أثار كتاب أبي آدم، قصة الخليفة بين الأسطورة والحقيقة للدكتور عبد الصبور شاهين منذ جذوره في أواخر التسعينيات. ومازال يثير جدلا كبيرا، خاصة في العالم الاسلامي. وقد رفع المتشددون دعوى قضائية لتكفيره. الكتاب الذي أعيدت طباعته، يرى فيه صاحبه أن آدم هو أبو الإنسان وليس أبا البشر، الذين هم خلق حيواني كانوا قبل الإنسان، فاصطفى الله منهم آدم ليكون أبا الإنسان. وهو ما أشار إليه الله في القرآن بالنفخ في الروح يقول عبد الصبور شاهين إن الله أباد الجنس البشري فلم يبق منهم إلا آدام. فعدله الله وسواه كما ينص القرآن في قوله «الذي خلقك فسواك فعدلك»، الكتاب المثير للجدل، يستدل فيه عبد الصبور شاهين بآيات كثيرة على وجود البشر قبل الإنسان، ولكنهم كانوا خلقاغير معدلين بروح الله، وهو ما دعا الملائكة عندما أخبرهم الله أنه سيخلق آدم لأن يقولوا «أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء» ويرى شاهين أن هذا كان قبل أن يصطفي الله آدام ويعدله ويسويه بأن ينفخ فيه من روحه فيصبح عاقلا ومتحضرا. واستند في ذلك على قوله تعالى:«فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقفوا له ساجدين» ومن ثمة يرى صاحب الكتاب أن آدام ولد من أب وأم بشريتين تطور هو من بعد هما ليصبح أبا الإنسان المميز بالعقل المقيد بالشرائع. رأي مجمع البحوث الإسلامية شكل مجمع البحوث الإسلامية لجنة علمية للنظر في كتاب «أبي أدام، قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة»، حيث أكد التقرير أن النصوص القرآنية في شأن خلق آدام - على كثرتها - لا تعالج التفاصيل التي تبين كيفية الخلق، كما لا تحدد المسافات الزمنية التي أحاطت بمراحل ذلك الخلق، لذلك لا يمكن لباحث قديم أو حديث أن يقطع فيه برأي حاسم تؤيده نصوص قطعية الدلالة، أو تؤيده شواهد علمية نظرية أو تجريبية تبلغ في دلالتها مرتبة اليقين العلمي. يقول التقرير الذي أعدته لجنة علمية لمجمع البحوث الإسلامية أن البحث الذي قام به الدكتور عبد الصبور شاهين هو محاولة لفهم النصوص التي جاءت في القرآن الكريم، وهي قطيعة تروي وقائع قصة الخلق وأيضا للتوفيق بين التصوير القرآني والاتجاه العلمي في تصوير الحياة البشرية على هذه الأرض، ويقول التقرير فلا حرج علينا في هذا مادمنا نرعى قداسة النصوص المنزلة، ومادمنا لا نخالف معلوما من الدين بالضرورة، ومادمنا تقدم رؤية عقلية تحترم المنطق، وتستنطق اللغة من جديد وتدعم إيمان المؤمنين بما ينطوي عليه كتاب الله من أسرار قد تكون خفيت عن بصائر ذوي التمييز، ثم أذن الله سبحانه لبعض السر أن ينكشف وللرؤية أن تتجلى. وحسب تقرير مجمع البحوث الإسلامي، فإن ما انتهى إليه المؤلف في موضوعه يتلخص في كون الحياة على الأرض قد سبقت خلق الإنسان بآماد طويلة يصعب تحديدها، وأن الإنسان الذي كرمه الله وأمر ملائكته بالسجود له امتداد لمخلوق واحد هو البشر، وليس كما تقول نظرية النشوء والارتقاء، حلقة في سلسلة تطور كانت القردة فيها حلقة سابقة، ثم تطورت إلى أن صارت الإنسان الذي نعرفه. وبخصوص أن الله خلق البشر من طين، ولكن ليس في آيات القرآن ما يقطع بأن آدام قد خلق مباشرة من