التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن مواصلة التصعيد ويطالب الحكومة بإصدار مراسيم الحركة الانتقالية وباقي نقاط اتفاق يوليوز 2024    لجنة الشؤون الثقافية بمجلس المستشارين تصادق على مشروع قانون إعادة تنظيم مجلس الصحافة    غضب دانماركي وأوروبي من تعيين موفد أمريكي في غرينلاند وترامب يعتبر الجزيرة "حاجة أمنية"    إسرائيل تقتل ثلاثة عناصر من حزب الله    ترامب يوجه تحذيرا جديدا إلى مادورو    رغم البداية الصعبة..مصر تحسم مواجهتها أمام زيمبابوي بفوز ثمين    رياض محرز: استقبلنا المغاربة بشكل جيد وسعداء بتواجدنا هنا.. وسنقاتل من أجل تشريف كرة القدم الجزائرية    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    كيوسك الثلاثاء | الحكومة تعالج ملفات الترقي والأقدمية والحراسة بالمستشفيات    سوء الأحوال الجوية يُعلق الدراسة بإقليم القنيطرة    تراجع مستمر في معدلات الإصابة بسرطان عنق الرحم بالمغرب    ضوء النهار الطبيعي يساعد مرضى السكري على ضبط مستويات الجلوكوز    الصناعة التقليدية حاضرة بقوة ضمن فعاليات كأس إفريقيا للأمم 2025    كأس إفريقيا .. صلاح يقود مصر للفوز على زيمبابوي في الوقت بدل الضائع    لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين تصادق على مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة    تراجع عن الاستقالة يُشعل الجدل داخل ليكسوس العرائش لكرة السلة... وضغوط في انتظار خرجة إعلامية حاسمة    بلاغ مشترك توقيع اتفاقية إطار للشراكة والتعاون بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية ومؤسسة أرشيف المغرب تهم حفظ الذاكرة القضائية    ميسور: حملة واسعة لتوزيع المساعدات الإنسانية لفائدة الأسر بالمناطقة الأكثر هشاشة بجماعة سيدي بوطيب    ماذا تريد الدولة من اعتقال الأستاذة نزهة مجدي؟    افتتاح كأس الأمم الإفريقية بالمغرب: حدث قاري يكشف خلفيات العداء السياسي        بصعوبة.. مصر تفوز على زيمبابوي 2_1 في أول ظهور بالكان    نيويورك.. زهران ممداني يفاجئ مشجعي أسود الأطلس في مطعم مغربي    تحضيرات المنتخب المغربي تتواصل استعدادا لمباراة مالي        حموشي يقرّ صرف منحة مالية استثنائية لفائدة جميع موظفي الأمن الوطني برسم سنة 2025        الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    في ندوة وطنية بأزمور لمختبر السرديات: الخطاب والمرجع في النقد المغربي    «لماذا يخطئ المثقفون» صامويل فيتوسي الانحياز الفكري والأخلاقي أمام امتحان الحقيقة    مجموعة «فوضى مورفي» للكاتبة خولة العلوي .. شغف ووعي ورغبة في كتابة نص مختلف    نشرة انذارية جديدة تحذر من تساقطات ثلجية كثفة وامطار قوية    نبض بألوان الهوية المغربية والإفريقية: عرس كروي رفيع المستوى في افتتاح الكان        ختام السنة برياض السلطان تروبادور غيواني بادخ    تصنيف فيفا .. المغرب يحافظ على المركز 11 عالميا    انتقادات حقوقية لتراجع تصنيف المغرب في تنظيم الأدوية واللقاحات    ريدوان يطلق أولى أغاني ألبوم كأس أمم إفريقيا "ACHKID"    تحقيق ل"رويترز": في سوريا الجديدة.. سجون الأسد تفتح من جديد بمعتقلين جدد وتعذيب وابتزاز    الذهب يسجل مستوى قياسيا جديدا مع توقع استمرار خفض الفائدة الأمريكية    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    خطر صحي في البيوت.. أجهزة في مطبخك تهاجم رئتيك    رغم انخفاضها عالميا.. المحروقات بالمغرب تواصل الارتفاع والمستهلك يدفع الثمن    نهائيات كأس إفريقيا للأمم تعيد خلط أوراق العرض السينمائي بالمغرب    ارتفاع أسعار النفط    تيسة تحتضن إقامة فنية في الكتابة الدرامية والأداء لتعزيز الإبداع المسرحي لدى الشباب    تفاصيل جديدة بشأن "مجزرة بونداي"    وفاة الممثل الأمريكي جيمس رانسون انتحارا عن 46 عاما    إعلام إسرائيلي أمريكي: نتنياهو يسعى لتفويض من ترامب لمهاجمة إيران    سعر الذهب يسجّل مستوى قياسيا جديدا    مشروبات الطاقة تحت المجهر الطبي: تحذير من مضاعفات دماغية خطيرة    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغرب والقرآن 17- الحرف مجرد «طريقة قراءة»
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 13 - 05 - 2020

التفكير في النص القرآني، وشرحه وتفسيره وحصر معناه، ليس انشغالا عربيا؛ فقد دأب المستشرقون، ومعهم الدارسون القرآنيون، على محاولة تفكيك الخطاب القرآني وارتياد علومه ومباحثه ولغاته، وتحديد نوازله ومفاتيح فهمه، وذلك في مواجهة التيارات الدينية التي تحاول فرض أساليبها بمنطق استغلاقي واحتكاري وإيماني، لا يستقيم الآن مع تعدد المناهج وطرق البحث العلمية التي تنبني على التشخيص والتحليل والتدقيق والتمحيص واستدعاء القرائن العلمية المادية والتاريخية.

