قررت العدالة الألمانية، تمديد اعتقال الزعيم الانفصالي الكاتالاني، كارلوس بودجيمونت، في انتظار الحكم الذي يمكن أن يصدر بخصوص تسليمه للسلطات الإسبانية، التي تتهمه بالتمرد والفساد المالي، على خلفية التحدي الذي مارسه، رفقة أنصاره، تجاه مدريد، بتنظيم استفتاء لتقرير مصير كاتالونيا، الأمر الذي رفضته الدولة الإسبانية، التي باشرت حملة اعتقالات واسعة ضد السياسيين الانفصاليين في هذا الإقليم. وما يهمنا في متابعة هذا الملف، هو المنطق الذي تعاملت به إسبانيا، وحاليا، ألمانيا، مع المطالب الانفصالية الكاتالونية، علماً بأن ما قام به أنصار الانفصال ظل سياسياً ولم يتخذ أي طابع عنيف، إرهابي أو عسكري، بل ظل سلميا، حيث استعملوا كل الوسائل القانونية التي أتيحت لهم، بواسطة البرلمان الكتالوني الذي كانوا يشكلون فيه الأغلبية، والذي صوت لصالح تنظيم استفتاء لتقرير المصير، جرى يوم فاتح أكتوبر 2017، وفاز فيه المطالبون بالاستقلال، رغم منعه من طرف مدريد. جواب الدولة الإسبانية، كان هو شن حملة من الاعتقالات والمتابعات في حق الزعماء الانفصاليين الكاتالونيين، بتهمة التمرد، كما لجأت مدريد إلى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، في الإقليم، لتغيير موازين القوى، لكنها فشلت واحتل الانفصاليون، مرة أخرى، المراتب الأولى، لذلك لم يبق أمامها سوى مواصلة الاعتقالات والمنع والمتابعات والملاحقات. وفي مقارنة أولية، بما يحصل في كاتالونيا، وفي أقاليم أوروبية أخرى، تدعو فيها أحزاب وحركات للانفصال، مع الواقع المفروض في قضية الصحراء المغربية، يمكن أن نسجل تناقضا صارخا، حيث تتواجد أغلبية السكان في المدن الصحراوية، تشارك في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية، وتندمج بشكل متواصل في الوطن الأم، بعد القطيعة العنيفة التي أحدثها الاستعمار الإسباني، وحاولت مواصلتها الدولة الجزائرية، التي تحاصر الصحراويين في تندوف، ورغم كل ذلك، يفرض «التوازن الدولي»، «ممثلين صحراويين»، لا يتواجدون داخل الإقليم، بل هم عبارة عن عصابات مسلحة، مقيمون في أرض دولة أخرى. بل أكثر من ذلك، فإن الشرذمة المقيمة في الصحراء المغربية، التي تعبر عن انتماءها لهذه العصابة المسلحة، تشارك في الاستعراضات العسكرية الموجهة ضد المغرب، في الأراضي الجزائرية، وتعود للمغرب، دون أن يحدث أي شيء، بينما تتواطؤ الدول الديمقراطية في أوروبا لاعتقال رجل سياسي، مثل بودجيمونت، لا ينتمي لأي عصابة مسلحة ولا شارك في استعراضات عسكرية، بل مارس حرية التعبير والتجمع، بواسطة القانون والانتخابات.