الملك محمد السادس يعزي أفراد أسرة المرحوم عبد القادر لشهب        انعقاد الاجتماع الخامس للجنة العسكرية المختلطة المغربية – الموريتانية    نظام الجزائر على شفا الهاوية.. هل تقترب لحظة الحسم؟    برفقة وفد من رجال الأعمال الفرنسيين.. السفير الفرنسي في الرباط يواصل زيارة الأقاليم الجنوبية        الحكومة تخصص 14 مليار درهم في مالية 2025 لاحداث مناصب الشغل    تبخر مشروع بناء قاعة سينمائية بالناظور بسبب عدم التزام الجهة المنظمة لمهرجان سينما الذاكرة المشتركة    اختتام فعاليات الدورة السابعة من مهرجان القصبة للفيلم القصير    "النخلة" يتفاعل مع اعتقال تالموست    فتاح: الحكومة "متفائلة جدا" بشأن النمو الاقتصادي في 2025    وزارة التربية الوطنية ترخص للأساتذة تقديم ساعات إضافية في المدارس الخصوصية    لقجع: أسعار بعض الأدوية في المغرب مضاعفة 5 مرات ونرفض الاحتكار وفرض أثمنة مرتفعة بحجة "الصناعة الوطنية"    المغرب يجدد التأكيد أمام مجلس السلم والأمن على دعمه لعملية سياسية شاملة في ليبيا    الحرس المدني الإسباني يحجز أكثر من 4.7 أطنان من الحشيش بالتعاون مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني    هيئة رئاسة فرق الأغلبية تتجاهل المبادرة البرلمانية لتقريب وجهات النظر بين وزير العدل والمحامين    الأحمر يُوشّح تداولات بورصة الدار البيضاء    عاجل.. تأجيل محاكمة إلياس المالكي لهذا السبب    منيب: المهداوي مظلوم والمغرب يعيش تكميم الأفواه بكل الطرق    المرض يُغيب المالكي عن المحكمة .. والدفاع يرفض المزايدة بالأمازيغية    "أكديطال" تنخرط في مشروع للطب 4.0    لقاء مغربي إسباني بالرباط لبحث سبل تأهيل وتحديث قطاع اللحوم الحمراء    يوعابد: العاصفة الجوية "دانا" ستؤثر على المغرب ولكن بكيفية ضعيفة    تقديم كتاب بجنيف عن صحراء المغرب    إتحاد طنجة يبحث عن ملعب لاستضافة المغرب التطواني بدلا من ملعب سانية الرمل    سبتة تطالب مدريد بالدعم المالي للتعامل مع قضية القاصرين في المدينة    وزير النقل يريد ربط الحسيمة بخدمات القطار بدون سكة حديدية!    حملة توعية بضرورة الكشف المبكر عن سرطان الرئة    "لارام" تورط جامعة كرة القدم في حفل "سخيف" لتقديم قميص المنتخب الوطني    مجلس عمالة الدار البيضاء يخصص 150 مليون لكل من الرجاء والوداد    "تصريح خطير".. وزير المالية الإسرائيلي: 2025 هو "عام السيطرة" على الضفة الغربية    التغير المناخي يهدد حياة اللاجئين في مناطق النزاع والكوارث الطبيعية        الجيش الإسرائيلي يعلن فتح معبر جديد لدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    تقارير.. المغرب من أكبر مستوردي الأدوية الروسية في إفريقيا    التمسماني: طنجة كانت وستظل مثالًا يحتذى به في احترام التنوع الثقافي والرياضي    أخنوش أمام قمة الرياض: جلالة الملك يضع القضية الفلسطينية ضمن ثوابت السياسة الخارجية للمملكة    الدولار إلى أعلى مستوى خلال أربعة أشهر    قمة الرياض تؤكد على مركزية القضية الفلسطينية        أبو خلال مرشح للعودة إلى عرين أسود الأطلس لتعويض إلياس أخوماش المصاب        كيوسك الثلاثاء | الوقاية المدنية أنقذت أزيد من 25 ألف شخص من الغرق في 2024    تحسين ظروف السكن ل16 ألف و300 أسرة كمعدل سنوي خلال الولاية الحكومية الحالية    التصفيات الإفريقية تقترب من الحسم    بروفايل |يوسي بن دافيد.. قائد دبابة "ميركافا" بجيش الإحتلال على رأس "مكتب الاتصال الإسرائيلي" في الرباط    مقتل 4 جنود إسرائيليين شمال قطاع غزة    دراسة: تناول الدهون الصحية يقلل من احتمالات الإصابة بالسرطان    الصين تطلق بنجاح صاروخا تجاريا على متنه 15 قمرا اصطناعيا    قمة الرياض مكرر.. كل شيء تغير، ولا شيء تغير ..    علاج واعد جديد لفقدان السمع المفاجئ الحاد    خلط في خبر وفاة محمد المسيح وشقيقه عبد الاله    نصائح للوقاية من آلام الظهر والرقبة بسبب الجلوس لفترات طويلة    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجسم الطبي على الجبهة الأمامية… معاناة وخوف وألم

أصبح الأطباء والممرضون والعاملون في مجال الرعاية الصحية أبطالا يحاربون وباء فيروس كورونا في الصفوف الأمامية وقد صفق لهم سكان العالم من الشرفات وفي الشوارع.
