يعقد اتحاديو آسفي مؤتمرهم الإقليمي السادس يوم الأحد 14 شتنبر .. بما لهذا الرقم من دلالات نضالية تاريخية تعبر عن تجذر و استمرار الفعل التقدمي في المدينة التي أعطت لوحدها ثلاثة موقعين على وثيقة الاستقلال و خطا طويلا موصولا من المعتقلين و المناضلين .. مؤتمر الاتحاد الاشتراكي الإقليمي .. ليس تجمعا انتخابيا و رقميا تتصارع فيه الإرادات التنظيمية من أجل المواقع و المناصب .. بل هو لحظة سياسية تطرح الأسئلة الملحة المؤرقة الصادقة .. محطة لاستشراف المستقبل و تمحيص الراهن المحلي و الإقليمي .. و إفراز فريق عمل يقود المرحلة بمشروع متكامل . هاته الورقة المعدة للنشر هي خلاصة مركزة لنقاشات الاتحاديين داخل اللجنة التحضيرية حول أسئلة و إشكالات التنمية السياسية ، مداخل الإصلاح ، الإعلام الحزبي و أسئلة التنظيم الموضوعية بدون مصطلح «الحارقة» .. و محاولة للإجابة على عميق الكلام .. بلا مداورة أو مداراة .. محكومة بمنطق التحليل الملموس للواقع الملموس .. رحم الله زعماءنا و منظرينا و كبارنا في هذا الحزب الكبير الذين علمونا الرؤية السديدة بدل النظرة الحولاء........ إنتاج الثروة و «ربح» التوتر الاجتماعي .. ماهي الأسئلة المطروحة على آسفيالمدينة و الإقليم .. ؟ كيف هي طبيعة التحديات و مستوى الرهانات المطلوب التعامل معها بعمق و موضوعية حتى تأخذ المنطقة مسارها و طريقها نحو التنمية الحقيقية .. هل توجد نخب حقيقية تستطيع بناء و تنزيل استراتيجية محلية تروم الإصلاح و تتبنى خارطة طريق بمداخل ديمقراطية اجتماعية ثقافية و سياسية أيضا .. ؟ .. كيف هي الحياة السياسية في آسفي .. و من هم الفاعلون السياسيون الذين يصنعون «الحدث» الاقتصادي من منطلق تدبير مؤسسات الشأن العام .. هل تاريخ المدينة و موقعها في الخريطة التقدمية و النضالية كفيل باستعادة وهجها .. خصوصا إذا علمنا أنها ظلت نقطة جغرافية مغربية تنتج الثروة و تصنعها و تغذي خزينة الدولة بالعملة الصعبة .. و مع ذلك لا تستفيد ولا «تربح» سوى التوترات و القلاقل التي تهدد السلم الاجتماعي.. ؟ حزب الاتحاد الاشتراكي في آسفي كانت مقاربته و ما تزال واضحة موضوعية عميقة ملمة بكل الإشكالات و الأعطاب و الإهانات المباشرة التي تمس المجال بحجره و بشره .. الاتحاد الاشتراكي و مناضلوه.. تصورهم للديمقراطية المحلية ينبني على أصوات نظيفة يفرزها صندوق الاقتراع .. و الأفضلية للفاعل السياسي و الحزبي الذي يحترم قواعد اللعبة الديمقراطية و ينضبط للمواضعات الأخلاقية و التاريخية في هذا الصدد .. التاريخ يرفض الرداءة و لا يلتفت إلى الإمعات .. آسفي في العقدين الأخيرين حوصرت بنخب فاسدة سليلة «مختبرات» الإدارة الترابية .. لا تتمتع بأية استقلالية و لا تفرض احترامها على الناس .. نخب و نقول نخبا تجاوزا .. تشتغل على مصالحها و تنتظم في لوبيات همها الوحيد هو الاغتناء الصريح و الإفساد السياسي .. و كل الشعارات و المفاهيم المؤثثة لفلسفة التغيير و الإصلاح تبقى كلاما في الهواء يصلح للاستهلاك فقط في الحملات الانتخابية .. و بعدها ارتداء «كبّوط» الفساد ... الحياة السياسية الفاسدة في آسفي تؤثر في كل شيء .. هي التي تصنع الأعطاب و تفرغ كل مشروع إصلاحي قادم من الدولة أو الخواص .. تضعفه تنخره تقتله في المهد .. مقالع الرمال و التحكم في المؤسسات التمثيلية يفضي إلى صناعة خريطة سياسية و انتخابية محسوم في أمرها بقوة