من الواضح أن للإدارة دور محوري في التنمية، حيث يمكنها أن تكون من بين المحركات الكبرى للتطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، لأنها الأداة التي تُصٓرّفُ الدولة من خلالها، سياساتها العمومية، وتقدم الخدمات الضرورية للمواطنين، لذلك فأداؤها حاسم في المسار التنموي وفي تحريك عجلة الحياة العامة، خاصة في مجال الاستثمار، وهو المحور الذي تمت إثارة مشاكله، في الأسابيع الأخيرة، نظرا للعراقيل المسجلة من طرف الجهاز الإداري، في وجه تطوير المبادرة الخاصة وإنتاج الثروات وخلق مناصب شغل. لذلك يمكن القول، إن الإدارة، بدل أن تكون أداةً لحل المشاكل، أصبحت هي المشكل في حد ذاتها، وبالإضافة إلى الانتقادات الرسمية التي وجهت لها، فإن تقارير وطنية ودولية، أكدت، في تقييمها لمناخ الاستثمار والأعمال، أن تفشي الفساد وظاهرة الرشوة في مؤسسات الدولة يعرقل تطور الاقتصاد المغربي، وأن الإدارة المغربية تعاني من ضعف الحكامة وقلة الإنتاجية. ومن المعلوم أن إشكالية علاقة الفساد والبطء الإداري، بمناخ الاستثمار، قد طرحت في عهد الملك الراحل، الحسن الثاني، واستمرت المبادرات والمحاولات، في ظل الحكومات المتعاقبة، دون التوصل إلى حلول ناجعة، بالرغم من تبني مشروع «الشباك الوحيد»، وغيره من الإجراءات. وقد أفرَدَ الخطاب الملكي، بمناسبة الذكرى 19 لعيد العرش، حيزاً هاما لإصلاح الإدارة، حيث سجل أن هناك قطاعات وزارية تدفع بتبريرات لعرقلة الاستثمار، كما أعطى توجيهات للحكومة من أجل الإسراع في إخراج الميثاق الجديد للاستثمار وإصلاح المراكز الجهوية، المكلفة بهذا الملف الحيوي، بالنسبة للاقتصاد الوطني. وتعتبر عدد من الدراسات والأبحاث، حول الإدارة المغربية، أن هذه الأخيرة تعاني من مشاكل مزمنة، من قبيل غياب مفهوم الزمن، والبطء والتماطل في معالجة الملفات، والعلاقة المتوترة مع المرتفقين، وتضخم البنيات الإدارية وتمركزها، وعدم فعاليتها ونجاعتها، وتعقيدات المساطر والقوانين، وهي كلها مظاهر تلخص ما يسمى بتفشي البيروقراطية، التي هي الجسر المُعٓبّدُ نحو الفساد والرشوة.