نظمت كلية علوم التربية بالرباط، بشراكة مع جمعية «ملتقى الأسرة»، ومجلة «الإدارة التربوية»، و»أوديسا الجنوب»، و»المركز المغربي لتقويم ودعم الإدارة»، يوما دراسيا في محور» التعليم الخصوصي في النظام التربوي المغربي، الواقع والرهانات»، وذلك يوم الجمعة 12 دجنبر الجاري، بمقر الكلية. وقد شارك في هذا اليوم نخبة من الأساتذة والخبراء في مجال التعليم والتربية والتكوين. وجاء في الورقة التقديمية للندوة أن من دواعي تنظيم الندوة كون التعليم الخصوصي هو أحد المكونات الأساسية ضمن المنظومة التربوية، غير أنه زاغ عن أهدافه وأصبح لا يختلف عن أي مقاولة تجارية، في غياب تام لمواكبة ومتابعة الدولة، والوزارة الوصية على الخصوص. فقد تحول هذا التعليم الخصوصي من شريك وداعم للمنظومة التربوية المغربية، إلى منافس للتعليم العمومي واكتساحه لشُعب ومستويات أخرى من التعليم، مثل الأقسام التحضيرية والتعليم العالي والمعاهد المتخصصة، تحول في غالب الأحيان والنماذج إلى تعليم يفتقد إلى المواطنة، هاجسه الوحيد هو الربح المادي السريع، إلى درجة يمكن القول أنه أصبح يميل إلى العمل التجاري أكثر مما يميل إلى العمل التربوي الاجتماعي. إضافة إلى أن العديد من البرامج والمناهج والكتب التي تعتمدها عدد كبير من مؤسسات التعليم الخصوصي تتصف بكونها ذات مرجعية أجنبية، الشيء الذي من شأنه أن يعمل على تكوين أجيال لا تحمل الثقافة والقيم التي يجب أن تتشبع بها الشخصية المغربية. نظرا لتشعب الموضوع أكد نائب عميد كلية علوم التربية، الأستاذ علال بلعزمية، أنه يتطلب أياما وأياما من الدراسة والبحث والتقصي. فهو موضوع يهم الفرد المغربي، والأسرة المغربية، والمجتمع المغربي، بل والتاريخ المغربي بصفة عامة. فالتعليم الخصوصي بالمغرب أصبح موضوع نقاش يومي. كما أنه مطروح دوليا كذلك. فهناك دول فيها تعليم خاص محض، وهناك دول لا وجود فيها لهذا التعليم إطلاقا، وهناك دول تمزج بين التعليمين العمومي والخاص. لكن السؤال، حسب بلعزمية، هو هل يمكن تفويت المرفق العام إلى الخواص؟ أم أن الدولة تبقى تبقي على جزء منه، وتبقى تراقب عن قرب وعن بعد ما تم تفويته؟ وعن اللجنة المنظمة تدخل الأستاذ محمد مورو، وقال إن هذا اليوم الدراسي يتزامن مع مؤتمر حقوق الإنسان في جنيف، حيث تم التركيز على المغرب كدولة لها دور في تشجيع هذا التعليم الخصوصي. كما تزامن مع الإعلان الدولي لحقوق الإنسان الذي أكد على مجانية التعليم. وتزامن أيضا مع منتدى مراكش الذي عقدت فيه ورشات حول التعليم. من هنا، يضيف المتدخل، تصبح قضية الدولة جوهرية ومرتبطة بشكل مباشر بالمجال الاجتماعي والاقتصادي، كما للموضوع علاقة بالعدالة الاجتماعية والإنصاف في الولوج إلى التعليم. أما الأستاذة نزهة العوداتي فقدمت عرضا غنيا بالإحصائيات والأرقام تحت عنوان «المدرسة الخصوصية، الواقع والرهانات». وهو نتيجة بحث ميداني قامت به الباحثة على عينة تكونت من ثلاثين مواطنا من مدينة تطوان. وأكدت أن الموضوع يطرح إشكالات عديدة. فالميثاق الوطني