رغمَ نَسبي لشجرةِ التين وحليبِ أغصانها المُر تحت لساني. أنا لا أكبر. لكنَّ الماء في قلبي كان كافيا لنمُوِّ أصابع تم نسيانها عمدا على جلدي ومثلَ طفحٍ أسود يعرفُ كيفَ يَضمنُ عبورهُ إلي، ظلتْ تحفرُ وتأكلُ لحمي وتكبر. هذهِ الأصابعُ المنسية التي تنخرُ عظامي بسمِّ أظافرها هي كل ما يكبر بداخلي هي ما يجعلني أتآلفُ مع أرضٍ غُرِسْتُ فيها بالخطأ وأصافح بدمي أصابع تسقيني بالأذى هي ما سيجعلُ ارتطامي أقَلّ دوْيا مثلَ آخرِ سِنّ حليبيّ في فَم العالم لا يحتاج أن يهزه أحد كي يسقط. **** أنا لا أكبر لأنني أؤمن أن الأمْر لنْ يَسوءَ أبَدا إنْ تَراخى حبل الحياة وارْتفعَ مُستديرا باتِّجاهِي أتوقعُ بأنني لَنْ اقفِز بل سَأسقط كاملة الضَّوءِ كنجمة تدفع من يشهد سقوطي إلى التَّمَنِّى. **** أنا لا أكبر لأن الذين أحبهم، وأمنحهم أعماقي مخبأ لإخفاء عيوبهم، يأتي يوم يَفِرُّون من عيني أنقياء قطرة قطرة **** أنا لا أكبر لأنني أرى أن الحشرة الصغيرة على سقف غرفتي لا تراني إلا شيئا أضخم يمشي على سقفها. لا أكبر لأنني لا أفهم كيف لعيوننا أن تحافظ على حجمها الصغير رغم كل ما تراه ! **** أنا لا أكبر… إلا لأخبركم عن تلك الطفلة التي كانت تقضم مِعْصَمِها لترسم بأثر أسنانها دائرة الوقت وتعرضها بضحكةِ مَن صار يملك كل شيء دون أن تفكر ولا مرة أنها تروض الزمن كيف يمعن في عضها. **** ما زلتُ أنتظرُ أن أكبر لأخبركم أنّي حينَ أشرفتُ على الثامنة والعشرين نفسُ العمرِ الذي خُطِف فيه رياض الصالح الحسين كنتُ ما أزال أمسحُ جبيني بعنف مقتنعةً أنني بذلك أغيرُ قدري وأنّ الشاعر لا يموت.