ذلك الطين، وأن الاستعمال القرآني لكلمة بشر، يدل على كائن سابق في الزمان وفي الكيف على الإنسان. كما انه لا حاجة الى تحديد حقيقة وطبيعة الطين الذي خلق منه البشر، فالقرآن يعبر عنه تارة بالتراب. وتارة بأنه طين لازب وثالثة اخرى بانه صلصال كالفخار، او انه صلصال من حمأ مسنون. وان الله قد تنال البشر المخلوق من طين فسواه وصوره وان هذه التسوية لا يلزم ان تكون قد تمت على الفور في اعقاب الخلق، بل ان الخلق والتصوير مرحلتان في عمر البشرية. لعلهما استغرقتا بضعة ملايين من السنين. والتصوير هنا يقابل التسوية في مواضيع أخرى، مع ملاحظة استعمال الاداة (ثم) التي تفيد التراخي بين الامرين. وشدد الكتاب على أن الانسان يخرج من البشر، وانه قبل التسوية لم يكن المخلوق البشري انسانا، بل كان مشروع انسان في حيز القوة قبل ان يكون انسانا في حيز الفعل، ويستند في ذلك الى العديد من الآيات القرآنية من ذلك (ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين)، اي ان الانسان خلق من (سلالة) نسلت من طين، اي انه لم يخلق مباشرة من الطين. اما ابن الطين مباشرة، فهو اول البشر، وكان ذلك منذ ملايين السنين. ويشير المؤلف الى قوله تعالى في سورة السجدة (الذي احسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الانسان من طين، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين. ثم سواه ونفخ فيه من روحه). ويجمع المؤلف رأيه كله -كما يقول تقرير مجمع البحوث الاسلامية- في قوله بأن خلق الانسان بدأ من طين، اي في شكل مشروع بشري، ثم استخرج الله منه نسلا (من سلالة من ماء مهين) ثم كانت التسوية ونفخ الروح، فكان الانسان هو الثمرة في نهاية المطاف عبر تلكم الاطوار التاريخية السحيقة. وبخصوص مراحل التسوية، استدل الدكتور عبد الصبور شاهين بقوله تعالى( ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والابصار والافئدة) وقوله ايضا (والله اخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والابصار والأفئدة) ليقول ان هذا الجعل قد تم خلال مراحل التسوية، وان الله تعالى جعل للبشر هذه الادوات في مراحل التسوية المتعادلة حيث شاءت القدرة ان تزود هذا المخلوق البشري بما يحتاج اليه من أدوات الكمال. أما بخصوص آدم وعلاقته بما كان قبله من المخلوقات فيقول صاحب الكتاب انه يستطيع ان يقرر مع علماء الانسان ان الارض عرفت هذا الخلق الذي ظهر على سطحها منذ ملايين السنين. وقد أطلق العلماء على هذا المخلوق خطأ او تجاوزا لفظ «انسان» فقالوا «انسان بكين»،او «انسان جاوه» او «انسان كينيا».واستخدام انسان في وصف هؤلاء ليس الا على سبيل التوسع، والا فاللفظ الدقيق بلغة القرآن، والذي ينبغي ان يستخدم في تسمية تلك المخلوقات العتيقة التي تدل عليها الاحاديث هو البشر. اما الانسان فيرى عبد الصبور شاهين انه قد يطلق بمفهوم القرآن الا على ذلك المخلوق المكلف بالتوحيد والعبادة لا غير، وهو الذي يبدأ بوجود ادم. وادم هو ابو الانسان، وليس ابا البشر، ولا علاقة بين آدم والبشر الذين بادوا قبله تمهيدا لظهور ذلك النسل الادمي الجديد، اللهم الا تلك العلاقة التذكارية، باعتباره من