للتربية والتكوين نصّ في الدعامة 18 على أن التعليم الخصوصي هو شريك للتعليم العمومي. وجاء البرنامج الاستعجالي وقال أيضا بأن التعليم الخصوصي شريك للدولة. والمجلس الأعلى للتعليم وقال إن هذا التعليم هو قيد التطور. أما التوجيهات الملكية، خصوصا في خطاب ثورة الملك والشعب، يوم 20 غشت 2013، فدعا الحكومة للنهوض بالمدرسة العمومية. وجاء تقرير الخمسينية وشخص الأعطاب الكثيرة التي يعاني منها التعليم الذي أخفق في محو الأمية، إضافة إلى ضعف القدرة الاندماجية، والارتباك السائد في المؤسسات التعليمية. ومن مميزات التعليم الخصوصي، تقول نزهة العوداتي، هو أنه يساهم في رفع رهان التعليم، ويخفف من عبء الدولة، ويخلق فرصا للشغل. ومن نقط ضعفه، وهي كثيرة، غياب التجانس، وعشوائية العمل بمقتضى القانون (06.00). هذا إضافة إلى ضعف سلك التعليم الثانوي، وأن الأطر تعاني من نقص في التكوين، ووجود هيئة تدريس غير قارة، وعدم حماية الحقوق القانونية، وضعف التأطير، وضعف حلقة المراقبة، وأعضاء اللجان غالبا ما يكون لها اختصاصات موازية. وأضافت الباحثة أن حسشب الدراسة الميدانية التي قامت بها، فإن في مخيال أولياء أمور التلاميذ عدة تمثلات للمدرسة العمومية. ف50 في المئة فقط يقولون بأن المؤسسات العمومية تحترم الزمن المدرسي. كما صرحت نفس العينة بأن احترام هذا الزمن داع من دواعي تسجيل أبنائهم في المدرسة الخصوصية. وعن مميزات المدرسة العمومية قالت نسبة 36.6 بالمئة من نفس العينة إن هيئة تدريس المدرسة العمومية تتميز بالكفاءة. و56.6 بالمائة أقرت بانخفاض كلفة التسجيل. غير أن هذه العينة قالت أيضا بعدم احترام الزمن المدرسي، إضافة إلى ظاهرة الاكتظاظ، واهتراء المؤسسات التعليمية العمومية. لذلك فنسبة 70 بالمئة من الآباء عن رغبتهم في نقل أبنائهم إلى التعليم الخصوصي. كما أن نسبة عدم الثقة في نقط المراقبة المستمرة في التعليم الخصوصي بلغت 76.6 بالمئة. بسبب الزبونية وإشهار المؤسسة على حساب جودة التعلمات. إضافة إلى أنها وسيلة من وسائل جذب الاستقطاب. وأن احتفاظ الأستاذ بمنصبه في المؤسسة الخصوصية رهين بالنقط. وهذه كلها أهداف تجارية لتقديم المنتوج. وتدخلت الأستاذة خديجة اليملاحي، وهي برلمانية ورئيسة جمعية «ملتقى الأسرة»، في موضوع «التعليم الخصوصي وأثره على الحق في التربية»، وقالت إن مغرب اليوم يمر بمنعطف حاسم في جميع المجالات، وخصوصا في مجال التعليم والتربية والتكوين بكل فروعه وتشعُّباته ومستوياته. كفي الحق في التربية الجيدةما أن السياق الحالي هو سياق يروم إصلاح المنظومة التربوية، غير أن هذا الإصلاح يعرف بطأ كبيرا وتعثرات عديدة وجمة. وتضيف الأستاذة اليملاحي أن الذي يطرح إشكالات كبيرة هو ضرورة الانخراط المجتمعي الواسع وإلا فلن نصل إلى نتيجة، ولن نحقق هدفنا الأساسي في الحق في التربية الجيدة. في هذا الإطار يبرز إشكال المدرسة الخصوصية التي تؤثر مباشرة في الحق في التربية، والحق في الولوج المتساوي، والحق في الاسيتدامة في المسار التربوي الذي يؤسس