سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
من المتوقع أن يتم استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية لتعويض بوتفليقة العاجز عن إدارة شؤون البلاد الجزائريون يشككون في مصداقية وعود بوتفليقة الانتخابية، والمعارضة تطالب بحل البرلمان وبدستور توافقي
أعلن المسؤولون في السلطة الجزائرية في مناسبات عديدة عن سعي الحكومة إلى تعزيز الديمقراطية عبر إجراء تعديل دستوري وإصلاحات سياسية تضع حدّا لبيروقراطية الدولة، لكن هذه الوعود لم تتحقّق، ممّا أدّى إلى مقاطعة الآلاف من الجزائريّين للانتخابات الرئاسيّة الّتي فاز بها بوتفليقة، رغم موجة الاحتجاجات والشّعارات المنادية بضرورة إسقاط النّظام. وأكّد عمار سعداني، أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في مؤتمر صحفي، عقد بالعاصمة الجزائر أمس الأوّل، أن أولويات بوتفليقة بعد إعادة انتخابه هي تعيين حكومة جديدة، وإجراء تعديل دستوري. وبحسب رئيس البرلمان الجزائري، محمد العربي ولد خليفة، في بيان أصدره أمس الأوّل، فإنّ "الولاية الرئاسية الجديدة ستفتح صفحات جديدة من الديمقراطية التوافقية بين أطياف المعارضة والأغلبية في دولة القانون والمؤسسات الفاعلة". وقبل انطلاق الحملة الدعائية للانتخابات الرئاسيّة في مارس الماضي، وعد بوتفليقة بالقيام بتعديل دستوري يضمن الحقوق والحريات الأساسية. ويعود مشروع التعديل الدستوري في الجزائر إلى أبريل 2013، حينما عيّن بوتفليقة لجنة خبراء قانونيّين لصياغة دستور جديد، لكن نتائج عمل اللجنة لم يُعلن عنها رسميا حتّى الآن. يذكر أنّ بوتفليقة قام بإجراء إصلاحات سياسية في سنة 2011، بعد احتجاجات دامية (خلّفت 5 قتلى و800 جريح) في خضم الثورات العربية، حيث تمّ إصدار قانون يحرر القطاع السمعي البصري وقانون آخر ينظّم سوق الإعلانات، وكان ينتظر أن تتوج الإصلاحات السياسية بتعديل الدستور، الذي يعدّ مطلبا شعبيّا بامتياز نظرا إلى ممارسات النظام التعسفية وغياب الحريات الأساسية كحقّ التظاهر على سبيل المثال. وطالبت المعارضة في مناسبات عديدة بتعديل المادة 74 من الدستور، التي تترك الباب مفتوحا لرئيس الجمهورية ليترشح لهذا المنصب من دون تحديد عدد الولايات الرئاسيّة المسموح بها. ويرى مراقبون في هذا السياق، أنّ نظام بوتفليقة استعمل مقترح تعديل الدّستور لتبرير قراراته المتعارضة مع مبادئ الديمقراطية، وأنّ المماطلة في تنفيذ التعديل وعرض مشاريع القوانين الجديدة على البرلمان جنت على النظام الكثير، خاصّة وأن رقعة المعارضين له قد اتّسعت بعد الإعلان عن ترشّحه للانتخابات الرئاسيّة، ليفوز بعهدة رابعة رغم وضعه الصحيّ المتدهور وعدم قدرته على تدبير شؤون البلاد. ويرى محمد حديبي، القيادي في حركة النهضة الإسلامية، أحد مكونات تنسيقية الأحزاب والشخصيات المقاطعة للانتخابات الرئاسية، أن "المشكلة المطروحة اليوم هي أنه لم يعد أحد من كل الاتجاهات السياسية يثق في السلطة، لأنها وعدت بحوارات وإصلاحات وانتخابات حرة، والكل يرى ماعشناه من مهازل تلوى الأخرى". وبشأن مطالب المعارضة، قال: "نحن نريد شيئين اثنين تحت أيّ اسم، وهما عودة الشرعية الشعبية عبر آليات ديمقراطية واضحة من خلال تشكيل هيئة وطنية تشرف على تعديل دستور توافقي وإصلاح سياسي لمنظومة القوانين وهيئة تشرف على الانتخابات، مستقلة عن الإدارة، وحل البرلمان وانتخابات تشريعية ومحلية تنتهي بانتخابات رئاسية". وأكد عبد الوكيل بلام، أحد قيادات ومؤسسي حركة "بركات" المعارضة لبوتفليقة، أن نشطاء الحركة يعتبرون أنفسهم غير معنيين أصلا بهذه الانتخابات ونتائجها، فليس "هناك مرحلة اسمها ما بعد الانتخابات، لأنّ بوتفليقة كان واستمر في الحكم"، على حدّ قوله. وأشار بلام إلى أنّ نظام بوتفليقة لن ينجح في كتابة دستور توافقي، قائلا: "من يتهم خصومه بالعمالة للخارج والخيانة والتحضير لربيع عربي لا يمكنه أن يدعوهم إلى الحوار.. هذا النظام لن يغير بالتوافق، وقد أثبت ذلك سابقا". وأوضح بلام أنّ حركة "بركات" ستواصل النضال من أجل الحرية عبر الحركات الاحتجاجية السلمية، وهي ماضية في تنصيب مكاتب تابعة لها في كامل أنحاء البلاد. فيما رأى عدة فلاحي، النائب السابق في البرلمان الجزائري، أن "الإجراءات التي ستتخذها السلطة الحاكمة هي من أجل امتصاص غضب الشارع والمعارضة السياسية، وفي كل الحالات هذه الاستجابة لا تضر السلطة في شيء مادامت مفاتيح صنع القرار بيدها، ومن مصلحتها تحقيق الاستقرار لكسب شرعية أكبر في الداخل والخارج". وعن أولويات المرحلة القادمة بالنسبة لبوتفليقة، قال فلاحي إن "القراءة الأولية لما بعد الاستحقاقات الرئاسية، تجعلنا نتوقع عودة عبد المالك سلال إلى رئاسة الحكومة بطاقم جديد، بحيث يتم الاستغناء عن الوزراء المعمرين في مناصبهم، ليحل محلهم آخرون في متوسّط العمر، ولا أقول شبابا". وأكد فلاحي أن محيط بوتفليقة يهيمن على صنع القرار، وأن بعض المقربين سيتم التخلص منهم لتولي مهام أخرى، وبذلك ستتغير التركيبة، مشيرا إلى "أنّ التعديل الدستوري المرتقب الذي سيأتي بمنصب نائب رئيس الجمهورية، سيملأ الفراغ الذي تركه بوتفليقة بسبب المرض. والمحصلة أنّ محيط الرئيس سيعطي لنفسه الشرعية الدستورية في شخص نائب الرئيس".