حوالي مليون و 300 ألف من المغاربة مصابون بداء السكري، أي بنسبة 6.6 في المئة من مجموع السكان الذين يفوق سنهم 20 سنة، هذا في الوقت الذي تتوقع منظمة الصحة العالمية أن ترتفع هذه النسبة لتصل إلى 9.9 في المئة في صفوف الأشخاص الذين يفوق سنهم 25 سنة. أرقام تدق ناقوس الخطر لمرض يطال الصغار والكبار على حد سواء، هذا في الوقت الذي خلّد المغرب وكسائر دول العالم بتاريخ 14 نونبر الجاري، اليوم العالمي لداء السكري تحت شعار «الوقاية من مرض السكري والتربية العلاجية»، حيث أشارت وزارة الصحة إلى أنها «وللتقليص من نسبة الإصابة بالمرض، عملت على وضع مخطط عمل يشمل تفعيل برنامج الكشف المبكر لمرض السكري عند الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة في جميع المراكز الصحية، بمعدل 500 ألف شخص سنويا، مع توفير الأدوية المضادة للسكري عن طريق الرفع من الميزانية المخصصة لاقتناء الأدوية لسنة 2013 ، (63 مليون درهم للأنسولين و74 مليون درهم للأدوية التي تؤخذ عن طريق الفم)، مع تكوين الأطباء العامين في مجال التكفل بالأشخاص المرضى بداء السكري». لكن بالمقابل دقّ مهنيون في قطاع الصحة ناقوس الخطر بسبب تفشي المرض في أوساط كل الفئات العمرية من الجنسين، سيما مرض السكري من نوع «أ»، الذي يعد من أخطر أنواع السكري، داخل أوساط الأطفال الذين تقل أعمارهم عن الأربع سنوات والمواليد الجدد، مشددين على أن النوع الأول من مرض السكري الذي يصيب بصورة خاصة الأطفال والمراهقين، يتميز بعدم إفراز القدر الكافي من الأنسولين وقد يؤدي بسرعة إلى الوفاة إذا لم يتم تناول الأنسولين على وجه السرعة. وكانت رئيسة الجمعية المغربية لأمراض المناعة الذاتية والجهازية، قد أعلنت أن عدد الأطفال المصابين بهذا النوع الخطير من مرض السكري يقدر بحوالي 100 ألف طفل، من أصل 250 ألف مغربي معني بهذا النوع من مرض السكري، مشيرة إلى أن« هناك أزيد من 2.5 مليون مغربي مصابون بمرض السكري بنوعيه الأول والثاني، لكن يظل النوع الأول الذي يعتبر من أمراض المناعة الذاتية من أخطرها». تواصل وتربية دعت حملة الاتحاد الدولي لداء السكري جميع الأشخاص المتفاعلين مع المرض لفهم مرضهم والسيطرة عليه، حيث شدّدت على أن هذه الرسالة هي موجهة للأشخاص المصابين من أجل التحرر عبر التربية. و تهدف حملة اليوم العالمي 2009 / 2013 إلى: * تشجيع الحكومات على تنفيذ وتعزيز السياسات الرامية إلى الوقاية والسيطرة على مرض السكري ومضاعفاته. * نشر الوسائل لدعم المبادرات الوطنية والمحلية للوقاية من داء السكري ومضاعفاته وضبطه. * توضيح أهمية تربية ترتكز على معطيات صحيحة من أجل الوقاية و المعالجة من داء السكري ومضاعفاته . * التوعية بالعلامات التي قد تؤدي إلى الإصابة بداء السكري وتعزيز التدابير الرامية إلى تشجيع التشخيص المبكر. * رفع الوعي وتعزيز العمل للحد من العوامل الرئيسية لخطر ارتدادي لداء السكري من النوع 2 . * زيادة الوعي وتعزيز العمل لمنع أو تأخير مضاعفات داء السكري. وفي هذا الصدد صرّح البروفسور أحمد فاروقي رئيس الجمعية المغربية لأمراض الغدد والتغذية وداء السكري قائلا «المعركة لم تحسم بعد، سواء على المستوى العالمي أو على المستوى الوطني، فالتواصل و التربية طريقان إجباريان إذا رغبنا في تراجع المرض. فهما يمكنان الساكنة السليمة من التصدي بطريقة أفضل لداء السكري وذلك بتغذية سليمة، وفحص مبكر، وتقليص مخاطر المضاعفات للمصابين به بالتمارين الرياضية، من بين أمور أخرى»، مضيفا «إنه أيضا واجب للتعريف، بطريقة أوسع، بمخاطر العلامات المسبقة لداء