للنجاح في المجتمع. وسجلت الأستاذة خديجة اليملاحي بقوة أن النظام التعليمي المغربي متعدد الأنماط وضعيف الجودة. فنحن في المغربة الخاصة التي ليست لنا مدرسة خاصة واحدة، هناك مدارس خصوصية متعددة. إلى جانب المدرسة الخصوصية التي تعمل بالمقررات الوطنية. كما أن هناك مدارس تحمل أسماء أجنبية، وتعمل بمقررات أجنبية، وهذا النوع من المدارس هو في تزايد دون رقابة ولا رقيب. كما أن هناك مدارس البعثات ذات الطابع العمومي والخصوصي في نفس الآن. كما أن هناك مدارس التدويل: مدرسة بلجيكية، وأخرى بريطانية، وأخرى إسبانيىة، وتركية...إلخ وهذا التعدد يرجع تاريخه إلى الفترة الاستعمارية. والخطير في ذلك هو التأثير الواضح على تشظي الهوية الثقافية المغربية، وتزايد تعميق الفوارق الاجتماعية. بعد هذا التشخيص تساءلت الأستاذة اليملاحي: ما العمل أمام هذا المشهد الذي يتميز بالهجانة ولا يستجيب لطموحات المجتمع؟ واستخلصت أن نظام التعليم الخصوصي هو نظام يعاني من اختلالات قانونية. وبالرغم من هذه الاختلالات القانونية فإن الدولة غائبة ولا تفعل شيئا، ولا تُفعّل القوانين. إذن هناك غياب للمراقبة الكافية من الناحية التربوية والمالية والقانونية. وفي قضية التعليم الخصوصي وأثره على التربية، قالت الأستاذة اليملاحي إن هذا القطاع يعرف نموا متزايدا، وهذا النمو بدأ بشكل واضح مع اعتماد ميثاق التربية والتكوين، الذي جعل من التعليم الخصوصي «شريكا». وحدد له سقفا في 20 بالمائة. ومن خلال دراسة منظمة دولية حقوقية أُنجزت سنة 1999، كانت نسبة هذا التعليم 04 بالمئة، ووصل اليوم إلى 18 بالمئة، وفي المدن الكبرى تجاوز ال 50 بالمئة. هذا في وجود مرجعيات اممية تؤكد على الحق في التعليم، والحق في الثقافة دون فصل بين الحقّين. فللأطفال حقوق ثقافية، على رأسها الحق في تشبعهم بثقافتهم الوطنية. لكن ما يجري على الواقع هو ضرب في عمق هذا الحق الثقافي. ونتيجة ذلك هو إضعاف الانسجام المجتمعي. وعبرت الأستاذة اليملاحي عن أسفها لكون المغرب، رغم كل هذه المزالق، يتجه نحو الخوصصة، وهذا التعليم أصبح نموذجا لنسف الحق في التربية. واستشهدت المتدخلة بمؤتمر جنيف الأخير الذي ساءل المغرب والحكومة المغربية حول تنفيذ اتفاقية حقوق الطفل شفويا وكتابيا، لكن المغرب لم يكن مقنتعا في أجوبته، إذ قدم أجوبة مرتبكة أثارت استغراب المؤتمر. وتدخل الأستاذ محمد اكديرة في موضوع «الحكامة والآثار على التنمية»، حيث قدم تعريفات للحكامة التي لا يمكن الحديث عنها إلا بوجود عدة عناصر: 1- الشرعية السياسية، مما تعنيه الممارسة القوية للديمقراطية. 2- المساءلة، فالحكامة لا تعني شيئا في غياب المساءلة والتقييم والمحاسبة. 3- وجود نظام قانوني قوي ومقنع. 4- الحرية في تأسيس الجمعيات، وما يلاحظ اليوم في المغرب هو وجود العديد من الجمعيات المفتقدة إلى الكفاءة. 5- مساءلة البيروقراطية، والتعقيدات الإدارية، فالمواطن المغربي إذا أراد الحصول على وثيقة عليه أن يقضي أياما من الانتظار، وهذا هدر للزمن. 6- حرية التعبير. 