نسلهم. مراحل خلق الانسان في اجتهاده، يرى الدكتور شاهين ان خلق الانسان تم عبر ثلاث مراحل هائلة هي الخلق، التسوية، النضج، وأن مرحلة الخلق الأول هي التي أحالت التراب أو الطين إلى مخلوق ظاهر (بشر) يتحرك على الأرض بالروح الحيواني، كما تتحرك سائر الكائنات، ثم تناولت القدرة ذلك المخلوق في المرحلة الثانية بالتسوية أو ما يمكن تشبيهه بهندسة البناء وتجميله، وهي مرحلة التعديل المادي أو الظاهر، وقد استغرقت ملايين السنين، ثم جاءت المرحلة الثالثة، وهي المتمثلة في تزويد المخلوق السوي بالملكات والقدرات العليا التي جوهرها العقل، وبذلك اكتمل مشروع بناء الانسان، فكان آدام هو أول الانسان وطيلعة سلالة التكليف بتوحيد الله وعبادته. اللجنة التي درست الكتاب، ترى بعد الوقوف على مضامينه أن المؤلف حاول التوفيق بين العلم والدين بقدر ما ترى فيه اجتهادا منه في فهم النص القرآني. وهو اجتهاد لا توافق اللجنة المؤلف على بعض أجزائه، حيث لا يكفي ما ساقه في هذا التدليل ليقرر النتائج التي انتهى إليها، وإذا كانت اللجنة قد حددت مهمتها بأنها بيان ما إذا كان المؤلف قد تجاوز الحد في تأويلاته للنصوص القرآنية، تجاوزا يخالف به ثوابت العقيدة أو يتناقض مع ما هو معلوم من الدين بالضرورة، فإن الذي تنتهي إليه اللجنة أن المؤلف لم يقع في مثل هذه المخالفة . الخلق كما روته الاسرائيليات يقول الدكتور عبد الصبور شاهين في تقديمه لهذا الكتاب. إن وجود الخليقة البشرية هو المشكلة الكبرى التي تواردت عليها الرؤى، وتواترت الاجتهادات، بدءا من الرؤية الاسرائيلية. وقد كانت ذات حظ عظيم من حيث انتشارها، و تفردها على الساحة الفكرية، حتى وجدنا أكثر المفسرين للقرآن يرددون ما ذكرته الاسرائيليات ترديدا حرفيا، دون أدنى محاولة تعرض مضمونها على العقل وتغربل ما حفلت به من خرافات وأساطير، وقدم المؤلف في هذا الباب قصة خلق آدم كما رواها صاحب قصص الأنبياء المسمى بالعراش. »قال المفسرون بألفاظ مختلفة، ومعان متفقة، إن الله تعالى لما أراد خلق آدم أوحى الله إلى الأرض، إني خالق منك خلقا، منهم من يطيعني، ومنهم من يعصيني، فمن أطاعني منهم أدخلته الجنة، ومن عصاني أدخلته النار، ثم بعث إليها جبريل عليه السلام ليأتيه بقبضة من ترابها، فلما أتاها جبريل ليقبض منها القبضة قالت له الأرض، إني أعوذ بعزة الله الذي أرسلك أن لا تأخذ مني شئيا يكون فيه غدا للنار نصيب، فرجع جبريل إلى ربه ولم يأخذ منها شيئا، قال يارب، استعاذت بك فكرهت أن أقدم عليها .فأمر الله ميكائيل، فأتى الأرض فاستعادت بالله أن يأخذ منها شيئا، فرجع إلى ربه، ولم يأخذ منها شيئا. فبعث الله تعالى ملك الموت فأتى الأرض، فاستعاذت بالله أن يأخذ منها شيئا، فقال ملك الموت، وإني أعوذ بالله أن أعصي له أمرا، فقبض قبضة من زواياها الأربعة، من أديمها الأعلى، ومن سبختها، وطينها وأحمرها وأسودها وأبيضها وسهلها ..، فكذلك كان في ذرية آدم الطيب والخبيث والصالح والطالح والجميل والقبيح، ولذلك اختلفت صورهم وألوانهم(»ومن آيته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين).