كأنه لم يقتل زوج عشيقته. وكأنها لم تضح بشريك عمرها من أجل نزوة. الآن يقف الاثنان خلف أسوار السجن لايفكران إلا في أن يتزوجا... نعم.. يفكران في الزواج وبراءة الاطفال في عيونهما.. فمن هما وما حكايتهما؟ آمال.. زوجة شابة لم تتجاوز العشرين من عمرها بعد. تمكن منها الشيطان وسلبها عقلها، وحولها الى دمية قاتلة أقدمت على ارتكاب جريمة بشعة بدون أن يرف لها رمش. كانت تعيش حياة زوجية هادئة ومستقرة مع زوجها وطفلها إلى أن اقتحم الشيطان حياتهما في صورة شاب وسيم أسقطها في شباكه وصيدها بكلماته المعسولة حتى لم تعد تستطيع الابتعاد عنه. نسيت آمال نفسها. وتناست زوجها وطفلها ولم تعد ترى سوى عشيقها. وأصبح كل تفكيرها منحصرا في لحظات المتعة التي تعيشها بين احضانه. وعندما شعرالزوج بما يدور من حوله وبدأ يضيق الخناق حول زوجته ومنعها من مقابلة عشيقها، قررت التخلص منه وإزاحته عن طريقها واتفقت مع عشيقها على قتل زوجها وشريك عمرها.. وهو ماحدث بالفعل . العشيق الذي حول الحياة الى جحيم منذ اللحظة الأولى التي رآها فيها، خفق قلب منير بالحب نحو "آمال"، وقررالتقدم لخطبتها. ورحب أهلها بالعريس الذي يتمتع بأخلاق طيبة وينتمي إلى اسرة عريقة. لم تمض سوى بضعة أشهر وتم الزواج الذي أثمر طفلا جميلا زاد من تقارب الزوجين الشابين.خلال تلك السنوات لم تنطفيء نار الحب في قلب الزوج الذي كان يفعل كل مايستطيع من أجل إسعاد زوجته. فلم يكتف بعمله كمدرس في إحدى المؤسسات الاعدادية. فجمع كل ما ادخره وافتتح سوقا ممتازا صغيرا في الحي. وصار يقضي يوما بأكمله بين عمله في المدرسة والسوق. وأصبح يحرم على نفسه الراحة. وعلى الجانب الآخر كان الوضع مختلفا عند الزوجة. فبدلا من ان تشعر بزوجها وبما يكابده، بدأت تشعر بالملل لبعده عنها ولابتعاده طيلة اليوم عن البيت حتى لو كان ذلك من أجلها. ومن أجل ذلك انطفأت كل المشاعر الحارة لديها تجاهه وأصبحت تعامله بمنتهى اللامبالاة.وتطورت الأمور بظهور "عادل" وهو شاب في مقتبل العمر في الثالثة والعشرين. ورغم أنها كانت أكبر منه بعامين الا أنها استسلمت تماما لنظراته واستجابت لأول نداء . محل السجائر الذي قاد الى الخطيئة كان "عادل" يقطن في منطقة بعيدة من منطقتها ولكنه رآها ذات يوم وهي تقف في محل زوجها الذي خرج ليشتري بعض البضائع الخاصة به.جاء ليشتري علبة سجائر فتحدث معها.. وطال الحديث وعندما شعر بميلها له أصبح يمر عليها يوميا حتى وقعت في مصيدته أو مصيدة الحب المحرم ومرة بعد أخرى، استدرجها إلى منزله لقضاء ساعات من الحب ولكن عندما بدأ جيرانه يعلنون تذمرهم من تردد هذه المرأة عليه، اقترحت عليه اقتراحا شيطانيا يتمثل في نسج علاقة مع زوجها حتى يستطيع التردد عليها في منزلها دون أن يشك أحد في أمرهما. وتماديا في تفكيرهما الشيطاني. وبدأ "عادل" يحضر معه بعض الحبوب المخدرة لعشيقته لدسها لزوجها وطفلها في الطعام قبل حضور عشيقها بوقت مناسب ليأتي "عادل" ويجد كل شيء متاحا لممارسة حبه المحرم في منزل الزوجية. فجأة تحولت النزوة العابرة إلى حب حقيقي في نفس "عادل" و"آمال "وأصبحا لايطيقان البعد عن بعضهما البعض.ولذلك قررا أن يزيحا كل العقبات التي يمكن أن تقف في طريقهما ليتزوجا .