7- قبول السلطات المحلية التنسيق وتقاسم المسؤولية مع القطاع الخاص. وتوقف الأستاذ اكديرة عند قضية التشارك والشراكة واقتسام المسؤولية بين أطراف المجتمع، وبين المشتغلين في القطاع الواحد. فالشراكة واقتسام المسؤولية يؤديان إلى تحقيق الانسجام. لكن غياب هذه الشراكة في المغرب أدى إلى وجود العديد من التعقيدات في المجال التربوي والتعليمي بصفة عامة. كل ذلك في غياب أية محاسبة. إذن هذا الفراغ نتيجته غياب الحكامة. وانتقل المتدخل إلى الحديث عن تأهيل المحيط. فالمحيط المجتمعي المغربي غير مؤهل بشكل صارخ. فنسبة 60 في المئة من المغاربة لا يستطيعونه قراءة يافطة الحافلات. وذلك له علاقة مباشرة بالمستوى التربوي والتعليمي للمواطن. وانتقد اكديرة المسؤولين المغاربة الذين يكتفون بالخطاب فقط في تجاهل تام لما هو على الأرض. فالخطاب شيء، والواقع شيء آخر. ودعا إلى ضرورة الأخذ بيد التلاميذ الذين يعانون من مشكل في التلقين والدراسة. كما لابد من تحفيزهم، علاوة على تحفيز الأطر التربوية المحبطة تماما. وتحدث عما أسماه «مرض الشهادة». فالقطاع الخاص يريد ان يمنح الشهادات للمتخرجين بأي ثمن، وهذا الثمن غالبا ما يؤدى من جيوب الآباء، والدولة تتفرج. واستنتج أن التعليم الخصوصي بالمغرب يتحكمن فيه منطق الربح لا غير، خصوصا إذا سجلنا أن هذه المؤسسات التعليمية الخصوصية معفاة من أداء الضرائب. وهذا أمر غير مقبول. وتدخل الأستاذ محمد مورو في موضوع «الأساطير المؤسسة لخصوصية التعليم، نموذج النظام التربوي الشيلي». حيث قال إن هناك معلومات مسربة من وزارة التعليم، أو من المجلس الأعلى للتعليم تقول إن هناك اهتمام بنقل التجربة الشيلية إلى المغرب. كما أن مخطط الوزارة ورؤيتها لأفق الإصلاح في 2030 يتحدث عن مخطط نجد أنه يقتبس من التجربة الشيلية، ومفاده المدرسة الشريكة، وأن التعليم الخصوصي أصبح واقعا وينبغي أن يستمر. وأكد ان النظام التربوي والتعليمي في الشيلي يواجه اليوم بالإضرابات والرفض والاحتجاجات الاجتماعية. وأعطى المتدخل في البداية معطيات عن دولة الشيلي، فهي تبلغ 15 مليون نسمة، يتركزون في المدن. ونسبة الفقر تصل إلى 15 في المائة من عدد السكان. ونسبة البطالة هي 6،3 بالمئة. ومعدل النمو هو 8،1 في المئة، وقد ينخفض إلى 6 في المئة. ولذلك فالشيلي هي إحدى الدول النامية في أمريكا اللاتينية. وعن التعليم الخصوصي في الشيلي قال المتدخل إنه تقليد قديم يرجع إلى بداية القرن التاسع عشر (19). وابتداء من بدايات القرن العشرين سيعرف الشيلي إصلاحات تربوية عميقة هدفت إلى تعميم التعليم ودمقرطته، وسيبلغ ذلك الإصلاح أوجه في عهد الرئيس رسلفادور إليندي ذول النزوع الشيوعية منذ انتخابات سنة 1970. وبعد الانقلاب العسكري بقيادة بنوتشي، عرفت البلاد مسلسلات من إفساد الاقتصاد والمجتمع. فبدأ نظامه يطبق إصلاحاته في التربية والتعليم, فبدأ إقرار النظام داخل المؤسسات، وحاربة الشيوعيين، وتطبيق النظام العسكري، وتقليص النفقات على التعليم والتربية والتكوين. إذ شرعوا في