السكري و الإرشاد إلى كافة الطرق لمواجهته، ومن نستشير في حالة المرض، وكيفية التعامل معه والسيطرة عليه». وفي السياق ذاته وبمناسبة اليوم العالمي لداء السكري الذي خلده المغرب والعالم على حد سواء يوم 14 نونبر الجاري، ولاستكمال هذه الحملة على نبرة أمل، دعت مختبرات «نوفو نورديسك» والجمعية المغربية لأمراض الغدد و التغذية و داء السكري، كافة الفاعلين من كل مستوى لإظهار تصميم أقوى لمكافحة الداء بأعمال ملموسة و خاصة بتواصل موسع. داء الحواضر من جهتها البروفيسور أسماء الشاذلي، عضوة الجمعية المغربية لأمراض الغدد و التغذية و داء السكري، ذكّرت بالصعوبة اليومية التي يعيشها المصاب بداء السكري قائلة، «إنه داء له تأثير يومي في حياة 366 مليون شخص يعيشون به عبر العالم و على عائلاتهم. و بما أن الأشخاص المصابين بداء السكري يتحملون بنسبة 95 في المئة من علاجاتهم، يتحتم أن يتلقوا تربية رفيعة المستوى، مطابقة لحاجياتهم و ملقنة من طرف مهنيين أكفاء في الصحة. تمكن من تجنب داء السكري من النوع 2 في العديد من الحالات، بفضل مساعدة و تشجيع الأشخاص المعرضين للداء، على مراقبة وزنهم و القيام بتمارين رياضية». داء السكري الذي يعد رابع مسبب للوفاة في البلدان النامية، هذا في الوقت الذي تشير الأرقام إلى أنه تم إحصاء 336 مليون مصاب بالداء حول العالم، 90 في المئة منهم يعانون من السكري نوع 2 ، المسمى أيضا داء السكري الحلو، الدسم أو داء البلوغ. هذا في الوقت الذي تشير التقديرات إلى أن عدد المصابين بالداء سيتضاعف خلال الخمس وعشرين سنة المقبلة، في وقت تقدر نسبة انتشار المرض في المغرب ب 6,6 في المائة أغلبهم يعيشون بالوسط الحضري، وهو ما علّق عليه الدكتور حسن الغماري، رئيس ودادية أمراض الغدد وداء السكري لولاية الدارالبيضاء الكبرى، «بتعاطي السكان القرويين لتمارين رياضية تحتمها عليهم طبيعة عملهم اليومي و تغذيتهم السليمة». مصدر للأمراض ينتج داء السكري عن خلل في استقلاب الكربوهيدرات، حيث لا يستطيع الجسم استخدام سكر الجلوكوز بشكل صحيح، المصدر الرئيسي للطاقة في الجسم، بسبب نقص هرمون الأنسولين أو بسبب مقاومة الأنسولين، ويؤدي تراكم السكر إلى زيادة مستواه في الدم، ومن ثم في البول. وهناك نوعان من مرض السكري: السكري المرتبط بالانسولين - النوع 1 -، الذي يبدأ عادة في سن الطفولة ويتطلب حقن الأنسولين، والسكري غير المرتبط بالانسولين - النوع 2 -، والذي يظهر عند البالغين «عادة بعد سن 40 «، والذي يعالج بواسطة اتباع نظام غذائي وتناول الدواء لخفض نسبة السكر في الدم الذي يؤخذ عن طريق الفم. كما أن اختلال التوازن بين النظام الغذائي وكمية الأنسولين وممارسة التمارين الرياضية، يمكن أن يؤدي إلى نقص السكر في الدم3 . وتتسبب آفة داء السكري مع مرور الزمن ، في إلحاق أضرار بالقلب، والأوعية الدموية، والعينين، والكليتين، والأعصاب، و مع ذلك يمكن تفاديه و محاربته بتدابير و وسائل بسيطة، و ذلك بتغيير نمط العيش. أعراض السكري تختلف أعراض داء السكري تبعا لنوعه، وأحيانا قد لا يشعر الأشخاص المصابون ب «مقدمات» السكري، أو بالسكري الحملي، بأية أعراض إطلاقا. أو قد يشعرون ببعض من أعراض السكري النمط الأول، والسكري النمط الثاني، أو بجميع الأعراض. ومن أعراض مرض السكري نجد العطش، التبول كثيرا في أوقات متقاربة، الجوع الشديد جدا، انخفاض الوزن لأسباب غير واضحة وغير معروفة، التعب، تشوش الرؤية، التئام الجروح ببطء، عدوى متواترة في اللثة، الجلد، المهبل أو في المثانة البولية. من جهة أخرى قد يصيب مرض السكري من النوع 