الخرافات والأساطير مجرد اعتقادات أو أفكار قائمة على مجرد تخيلات دون وجود مسبب عقلاني أو منطقي مبني على العلم أو المعرفة، وترتبط هذه الاعتقادات بفلكلور الشعوب أو بالأنماط العليا للتفكير، حسب التحديد الذي وضعه لها جيلبيرت دوران، حيث إنها عادة تمثل إرثًا تاريخيًا تتناقله الأجيال وقد تكون دينية أو أسطورية، أو ثقافية أو اجتماعية، وقد تكون شخصية ترتبط ببعض الأفراد الذين يصنعون خرافاتهم بأنفسهم، أو يدفعون الآخرين المحيطين بهم إلى صنعها والتكتل حولها.
مصاصو الدماء هم كائنات أسطورية شريرة تجوب العالم ليلاً بحثاً عن ضحايا ليتغدوا على دمائهم ، وقد يكون مصاصو الدماء هم الوحوش الكلاسيكية الأكثر شهرة على الإطلاق، ووفقاً للأساطير فإن هناك الكثير الخصائص المختلفة التي يتسم بها مصاصو الدماء كما توجد في الأساطير، لكن السمة الرئيسية لمصاصي الدماءهي أنهم يشربون دم الإنسان، أي إنهم عادةً يستنزفون دم ضحيتهم باستخدام أنيابهم الحادة، ويقتلونهم أو يحولونهم إلى مصاصي دماء. بشكل عام، فإن مصاصي الدماء يصطادون ليلًا لأن أشعة الشمس تضعف قوتهم، وقد يكون لدى البعض القدرة على التحول إلى الخفافيش أو الذئاب، كما يمتلك مصاصو الدماء قوى فائقة وغالبًا ما يكون لهم تأثير حسي ومنوم على ضحاياهم، ولا يمكنهم رؤية صورتهم في المرآة وليس لهم ظلال. يعتقد ماثيو بيريسفورد، مؤلف كتاب “من الشياطين إلى دراكولا: إنشاء أسطورة مصاصي الدماء الحديث” (2008)، أن جذور مصاصي الدماء تمتد إلى العالم القديم، ومن الصعب تحديد متى نشأت الأسطورة؟ بينما يعتقد بأن مصاص الدماء ولد من أعمال سحر في مصر القديمة، حيث تم استدعاء شيطان إلى هذا العالم من العالم الآخر، كما أن هناك العديد من الاختلافات بين مصاصي الدماء في ثقافات العالم المختلفة، فهناك مصاصي دماء آسيويين ، مثل jiangshi الصينية (chong-shee)، وهي أرواح شريرة تهاجم الناس وتستنزف طاقة حياتهم؛ وكذلك هناك آلهة الغضب التي تشرب الدم والتي تظهر في أساطير التبت، وغيرها الكثير. كما يربط الناس عادة مصاصي الدماء بالكونت دراكولا الشهير- الشخصية الأسطورية الماصّة للدماء في رواية الأيرلندي برام ستوكر الملحمية- دراكولا- التي نُشرت عام 1897 ،وكما يعرفها الكثيرون منا، فإن رواية ستوكر تجري معظم أحداثها في إنجلترا وذلك منذ اللحظة التي وصل فيها دراكولا – مصاص دماء ترانسيلفانيا – على متن سفينة في ويتبي- شمال يوركشاير- وخطط لشراء عقار Carfax في جنوبإنجلترا ليكون مخبأه، وهو عقار وهمي تم ذكره في كتاب برام ستوكر ، ولكنه يستند في صفاته على كاتدرائية السيدة العذراء الواقعة في، يوركشاير، إنجلترا. ولكن في الحقيقة، بدأ تاريخ مصاص الدماء قبل مولد ستوكر بوقت طويل، فدراكولا لم يكن أول مصاص دماء في الأدب الإنجليزي، حيث ظهرت شخصية مصاصي الدماء أولاً في الأدب الإنجليزي في قصة ” جون بوليدوي ” القصيرة عام 1819 ” The Vampyre “. كان مصاص دماء جون بوليدوري يُدعى اللورد روثفن Lord Ruthven، واستوحى تلك الشخصية من شخصية “اللورد بايرون ” التي ظهرت في رواية للكاتبة كارولين لامب (Glenarvon) عام (1816)، لذا فإن أول مصاص دماء خيالي كان نبيل إنجليزي شرير . لقد مر تقريباً 200 عام على ظهور هذا النموذج الدرامي البيروني لمصاصي الدماء ، ولكن ماذا نعرف عن اعتقاد الإنجليز في وجود مصاصي الدماء خارج حدود الخيال والأدب؟ ازدهرت خرافات مصاصي الدماء في العصور الوسطى، خاصة وأن الطاعون قد أهلك بلدات بأكملها، وغالبًا ما ترك المرض وراءه آفات الفم النازفة على ضحاياه، والتي كانت بالنسبة إلى غير المتعلمين علامة أكيدة على أن هذا الميت هو مصاص دماء، فلم يكن من المألوف وصف أي شخص مصاب بمرض جسدي أو نفسي بمصطلحات طبية كما نعرفها اليوم، كال البورفيريا مثلاً، وهي اضطرابات دموية يمكن أن تسبب تقرحات شديدة على الجلد عند التعرض لأشعة الشمس ،ويمكن تخفيف بعض أعراض البورفيريا مؤقتًا عن طريق تناول الدم، وهذا المرض قد يكون ارتبط بأسطورة مصاص الدماء، كما هناك أمراض أخرى قد يُلقى عليها اللوم في الترويج لأسطورة مصاصي الدماء مثل داء الكلب أو دراق الغدة الدرقية. ولكن كشف بحث جديد في جامعة هيرتفوردشاير عن عدد من أساطير مصاصي الدماء وأعاد تقييمها، واتضح أنها ليست محصورة جميعًا في عوالم الخيال. مصاص دماء كمبرلاند في حوالي العام 1750 وفي مكان يُدعى كروغلين جرانج في كمبرلاند ببريطانيا ، دارت الأحاديث عن مصاص دماء هاجم عائلة فيشر. تم سرد تلك القصة في مذكرات الدكتور أوجستس هير – وهو رجل دين – في عام 1871. وفقاً لهذه الأسطورة، فإن مصاص دماء كروغلين جرانج كان يتسلل ليلاً ليقوم بخدش النوافذ لمنزل عائلة فيشر ، قبل أن يختفي في قبو قديم. ويستكمل دكتور أوجستس حكايته ذ، بإن السكان قد اكتشفوا أن هذا القبو مليء بالتوابيت التي تم كسرها، وخرجت منها الجثث مشوهة بشكل فظيع، ومبعثرة على الأرض، ماعدا – تابوتاً واحداً كان لا يزال سليماً، لكن غطاءه وكأنه قد تحرك من مكانه، ولم يكن بداخل التوابت سوى مصاص دماء كروغلين كجثة سليمة تماماً، بل كجثة نابضة بالحياة. وفي حين أنه لم يتم التحقق من مصاص دماء كروغلين مطلقًا- إلا أنه كان له حياة أخرى في القرن العشرين، حيث ظهر كمصاص دماء بريطاني في عام 1977 في مختارات من الرعب التي كتبها دانييل فارسون، الذي تبين أنه أحد أحفاد برام ستوكر.