تقليص أجور المدرسين والأساتذة، وتقليص النفقات الخاصة بالمطاعم والمنح. ومراجعة نظام الانتقال من مستوى إلى آخر. وتم التركيز على التعليم الأساسي. أما الولوج إلى التعليم الثانوي والعالي فيتم وفق الانتقاء، أو يكون مؤدى عنه، أو على شكل قروض تمنح يؤديها المتخرج طيلة حياته. ومنذ سنة 1977 ستقوم الدولة بتفويت المدارس إلى الجماعات المحلية، واقتصر دور الدولة في تقديم الإعانات. وفي سنة 1980، صدر مرسوم يبيح للجماعات المحلية تفويت الخدمة العمومية لأشخاص ذاتيين أو لشركات لمدة 99 سنة. كما تمت مراجعة المقررات الدراسية. وأصبح الأستاذ مجرد مستخدم تربطه بالمؤسسة وثيقة إدارية على شكل عقد. سنة 1990 انتهى نظام بينوشي باستقالته وعاد النظام الديمقراطي الذي ورث إرثا ثقيلا. فبدأ يحاول تطبيق إصلاحات جديدة لم تمس الجوهر. فمازالت الاضطرابات الطلابية في المدن والجامعات وكافة المؤسسات التعليمية. والخلاصة أن النظام الشيلي التربوي خاضع لقانون العرض والطلب على حساب تكافؤ الفرص. فهناك مدارس مجانية ومدارس مدعومة من طرف الدولة، وهناك مدارس خصوصية تخضع لقانون السوق. فما هو أثر هذه السياسات، يتساءل المتدخل؟ من نتائجه فقر المدارس العمومية واهتراؤها، لا تقبل عليها سوى الفئات الفقيرة، مما يعني انقسام المجتمع منذ طفولة الأفراد. الإجازة يتم الحصول عليها بعد دراسة خمس سنوات. والطلبة يضطرون أحيانا إلى شراء البشواهد العلمية وفق منطق تجاري محض. هذا إضافة إلى تحديد مسار التلمياذ حسب انتمائه الطبقي. ومن أخطر نتائجه انخفاض نسبة التمدرس وتزايد الاضرابات الطلابية والاحتجاجات الاجتماعية. فهل هذا هو النموذج الذي تريده الحكومة المغربية نقله وتطبيقه على المغرب الذي هو أفقر وأقل معدل نمو من الشيلي؟ هل المغرب سيرضى لنفسه أن يسترشد ويرشد نفسه وشعبه بهذا النموذج الفاشل والمتجاوز؟ وفي الجلسة المسائية من اليوم الدراسي تناول الأستاذ مصطفى مقبول، مدير مجلة الإدارة التربوية والمنسق الجهوي للتفتيش الإداري بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين الرباطسلا زمور زعير، في مداخلته بعنوان « آليات المراقبة والارتقاء بالتعليم المدرسي الخصوصي» موضوع العلاقة بين مراقبة مؤسسات التعليم الخصوصي من طرف السلطات التربوية المختصة ، وهي تمارسها على وجه الخصوص الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وسبل الارتقاء بهذا القطاع. حيث خصص الأستاذ المحاضر المحور الأول لتحديد مفهوم التعليم الخصوصي ومجالاته ، وكذا التميز بين أنواع أصناف الخصوصي كما يحددها القانون 06.00 و الخصوصيات التي تميزه عن قطاع التعليم العمومي . بينما خصص المحور الثاني لمناقشة آليات المراقبة، سواء في المجال التربوي أو في المجال الإداري والهيئات المؤهلة لإجراء هذه المراقبة ، مبرزا على وجه الخصوص من جهة دور هيئة التفتيش في هذا الموضوع ومدى استعدادها للنهوض بهذه المهمة ، ومن جهة أخرى الأدوار المسندة للمحلفين ، خاصة فيما يتعلق بتحرير محاضر الغرامات المالية