« ثم صعد بها ملك الموت إلى الله تعالى فأمره أن يجعلها طينا ويخمرها فعجنها بالماد المر والعذب والملح، حتى جعلها طينا، وخمرها، فلذلك اختلفت أخلاقهم، ثم تركها أربعين سنة حتى صارت طينا لازبا لينا، ثم تركها أربعين سنة حتى صارت صلصالا كالفخار، وهو الطين اليابس، الذي إذا ضربته يدك صلصل، ثم جعله جسدا، وألقاه على طريق الملائكة التي تهبط إلى السماء وتصعد منه أربعين سنة، فذلك قوله تعالى(هل أتى على الإنسان حين من من الدهر لم يكن شيئا مذكورا«) قال ابن عباس يضيف شاهين (الإنسان هو آدم والحين أربعون سنة، كان آدم جسداً ملقى على باب الجنة، وفي صحيح الترمذي بالإسناد على رسول الله (ص) في تفسير أول البقرة. أن الله خلق آدم بيده من قبضة قبضها من جميع الأرض، ثم ألقاه على باب الجنة فكلما مَرّ عليه ملأ من الملائكة عجبوا من حسن صورته وطول قامته، ولم يكونوا قبل رأوا شيئاً يشبهه من الصور، فمر إبليس فرآه فقال: لأمر ما خلقتَ، ثم ضربه بيده فإذا به أجوف، فدخل فيه وخرج من دبره، وقال لأصحابه الذين معه من الملائكة، هذا خلق أجوف، لا يثبت ولا يتماسك. على هذا، يقول عبد الصبور شاهين مضت كل كتب التفسير تقريباً، وكأنها تنقل من مصدر واحد، مع انطواء الرواية على كثير من صور السذاجة، مثل أن يقال، إن خلق آدم تم في السماء، وأن ملك الموت هو الذي استطاع أن يأخذ التراب من الأرض وأن يعجنه ويخمّره، فلما خلقه الله أو صوره ألقاه على باب الجنة. ويستمر الكلام في هيئة سيناريو، يصف لنا ما جرى في ذلكم الأزل الآدمي، فيجعل التراب خليطاً من ألوان الأرض، ليكون أبناء التراب على ألوانها المختلفة، وخليطاً من أنواع التراب إشارة إلى تنوع الأخلاق وهكذا.. كل ذلك، يقول المؤلف مضى في الغيب، فكيف اطلع عليه هؤلاء القصاص من بني اسرائيل. وكيف سلم العقل الإنساني لحكاياتهم بهذه البساطة؟ حتى اختصرت المسافة بين الله في ملكوته الأعلى وبين خلقه من الملائكة والشيطان إلى أن جاء دور آدم؟ إن كل ذلك يرى الدكتور شاهين، صار يمثل أمام العقل الحديث مشكلة خطيرة، نتيجة التصادم بين معطيات القصة القديمة، ومعطيات العصر الحديث، وهو ما ظل يخامر عقل المؤلف طيلة ربع قرن من الزمان، في محاولة لفهم النصوص التي جاءت في القرآن الكريم وهي قطيعة. تروي وقائع قصة الخلق، واعترف شاهين أن هذه ليست المحاولة الوحيدة التي تناولت قصة الخلق. فقد شغلت القصة عقول الفلاسفة والعلماء في عصور مختلفة وبيئات مختلفة كذلك، ويكفي يقول أن نشير هنا إلى رؤية ابن طفيل قديماً قصته في قصته حي بن يقظان ونظرية داروين حديثاً عن نشأة الأنواع. فالأستاذ أحمد أمين، يقول في حي بن يقظان عن ابن طفيل، إنه لم يكن يعرف بالضرورة رأي داروين الذي يرى أن أنواع المخلوقات متصل بعضها ببعض، وأن ليس الإنسان إلا حلقة من هذه السلسلة سبقته حلقات أخرى إلى أن انتهت بالإنسان. أما عند ابن طفيل، فرأيان كل منهما يمكن أن يكون الأول، الأول أنه نشأ في جزيرة من جزر الهند. تحت خط الاستواء، تولّد فيها الإنسان من غير أم ولا أب، لأن تلك الجزيرة أعدل بقاع الأرض هواء وأتمها لشروق النور الأعلى عليها استعداداً، فتأثرت هذه الجزيرة بأشعة الشمس، وتخمرت الطينة الصالحة على مر السنين والأعوام، وامتزجت