احتفل المجتمع الدولي ومنظمة الصحة العالمية يوم 31 ماي من كل سنة باليوم العالمي لمكافحة التدخين من أجل التوعية والتحسيس، والتذكير بالمخاطر الصحية المرتبطة بتعاطي التبغ واستهلاكه. وتدعو بالمناسبة كل الدول الى وضع سياسات ومخططات فعالة للتوعية المجتمعية والحد من استهلاك التدخين، لما يسببه من أمراض خطيرة تؤدي الى الوفاة، بحيث يعتبر التدخين المسؤول حالياً عن وفاة شخص واحد بالغ من أصل 10 بالغين على صعيد العالم. فحسب دراسات طبية وتقارير المنظمة العالمية للصحة ، فإن وباء التبغ العالمي يودي بحياة ما يقرب من 6 ملايين شخص سنوياً، منهم أكثر من 000 600 شخص من غير المدخنين الذين يموتون بسبب استنشاق الدخان بشكل غير مباشر. وإن لم نتحرك اليوم فإن الوباء سيؤدي إلى وفاة أكثر من 8 ملايين شخص سنوياً بحلول عام 2030. وسيسجَّل ما يفوق نسبة 80% من هذه الوفيات التي يمكن تلافيها في صفوف الأشخاص الذين يعيشون في البلدان ذات الخل المتوسط والمنخفض . نفس الدراسات الصادرة عن هذه المنظمة الدولية تؤكد على أن التدخين يعد من العوامل الرئيسة المسببة للعديد من الأمراض مثل: سرطان الرئة، والنوبات القلبية، وضغط الدم والشرايين وضيق الأوعية الدموية، والانسداد الرئوي المزمن، وسرطان الفم وأمراض الأسنان. كما يؤدي التدخين إلى الإصابة بالعديد من الأمراض والأزمات الصحية، كالسكتة القلبية والجلطة الدماغية، والدرن الرئوي، فضلاً عن أمراض الشيخوخة والضعف الجنسي المبكر. . كما أن التدخين يسبب زيادة احتمالية الإصابة بأمراض القلب والسرطانات، خصوصاً سرطان الثدي، ويؤدي إلى زيادة احتمالية حدوث الإجهاض وحالات النزف وانزلاق المشيمة والولادة المبكرة وتسمم الحمل. ويؤدي إلى تناقص وزن الجنين، ويزيد من إمكانية حدوث هشاشة العظام، وعدم انتظام الدورة الشهرية، كما يؤثر على خصوبة المرأة. فإذا كانت الأمراض غير السارية تقف وراء 63% من مجموع الوفيات، فإن تعاطي التبغ هو من أكبر عوامل الخطر. وفي هذا الاطار يعتبر المغرب أحد أكبر البلدان المستهلكة للتبغ في المنطقة المتوسطية، حيث يستهلك ما يزيد عن 15 مليار سيجارة في السنة . كما يقدر انتشار التدخين بنسبة 18 % لدى المغاربة البالغين 15 سنة فما فوق، وبنسبة 41% تقريبا لدى الساكنة التي تتعرض للتدخين السلبي. وتدخل بلادنا عبر الحدود عشرات الآلاف من علب السجائر المهربة، وتحمل معها سموما مضاعفة وخطيرة على صحة الانسان، تباع في السوق السوداء وبالتقسيط في مختلف الأماكن في الأزقة والمقاهي والدكاكين بأسعار أقل من الثمن العمومي . ورغم ذلك تجني خزينة الدولة أزيد من 10 ملايير درهم سنويا من الضريبة على التبغ لكنها لا تبالي بأن ما يترتب عن استهلاك التدخين من خسائر تقدر بأضعاف ما تجنيه سنويا و أن الفاتورة الصحية الثقيلة جدا جراء الامراض التي يسببها التدخين بالمغرب تصل الى ملايير الدراهم سنويا فضلا عن المشاكل الاجتماعية. ولهذا الاعتبار الأخير وبمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التدخين لهده السنة 2014، تدعو منظمة الصحة العالمية إلى رفع الضرائب المفروضة على التبغ والحد من واستهلاكه من أجل إنقاذ الأرواح باعتبار أن زيادة الضرائب التي من شأنها زيادة أسعار التبغ بنسبة 10% تقلل استهلاك التبغ بنسبة 4% في البلدان المرتفعة الدخل، وبنسبة تصل إلى 8% في معظم البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وعلاوة على ذلك، فإن رفع ضرائب المكوس على التبغ يعد أكثر تدابير مكافحة التبغ مردودية. حيث أشار التقرير الخاص بالصحة في العام 2010 إلى أن رفع ضرائب المكوس المفروضة على التبغ بنسبة 50% سيولّد أكثر بقليل من 1,4 مليار دولار أمريكي من الأموال الإضافية في 22 بلداً من البلدان المنخفضة الدخل. وإذا خُصصت تلك الأموال للصحة، فإن الإنفاق الصحي الحكومي في تلك البلدان قد يزيد بنسبة تصل إلى 50%.. كما توصي المنظمة العالمية للصحة بتشجيع الأفراد ومنظمات المجتمع المدني لحكوماتهم على رفع الضرائب المفروضة على التبغ إلى مستويات تحد من استهلاكه. إن اليوم العالمي ليس يوما احتفاليا أو فلكلوريا كما أرادته الحكومة بقدر ما هو محطة للتقييم النتائج والانطلاق نحو الأفضل في تحسين المؤشرات الصحية وتدعيم وتعزيز اليات الوقاية والردع .فاليوم العالمي للامتناع عن التدخين في المساهمة في حماية أجيال الحاضر والمستقبل ليس فقط من العواقب الصحية المدمرة الناجمة عن استهلاك التبغ ، بل أيضاً من الآفات الاجتماعية والبيئية والاقتصادي لتعاطي التبغ والتعرض لدخان التبغ. وفي الختام يمكن القول إننا نجد أنفسنا اليوم من خلال هذه النتائج المخجلة أمام حكومة عاجزة عن تنفيذ القانون المتعلق بمحاربة والوقاية من التدخين، وتختبئ وراء الشعارات وترمي بالمسؤولية على جهات أخرى غامضة والضحايا والوفيات بسبب التدخين يزدادون سنة أخرى وتجار الموت البطيء ينفخون في حساباتهم بعشرات الملايير.