الحرب مع اسرائيل بين الكلاسيكيات والطائرات المسيرة… أعلن حزب لله تدمير آلية عسكرية إسرائيلية في منطقة أفيفيم قرب الحدود الجنوبيةللبنان، مشيرا إلى سقوط قتلى وجرحى، وذلك بعد أسبوع من اتهامه إسرائيل بشن هجوم بطائرتين مسيرتين في معقله قرب بيروت وقتل اثنين من عناصره في غارة في سوريا. وقال حزب لله في بيان “عند الساعة الرابعة و15 دقيقة من بعد ظهر اليوم الأحد بتاريخ 1 سبتمبر 2019 قامت مجموعة الشهيدين حسن زبيب وياسر ضاهر بتدمير آلية عسكرية إسرائيلية عند طريق ثكنة افيفيم وقتل وجرح من فيها”. وأطلق حزب لله اسم عنصريه اللذين قتلا في الغارة الإسرائيلية في سوريا قبل أسبوع على المجموعة التي نفذت الضربة. وأعلن الجيش الإسرائيلي من جهته إن “عددا من الصواريخ المضادة للدبابات أطلقت من لبنان باتجاه قاعدة عسكرية إسرائيلية ومركبات عسكرية”، مشيرا إلى أن قواته ردت “بالنيران على مصدر الصواريخ وأهداف في الجنوباللبناني”. وأفادت الوكالة الوطنية للاعلام اللبنانية الرسمية أن القوات الإسرائيلية تستهدف أطراف بلدة مارون الراس، التي تقع على الجهة المقابلة من منطقة أفيفيم. وبدا الدخان يتصاعد من منطقة مارون الراس، وفق ما نقلت قناة المنار التابعة لحزب لله في بث مباشر. وأفادت مقيمة في احدى القرى القريبة من مارون الراس عن سماع دوي انفجارات ناجمة عن القصف المدفعي الإسرائيلي. ويأتي ذلك وسط توتر بين لبنان وإسرائيل بدأ قبل نحو أسبوع مع اتهام حزب لله والسلطات اللبنانية إسرائيل بشن هجوم بواسطة طائرتين مسيرتين في ضاحية بيروتالجنوبية. وقال الحزب إنهما كانتا محملتين مواد متفجرة. إحداهما سقطت بسبب عطل فني والثانية انفجرت، من دون أن يحدد هدف الهجوم. ووقع الهجوم بعد وقت قصير من غارات إسرائيلية استهدفت ليل السبت الأحد الماضي منزلا لمقاتلين من حزب لله قرب دمشق، ما أسفر عن مقتل إثنين منهما، هما زبيب وضاهر. وتوعد حزب لله بالرد على الهجومين الإسرائيليين، وقال أمينه العام حسن نصر لله مساء السبت إن “الموضوع بالنسبة لنا ليس رد اعتبار انما يرتبط بتثبيت معادلات وتثبيت قواعد الاشتباك وتثبيت منطق الحماية للبلد”. وأضاف “يجب أن يدفع الإسرائيلي ثمن اعتدائه”. وتوعد نصر لله أيضا باستهداف المسي رات الإسرائيلية، التي غالبا ما تحلق في الأجواء اللبنانية. ومنذ وقوع الهجومين، يترق ب اللبنانيون الرد ، ويتساءل البعض ما إذا كان سيؤدي إلى تصعيد أكبر. إلا أن نائب الأمين العام لحزب لله نعيم قاسم قال في مقابلة مساء الثلاثاء مع قناة روسيا اليوم “استبعد ان تكون الأجواء أجواء حرب، الأجواء هي أجواء رد على اعتداء وكل الأمور تقرر في حينه”. وكان حزب لله استهدف في العامين 2015 و2016 آليات عسكرية إسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة ردا على غارات إسرائيلية استهدفت مقاتليه في محافظة القنيطرة السورية. وإثر هجوم الضاحية، اعتبر حزب لله أن ذلك يعد “أول خرق كبير وواضح لقواعد الاشتباك التي تأسست بعد حرب تموز 2006″، التي اندلعت إثر إقدام الحزب على أسر جنديين إسرائيليين في 12 يوليو. فردت إسرائيل بهجوم مدمر استمر 33 يوما . ولم تنجح في تحقيق هدفها المعلن في القضاء على حزب لله، ما أظهر الأخير في نهاية الحرب داخليا بموقع المنتصر. وانتهت الحرب بصدور القرار الدولي 1701 الذي أرسى وقفا للأعمال الحربية بين لبنان وإسرائيل، وعزز من انتشار قوة الأممالمتحدة الموقتة في جنوبلبنان (يونيفيل). ومنذ تأسيسه، عرف حزب لله بمواجهته للاحتلال الاسرائيلي. وينظر إليه على أنه رأس حربة في انسحاب اسرائيل من جنوبلبنان عام 2000 بعد 22 عاما من الاحتلال. الطائرات المسيرة على خط المواجهة ترى إسرائيل التي تعد رائدة في استخدام الطائرات العسكرية من دون طيار، أن تفوقها التكنولوجي في المجال يواجه تحديا من جانب إيران وحليفها اللبناني حزب لله اللذان يطوران أيضا طائرات مسيرة لأغراض عسكرية. والأسبوع الماضي برزت هذه الحرب غير المعلنة المعقدة إلى الواجهة. وفي العراق اتهمت قوات الحشد الشعبي شبه العسكرية الموالية لإيران إسرائيل في غشت بشن هجوم بطائرة مسيرة على إحدى قواعدها.