يتعامل العاملون في مجال الرعاية الصحية في المستشفيات مع تدفق هائل من المرضى، فيما يواجهون نقصا في المعدات والخوف من الإصابة بالفيروس. وفي أحيان كثيرة، يواجهون قرارات مفجعة أثناء معالجة المرضى.
وتحدث صحافيون من وكالة فرانس برس إلى عاملين في مجال الرعاية الصحية من حول العالم لمعرفة ماذا يعني أن تكون في خط المواجهة في المعركة ضد فيروس كورونا.
في إيطاليا، وهي واحدة من أكثر البلدان المتضررة، توفي العشرات من الأطباء والممرضين بسبب كوفيد 19 وأصيب الآلاف من العاملين في مجال الرعاية الصحية بالفيروس.
وشددت سيلفانا دي فلوريو وهي منسقة التمريض في وحدة العناية المركزة المخصصة لمرضى كوفيد 19 في مستشفى تور فيرغاتا في روما على أهمية وضع الأقنعة الواقية والقفازات وارتداء البدلات الطبية لتجنب الإصابة بالعدوى.
وقالت “نحن لا نخصص فترة محددة لذلك، لكننا قدرنا أنه لمناوبة من سبع ساعات، يمضي الموظف بين 40 و50 دقيقة فقط مرتديا الملابس الواقية”.
وأضافت “من حيث غسل اليدين وتطهيرهما، نحن نتحدث عن 60 إلى 75 دقيقة في اليوم”.
وتابعت “لا يمكن أن تمرض الطواقم الطبية لأن ذلك لن يكون عادلا”.
الإكوادور هي واحدة من أكثر البلدان المتضررة في أمريكا الجنوبية حيث تتمدد مئات الجثث داخل المنازل بسبب امتلاء المشارح


في مدينة غواياكيل الساحلية في المحيط الهادئ في الإكوادور، لا تحاول ممرضة مريضة إخفاء غضبها… فقد أصيب 80 من زملائها وتوفي خمسة منهم.
وقالت الممرضة البالغة 55 عاما والتي لم ترغب في الكشف عن هويتها “لقد ذهبنا إلى الحرب بدون أسلحة”.
وأضافت الممرضة التي تتعافى في المنزل إذ لا توجد أماكن شاغرة في المستشفيات “المعدات اللازمة لم تكن جاهزة عندما كان هذا الوباء ينتشر ويدمر أوروبا”.
ولفتت إلى أن المرضى الذين عانوا من “أعراض حادة” كانوا يصلون إلى قسم الطوارئ “لكن بسبب نقص الاختبارات، عولجوا كما لو كانوا مصابين بالإنفلونزا ثم أرسلوا إلى منازلهم”.
وأشارت إلى أنه “لم يكن لدينا معدات وقاية شخصية لكننا لم نستطع رفض معالجة المرضى”.
في الولايات المتحدة، اشتكت جودي شيريدان – غونزاليس رئيسة جمعية الممرضات في ولاية نيويورك من نقص معدات الحماية للعاملين الطبيين.
وقالت في احتجاج خارج أحد المستشفيات “ليس لدينا الأسلحة والدروع لحماية أنفسنا من العدو”.
وأخبر بيني ماثيو وهو ممرض يبلغ من العمر 43 عاما في نيويورك، أنه أصيب بالفيروس بعدما قام برعاية أربعة مرضى على الأقل بدون ملابس طبية واقية.
