الصرع عند الأطفال أو ما يعرف بالصرع الصغير هو احد انواع مرض الصرع (Epilepsy)، من نوع النوبة الصغيرة، او باسمه المتعارف عليه اليوم (Absence seizure) وبالعربية: النوبة الصرعية المصحوبة بغيبة. يتميز هذا المرض بنوبات صغيرة تكون مصحوبة بتوقف مفاجئ عن الادراك. و يعتبر هذا المرض شائعا بين الاطفال، ويعاين المشاهد لحالات الصرع عند الاطفال مشاهد تبين أن الطفل مستغرق في أحلام اليقظة وغير مدرك لكل ما يدور حوله. مقارنة بالانواع الاخرى من مرض الصرع، فإن الصرع الصغير هو نوع سهل نسبيا، لكن حتى هذا النوع قد يشكل خطرا على الحياة. يحتاج الأطفال الذين يعانون من هذا المرض للاشراف والمراقبة خلال الاستحمام او السباحة، وذلك من أجل حمايتهم من الغرق. في الغالب يمكن السيطرة على الصرع الصغير بمساعدة علاج مضاد للصرع. ومع التقدم في السن يختفي المرض ولكنه في حالات نادرة يستمر أيضا عند البلوغ، بل إنه قد يتفاقم ليصبح نوبات كبيرة (صرع كبير Grand mal). أعراض الصرع الصغير يشمل الصرع الصغير، بالاضافة لتراجع القدرة على الوعي (الادراك) للبيئة، واحدا او اكثر من الاعراض التالية حملقة (Staring) دون حركات خاصة - عض الشفتين - رفرفة الجفون - حركات تشبه المضغ - حركات في إحدى (او كلا) اليدين. يستمر الصرع الصغير لعدة ثوان، ويكون الشفاء الكامل فوريا. بعد النوبة، لا يكون هناك ارتباك من النوع الذي يميز انواع النوبات الاخرى، ولا يتذكر المريض اي شيء مما حصل معه خلال النوبة. كما أنه من الممكن ان يمر الشخص بمئات النوبات في اليوم مما قد يضر بتحصيله العلمي او بعمله. وفي حال كانت النوبة خلال المشي او خلال اي نشاط معقد آخر، لا يسقط المريض ولكنه لا يكون مدركا لأفعاله في تلك اللحظة. أحيانا، لا يتم الانتباه للنوبات نفسها، إذ أنها تكون قصيرة، ويكون العرض الاولي للمرض هو التراجع المفاجئ بالمستوى التعليمي دون سبب واضح. تحصل النوبات حين تعمل الخلية العصبية (عصبون Neuron) بصورة غير سليمة. تتصل الخلايا العصبية واحدة بالاخرى بواسطة انتقال إشارات كهربائية وكيميائية في المشابك (Synapse) . عند النوبة يكون النشاط الكهربائي مشوشا ويحدث نشاط مزامن (Synchronous) غير سليم يتميز بتردد من ثلاث أمواج في الثانية. في الغالب لا يوجد مسبب واضح للمرض. ولكن، كما يبدو، فإن له علاقة بمسببات جينية. كما من الممكن أن تؤدي حالات فرط التهوئة (Hyperventilation) لحصول النوبة. لدى الاشخاص الذين يعانون من النوبات وجدت درجات مرتفعة من الناقلات العصبية (Neurotransmitter) في الدماغ. كما يبدو أن نسبة الانتشار المرتفعة بين الاطفال تتعلق بالكميات الكبيرة من المشابك التي يتم إنتاجها لديهم. لذلك، يختفي المرض في العديد من الاحيان مع البلوغ ومع تباطؤ معدل إنتاج المشابك. تختفي النوبات في الغالب مع البلوغ، ولكنها تستمر في العديد من الاحيان مدى الحياة، او انها قد تتفاقم الى حد التحول لنوبات