ولم تتبن إسرائيل إطلاق المسيرتين اللتين سقطتا في الضاحية الجنوبيةلبيروت لكنها قالت إن حزب لله يحاول صنع صواريخ عالية الدقة في هذه المنطقة، وهي معلومات قد تكون جمعتها بفضل طائرات استطلاع مسي رة. وترسل الدولة العبرية منذ زمن طائرات استطلاع إلى الأجواء اللبنانية لجمع المعلومات. ومنذ 1982 عندما اجتاحت إسرائيل لبنان كانت لديها طائرات استطلاع للتجسس في ما كان يعد حينها ضربا من الخيال العلمي. حتى في السبعينات، بعد حرب أكتوبر، كانت إسرائيل تعتمد على طائرات استطلاع دون طيار. وقال الفرنسي-الإسرائيلي ديفيد هراري لفرانس برس “كان النظام يعمل خلال الحرب الأولى في لبنان في 1982. كان عبارة عن نظام استطلاع آني بواسطة كاميرات”. وكان هراري يقود هذا المشروع في صناعات الفضاء الإسرائيلية ويعد “مهندس الطائرات المسيرة الإسرائيلية”. وتدريجيا جهزت هذه الطائرات بكاميرات تعمل بالأشعة تحت الحمراء وموجهات ليزر تسمح بالتعرف على الأهداف بدقة عالية ومن ثم أنظمة “استطلاع مغناطيسية-كهربائية” مع ميكروفونات ورادارات. وأضاف “تلقى العسكريون أوامر باستخدامها لكنهم كانوا يقولون + ماذا عسانا نفعل بمثل هذه الطائرة الصغيرة+”. وبعد العام 1982 تغيرت الأمور. وقال هراري “كانت إسرائيل أول بلد يقوم بانشاء برنامج وطني لإدخال مثل هذا النظام في العقيدة العسكرية”. وفرضت الطائرة المسيرة تدريجيا نفسها في قلب المؤسسة العسكرية واليوم تراهن حوالى خمسين “مؤسسة ناشئة” محلية على صنع نماذج طائرات مسيرة بحسب وزارة الاقتصاد التي تقدر عائداتها على البلاد بالمليارات. وكانت إسرائيل أول دولة مصدرة في العالم للطائرات المسيرة بين 2005 و2013 وفقا لدراسة أجرتها شركة متخصصة في هذا المجال. لكن هذه الصناعة تتطور بسرعة كبيرة مع تطوير طائرات صغيرة لأغراض الترفيه بأسعار منخفضة وبروز دول جديدة مصنعة كالصين وروسياوإيران في قطاع كان حتى وقت قصير حكرا على إسرائيل والولايات المتحدة. وقال عوزي روبين المسؤول السابق في الأنظمة المضادة للصواريخ في وزارة الدفاع والذي بات اليوم محللا في معهد القدس للاستراتيجية والأمن “اليوم الجميع بات يعمل في هذا المجال”. وبات الآن في امكان جماعات مسلحة وضع عبوات ناسفة على طائرات مسيرة لتنفيذ هجمات على منشآت استراتيجية أو قواعد عسكرية. وصرح روبين لفرانس برس “إنها تهديد لكل الجيوش ولهذا السبب يبحث الجميع عن حلول وهذه الحلول ترمي إلى تدمير هذه الطائرات أو اعتراضها”. تطور شركات إسرائيلية مثل “سكاي لوك” و”الب يت” حاليا تكنولوجيا تسمح بالسيطرة عن بعد على طائرات مسيرة دون إلحاق ضرر بها لجمع معلوماتها وبياناتها. والعام الماضي اتهمت إسرائيل إيران بإطلاق إحدى طائراتها المسيرة في مجالها الجوي. وقالت الباحثة الاسرائيلية ليران انتيبي إن تطوير طائرات مسيرة في إيران يسمح لحزب لله بالتزود بقدرات جوية استخباراتية وهجومية جديدة. وكانت الحرب بين إسرائيل وحزب لله في 2006 “الأولى في التاريخ” لجهة كون ساعات تحليق الطائرات من دون طيار “أعلى” من ساعات تحليق الطائرات مع طيار بحسب دراسة لجامعة تل أبيب. لكن في حينها كانت الطائرات المسيرة إسرائيلية أساسا. واليوم لا تزال إسرائيل متفوقة تكنولوجيا لكن “حزب لله تحول إلى منظمة عسكرية مجهزة بأنظمة متطورة تشمل طائرات مسيرة عسكرية وتجارية”. وربما يضيف حزب لله لأسطوله من المسيرات أنظمة مضادة للطائرات المسيرة. وهذا الأسبوع أعلن أمينه العام حسن نصر لله أنه “في كل مرة ستخرق طائرات مسيرة إسرائيلية المجال الجوي اللبناني سنسعى لإسقاطها”.