وبعد ذلك بقليل، عندما انخفضت حرارته، طلب منه المستشفى أن يعود إلى العمل.
وتابع “قالوا لي إذا لم تكن حرارتك مرتفعة يمكنك العودة إلى العمل، وكان ذلك المعيار الوحيد بالنسبة إليهم”.
وأضاف “قيل لي أن أضع قناعا وآتي إلى العمل. ليس لدينا ما يكفي من الموظفين لذلك أعتقد أنه كان واجبي أن أعود. لكنني كنت قلقا أن أنقل المرض إلى زملائي والمرضى الذين ليسوا مصابين به”.
اعتاد الأطباء في مستشفى سان لازارو في مانيلا، وهو مركز مخصص للأمراض المعدية، على محاربة أشد الأمراض المعدية، لكنهم لم يروا أي شيء مماثل لكوفيد 19.
وقال الطبيب فيرديناند دي غوزمان البالغ من العمر 60 عاما ويعتبر من الفئات الاكثر عرضة للإصابة بالفيروس “إننا نعيش كابوسا حقيقيا”.
ومع وجود عدد محدود من غرف العناية المركزة وأجهزة التنفس الاصطناعي، يضطر الأطباء على اتخاذ أحكام مروعة.
وأضاف “نحن لا نحب أن نلعب دور لله. على الأطباء أن يتخذوا القرارات فقط”.
ويخشى كثر من العودة إلى المنزل بعد انتهاء المناوبة. وأوضح الطبيب “نحن نخاف على عائلاتنا”. يعترف روجيه إيتوا وهو طبيب في الكاميرون وهي من أكثر الدول تضررا في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بأن الخوف من الإصابة بالمرض يؤثر أيضا على العاملين في مجال الرعاية الصحية.
وقال إيتوا البالغ 36 عاما “أعيش مع زوجتي وأولادي. عندما أصل في المساء أهرع للاستحمام، ومن الصعب جدا أن تمنع الأطفال من القفز عليك”.
وإيتوا مدير مركز للرعاية الصحية في دوالا عاصمة الكاميرون. وكإجراء وقائي، بدأ بتناول عقار الكلوروكين الخاص لمعالجة الملاريا.
وتابع “نحن خائفون مثل بقية السكان. نخشى ألا نكون قد ارتدينا أقنعتنا وبدلاتنا بشكل صحيح عندما نتعامل مع مريض تظهر عليه أعراض الفيروس”.
وأضاف “من الواضح أننا خائفون من الإصابة به. عندما تستيقظ في الصباح وتعاني من بعض الصداع تسأل نفسك +ماذا لو كنت مصابا بالفيروس؟+”.
وصف أنطونيو ألفاريز، وهو ممرض في وحدة العناية المركزة في “فال دي هيبرون” أكبر مستشفى في برشلونة المهمة اليومية المفجعة المتمثلة في الاتصال بأحد أفراد العائلة لوداع أحبائهم من وراء الزجاج الواقي.
وقال هذا الشاب البالغ من العمر 33 عاما “من الصعب رؤية مرضى وحيدين وليس لديهم عائلة معهم”.
وأضاف “إنهم يودعونهم من الباب وقد تكون هذه المرة الأخيرة التي سيرون بعضهم بعضا فيها” بعد حظر إقامة مراسيم الجنازة.
وتابع “إذا كان المريض من أفراد عائلتي، لن أتمكن من رؤيته من خلف الباب… إنه موقف صعب جدا”.
قال نوري أيدين مدير كلية سيرابباسا للطب في جامعة اسطنبول “يعمل الجميع بشكل جنوني كأنها حرب”.
وأضاف خلال زيارة للمستشفى “الجو هنا ليس مثل مكان عمل عادي بل كأنه ساحة معركة”.
ينام العديد من العاملين في مجال الرعاية الصحية في الفنادق أو عنابر نوم مخصصة للطلاب خوفا من إصابة أسرهم بالفيروس.
ولفت أيدين إلى أن “ما يفعلونه هو عمل جبار”.
توماس كيرشنينغ هو طبيب ومنسق للعناية المركزة في مدينة مانهايم الألمانية قرب الحدود مع فرنسا.
وأرسلت المدينة أخيرا مريضين فرنسيين من كولمار يبلغان 64 و68 عاما إلى وطنهما، بعد رعايتهما.
