ما يلفت أي زائر وسائح لمدينة أكَادير، هذه الأيام، هو الظاهرة المخزية والمسيئة لصورة السياحة المغربية من خلال انتشار عدد من المتسولين والمشردين بالمنطقة السياحية وخاصة بالليل، والذين باتوا يضايقون المغاربة والسياح ليلا ونهارا من خلال مطاردتهم وإرغامهم على البقشيش. والطامة الكبرى هي أن العديد من المتسولات تستغل جيشا عرمرما من الأطفال الأبرياء تتراوح أعمارهم ما بين 4 و6 سنوات يتم اكتراؤهم من أمهاتهم بالأحياء الشعبية بثمن يتراوح ما بين 50 و60 درهما لليوم، حيث يتم توظيفهم وهم في حالة رثة، هيئة ولباسا، من أجل التسول ومطاردة السياح الأجانب أمام الفنادق والشوارع والممرات المؤدية إلى الكورنيش... بل إن بعض المتسولات المرفوقات بالأطفال القاصرين، تتخد مداخل وجنبات بعض الفنادق الفخمة المعروفة بالظاهرة الخليجية أمكنة دائمة لها، حيث تدفع يوميا في سبيل ذلك إتاوات تتراوح ما بين 200 و250 درهما لاحتراف التسول هناك، والمداومة على المكان ذاته الذي يشهد في الكثير من الأحيان شجارا وعراكا بين المتسولات لأنه يدر على الواحدة منهن ما يفوق 500 درهم في الليلة. فالمبالغ المالية المحصلة من هذه الظاهرة دفعت بعض الأمهات إلى تشجيع بناتها القاصرات إلى الخروج ليلا إما للتسول أو بيع الورد أو اختلاس الضحايا بنوع من التحايل بعد إيهامهم بممارسة الجنس، بدليل أن ثلاث فتيات قاصرات يترددن على كورنيش أكَادير، كل ليلة لاصطياد ضحايا يبحثون عن اللذة، فينتهي بهم الأمر إلى مخفر الشرطة ثم النيابة العامة. وهذا أيضا شجع العديد من المشردين الذين نصادفهم ليلا يتسكعون في الكورنيش وعلى الممرات المؤدية إليها، يبحثون على الأكل والبقشيش، وهم يثيرون بعراكهم وسلوكاتهم واستفزازاتهم أحيانا زبناء المطاعم والمقاهي وكذا المارة من السياح والمغاربة، وهذا كله يقدم صورة سيئة عن السياحة بالمدينة التي أخذت تتناقص في السنين الأخيرة نتيجة عدة أسباب متداخلة، منها على الخصوص هذه الظاهرة. ومما يؤسف له أن جمعية أرباب المطاعم ذات الصبغة السياحية بأكَادير، قد اشتكت من هذه الظاهرة حيث سبق لرئيسها عبد الكريم زاهير أن راسل عدة مرات سلطات الولاية وولاية الأمن من أجل تقويض هذه الظاهرة المثيرة للاشمئزاز، لكن تلك الرسائل للأسف الشديد لم تلق أية استجابة من لدن السلطات المختصة، وهذا ما شجع الظاهرة بشكل لافت للنظر، وفي المقابل نفّر العديد من الزبناء من التردد على هذه المطاعم. ولهذا ما ينتظره المهنيون هو العمل على استدامة الأمن بالمنطقة السياحية لمحاربة هذه الظواهر والأشكال التي تسيء إلى السياحة بهذه المدينة، وإيجاد حل شمولي وفق مقاربة اجتماعية وإنسانية بمساعدة المجتمع المدني قوامها جمع أطفال الشوارع سواء أكانوا متسولين أو مشردين، وزجر كل من يستغلهم من الأمهات والآباء سواء في السرقة أو التسول أو ممارسة الدعارة أو بيع الورد والبقاء بالمنطقة السياحية إلى وقت متأخر من الليل.