بينما كان المتسابقون يندفعون نحو خط النهاية في ماراثون بوسطن بعد ظهر الاثنين، أطلق انفجار قنبلتين كرتي لهب برتقاليتين في الهواء، ما تسبب في مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل، وجرح أكثر من 130 آخرين، ووضع بوسطن والولايات المتحدة من جديد في مواجهة الإرهاب. التأثير المدمر للتفجيرين، اللذين حدثا بفارق 16 ثانية، عند الساعة الثانية وخمسين دقيقة بعد الظهر في واحد من أهم الأيام في تاريخ بوسطن (اليوم الذي تحيي فيه المدينة ذكرى المعارك الأولى للثورة الأميركية)، امتد بشكل آني تقريباً عبر المدينة والبلاد: حيث تم تعليق الحركة الجوية في مطار بوسطن، وأمرت الشرطة سائقي المركبات بإخلاء المدينة، وتم قطع خدمة الهاتف المتحرك مؤقتاً لتجنب إمكانية تفجير عبوات ناسفة عن بعد. ووفق المسؤولين الأمنيين، فإن طفلاً في الثامنة من عمره قُتل في الانفجار و10 أطفال آخرين على الأقل يوجدون من بين الجرحى. وأفاد موظفون طبيون بأن العديد من الأشخاص جُرحوا بسبب إصابتهم بشظايا في الأرجل، وإن كانوا غير واثقين ما إن كانت الأجزاء المعدنية قد وضعت في القنابل، أو جزء من حطام الانفجار. وفي كلمة قصيرة له بعد الساعة السادسة مساء قال أوباما: »مازلنا لا نعرف من قام بهذا الأمر أو لماذا، وينبغي ألا يتسرع الناس في الاستنتاجات قبل أن تكون لدينا جميع الحقائق«، مضيفاً »ولكن كونوا على يقين أننا سنعرف ذلك«، وأيا يكن الفاعل »فإن العدالة ستطاله«. السلطات الفيدرالية تعاملت مع الانفجارين باعتبارهما هجوماً إرهابياً؛ حيث قال »ريتشارد ديلورييه«، العميل الخاص المكلف بفرع مكتب التحقيقات الفيدرالي في بوسطن، إن التحقيق يقوده فريق مشترك يضم السلطات الفيدرالية والمحلية. وأضاف في مؤتمر صحفي في المساء: »إنه تحقيق جنائي، وتحقيق إرهابي ممكن«. وعلى شارع »بويلستون«، حيث كان المتسابقون المنهكون والفرحون يحتضنون أصدقاءهم وأفراد عائلاتهم قبيل لحظات، لطخ الرصيف والشارع بالدم؛ ورأى شهود أشلاءً وأطرافاً مبتورة. وتحول متطوعون إلى فرق طوارئ مرتجلة تقوم بنقل الجرحى على ألواح؛ كما قام طباخ بربط مئزره حول جرح امرأة فقدت ساقها. وقد كانت ثمة الكثير من الإصابات، لدرجة أن أفراد فرق الإسعاف اضطروا لاستعمال أشرطة، وما وقعت عليه أيديهم لوقف نزيف المصابين. وتوقف العداؤون، ثم جروا من جديد، هذه المرة من دون وِجهة، إلى حيث يمكن أن يشعروا بأنهم في أمان. وفي مؤتمر صحفي عقد في المساء، قال قائد شرطة بوسطن: »إيد ديفيس، إن التفجيرين تسببا في إصابات متعددة«. ولكنه لم يعط أي تفاصيل. غير أن مسؤولين قالوا إن أكثر من 130 شخصاً أصيبوا بجروح. وقالت الشرطة، إن القنبلتين وضعتا في سلتين للمهملات تبعد إحداهما عن الأخرى بأقل من 90 متراً؛ بينما أفادت تقارير غير مؤكدة بأن التفجيرين استخدم فيهما جهاز للتحكم عن بعد. كما قال مسؤولون إن الشرطة وجدت حزمتين مشبوهتين على الأقل في موقعين آخرين بوسط المدينة. وقال »ديفيس« إنه لا يستطيع الجزم بشأن ما إن كانت القنبلتان هجوماً إرهابياً، ثم أضاف: »يمكنكم أن تخرجوا باستنتاجاتكم الخاصة بناء على ما حدث«. وفي واشنطن، قالت رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ دايان فاينشتاين (الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا)، إنها تعتقد أن التفجيرين يشكلان هجوماً إرهابياً، ولكنها بنت حكمها على تقارير إخبارية، وليس معلومات استخباراتية رسمية. ومن جانبها، قالت السيناتورة سوزان كولينز (الجمهورية من ولاية ماين) إن فريقها أُخبر من قبل المركز القومي لمحاربة الإرهاب بأنه لم يكن ثمة أي تحذير معين بخصوص هجومي بوسطن. وخلصت كولينز أيضا إلى أن »هذا الهجوم يحمل كل علامات الهجوم الإرهابي«. وأشارت تقارير إخبارية في بوسطن إلى أن صورة إحدى كاميرات المراقبة أظهرت رجلاً يحمل حقيبتي ظهر في الموقع قبل وقت قصير على الانفجارين. وقال ديفيس مساء الاثنين إنه لا يوجد مشتبه فيهم، ولكنه أضاف أن الشرطة تتحدث حالياً مع بعض الأشخاص. وفي وقت لاحق من يوم الاثنين الماضي، أفادت قناة فوكس 25 التلفزيونية في بوسطن بأن الشرطة تقوم بتفتيش شقة في ضاحية ريفيري كجزء من التحقيق. آلان كوفمان، 54 عاماً، من مانشستر، نيوهامبشر، كان على شارع بويلستون يتابع الماراثون عندما انفجرت القنبلتان. وقال كوفمان: »لا يمكننا أن نقوم بهذا بعد اليوم. لا يمكن أن ننظم أحداثاً مفتوحة بعد اليوم«، مضيفاً »لأنك لا تستطيع التحكم فيها«. الانفجاران وقعا بعد الظهر بالقرب من خط نهاية الماراثون. وكان العداؤون الأوائل قد عبروا خط النهاية بعد ساعتين و10 دقائق على البداية، في حين عبرت المتسابقات الأول بعد 16 دقيقة على ذلك. ولكن في الساعة الثانية وخمسين دقيقة، التقت مجموعة من العدائين الأبطأ عند خط النهاية، الذي كانت تزين جنباته أعلام البلدان التي يمثلها المتسابقون. ويقول مايكل جونستون، 57 عاماً، وهو متسابق من نيوتن، ماساتشوسيتس: »لقد كنت على بعد كيلومترين«، مضيفاً »وفجأة لاحظتُ الناس ببذلاتهم وملابس أخرى على الشارع مسرعين في الاتجاه لآخر. فاعتقدت أن الأمر يتعلق بفشل في الإجراءات الأمنية، ولكن بعد ذلك أوقفونا«. وقريباً من خط النهاية، سمع مايكل كيلشر، 37 عاماً، من منطقة تشارلزتاون في بوسطن دوي الانفجار فتوقف في مكانه. ويحكي كيلشر، الذي كان يبعد بأقل من 45 متراً عن الانفجار الأول، قائلا: »لقد رأيتُ وسمعت ذلك الصوت المدوي، الذي أردت أن أعتقد في البداية أنه صوت مدفعية... وبعد نحو 20 ثانية، وقع انفجار آخر. ورأيت الكثير من الشظايا، أجزاء تتطاير في الهواء، ثم تقع على الشارع. وكان ذلك أشبه برذاذ من الشظايا«.