بعدما خاض عدة تجارب متنوعة في فن التشكيل ومشاركته في عدة معارض واستلهام رسومات وأيقونات من رسوم ونقوش صخرية صحراوية في معظم لوحاته، عاد مجددا في هذا الموسم ليخوض تجربة جديدة نوعية ومتميزة من خلال فتح وتدشين «فضاء دجيمي للفنان التشكيلية» بحي تيليلا بأكَادير، وعرض آخر لمساته الفنية والإبداعية في هذا الفن التي أنتجها خلال هذه السنة. ويهدف الإمام دجيمي ذوالأصول الصحراوية والملامح اللينينية من هذا الفضاء المفتوح الإنفتاح على الجمهور والتواصل معه، من أجل الإنصات إلى ملاحظاته فيما أبدعت أنامله ومخيلته من ملامح وشخوص وظلال وأيقونات جديدة وأشكال فنية، على اعتبار أن تلك المشاهدات وتقاسم الجمهور معه فرحته الفنية دفعة جديدة أخرى لهذا الفنان ستساعده على نمو شخصيته الفنية من جهة وتحفيزه أكثر على الإنتاج في هذا المسارالتعبيري والإبداعي الخلاق من جهة ثانية. ومع ذلك، فهذا الفن لايرتبط في نظره بتعلم الرسم ولا بتعلم الصباغة داخل المرسم، بل بالإنفتاح على الآخر وتكثيف التخيل والحدس الشخصي وخوض رحلة البحث المستمر لإكتشاف وبشغف كبير، تنوع الموارد الإبداعية لأن في هذه المسألة، وكما قال، في كلمته بالمناسبة «تنمية لإدراكاتنا التخييلية وتوسيع رؤيتنا لذواتنا وللعالم من حولنا، من خلال تجريب مجموعة من المقاربات التعبيرية التي تمنحنا الرغبة في الإبداع ولذة توفيرالوقت للذات لتلهو وتتمتع وتجدد طاقاتها وإمكانياتها». وتستمد لوحاته التشكيلية تيماتها المهيمنة على الأشكال الفنية المعروضة من «أزالاي» التي تعني باللهجة الحسانية وبالضبط باللغة الأمازيغية الصنهاجية القافلة أوالموكب الذي يقل الملح، ومن أجل هذا الموروث الثقافي المغربي الصحراوي، يعتزم الإمام دجيمي تنظيم تظاهرة فنية خلال شهر أكتوبرالمقبل تحت شعار:«من أجل المحافظة على تراثنا البصري »، بحيث ستعرض هذه التظاهرة الفنية المتنقلة داخل عشر مدن مغربية 30 نقشا ورسما صخريا من الصحراء المغربية وبالأخص من منطقة السمارة المرسومة والمنقوشة على صخر البيداء، والتي تمثل حياة الإنسان النيوليتي والطبيعة المحيطة بحياته آنذاك، خاصة أن أزالاي النقوش الصخرية تمثل بشكل من الأشكال متحفا جيولوجيا لمختلف المراحل الكرونو - ثقافية لهذه المنطقة. وحسب ما جاء في البلاغ الصحفي، فالهدف الأساسي لأزالاي الفكر والفن هو تحسيس الجمهورالمغربي الواسع بأهمية المحافظة على هذا الإرث الثمين الذي يقاوِم بصعوبة من أجل البقاء والحفاظ على قيمته وبريقه حتى لا يمحوه النسيان من الذاكرة،تحت ذريعة واهية وهي أن هذا الإرث الثقافي اليوم لا يدر أية مداخيل ولايتم تداوله إلا داخل أوساط معينة ومغلقة هي نفسها في طورالإنقراض داخل محيط مغاير لم يعد يعترف بها. ولهذا يبلغ الإمام دجيمي من خلال معرضه الجديد وما يعتزم القيام به مستقبلا من جولات فنية ومعارض بعشرمدن مغربية رسائل عديدة إلى القائمين على الشأن الثقافي ببلادنا من وزارة ومندوبيات من أجل إيلاء أهمية كبرى لثقافة أزالاي والنقوش الصخرية بمنطقة السمارة باعتبارهما موروثا مغربيا يستحق كل التفاتة، وتاريخا حضاريا يذكرنا بالأصول والجذورالضاربة في أعماق الماضي. وبخصوص مضامين لوحات الفنان الإمام دجيمي فقد لاحظ الناقد التشكيلي إبراهيم الحيْسن في قراءة سابقة أن النقوش التي استلهم منها الفنان تيماته«تبدو مختزلة ومنمنمة في صورة هندسية مبسطة تغيب فيها التفاصيل والجزئيات،لكنها تحتفظ بالملامح العامة (المقروءة) للعناصرالمرسومة ومنها الأشكال الحيوانية وبخاصة فصيلة الأبقار والأغنام والظباء وبعض التشكلات الحيوانية الأخرى كالنعامات والزورافات والفيلة، زيادة على كتابات ورموز تجريدية تؤثث فضاء الصخور ذات اللون الأزرق الداكن الضارب نحو السواد».