الوقفة الاحتجاجية للكتابة الاقليمية بميسور كشكل من أشكال إثارة الانتباه إلى الوضع الصحي بالإقليم تعيد إلى الواجهة الحديث عن الوضع الصحي بالمغرب خاصة في المناطق النائية. المحتجون أعلنوا استنكارهم الشديد لعدم تمكينهم من حقهم في خدمات طبية حيوية في هذه المنطقة المعزولة عن جغرافية الوطن . نقولها مرة أخرى «الوضع الصحي في المغرب لايبشر بالخير..» هي خلاصة لايختلف فيها إثنان بالنظر للإحصائيات التي جاءت بها الدراسات التي قدمتها وزارة الصحة قبل سنوات، وهي تأتي في زمن الحديث عن تعميم الخدمات الصحية على جميع المواطنين. خلاصة تستشف ليس فقط من استراتيجية وزارة الصحة أو من خلال تقريرالخمسينية الذي يتحدث عن مجموعة من النقائص التي يعرفها الوضع الصحي في المغرب بل خلاصة مستقاة من واقع معيش، واقع مجموعة من المراكز الصحية على امتداد الوطن، واقع مجموعة من المراكز الاستشفائية حتى الجامعية منها. جميع الإحصاءات لا تبشر بالخير وتشير إلى أن الوضع الصحي يعاني من مجموعة من الإشكاليات إن على مستوى تقديم الخدمات الصحية أو على مستوى تسيير المستشفيات والمستوصفات، دون الحديث عن الخريطة الصحية في المغرب غير المتكافئة والناتجة عن صعوبة الولوج إلى العلاجات الطبية بالنسبة للفئات الأكثر هشاشة، ولساكنة الوسط القروي، بالإضافة إلى توزيع غير عادل للخدمات العلاجية على امتداد التراب الوطني. المنظومة الصحية بالمغرب تعرف مجموعة من النقائص، فبالرغم من العمل بمدونة التغطية الصحية وبرنامج راميد المفترى عليه وبرمجة الإصلاح الاستشفائي المغربي، فإن مبدأ عدم التكافؤ في التوزيع هو العنوان الرئيسي الذي يميز الخريطة الصحية . فبحسب تصريحات فاعلين في قطاع الصحة العمومية، إذا أخذنا مثلا محور الدارالبيضاء القنيطرة، سنلاحظ أن هناك كثافة كبيرة على مستوى الموارد البشرية في مناطق معينة ونسبة قليلة من هاته الموارد بمناطق أخرى. حتى على مستوى المستشفيات يمكن القول نفس الشيء، بحيث إن هناك مناطق لا تتوفر على مستشفيات أو مستوصفات، وحتى وإن وجدت فهي تعاني إما من انعدام التجهيزات الضرورية أو من الأطر الطبية المتخصصة. هذا دون الحديث عن التباين الذي تعرفه الخريطة الصحية، فمثلا بالنسبة لتوزيع الأسرة ، حسب الجهات، نجد أن هناك تباينا واضحا، ففي جهة تازةالحسيمة تاونات مثلا وبحسب إحصائيات رسمية، هناك 5 أسرّة لكل 10 آلاف ساكن مقابل 15 سريرا لكل 10 آلاف ساكن بجهة العيون الساقية الحمراء. وحسب تقرير لوزارة الصحة نفسها فإن جزءا من بنايات الشبكة الاستشفائية أصبح متقادما، حيث إن أكثر من نصف المستشفيات المتوفرة تجاوز عمرها 40 سنة وأن 30 بالمائة تجاوز أكثر من 50 سنة. إنها وضعية تتطلب التسريع في بلورة الاستراتيجية الصحية الجديدة وجعلها من أولى الأولويات لارتباطها بصحة المواطنين عوض «هدر الوقت» في مزايدات انتخابية تزيد من تعميق أزمة القطاع الصحي ببلادنا...