرة من قِبل المستكشفين دون محاولة الهبوط على أرضها. في السنوات اللاحقة، انحسرت التقارير عن جزيرة ساكسبرج، وتم اعتبارها مجرد وهم أو سراب، وتم محوها تدريجياً من الخرائط البحرية، نظراً لأن وجودها غير مؤكد.