وهو قال “كان محفزا جدا للفريق الطبي أن يتمكن من المساعدة”.
يشعر الطبيب ببعض التوتر عند العودة إلى المنزل لزوجته وابنتيه. وأوضح “أفعل كل ما بوسعي للتأكد من عدم نقل أي عدوى عندما أعود للمنزل”.
وتابع “قد لا نقترب من بعضنا البعض مثلما كنا نفعل عادة قبل هذا الوباء. نحن قلقون بعض الشيء، عائلتي قلقة بشأني وأنا قلق أيضا على عائلتي”.
ممرض إكوادوري يروي كابوس العمل في مستشفى
تكدست فيه الجثث حتى في الحمامات

تتكدس جثامين ضحايا كوفيد-19 في أحد مستشفيات غواياكيل، كبرى مدن الإكوادور، حتى في الحمامات، بعدما نقلها الممرضون بأنفسهم إلى هناك لأن “عدد موظفي المشرحة لم يعد يكف”، كما كشف أحد مقدمي الرعاية الصحية.
واستعاد الرجل، الذي فضل عدم الكشف عن هويته في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس، ذكرى هذا “الكابوس” الذي واجهه مع انهيار النظام الصحي في هذه المدينة الساحلية الواقعة على المحيط الهادئ، وأبرز بؤر الوباء في أميركا اللاتينية. وأثرت تجربته “الصادمة” بعمق في حياته الخاصة والمهنية.
ولفت إلى أنه عند إعلان حال الطوارئ في مارس، ارتفع عدد المرضى بعهدة كل ممرض من 15 إلى 30 مريضا وذلك خلال فترة مناوبة من 24 ساعة.
ويتألم لأن “الكثير من الأشخاص توفوا بين أيدينا فيما كنا نحقنهم بإبرة الوريد”.
ويشير إلى أنهم اضطروا إلى “تخريج أو نقل مرضى من أجل إخلاء الأسرة. لدينا 65 وحدة للعناية المركزة ويشغلها مرضى وباء كوفيد-19”.
ويضيف أن “الأشخاص وحيدون وحزانى. يسبب الدواء لهم اضطرابا في الجهاز الهضمي، وبعضهم يتغوط في ثيابه. إنهم يشعرون بالحرج ويعتقدون أنهم لن يتعافوا، وينظرون إلى الشخص المجاور وهو يختنق ويصرخ طلبا للأوكسجين”. ويقول الممرض البالغ من العمر 35 عاما إن عدد الوفيات ارتفع بين ليلة وضحاها و”لم يعد عدد العاملين في المشرحة يكفي فاضطررنا عدة مرات إلى نقل الجثث وتكديسها في المرحاض”.
وأشار الممرض الذي يعمل منذ ثلاث سنوات في هذا المستشفى، إلى أن زملاءه “اضطروا إلى كبح حاجتهم” في الذهاب إلى المرحاض لامتلائه “بالجثث”، مضيفا “يتم إخراج (الجثث) عندما يصبح عددها ست أو سبع”.
وسجلت الاكوادور حوالى 23 ألف إصابة، بينها 600 وفاة منذ 29 فبراير، معظمهم في غواياكيل. ولا تكشف الحصيلة الرسمية سوى عن جزء من المأساة، إذ ازداد عدد الوفيات في أول أسبوعين من شهر نيسان/ابريل، ثلاثة أضعاف المتوسط الشهري، لتبلغ 6700 في مقاطعة غاياس وعاصمتها.
ويشمل هذا الرقم الوفيات والحالات المشتبه بإصابتها بفيروس كورونا المستجد بالإضافة إلى أمراض أخرى.
وأقر رئيس الاكوادور لينين مورينو بأن “السجلات لا تعكس سوى جزء فقط” من الواقع، وهذا ما عززته رواية الممرض.
وعند امتلاء المشرحة، يصار إلى إحضار شاحنات مبردة إلى المشفى لوضع الجثث فيها، حيث يبقى بعضها لمدة عشرة أيام، ملفوفة في أكياس مثل أغطية حماية الملابس السوداء”.
ويقوم الأقارب، أحيانا، “بتمزيق الغطاء (…) وتخرج منه السوائل. إنها كارثة صحية!”.