الريع و المال القذر المتحصل منه .. و لا أحد من رجال الإدارة الترابية المتعاقبين .. من رأس الولاية إلى أسفل قيادة .. استطاع قطع أرجل الأخطبوط .. ! الاتحاد الاشتراكي انتقد هاته السياسات بكل الوضوح الممكن و طيلة سنوات عبر وسائل إعلامه و بمواقف مناضليه .. لكن الأكمة و الغابة و امتدادات الفساد بقيت كماهي .. إن لم نقل تسرطنت و تغولت حتى باتت عصية عن المواجهة .. لا يمكن لمدينة تاريخية .. أن تسقط في براثن نخب مهلهلة تنتصر للبدونة و الترييف و النخب الحقيقية مقصية مهمشة .. الإشارات التي خرجت عشية الحراك الشعبي منذ سنة 2011 كافية و مقنعة لصانع القرار .. بضرورة طرح السؤال .. لماذا الاحتجاجات و الاعتقالات و حرق مؤسسات الدولة و تخريبها .. مع العلم أن آسفي فيها الثروة الصناعية و المعدنية و البحرية و الغابوية .. بمعنى آخر تتوفر على كل شروط الاستقرار .. هل المشكل في التدبير العمومي و قصور في تنزيل السياسات العمومية .. هل المشكل فيما سلف ذكره من زرع و توطين و رعاية فاشلين فاسدين و لقطاء سياسة في المجال العمومي .. الأجوبة سيناقشها الاتحاديون في مؤتمرهم الإقليمي السادس .. و حتما سيضعون الخلاصات أمام الرأي العام بكل الدقة المطلوبة و عمق التحليل الرصين .. بشأن الحياة السياسية الراهنة.. يقول الاتحاديون في الورقة السياسية التي أعدوها للتداول في المؤتمر .. إن الوضع السياسي بالإقليم في المرحلة الراهنة يتميز بخصائص متعددة ومتداخلة مع الوضع السياسي العام بالمغرب من أهم سماته.. ما يلي .. يمر الإقليم منذ عدة سنوات بتحولات اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية كبرى. فعلى المستوى السياسي أصبح هَمُّ «السياسة» هو تقليص دور الجماعات المحلية والتخلي عن دعم وتطوير مستوى الخدمات الاجتماعية ( ماء ،كهرباء، تطهير السائل والبيئة ، النقل المواصلات ..) اثر الهجوم الكبير» للوبيات الفساد والريع «على جل المؤسسات المنتخبة باستعمال المال القذر المتحصل من سرقة الرمال في المقالع العشوائية تحت أنظار أجهزة الدولة .. هذا المال القذر يستعمل في صناعة خريطة انتخابية على مقاس اللوبيات المذكورة و دعم و تواطؤ بعض رجال الإدارة المتعاقبين على المسوؤلية .. يوازي ذلك و يؤطره .. عقلية نهب المال العام عبر التسويغ القانوني للبيع وتفويت الأراضي و مقالع الرمال والممتلكات الجماعية والتلاعب في الصفقات العمومية والبحث عن المنافع الامتيازات الشخصية من طرف نافذين و ممثلين للأمة من شمال شواطئ البدوزة إلى جنوبالإقليم على حدود جماعة المعاشات . لقد تفاقمت وازدادت مظاهر اللامساواة و الإقصاء الاجتماعي وتدهورت البنية التحتية .. وتم ترييف حواضر الإقليم وانتشر البناء العشوائي كنتيجة لضعف اليات تفعيل مخطط إعداد التراب الذي انطلق في عهد وزارة إعداد التراب الوطني التي اشتغل عليها والمضاربة العقارية ، كما تدهورت أوضاع سكان المدن والقرى و الموظفين والعمال بالموازاة مع سوء التسيير وتدهور الأوضاع المالية للجماعات الترابية بنحو لافت للنظر. كل المؤشرات تدل بوضوح أن إقليم أسفي يعيش ظروفا حاسمة و مفصلية في الوقت الراهن .. برهنت الأحداث في السنوات الثلاث الأخيرة أن الأغلاط و سوء التقدير في بناء سياسات عمومية حقيقية لدى المتعاقبين على تدبير الشأن العام سلطة تعيين كانت أم سلطة انتخاب يدفع ثمنه الإقليم و المدينة .. إن الوضع السياسي في الإقليم