1 الإنسان في أية مرحلة من العمر، لكنه يظهر في الغالب، في سن الطفولة أو في سن المراهقة. أما مرض السكري من النوع 2، فهو الأكثر شيوعا، ويمكن أن يظهر في أي سن ويمكن الوقاية منه وتجنبه غالبا. عوامل المرض في مرض السكري من النوع الأول، يهاجم الجهاز المناعي الخلايا المسؤولة عن إفراز الأنسولين في البنكرياس ويتلفها، بدلا من مهاجمة وتدمير الجراثيم و/أو الفيروسات الضارة، كما يفعل في الحالات الطبيعية «السليمة» عادة. ونتيجة لذلك، تبقى بالجسم كمية قليلة من الأنسولين، أو بدونها على الإطلاق. في هذه الحالة، يتجمع السكر ويتراكم في الدورة الدموية، بدلا من أن يتوزع على الخلايا المختلفة في الجسم. وبحسب الأطباء ، فإنه من غير المعروف حتى الآن، المسبب العيني الحقيقي لمرض السكري من النوع 1، لكن يبدو أن التاريخ العائلي يلعب، على الأرجح، دورا مهما. فخطر الإصابة بمرض السكري من النوع الأول يزداد لدى الأشخاص الذين يعاني أحد والديهم أو إخوتهم وأخواتهم من مرض السكري. وهنالك عوامل إضافية أيضا، قد تكون مسببة لمرض السكري، مثل التعرض لأمراض فيروسية. أما عند المصابين ب «مقدمات السكري» »التي قد تتفاقم وتتحول إلى السكري من النوع الثاني»، والسكري من النوع الثاني، تقاوم الخلايا تأثير عمل الأنسولين بينما يفشل البنكرياس في إنتاج كمية كافية من الأنسولين للتغلب على هذه المقاومة. في هذه الحالات، يتجمع السكر ويتراكم في الدورة الدموية عوض أن يتوزع على الخلايا وأن يصل إليها في مختلف أعضاء الجسم. والسبب المباشر لحدوث هذه الحالات لايزال مجهولا، لكن يبدو أن الدهنيات الزائدة وخاصة في البطن وقلة النشاط البدني، هي عوامل مهمة في حدوث ذلك. وهناك عدة عوامل من الواضح أنها تزيد من خطر الإصابة بمرض السكري، من بينها الوزن الزائد، قلة النشاط الجسماني، التاريخ العائلي، السن إذ يزداد خطر الإصابة بالمرض مع التقدم في السن، وخاصة فوق سن 45 عاما، السكري الحملي، متلازمة المبيض متعدد الكيسات. ثم هناك حالات أخرى يمكن أن تكون لها علاقة بالإصابة بمرض السكري، تشمل فرط ضغط الدم، فرط الكولسترول الضار، مستوى مرتفع من ثلاثي الغليسريد، وهو نوع أخر من الدهنيات الموجودة في الدم. أخطاء في تعامل المريض مع مرضه إن معظم مشكلات ومضاعفات داء السكري يكون سببها أخطاء في تعامل المريض نفسه مع مرضه، وإهماله اتباع طرق الوقاية من تلك المضاعفات، أو العمل على تأخير حدوثها. وهناك اثنتان من بين مجموعة المضاعفات الشائعة الحدوث لمرضى السكري لهما تأثير كبير على حياة هؤلاء المرضى، حيث تشتركان في ظهور مشكلات القدم السكرية في وقت مبكر من حياة مرضى السكري، والتي قد تنتهي ببتر الأطراف، هما تلف الأعصاب وضعف الدورة الدموية. وتقدم الأكاديمية الأمريكية لجراحي العظام مجموعة من الاقتراحات للمحافظة على صحة أقدام مرضى السكري، من بينها: * أن يتجنب مريض السكري المشي حافي القدمين لتقليل خطر الإصابة العفوية للقدمين. * غسل القدمين بعناية ولطيف بالماء الدافئ والصابون كل يوم، والتأكد من أن المياه ليست ساخنة جدا، ومن ثم يجب تجفيف القدمين بعناية. * ترطيب جلد القدمين في كثير من الأحيان. * الحفاظ على أظافر القدمين مقصوصة ومقلمة بطريقة صحيحة، بحيث تكون أطرافها مستقيمة وليست دائرية وذلك لمنع نمو الظفر داخل جلد الأصبع. * أن يتجنب مريض السكري استخدام أي أداة حادة، أو وسادة تدفئة القدمين، أو حتى الكريمات أو المحاليل المطهرة لأصابع القدمين من دون وصفة طبية. * المحافظة على إبقاء القدمين دافئتين في جميع الأوقات. * الإقلاع عن التدخين.