عند إعلان حال الطوارئ القصوى “فر الجميع. انتقل الموظفون الإداريون إلى مكان آمن. وفر المعالجون النفسيون الذين كان يتوجب عليهم أن يعملوا (…) و32 طبيب أسنان كان بإمكانهم المساعدة (…) واستلام السجلات، والتحقق من الأدوية” كذلك.
ويجد الممرض العزاء، نوعا ما، في انخفاض عدد الوفيات الأسبوع الماضي لكن العذاب يرافقه إلى منزله حيث “أكثر ما أفكر فيه هو أن أكون مريضا وأن أدرك أني (…) قد أصبت مريضا بالعدوى”.
وعند عودته إلى المنزل، بعد 24 ساعة من العمل، ما إن يحاول إراحة ساقيه حتى يستيقظ فجأة على وقع “الكابوس” نفسه حيث يرى نفسه يركض و”يفتح باب الحمام الذي يضم كل الجثث”، دون أن يتمكن من معاودة النوم.
كما انقلبت حياته العائلية رأسا على عقب، فلم يعد بإمكانه مشاركة أي شيء مع والديه وأخيه.
ويخضع لعزل صارم يضطره لتعقيم سيارته وحذائه كل يوم. ثم يستحم وينهي طقوسه اليومية بغسل ملابسه بالماء الساخن.
ويوضح “أتناول طعامي بعيدا عنهم على طاولة بلاستيكية، وأرتدي الكمامة لدى مغادرتي لغرفتي، لا أستطيع تقبيل أحد ولا حتى حيواناتنا الأليفة”.
ويفكر أحيانا في الآثار التي سيتركها في نفسه هذا الوباء.
ويشعر بالاستياء عندما لا يتمكن “سوى من وصل المريض بأنبوب، رغم علمي أنه يحتاج إلى جهاز تنفس وأنه لا يوجد خيار آخر”، كحال مرضى السكري أو ارتفاع الضغط.
ويضيف بحرقة “ماذا لو كانت أمي؟ لو كان والدي؟ إن هذا يقتلني، يقتلني نفسيا “.
عاملو قطاع الصحة في مصر «منبوذون» بسبب كورونا المستجد
دخل الطبيب المصري أحمد نجم في عزل ذاتي في بيته، بعدما ظهرت عليه أعراض مشابهة لجائحة كوفيد-19، إلا أنه فوجئ بمطالبات عديدة من جيرانه بالرحيل خشية أن ينشر بينهم الفيروس المستجد.
وبينما يتلقى العاملون في قطاع الصحة الإشادة والترحاب في دول عديدة في العالم خصوصا وأن حياتهم أصبحت على المحك في معركتهم ضد كورونا المستجد، قد يشهد منهم في دول أخرى بعضا من العدائية والشكوك.
وعلى الرغم من أن حكومة البلد العربي الأكثر سكانا حرصت على مدح وتشجيع العاملين في مجال الصحة، حتى إنها أطلقت عليهم لقب “جيش مصر الأبيض”، في إشارة إلى معطف الأطباء، لا يزال الكثيرون منهم يواجهون سوء المعاملة من قبل البعض في المجتمع.
كان نجم قد أجرى على نفسه اختبار كشف كورونا المستجد وعلى الرغم من أن النتيجة كانت سلبية، إلا أن واقع تعامله بشكل متكرر مع حالات المرض المشتبه بها دفعه إلى أن يقرر عزل نفسه كإجراء وقائي.
وبينما كان الطبيب ذو ال31 ربيعا ينعزل عن العالم الخارجي، لم يسلم من شائعات جيرانه، بمحيط سكنه في محافظة الإسماعيلية، عن إصابته بالعدوى ورفضه للعلاج.
وعلى الرغم من محاولات الطبيب البائسة لتوضيح أمره إلى العامة، لم تتوقف مضايقات السكان ومطالبتهم له بالرحيل “لأن هناك العديد من الأطفال وكبار السن”، على حد قوله لوكالة فرانس برس.
ووصلت المضايقات إلى تقديم تقرير إلى الشرطة ضد نجم الذي اضطر تدريجيا إلى الرحيل والبحث عن مكان آخر.
وقال لفرانس برس “أصيب الناس بحالة من الهلع و الأمر أصبح مبالغا فيه وكأنه بالضبط وصمة عار .. كأننا (الأطباء) أصبحنا منبوذين”.
