(و.م.ع) يحتل القطاع السمعي البصري في البرازيل مكانة بارزة في المجتمع، وخاصة قطاع التلفزيون، الذي تتوفر منه البلاد على مئات القنوات والشبكات الإعلامية، التي تنتمي إلى القطاعين الخاص والعام. وتسعى باقة البرامج المتنوعة، التي تقدمها القنوات التلفزيونية في هذا البلد الجنوب أمريكي، إلى تغطية مختلف الموضوعات بغاية تلبية رغبات جمهور واسع ومتعدد المشارب، معروف بكثرة انتقاداته وصعوبة إرضائه. غير أن هناك بعض وسائل الإعلام التي تعتمد بشكل كبير على الحكومة، وبالتالي لا تتمتع باستقلالية واسعة، مما يحول دون تمكنها من تحديد معالم خطها التحريري. وفي هذا السياق، يقول الصحافي، لامع الصمعلي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن التلفزيون في البرازيل، سواء أكان عموميا أم خاصا، يوجد تحت سيطرة الحكومة الاتحادية، مشيرا إلى أن معظم القنوات تتناغم مع مواقف الحكومة. ويضيف أن بعض وسائل الإعلام، لاسيما تلك المحسوبة على القطاع العمومي، تبدو وكأنها الناطقة الرسمية باسم الحكومة من خلال ترويج خطاباتها وتصوراتها وتوجهاتها لدى الرأي العام. ويعتبر الصمعلي أن هناك عددا قليلا من المؤسسات الإعلامية التي تقف في صف معارضة القرارات والمبادرات التي تقوم بها الحكومة وذلك لوجود ارتباطات مادية، لاسيما ما يتعلق بالإشهار والإعلانات. ومع ظهور التلفزة الرقمية، يضيف، تم إحداث عدد من المحطات بهدف خدمة مصالح فئات مجتمعية، تتميز بخصوصياتها وسماتها الخاصة، وأيضا للمساهمة في نشر المعلومات بين هذه الفئات مع إيلاء اهتمام خاص للأخبار ذات الطابع المحلي. ومن جهتها، اعتبرت الصحافية إليانا خورخي أن القطاع السمعي البصري في البرازيل، يتميز بتعدديته وتنوعه، حيث أن هذا البلد الجنوب أمريكي يعج بالعديد من القنوات التلفزيونية والشبكات العمومية والخاصة ومحطات التلفزيون الجهوية، والقنوات الموضوعاتية، وكذلك القنوات البرلمانية والحكومية، وهو ما يكفي لتلبية جميع الأذواق. وبالإضافة إلى ذلك، تقول إليانا خوخي «من وجهة نظري، فإن شبكة «غلوبو» وخاصة في شقها التلفزيوني، تمكنت من الوصول إلى جزء كبير من البرازيليين، البالغ عددهم أزيد من 200 مليون نسمة، واستطاعت التأثير في نمط حياة المجتمع البرازيلي». وأوضحت أنه «خلال العقد الأخير ومع تنامي ظاهرة التبشير في أوساط العديد من الطبقات الاجتماعية، على حساب التيار الكاثوليكي المتراجع نسبيا في البرازيل، بدأت القنوات المتخصصة في هذا المجال تستقطب جمهورا واسعا، وبالتالي أصبحت تشكل منافسا حقيقيا لقناة «غلوبو» في كسب نسبة كبيرة من المشاهدة». وأضافت أن الكنائس التبشيرية ما فتئت تكسب اهتمام البرازيليين من خلال حملات دعاية واسعة تعتمد استخدام وسائل تواصل حديثة لكسب التعاطف، ومن بينها التلفزيون. وتعود الأيام الأولى للتلفزيون في البرازيل إلى سنة 1950، تاريخ إطلاق رجل الأعمال والصحافي أسيس شاتوبريان، من ساو باولو، لشبكة «توبي» كأول محطة تلفزيونية كانت تبث باللونين الأسود والأبيض. وفي سنة 1970 أصبح التلفزيون يبث بالألوان، ومن ذلك الحين شهد تطورا في جميع أنحاء البلاد ليصبح مصدرا رئيسيا للأخبار بالنسبة للبرازيليين. وتم الانتقال من التلفزيون التناظري إلى الرقمي في حدود سنة 2007 . وفي البرازيل، تشكل شبكة «غلوبو» الخاصة، والتي تستحوذ لوحدها على 50 في المائة من السوق المحلية وتسجل أعلى نسب مشاهدة، أهم القنوات التلفزيونية بالبرازيل، متبوعة ب «إي بي تي» و«ريكورد» «بانديرانتيس» و «ريدي تي في». كما أن حضور المسلسلات الروائية في الإنتاج التلفزيوني البرازيلي يعتبر ضروريا ولا محيد عنه، كما تحظى المسلسلات بمساحة كبيرة من بين البرامج المقدمة، كما هو الشأن بالنسبة لمسلسل «كلوني» (المستنسخ) الذي عرف البرازيليين على جوانب من ثقافة المغرب ومدنه العريقة حيث تم تصوير جزء من هذا المسلسل. وقد تم بث هذا المسلسل لأول مرة ما بين سنتي 2001 و2002 بعد أخبار الساعة الثامنة مساء وحقق نسبة مشاهدة قياسية فاقت 50 مليون مشاهد يوميا. وتشكل هذه المسلسلات، بالإضافة إلى نشرات الأخبار، ذروة المشاهدة على أرض عملاق أمريكا الجنوبية. ولعل تعدد وسائل الاتصال والتواصل في البرازيل يجد تفسيره في التعددية الثقافية التي تميز هذا البلد الذي تتعايش فيه ساكنة تنحدر من جذور أوروبية وإفريقية إضافة إلى السكان الأصليين.