في الطابق الأول من البناية الضخمة لمدرسة « 1337 » قاعة درس من نوع خاص. 150 كمبيوتر من النوع الراقي موضوعة على الطاولات في نسق يذكر بالقاعات المخصصة للصحافيين في كبريات الملتقيات الدولية. وحولها عشرات الأطفال والشباب المغاربة، تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة، منهمكون فرديا وجماعيا في فك ألغاز «الكود»، وإيجاد حلول للإشكاليات المعلوماتية المعروضة عليهم من طرف نظام مركزي. هنا لا يوجد «معلم» ! إنها قاعة درس مستقبلية قادمة من كوكب آخر. هنا التلميذ هو مركز العملية التعليمية. فعندما ينجز تلميذ تمارينه، فإن أحد زملائه هو الذي يتكلف بعملية التصحيح ومنح النقطة. وعندما يصادف صعوبة في حل إشكالية ما، يسأل زملائه بدل المعلم. فقط عندما يعجز الجميع عن حل الإشكالية يمكن اللجوء كملاذ أخير إلى المؤطر. إلى جانب قاعة الدرس توجد قاعة ثانية لا تقل عنها فساحة، غير أنها مجهزة بوسائل الترفيه واللعب. في الطابق الثاني أيضا توجد قاعة ثانية للدرس وقاعة ألعاب مشابهتين لطابق الثاني. أما الطابق الثالث فيوجد فضاء الراحة والنوم، عبارة عن فضاء مفتوح وجماعي، واحد للفتيان والثاني خاص للفتيات. هنا أيضا لا علاقة مع تصاميم الفنادق أو الأحياء الجامعية التقليدية. المدرسة التي تمولها وترعاها مجموعة «OCP» مفتوحة أمام جميع شباب وأطفال المغرب، ليس فقط الشغوفين بعالم «الكود» والبرمجمة المعلوماتية، بل أيضا كل من يتطلع لاستكشاف هذا العالم العجيب حتى لو لم تكن لديه أية معلومات أساسية أو معرفة مسبقة بأسس البرمجيات ولغاتها. بخلاف مدارس المهندسين ومعاهد التكوين المهني، لا يتطلب ولوج هذه المدرسة أية شهادة. الشرط الوحيد أن يكون عمر المرشح بين 18 و30 سنة. يقول العربي الهلالي، مدير مدرسة 1337، «في الأسلاك الدراسية العادية، لا يمكن ولوج مدارس ومعاهد تكوين المهندسين والفنيين في مجال الكمبيوتر إلا بالنسبة للحاصلين على الباكالوريا بمعدلات باهرة. وفي حال تعذر ذلك كان الطريق الثاني المتوفر هو طريق المال بالنسبة للعائلات الثرية التي يمكن أن تصرف على أبنائها أمولا طائلة في التعليم الخاص. وهذا النظام كان يقصي الموهوبين والعباقرة. لذلك فإن هذه الصيغة التي طورتها مدرسة 42 في باريسبفرنسا سنة 2013، وأيضا في سيليكون فالي بالولايات المتحدة، تتوخى القفز على هذه المعوقات، وإفساح المجال للشباب الذين يتوفرون على ما يكفي من الرغبة والحزم والإصرار والمثابرة لولوج هذا المجال المستقبلي، في إطار من تكافؤ الفرص». وحول كيفية الولوج إلى المدرسة، يشير الهلالي إلى أن الأمر يبدأ بالتسجي ل واجتياز اختبار أولي عن بعد في موقع المدرسة على الانترنيت. مواد الاختبار تتعلق بحل مجموعة من التمارين والألغاز على شاشة الكمبيوتر، والتي لا علاقة لها بتاتا بالبرمجة أو معارف الكمبيوتر، وإنما بقياس درجة الذاكرة عند المرشح وقدرته على التحليل وحل الأحجيات والألغاز وقابليته للتعلم ومدى إصراره ومثابرته. بعد اجتياز هذا الاختبار بنجاح، يفتح باب التسجيل للمرحلة الثانية بالنسبة للناجحين في حدود عدد المقاعد المتوفرة، حاليا 300 مقعد وسترتفع تدريجيا إلى 900. وهنا أيضا يلعب الحظ دوره في اختيار من سيلج المدرسة، إذ أن النظام يقبل التسجيلات الأولى ثم يتوقف، دون اعتبار لعدد النقاط أو الترتيب الذي حصلوا عليه في الاختبار. بعد ذلك يحدد موعد للمرشح للقدوم شخصيا إلى مقر المدرسة في خريبكة لإجراء مقابلة يطلع خلالها على المدرسة ونظامها، مدى ملائمتها لها وملائمته لها، كي يتمكن من حسم قراره بالمواصلة أم التوقف. بعد ذلك يدخل الشاب مرحلة تدعى «المسبح» يغطس خلالها الطالب في أعماق عالم «الكود»، والتي تتكون من أربعة أسابيع من العمل الدؤوب مع زملائه في التحصيل والامتحانات، تتخللها إنجاز مشاريع فردية وجماعية، ويحصل على إثرها الطالب على نقطة تؤهله لمواصلة المغامرة، التي ستستمر ما بين عامين وأربع سنوات من الدراسة في هذا العالم الفريد، وتنتهي بتسليمه شهادة غير معترف بها من طرف الدولة، سواء في المغرب أو فرنسا أم أميركا. إلا أنها مطلوبة بإلحاح في جميع أنحاء العالم من طرف الصناعات الجديدة المرتبطة بعالم «الديجيتال»، والتي تتوسع يوما بعد يوم. ويفتح التكوين الذي يتلقاه الطالب في هذه المدرسة آفاقا متنوعة للعمل وتحقيق الذات، إذ يمكنه أن يشتغل من بيته مع شركلت عالمية عبر عقود حرة، كما يمكنه أن يشتغل كأجير مع مؤسسات وشركات، إضافة إلى إمكانية إطلاق مشروعه الخاص وإنشاء صاعدة في مجال الكمبيوتر والبرمجيات ومنهن المستقبل.