يراوح مكانه و يمعن في أعطابه .. و السبب مرتبط بآليات صناعة القرار و مداخل إنتاجه و طبيعة النخب المشرفة على تنزيله . الالتفاف على الديمقراطية المحلية و انعدام الالتزام السياسي لممثلي الأحزاب في التعامل مع الشأن الإقليمي وهيمنة تيار ما يسمى بالأعيان و لوبيات الفساد و اقتصاد الريع على مراكز اتخاذ القرار السياسي في جل الجماعات الترابية بالإقليم.. قاد تجربة الديمقراطية المحلية إلى العجز و الفشل .. الحاجة إلى إعلاء مفهوم و مبادئ التدبير الديمقراطي العقلاني أمر لا محيد عنه في تقدير حزب الاتحاد الاشتراكي . التفكير بصوت مسموع .. الاتحاديون في آسفي لهم وجهة نظرهم في وسائط الإعلام و وسائله و لاشيء يستثنى من النقاش .. قالوا إن الإعلام يرتبط اليوم بالثورة العلمية والمعلوماتية الجديدة التي تكتسح العالم منذ بداية التسعينيات، المترابطة مع العولمة ومعظم التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتلاحقة .. التي اخترقت المجتمعات وجعلتها اكتر اندماجا على الأقل سبرنطيقيا و افتراضيا ، وساهمت في انتقال المفاهيم والقناعات بين الثقافات والحضارات ،وكذا تعرض الإعلام التقليدي لهزة قوية تراجع معها نفوذه و تأثيره وحل محله إعلام مطلق متحرر من القيود المؤسساتية والبيروقراطية .. و في الآن نفسه عصي على الانضباط للمواضعات الأخلاقية و المرجعيات المهنية في هذا الصدد اعتبر الاتحاديون الإعلام بنوعيه التقليدي والحديث من بين الوسائل والقنوات الأساسية لنشر وإيصال الخطاب السياسي ووسيلة اساسية للتواصل والتعبئة السياسية سواء في الزمن الانتخابي أوفي الزمن السياسي العام. وحزبنا يمتلك منبرين إعلاميين مهمين على الصعيد الوطني.. تتابع الورقة السياسية.. غير أنه توجد ضرورة ملحة لإنشاء منبر الكتروني محلي قادر على التعاطي مع القضايا المحلية بشكل مباشر ودائم. إقليم أسفي عانى أيضا من التهميش الإعلامي ومن ضعف التغطية الإعلامية المخصصة له في الإعلام العمومي ومن ندرة المواد المنشورة عنه و المرصودة للتعريف بمؤهلاته ومشاكله في الجرائد الوطنية و في جرائد الحزب .. و بالمقابل سجلوا نزوعا من طرف المناضلين .. يتعاطى مع الجرائد الأخرى دون قراءة و مطالعة جرائد الحزب و هذه حقيقة باتت أقرب إلى « القاعدة « النضالية و التنظيمية .. كما يعاني الإقليم من سوء الصورة المسوقة له من طرف الأقلام المأجورة والمنابر الإلكترونية الصفراء المستعدة لطمس الحقيقة و قتلها . لقد بات من الضروري.. يختم الاتحاديون في هذا الصدد ، توسيع مشاركة المناضلين والمناضلات في العمل الإعلامي وفتح الباب أمامهم لنشر أفكارهم وآرائهم وأنشطتهم السياسية والاجتماعية والثقافية في إطار التعاون مع مكتب الإعلام الجهوي الخاص بجريدتي الاتحاد الاشتراكي ولبراسيون وفي موقعهما على شبكة الانترنيت . المؤسسات التمثيلية .. لا نختلف اليوم على أن الحزب يعاني خلال هذه المرحلة من ضعف وغياب أي تمثيل له على مستوى بعض المجالس الحضرية وان كان يتوفر على تمثيلية ضعيفة داخل باقي الجماعات الترابية كمجلس الجهة والمجلس الإقليمي و بعض الغرف بالإضافة إلى تسييره لبعض الجماعات القروية. إن هذا الضعف وان كانت له أسباب عديدة ومتداخلة ذاتية وموضوعية وطنية ومحلية ،رصدها المقرر التركيبي ، فان له اثر سلبي كبير على تتبع الحزب لقضايا الشأن المحلي العام بالإقليم إذ أصبح الحزب معزولا عما يجري داخل