[16]
لقد حافظ ذلك الموروث على روايات مختلفة عن النقل الشفوي للقرآن؛ وقد جمعها لوكسنبرغ في الباب الخامس من كتابه. فبحسب الموروث الإسلامي، تم نقل القرآن جزئيًّا عبر سلسلة غير منقطعة من القُرَّاء المعاصرين لمحمد، كابن عباس (المتوفى في العام 692)، وحافظت عليه مرجعيات مبكرة، من نحو أنس بن مالك (المتوفى في العام 709)؛ الأمر الذي يتناقض مع ما ينقله موروث آخر مفاده أن عثمان حصل على “صحائف” القرآن من حفصة أرملة محمد وجمعها في مصحف. لكن ما لا يستطيع الموروث الإسلامي تحديده هو تاريخ “تثبيت” تنقيط الحروف في صورته النهائية، تلك السيرورة التي استغرقت، بحسب بلاشير، ما يزيد عن ثلاثمائة سنة. والسبب في صعوبة اقتفاء تطور القرآن قبل عثمان هو، كما يؤكد الطبري، أن عثمان أتلف كلَّ المخطوطات ذات القراءة المغايرة للنص الخالي من الحركات مما لا يتوافق مع روايته النهائية.
[17]
يورِد لوكسنبرغ في الباب السادس الحديث المأثور عن محمد نفسه والمتعلق بالطبيعة غير المعيَّنة للنص القرآني الخالي من الحركات، وفيه قصتان يرويهما الطبري؛ ولبُّهما أن محمدًا أجاز كلَّ قراءة للنص لا تبدَّل النقمة فيها بشكل فاضح إلى نعمة، والعكس بالعكس. وحجة لوكسنبرغ في ذلك أن هذه القصص اللاحقة قطعًا إنما تعكس ما يُفترَض أنه استذكار باهت لخاصية عدم التعيين في الأبجدية العربية.
[18]
يعرِّج لوكسنبرغ في الباب السابع على كيفية حلِّ الموروث الإسلامي للشكوك، الناجمة عن “مرونة” محمد فيما يتعلق بالنص، التي شاعت بين المفسِّرين الأوائل، فيطبق في هذا الباب طريقته الاستدلالية على القرآن لتبيان أن هذا الأخير يقدِّم الأدلة على أن ما يُعرَف بتقليد القراءات السبع- تلك الأحرف العربية السبعة التي أجازها محمد، اعترافًا منه بتعدد اللهجات العربية- وثيق الارتباط بحروف العلَّة السبع لإسترانجيلي، أي نظام الكتابة الذي طوَّره الناطقون بالسريانية الشرقية؛ إذ يستعمل هذا النظام النقط فوق الحروف وتحتها بما يشبه النقط المستعملة في العربية للتميز بين السواكن. والطبري أيضًا مطَّلع على الموروث الذي مفاده وجود خمس قراءات، تشير، كما يلمع، إلى الحروف الصوتية الخمسة للسريانية الغربية. وهذه الحروف الصوتية الخمسة في السريانية الغربية كانت أصل حروف العلة الثلاثة للغة العربية الفصحى.
[19]
يؤكد ما تبقى من الباب على أسماء العلم ذات الأصول التوراتية في القرآن للبرهان على أن حروف العلة المزعومة – ألف، واو، ياء – لا بدَّ أن تكون متعددة المفعول هي الأخرى. ويشير لوكسنبرغ إلى أن الموروث الإسلامي يقبل قراءة الألف الممدودة /آ/ في بعض الحالات وكأنها /ي/ لأن مثل هذا اللفظ كان خصوصية تميِّز اللهجة المكِّية. كما بيَّن لوكسنبرغ أن مصطلح “حرف” لا بدَّ أن يحمل معنى مرادفًا لكلمة قراءة (بمعنى “طريقة قراءة”) وأن هذا لا يعني فقط إضافة حروف العلة إلى نص غير معتلٍّ، لكنه يعني أيضًا إضافة التنقيط الذي يميز الحروف الصحيحة. ولم يتم اعتماد هذا التنقيط إلا تدريجيًّا بحيث آلت الحروف الصحيحة إلى الثبات على قراءة واحدة. وقد انبسطت سيرورة تعيين قيمة كلِّ حرف من أحرف القرآن على ما ينوف على الثلاثمائة عام. وهذا معروف من المخطوطات القرآنية الأقدم التي لا تحوي النقط المميزة للقراءات المختلفة للحرف الصحيح الواحد. ومع شيوع استعمال التنقيط لم يعد المفسِّرون العرب مدركين أن العديد من الكلمات إما ذات أصل آرامي مباشر وإما نُسَخ تتصف بها عربية مكة. من هنا تأتي المصاعب التي واجهت مفسِّري القرآن، بمن فيهم العرب الأوائل منهم.
[20]
يرسم الباب الثامن باختصار الصعوبات التي تواجه المترجم النقدي. ويتفق لوكسنبرغ مع تقويم باريت العام لهذه المصاعب، التي تتضمن العديد من الكلمات والعبارات غير الواضحة، وتفاسير متناقضة في الموروث العربي، وغياب نص مرجعي ذي تنقيط ثابت، كالنص المتوفر للكتاب المقدس العبري. علاوة على ذلك فإن المفسِّرين المسلمين الأوائل حتى منقسمون حول العديد من المقاطع، وكثيرًا ما يقدمون لها العشرات من التفاسير الممكنة، المتنافية والمقبولة جميعًا على حدٍّ سواء في العديد من الحالات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.