أصعب. وحتى اذا اختفت النوبات في مرحلة الطفولة، تكون هناك مضاعفات، وذلك لأن الطفل الذي مر بنوبات عديدة، قد يطور اضطرابات تعليمية حتى بعد اختفاء المرض. بالاضافة لذلك، تعتبر نوبة الصرع التي تستمر لأكثر من عدة دقائق حالة خطيرة تستلزم علاجا طبيا فوريا وهي تسمى Absence status epilepticus . تشخيص الصرع الصغير هناك حالات معينة يمكنها محاكاة الصرع الصغير، لكن بإمكاننا إيقافها بواسطة المناداة باسم المريض او لمسه. من ناحية اخرى، لا يختفي الصرع الصغير بسبب تحفيز خارجي، وهو قادر على الظهور وقت السباحة او خلال أي نشاط آخر. بهدف التشخيص النهائي للصرع الصغير يجب إجراء: تخطيط كهربية الدماغ (Electroencephalography EEG) : في هذا الفحص يتم إلصاق قطب كهربي (electrode) على الجمجمة، ويقوم هذا بدوره بقياس النشاط الكهربي في الدماغ. في حال وجود صرع (نوبة)، يمكن رؤية ذلك على شكل أمواج كهربائية في الدماغ. اذا لم تظهر نوبة عفوية (Spontaneous) يمكن ان نحاول تحفيز نوبة بواسطة فرط التهوئة او الاضاءة الوامضة. التصوير بالرنين المغناطيسي (Magnetic resonance imaging MRI): يجرى هذا الفحص بهدف التأكد من عدم وجود اضطرابات اخرى، والتي من شأنها ان تؤدي لاعراض شبيهة بأعراض الصرع الصغير. لا يحتوي هذا الفحص على إشعاع مؤين (Ionizing radiation) ولكن تكلفته مرتفعة، وفي الغالب لا تكون له حاجة. علاج الصرع الصغير تعتبر العديد من الادوية ناجعة في علاج الصرع عند الاطفال وتقوم بتخفيف او إزالة نوبات الصرع الصغير . لكن عملية البحث عن الدواء المناسب والجرعة الصحيحة هي عملية طويلة تتطلب المرور بفترة معينة من التجربة والخطأ. كذلك، فإن تناول الدواء وفق الجرعات الدقيقة وفي وقت ثابت، هو أمر ضروري لنجاح العلاج. الدواء الاكثر انتشارا لعلاج الصرع الصغير هو الايثوسكسيميد (Ethosuximide)، لكن من الممكن ايضا استخدام حمض الفالبوريك (Valporic acid) واللاموتريجين (Lamotrigine) للعلاج في بعض الاحيان. يبدأ العلاج بإعطاء جرعة بالحد الادنى، ثم تبدأ زيادة الجرعات الى حين الوصول الى الجرعة الصحيحة التي تعطي التأثير المطلوب مع أقل قدر ممكن من الاعراض الجانبية. بعد سنتين دون نوبات صرع، يصبح من الممكن التفكير في إمكانية إيقاف العلاج. من المحبذ وضع سوار في اليد، يكتب عليه نوع المرض والادوية التي يتعاطاها المريض، بالاضافة لتعليمات تتعلق بالاجراءات التي يجب اتخاذها في حالات الطوارئ. بالنسبة للاطفال، من المستحسن إخبار المعلمين، طاقم المدرسة، مرشدي حركات الشبيبة وما الى ذلك، بما يعاني منه الطفل وبكيفية التصرف عند حصول النوبة وفي حالات الطوارئ. من الممكن ان يكون المرض محبطا، وقد يكون الخوف من النوبة سببا لتوقف مسار الحياة الطبيعي للمصاب، لكن من المهم المحاولة وعدم تقييد الطفل أكثر مما يجب. كما توجد مجموعات دعم وجمعية لمرضى الصرع، من شأنها أن تساعد في مواجهة المرض وأعراضه .