العاملون الصحيون في مصر كغيرهم في أماكن كثيرة أ نهكوا وهم يصارعون فيروس كورونا المستجد لساعات طويلة مع ارتفاع عدد الحالات وبالتالي زيادة احتمالية إصابتهم بالمرض.
وثبتت إصابة حالات عديدة من الأطقم الطبية في عدد من مستشفيات القاهرة والمحافظات الأخرى.
ومن بين 43 أصيبوا بالمرض، توفي أربعة أطباء، حسب بيانات نقابة أطباء المصرية.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية ، يمثل العاملون في مجال الصحة حوالي 13% من إجمالي حالات الإصابة بالوباء المؤكدة في مصر، والتي تجاوزت 3000 حالة بينهم 250 حالة وفاة.
حتى بعد الموت، اعترضت مجموعة من القرويين في محافظة الدقهلية في دلتا النيل، على دفن جثمان طبيبة توفيت اثر اصابتها بكوفيد19. وقامت السلطات بتفريق تظاهرات الأهالي التي استمرت لساعات اعتراضا على دفن الجثمان، كما تم توقيف 23 شخصا في إطار تحقيق قرر النائب العام المصري حمادة الصاوي فتحه في الواقعة التي وصفها ب”عمل إرهابي”. وقدم رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي العزاء لعائلة الطبيبة، وقال في بيان مخاطبا العاملين في الصحة “لا تلتفتوا لهذه الصغائر، ولا تشغلكم هذه الممارسات والمواقف المشينة من البعض عن معركتكم الشريفة”.
وتقول ممرضة مصابة بكورونا المستجد من نفس المحافظة إنه كان يتم الاتصال بها وآخرين من زملائها المصابين من قبل غرباء، بعدما وجدوا أسماءهم منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقالت في مقطع فيديو نشر على منصات التواصل وكانت ترتدي كمامة على وجهها “وجدنا ناسا تتصل منهم من كان يقول قولا حسنا، ولكن كان منهم من يقول إننا من نشرنا الوباء وأننا مصدر العدوى”.
وأضافت “لقد تعبنا بالفعل وحالتنا النفسية أصبحت مدمرة”.
وقالت دينا عبد السلام، وهي طبيبة من الاسماعيلية، إن جيرانها وصموها لأنها تعمل في مستشفى تتلقى حالات يشتبه بإصابتها بكورونا المستجد.
وبعد انتقالها إلى سكن جديد لتكون بعيدة عن عائلتها كإجراء وقائي، فوجئت عبد السلام بجيرانها يصرخون في الشارع ويتهمونها ب”جلب المرض” إلى المنطقة.
وعلى الرغم من تدخل الشرطة واعتذار جيرانها في نهاية الأمر، تقول عبد السلام في مقطع فيديو انتشر على الانترنت “لا أتقبل الاعتذار .. لقد أصبح الطبيب مثل شخص مشبوه”.
وأضافت “حرام عليكم ما تفعلونه بنا .. يكفي ما نعانيه”.
ويشكو أطباء آخرون من القاهرة ومن الإسكندرية وأماكن أخرى على فيسبوك من رفض بعض سيارات الأجرة نقلهم أو رفض عمال توصيل الطعام للمنازل من تنفيذ طلباتهم بسبب مخاوف العدوى.
وقال ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر جون جبور لفرانس برس إن مثل هذه المعاملة للعاملين في الرعاية الصحية “يمكن أن تجعل الوضع الصعب بالفعل أكثر صعوبة”.
وعلق “إن استهداف مقدمي الخدمات الأساسية… سوف يضعف معركتنا ضد كوفيد19 ويمكن أن يضر بشدة الأمة بأكملها”.
ومع تصاعد الشكاوى ، أفادت وسائل الإعلام المحلية أن مجلس النواب يبحث تجريم “التنمر” ضد العاملين في الصحة.
في الوقت نفسه، ظهر مؤخرا العديد من المصريين في مقاطع الفيديو الأخيرة بثت على الإنترنت يتجاهلون قواعد التباعد الاجتماعي التي تهدف إلى الحد من خطر العدوى في البلاد التي يبلغ عدد سكانها 100 مليون نسمة.
وقالت الصيدلية هبة الفقي التي أجبرت مؤخرا على الخروج من سيارة أجرة لكونها عاملة صحية “إنهم يخرجون (ما بداخلهم) ضدنا بدلا من توقفهم عن العادات التي من الممكن أن تعرضهم للمرض”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.