الجماعات الترابية و غاب موقفه عما يتخذ من قرارات مصيرية لها تأثير خطير على مستقبل التدبير الديمقراطي للشأن العام المحلي وعلى المواطنين. إن واقع الحال يعكس ضعف أدائنا التنظيمي و السياسي خلال المرحلة السابقة وخاصة منذ 2007،واستمرار هذا الوضع مستقبلا ستكون له من دون شك آثار سيئة على مستوى التنمية الديمقراطية وعلى الحزب بالإقليم. لذلك .. مطلوب من المناضلين و المناضلات .. الانكباب على دراسة هذه الوضعية بشكل مسؤول و دقيق وإيجاد الحلول و البدائل الملائمة لمعالجتها . كما المطلوب .. بحث الصيغة التي تمكننا من تتبع سير عمل الجماعات الترابية وإيجاد الطريقة الملائمة لتصريف موقف ورأي الحزب من القرارات المتخذة من قبل هذه الجماعات. ولا تفوت الإشارة ..إلى أن إقليم أسفي غني بالأطر الوطنية النزيهة والجادة المؤمنة بالمشروع الوطني الديمقراطي الحداثي .. التي تنتظر التواصل معها وفتح الباب أمامها للعمل السياسي المنظم والمنضبط على أسس الحوار الديمقراطي لمواجهة الفساد السياسي و توظيف الدين والمال القذر في الحياة السياسية. أسئلة التنظيم أو الوقوف أمام المرآة .. تضطلع الآلة التنظيمية بمهام مركزية داخل الحزب على اعتبار أنها جسر رابط بين الاتحاد الاشتراكي والمجتمع .. وهو القناة الرئيسة التي من خلالها يمكن تصريف برامج الحزب وتفعيل خطه السياسي. معلوم أن المسالة التنظيمية كانت و ما تزال موضوعة على رأس الأولويات داخل تنظيمنا السياسي اليوم .. وحظيت دوما بمكانة هامة في نقاشاتنا ،وكانت باستمرار موضوع تفكير وتأمل . تنظيم سياسي مبني على القرب.. انتهى الملتئمون في اللجنة السياسية إلى خلاصات بسيطة مفادها .. إن حزبنا لا يستطيع أن يؤدي رسالته إلا على قدر قوة تنظيماته المحلية،وتبعا لدرجة وعي مناضلاته ومناضليه ودرجة قربهم وتواصلهم مع المواطنين. إننا جميعا واعون لخطورة الاختلال التنظيمي ونتائجه السلبية على استقبال واندماج الطاقات الحية الحاملة للمشروع الاشتراكي الديمقراطي بالإقليم. إن بناء الأجهزة الحزبية بالإقليم على أساس الديمقراطية والتلاحم والتضامن بين القيادة والقاعدة وعلى أساس القرب والوظيفية .. المأسسة و التعاقد والمحاسبة، بشكل يحقق الدفاع عن خطوط الحزب المقررة، ليزيح من طريقنا المبادرات الفردية، والجمود والتخبط السياسي والتنظيمي،مع الأخذ بعين الاعتبار الانفتاح على الفئات الاجتماعية الجديدة التي افرزها التطور الاقتصادي بالإقليم وان نخلق مناضلين من طراز جديد،متوفرين على وسائل التكوين النظرية والعلمية ..التي بدونها لا يستطيعون أداء مهام الاتحاد بصفة جدية وسط المواطنين ..فالحزب يجب أن يصبح مدرسة لتخريج الأطر والمدبرين المسيرين الأكفاء. إن تفعيل مبدأ القرب سيساهم في مزج اهتمامات الحزب ومثله العليا وأهدافه المرحلية باهتمامات المواطنين. إن تدعيم مبدأ الماسسة.. لهو الضمانة الفعلية للتمييز بين وظائف وصلاحيات كل جهاز حزبي و تحقيق التوازن والتكامل بين الأجهزة المركزية والجهوية والإقليمية والمحلية، إن العصر الذي نعيش فيه عصر مؤسسات لا شيء ايجابي يمكن تحقيقه في الفوضى،وعدم تحديد الأهداف والوسائل بالضبط . إننا إن عملنا على بناء أداة تنظيمية وفقا لهذه المبادئ والمرتكزات سنخرج الحزب من عزلته ونجعله قادرا على التوفر على قوة جماهيرية منضبطة ومنظمة قادرة على تحقيق وبلوغ الأهداف المرسومة من قبل أجهزته الوطنية والمحلية.