التي ينص القانون المشار كإجراء ردعي في حق مؤسسات التعليم الخصوصي التي لا تحترم النصوص المنظمة. وفي محور ثالث ناقش الأستاذ المتدخل مدى نجاعة دور المراقبة ودورها في توجيه والارتقاء بالتعليم الخصوصي، حيث أبرز بأن مراقبة هذه المؤسسات رهين بقيام الدولة بالأدوار الملقاة على عاتقها ، خاصة فيما يتعلق بتأطير الأساتذة العاملين بهذا القطاع وتوفير شروط العمل ودمجه في المنظومة التعليمية وتفعيل مجال الشراكات مع مؤسسات التعليم العمومي ، حيث يعتبر هذا الجانب من أهم أدور جهاز التفتيش ، الذي يجب أن تنتقل وظيفته من وظيفة المراقبة والعقاب إلى دور التأطير والتوجيه والتعديل. وقد خلص الأستاذ المحاضر إلى نتيجة مفادها أن دور الإدارة في مراقبة التعليم الخصوصي يبقى محدودا نظرا لتعثر تجربة المحلفين ، وتدخل عدة جهات في مجال تفتيش المؤسسات التعليمية وغياب التنسيق بينها . إذ إلى جانب الدور الذي تلعبه السلطات التربوية في مراقبة التعليم الخصوصي ، تساهم السلطات المحلية وقطاع الشغل والضمان الاجتماعي في مراقبة هذا القطاع ، مقترحا إحداث مفتشين متخصصين في مجال التعليم الخصوصي على غرار باقي مجالات التفتيش مثل التخطيط والتوجيه والشؤون الإدارية والأقسام التحضيرية. وقدمت الأستاذة سميرة شمعاوي، أستاذة باحثة في مركز التوجيه والتخطيط التربوي مداخلة بعنوان « التعليم الأولي في المؤسسات الخصوصية، الإكراهات وأسس التغيير»، تمحورت حول الإشكالية التالية : هل هذه المؤسسات مؤهلة لتربية ناشئة قادرة على الاندماج الايجابي في المجتمع؟ وعولجت الإشكالية عبر ثلاث محاور. المحور الأول يرتبط ببناية المؤسسة الخصوصية التي لا تراعي خصوصيات مرحلة الطفولة التي يحتاج فيها الطفل إلى مجال يختبر فيه قدراته الحسية والحركية حتى يستمتع بجسده . ويلاحظ أن المؤسسة التي يقضي فيها الطفل يومه لا تحترم العديد من الحاجيات التي يرغب الطفل تحقيقها لا على المستوى النفسي ولا على المستوى الفكري. المحور الثاني، انطلق من التساؤل عن أدوار مهام مربي التعليم الأولي؟ وهل تتوفر مؤسسات الخصوصي على مربين يتوفرون على كفايات مهنية تسمح لهم بتيسير اندماج الأطفال في المؤسسة أولا وفي المجتمع ثانيا؟ بعد عرض مجموعة المهام الخاصة بمربي التعليم الأولي، خلصت الباحثة إلى العديد من الاكراهات التي تحول دون قيام المربي بدوره كاملا ومنها مشكلة التكوين التي تعتبر إحدى المشاكل الكبرى في التعليم الخصوصي حيث يرفض المسئولون عنه القيام به، ثم مشكلة سلطوية الإدارة التي تحول دون ظهور المواهب التربوية التي يتوفر عليها بعض المربين. محور ثالث: انطلق من التساؤل حول العلاقة بين التربوي والإداري في المؤسسة الخصوصية؟ ليتضح أن معظم مؤسسات التعليم الخصوصي تتحكم بعقلية المقاول وليس بعقلية المربي، وهذا ينعكس سلبا على الطاقم التربوي الذي ينبغي أن يخضع باستمرار للإدارة خوفا من الطرد، وكذا على العلاقة مع الآباء إذ نجد مجموعة من مسيري المؤسسات الخصوصية يرفضون إنشاء جمعية للآباء في مؤسساتهم.