احتضنت مدينة سطات، عاصمة الشاوية ورديغة، على مدى ثلاثة أيام، انطلاقاً من 20 يونيو 2014، فعاليات المهرجان الوطني الرابع للوتار المنظم من طرف جمعية المغرب العميق لحماية التراث. هذه الدورة التي عرفت إقبالا جماهيرياً كبيراً، فاق 80 ألف مواطن ومواطنة حضروا من داخل أقاليم الجهة وخارجها، نظم تحت شعار: «التراث في خدمة الهوية الوطنية»، كما تميز بالندوة الفكرية التي أطرها باحثون في مجال التراث بعنوان: «موسيقى لوتار، الروافد والامتدادات» شارك فيها الأساتذة ادريس الكايسي، توفيق حماني، عياد السبيعي، حيث كانت المناسبة لتسليط الضوء على هذه الآلة التي ينفرد بها المغرب، والمراحل التي مرت منها هذه الآلة الوترية وغيرها من النقاط التي تنبش في ذاكرة وحاضر لوتار. الدورة الرابعة، أيضاً، عرفت الاحتفاء بالأشياخ، حيث تم تكريم الفنان محمد مغني الذي يعتبر ذاكرة اللحن الأمازيغي الحزين، الذي حمل آلته الوترية كل حزنه ومثل صوت الهامش المغربي، واستحضر بحنجرته الفريدة الثقافة الأمازيغية الراقية في كل أغانيه. وكرمت جمعية المغرب العميق لحماية التراث أيضاً الشيخ ميلود الداهمو الذي يعتبر ذاكرة العيوط، وهو أحد أعمدة العيطة الحصباوية. ويعتبر إلى جانب الفنانة عيدة والفنان جمال الزرهوني وغيرهما من بين حفظة المتن العيطي الحصباوي، كما تم تكريم الفنان أحمد بوجمل، الذي عشق صناعة آلة لوتار بجميع أنواعه. المهرجان الوطني الرابع، الذي غابت عنه وزارة الثقافة، وتنصلت من المشاركة فيه، كمادأبت على ذلك، وبذلك أدارت ظهرها لثقافة الهامش الذي يعد المكون الأساسي للهوية الوطنية، يثير أكثر من سؤال حول هذا الانزياح وحالة الشرود هاته للقيمين على السياسة الثقافية والفنية في المغرب، في الوقت الذي حضر فيه كبار الفنانين في هذا المهرجان، مثل الشيخ جمال الزرهوني وشقيقه الشيخ عابدين الزرهوني ومجموعة خوت لعلام وعبد الرحيم الرواسي والنجم الصاعد، الذي يتنبأ له الجميع بأنه سيكون فناناً عملاقاً نور الدين أورحو، ومجموعة الشرفاء البهالة المير، ومجموعة البهالة اللوز ومجموعة أولاد مولاي أحمد ومجموعة شباب امزاب ومجموعة الكازار، والفنان الحسين بودراع "Mon frère" والفنان رويشة الصغير. ومن الأقاليم الجنوبية، شاركت مجموعة أسا للطرب الحساني، بالإضافة إلى المجموعة الفنية المتألقة «خوت لبصير» وحسن الضاحي، ومن تارودانت، حضرت مجموعة بحاير الدالية النسائية. وعرفت الدورة أيضاً إدخال آلة القانون مع لوتار، حيث شكلت هذه التجربة سابقة في إطار التجديد والبحث، والتي قادها الفنان جمال الزرهوني. وقد صرح لجريدة «الاتحاد الاشتراكي» عبد الله الشخص رئيس جمعية المغرب العميق لحماية التراث، أن هذا المهرجان يأتي بعد رد الاعتبار لهذه الآلة وممارسيها وتألقها جهوياً ودولياً، لكونها رافقت أجيالا من أشياخ ورواد العيطة بمختلف أشكالها وأنواعها، وذلك بتكريمهم خلال الدورات السابقة. إذ أبانت هذه الدورات عن تأصل هذه الآلة في الموروث الثقافي والفني المغربي الذي جعل منها أرضية خصبة لاستمرارية هذا العرس السنوي للاحتفاء بآلة لوتار وروادها، الذين ساهموا على مدى عقود في تطويرها. جلال كندالي، الكاتب العام لجمعية المغرب العميق وحماية التراث، أوضح في تصريح له لجريدة «الاتحاد الاشتراكي» أن الجمعية تثوق لكي يتحول هذا المهرجان من وطني إلى دولي، موضحاً أن على الحكومة أن تتبنى ثقافة الهامش التي تشكل أحد الأسس للثقافة المغربية، خاصة وأن آلة لوتار من حيث الشكل والوظيفة أيضاً صناعة مغربية بامتياز منذ قرون. كما أن الدستور المغربي الجديد ينص على ذلك، أي خدمة التنوع الثقافي. ويؤكد جلال كندالي، أننا نحلم بأن يكون لسطات موازينها لمَ لا، إذا ما تضافرت جهود كل الفاعلين والمعنيين بهذا الموضوع، خاصة وزارة الثقافة التي أخلفت الموعد هذه السنة. ويضيف الكاتب العام لجمعية المغرب العميق لحماية التراث ، أن الجمعية آلت على نفسها خدمة هذه الآلة وروادها من الأشياخ، كما تتطلع إلى إعادة الاعتبار لهذا المجال الفني الذي يريد البعض أن يصنفه في خانة اللافن.