رغم الوضع الذي خص به دستور 2011 المشرع المغربي ورسم أدوارا واضحة للأغلبية والمعارضة ,فإن بنكيران حول الغرفتين إلى قناتين لتسجيل مواقفه الشخصية والحزبية ,ومنبرا خطابيا , ووصل الأمر إلى أن حاور بنكيران نفسه داخل مجلس النواب بعد أن قاطع اللقاء الشهري 177 نائبا معارضا , ومع ذلك لم يجنح الرئيس للحوار رغم أن قضية التوقيت لا ينص عليها الفصل 101 وترك الأمر لاتفاق مكونات المجلس, فإن الحكومة تصر على الاستحواذ على ثلثي الوقت المخصص للجلسة, فما كان من بنكيران الا أن سد الباب وقال بأنه « ماامسوقش « و» اللي بغا يحضر يحضر» وهو الأمر الذي اعتبرته جهات برلمانية ضرب لحق المعارضة في التعبير وممارسة دورها الرقابي والتشريعي . لم تقف الأزمة عند البرلمان, بل تعدته الى مجلس المستشارين الذي هدد بالقيام بأشكال غير مسبوقة للرد على إهانة الحكومة للمجلس, فما كان من بنكيران إلا أن رد عليهم من داخل اجتماع حزبي للعدالة والتنمية « ديرو اللي ابغتو وانا غادي نمشي للمجلس وانقول اللي ابغيت « بل زاد في التحدي والصدامية « كيخافو من الجواب اديالي « غادي نقول اللي بغيت « لم نسمع بمساع للحوار بين مؤسسات دستورية منظمة ولها صلاحيات, مما يعني أن تجميدا مقصودا لهذه المؤسسات يجري فعليا , مما يؤثر على سير مؤسسات البلاد ويجيب عن جزء من السؤال « اعلاش البلاد واقفة» تطبيق الدستور والانتقائية المفضوحة ترك الدستور الجديد العديد من الإجراءات التنفيذية للحكومة والمشرعين المغاربة من قبيل القانون المنظم لعمل الحكومة, وهو قانون اطار يمكن من ربط تحمل المسؤولية بالمحاسبة وتحديد عمل الحكومة حتى يمكن محاسبتها من طرف البرلمان والمجتمع وهو القانون الذي لم تتقدم به حكومة بنكيران بعد, رغم أزيد من سنة ونصف من الممارسة الحكومية,وفي كل مرة اضافة الى قوانين متعلقة بالقضايا الاجتماعية كحق الاضراب والمرأة والشباب والمجلس الأعلى للسلطة القضائية وغيرها من النصوص التي تشكل آليات ناجعة في حل عدد من القضايا الاساسية وتسهيل ممارسة الحكم والانتقال الى الديموقراطية. خاصة وأنها مجالات كانت مثار مطالب شعبية من سنين وتمت تلبيتها اخيرا في دستور 2011 . لكن الملاحظ هو ان الحكومة عجلت من سرعتها وأخرجت قانون التعيين في الوظائف العمومية, خاصة المناصب العليا وبدأت فعليا في تنفيذه ولا يخلو مجلس حكومي من لائحة تعيينات حتى مع الجدل الذي يثيره كل تعيين جديد, وهاجس الخوف الذي بدأ يشل الأطر الإدارية وخوفها حتى من ممارسة مهامها , كل هذا يظهر «اعلاش البلاد واقفة» الأغلبية مع وقف التنفيذ.. منذ شهور والتحالف الحكومي بقيادة العدالة والتنمية يعرف تصدعات كبيرة وتراشقا بين الحلفاء, بل وصل الأمر إلى اتهامات خطيرة بين الجميع. ومنذ إعلان التشكيلة الحكومية ، قامت حرب طاحنة بين العدالة والتنمية حتى قبل مجئ حميد شباط, حول وزارة النقل والتجهيز ووزارة الصحة, وانتقل النزاع بعد غياب عباس الفاسي ليطال وزارة المالية ووزارة الخارجية,قبل ان يتحول الأمر إلى حرب مفتوحة بين الطرفين وتبادل الاتهامات, وصولا الى قرار حزب الاستقلال بالانسحاب من الحكومة وربط الأمر بتحكيم ملكي طبقا لتأويل معين للفصل 41 من الدستور. واصدر الاستقلال بيانا ناريا شرح فيه أسباب الانسحاب, متهما بنكيران حليف الأمس بالانفراد بالقرارات داخل الحكومة وتهميش الاستقلال, مطالبا بإعادة توزيع المناصب الوزارية والاستعانة بأطر جديدة, خاصة أن وزراء الاستقلال عينوا على عهد غريمه السابق عباس الفاسي .ورغم كل الحرب المشتعلة في اطراف التحالف الحكومي ,ظل بنكيران يعتبر الامر مجرد فقاعات اعلامية وتحامل على حكومته العتيدة ومحاولة للضغط عليه, الى ان جاءه البيان الاستقلالي ومعه أشرس حرب شنها شباط على التقدم والاشتراكية الذي اتهمه باقدح النعوث داعيا الى الفصل معه واخراجه من الحكومة, بل ان شباط اقسم ان حزبه لن يشارك في اي حكومة يوجد بها نبيل بنعبد الله في قادم الايام. بدوره ظل التقدم والاشتراكية وفيا بشكل لافت للعدالة والتنمية وخاض حربا شرسة للدفاع عنه في مواجهة حميد شباط. وزيرالداخلية محند العنصر اختار سياسة النأي بالنفس, وان كانت راجت اخبار عن محاولة العنصر لعب دور الوساطة, وهو الأمر الذي اصبح غير وارد اليوم بعد إحالة بيان الاستقلال الأمر على الملك . تحالف غير طبيعي منذ البداية حيث المرجعيات المختلفة جدرية ...ولان أربعة أحزاب تقدمت ببرنامج حكومي ولا تستطيع اليوم تدبير خلافاته, فإنه وقع انهاك للبلد والإضرار بسمعته السياسية و الاقتصادية ولم يعد ذلك الوطن الحصين والآمن .. فالبلاد « واقفة» صورة سيئة عن المغرب من إخراج حكومي. تصرفات الحكومة والملاسنات بين أعضائها ومواقفها المتسرعة والارتجالية مست صورة المغرب في الخارج وتضررت جميع القطاعات حتى أن وسائل إعلام دولية مختصة, بدأت تشير إلى المغرب بأنه غير مستقر, ومنها جرائد أمريكية وأوربية , لان بنكيران « ربما لايقرا» فقد أوضح في لقاء حزبي بأن وزيرا اخبره بأن جريدة أجنبية كتبت مقالا عن المغرب وعن كونه لم يعد مستقرا واتهم بنكيران خصومه بالأمر.. صورة المغرب تضررت أيضا من بعض تصريحات بنكيران ووزرائه, خاصة حين اعتبر الرميد بأن السياح يأتون للمغرب للفساد في مدينة مراكش, وكذلك خدشت الصورة حين تعيين امرأة واحدة في الحكومة, مما اعتبرته الجهات النسائية محاولة تكميم أفواه النساء وضرب مكاسبهن .وزادت الحكومة في تلويث الصورة بعد ادخال قاموس مرعب من المصطلحات المستقدمة من الغابات والعالم اللامرئي « التماسيح العفاريت الارانب والثعابين..» وهي مصطلحات لا تصلح في السياسة ولا بدستور 2011 الذي نادى المغاربة به من اجل وضوح العلاقات وسلامة اللغة التي نتكلم بها . فهل مع هذا القاموس لا نكتشف حقيقة «اعلاش البلاد واقفة»