القوى، وتعددت وتكافأت، وهذا ما ذهب إليه بعض الفلاسفة من جواز التولد الذاتي الطبيعي. ويرى ابن طفيل رأياً آخر، أن حي بن يقظان لم يتولد من غير أب ولا أم، وإنما ولد من أب وأم، وكانت أمه هي أخت الملك، خافت من الملك فقذفته في اليم. وجرفه المد إلى جزيرة أخرى، حيث التقطته ظبية كانت فقدت ابنها، فحنت عليه وألقمته حلمتها، وأرضعته لبناً سائغاً حتى ترعرع، فهذان الرأيان يمثلان، يقول الدكتور شاهين رأي الفلاسفة القدماء، فبعضهم يرى إمكان التولد الذاتي إذا اعتدلت الطبيعة، وتم الاستعداد من تخمر ونحوه، وبعضهم يرى أن الإنسان لا يمكن أن يتولد إلا من إنسان. ويقول أحمد أمين، «»إنه حن على الظبية«، لأنها أرضعته لبنها، وعطف عليها كما يعطف على أمه، ومازال مع الظباء على هذه الحال، يحكي نغمتها بصوته، ويحكي ما يسمع من أصوات الطير وأنواع سائر الحيوان. يحاكيها في الاستئلاف والاستدعاء والاستدفاع، ولما قلدها في هذه الأصوات المختلفة باختلاف هذه الأنواع ألفته وألفها، وبذلك تعلم الإنسان من تقليد الحيوانات والطيور. هذه الحكاية، يقول فيها عبد الصبور شاهين، استناداً إلى الأستاذ أحمد أمين، أن ذلك مجرد خيال يعبر عن حيرة الإنسان تجاه مشكلة الخلق، في حين توجه المؤلف في عرض قصة الخليقة على استنطاق آيات القرآن، باعتبارها المصدر الأول والأوثق، كما يرى الذي ينبغي اعتماده في هذا المجال، حيث يقول إن هناك فصلا بين آدم والبشر. فوجود آدم كان بعد انقراض البشر. واستند أيضاً على آراء الأستاذ بشير التركي مؤلف كتاب آدم، أحد علماء تونس، الذي ربط معالجته لقصة آدم ... له في بلدة «»المهدية«« وهي مدينة على الشاطىء الشرقي التونسي، وهي مركز سهل أرضي شاسع جداً. فعمق البحر في شرقها لا يبلغ مئة متر. وقد قدم المؤلف وصفاً تفصيلياً للمهدية يرشحها لتكون منشأ الحياة البشرية منذ ملايين السنين. يقول إنه بعد أن انقرض البشر، خلق الله آدم في الجنة، ثم أنزله على الأرض يحمل السبع المثاني، وهو الرصيد الوراثي المادي، وهو المقصود من قوله تعالى »ولقد أتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم«، إذ فصل بين آدم والبشر، فوجود آدم كان بعد انقراض البشر، كما ذكر أهم الموجات البشرية وهي أربع الأولى من 4 مليارات إلى مليار من السنين، وهي فترة عاش خلالها بشر يسمى (بشر الجنوب) »الاسترالوبتيك« ويمتاز بأنه أول من صنع الآلات الحجرية، حين استطاع أن يحرك إبهامه في مواجهة الأصابع الأربعة، خلافاً لغيره من الحيوانات. فاستطاع القبض على الأشياء. والثانية من مليار إلى 150 ألف سنة، وعاش خلالها جيل البت كانيروب أو البشر القرد، وكان منتصب القامة، وهو البشر الواقف وهو الذي اهتدى إلى النار والثالثة من 150 ألف سنة إلى 40 ألف سنة، ولقد عاش خلالها إنسان النياندرتال، وهو بشر الشعور. وفي نهاية عهده، كان آدم الذي علمه الله الأسماء. فهو يتصور الأشياء، ويرمز لها بالكلام. وتلك هي البداية الثقافية التي غرز الله مكوناتها في فطرته، وجعلها في خلاياه الوراثية، والرابعة من 40 ألف سنة حتى الآن. وقد عاش فيها الإنسان »الهوماسابيتر« أو الإنسان العارف وهو الذي اهتدى إلى الكتابة.