وهنا تحول الحب إلى شيطان يبيح لهما القتل. نزوة عابرة انقلبت الى حب غير طبيعي عكف عادل يخطط لجريمته بإتقان على أمل أن تكون جريمة كاملة. وفي الليلة المحددة ذهب الى منزله وتعمد أن يتحدث الى الجيران ويسامرهم ثم ينصرف إلى شقته بعد أن أخبرهم أنه مجهد وسينام حتى الصباح. وعندما هدأت الحركة في منتصف الليل.. ارتدى ملابسه واستقل سيارة نقل كان قد أعدها للمهمة التي سيقوم بها في تلك الليلة.وعندما وصل إلى منزل العشيقة كانت هي الأخرى قد قامت بالجزء الخاص بها في الجريمة وهو تخدير الزوج.. وبالفعل حمل الزوج وألقاه في السيارة ثم انطلق به إلى منطقة نائية حيث انزله و انهال عليه طعنا حتى لفظ انفاسه الأخيرة وتركه ثم عاد مسرعا إلى بيته. وفي الصباح توجهت الزوجة الى قسم الشرطة لتبلغ عن غياب زوجها حتى تتنصل من المسؤولية، وأمام المحقق قالت لقد خرج زوجي بالأمس منذ الصباح الباكر متجها إلى عمله ولكنه لم يعد حتى الآن.. وتم تحرير محضر بالواقعة وانصرفت الزوجة. ولأن الجريمة الكاملة لم تقع بعد فإن الخيوط دائما تتشابك لتصل إلى الحقيقة.رجال الأمن كثفوا تحرياتهم وصولا إلى الزوج الغائب. وأفادت التحريات أن هناك شابا دائم التردد على منزل الزوج الغائب منذ أن تعرف عليه قبل اختفائه بأسابيع قليلة، وأن هذا الشاب انقطع نهائيا عن التردد على المنزل فور اختفائه.وأكد بعض الجيران أنهم شاهدوا هذا الشاب أمام المنزل في نفس ليلة اختفاء الزوج . جريمة غير كاملة .....؟ في نفس الوقت توصل رجال الأمن الى جثة مجهولة بإحدى المناطق النائية في حالة تعفن. وعند مقارنة بصماتها ببصمات كل الاشخاص الذين تم الابلاغ عن اختفائهم، جاءت مطابقة لبصمات تنطبق مع بصمات الزوج الغائب .وعندئذ قام المحققون باستدعاء الزوجة للتعرف على جثته . فإذا بها تتظاهر بالانهيار والبكاء حزنا على زوجها ووالد طفلها، الا أن هذه التمثيلية لم تفلح مع محققين خبروا دموع التماسيح الذين أدركوا أنها كاذبة لأنها قالت في أقوالها أن زوجها ارتدى ملابسه في الصباح متوجها الى عمله ولم يعد إلا أن زوجها عند العثور على جثته كان يرتدي منامة ، مما يشير إلى قتله داخل منزله أو تخديره ونقله إلى مكان آخر للتخلص منه. وكان هذا هو أول خيط يشير الى تورط الزوجة في الجريمة.أما الدليل الثاني فكان ماجاء به تقرير الطب الشرعي الذي أثبت بعد تشريح الجثة وجود بقايا مادة مخدرة في أمعاء الزوج وهنا جزم رجال الأمن بتورط الزوجة في تخدير زوجها حتى يتسنى للقاتل نقله الى خارج المنزل والتخلص منه. وكانت نقطة الحسم عندما استطاعوا التعرف على شخصية الصديق الذي كان يتردد على منزل الزوج يوميا ألا وهو عادل الذي تناثرت شائعات تفيد بوجود علاقة بينه وبين زوجة القتيل ، وعندما ذهب رجال الأمن في غيابه لمنزله وسألوا والده ووالدته عن تحركات ابنهما في الليلة التي وقعت فيها الجريمة دون أن يخبروهما بما حدث ، أفادا بأن ابنهما حضر حوالي الثامنة مساء ودخل الى غرفته ثم انصرف في حدود منتصف الليل وعاد وهما يتأهبان لصلاة الفجر. وعندما واجه رجال الشرطة الزوجة والعشيق بكل هذه التحريات لم يقدرا على الانكار ، حيث اعترفا بكل التفاصيل.. ولكنه أكد أنه مازال يحبها ومن أجل هذا الحب ارتكب أبشع جريمة من أجل أن يتحقق هذا الزواج لكنه لم يكن مستعدا لدفع الثمن فيما كانت الزوجة شاردة غارقة في تفكير عميق، وزائغة النظرات، وكأنها تتخيل المصير الذي ينتظرها ، وينتظر كل زوجة خائنة فقد كان حكم الإعدام مصيرهما .