في الوقت الذي صادق فيه أغلبية الشعب المغربي على دستور 2011، معتبرين إياه بوابة لضمان حقوقهم، ورفع واقع »الحكرة« واللامساواة التي كانت مسيطرة على مختلف مجالات الحياة العامة... وفي الوقت الذي ينص فيه هذا الأخير في فصله السادس على أن »القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، والجميع (أوضع سطراً تحت الجميع!) أشخاصاً ذاتيين واعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له... إلخ«، نجد أن »كائناً انتخابياً« يدعى »أمغار« يتجول في الأسواق، وتُنْصَبُ له خيمة (وكأننا لازلنا في عهد السلف الصالح) ليصدر أحكاماً ما أنزل الله بها من سلطان دونما حاجة إلى مسطرة أو محضر... أو حتى... قلم الرصاص!؟ ومنطوقها يقول: نحن الحاكم بأمره صاحب الصولة والحظوة نصدر حكمنا التالي: »إطعام ستين نفراً من خلال »زرْدة« دَسِمَة تليق بالمقام!«. »مقاطعة فلان الفلاني، ومحاصرته اقتصادياً، فلا من يحرث له حقله، ولا من يحصده، ولا من يشتري غلته...! »عدم تشييع جنازة المغضوب عليه أو أحد من أقربائه«. »مقاطعة أستاذة في روض الأطفال وحرمان الأبرياء من دروسها« (رغم حصولها على تكوينات بيداغوجية معترف بها). »التصويت بكثافة على مرشح الحزب الذي أنتمي إليه«. »مقاطعة المستشارين الجماعيين الذين شقوا عصا الطاعة وصوتوا ضد الحساب الاداري للجماعة وعارضوا الرئيس«. أجل، إنها أحكام نافذة وغير قابلة للاستئناف أو الطعن والويل والتبور لمن سولت له نفسه حتى مناقشتها، فبالأحرى التظلم منها...! كيف لا، وهو الذي يعقد تجمعات عمومية دونما حاجة الى تصريح، كما يطلب من الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية وغيرها، وكيف لا ورئيس الجماعة يضع رهن إشارته سيارة الجماعة ليتأكد بواسطتها من نفاذ أحكامه...! وأصل الحكاية، أن »أمغار« انطلق من مجال تدبير المياه الجماعية السطحية لقبيلة أيت ويرا، من خلال »مجلس إمُورْ« ليبسط هيمنته على مختلف المجالات العامة، بما فيها الأمور السياسية حيث أن المعني ترشح للغرفة الفلاحية بلون معين (الحركة)، وهو الآن ينتمي للون سياسي آخر (البام). أمام هذا الشطط الذي لم يعد يقبل الاحتمال، قام مجموعة من المواطنين بوقفة احتجاجية أمام ولاية جهة تادلة أزيلال بتاريخ 25 مارس الفارط، استقبلوا على إثرها من طرف الوالي، غير أن »أمغار« لم يزدد إلا عتواً وتمادياً على خلاف الوعود التي أعطاها المسؤول الأول بالجهة »بوضعه عند حده!« مما اضطرهم الى الوقوف وقفة احتجاجية ثانية أمام المحكمة الابتدائية بقصبة تادلة بتاريخ 9 أبريل الجاري، مؤازرين من طرف الهيئات السياسية التقدمية والجمعية المغربية لحقوق الإنسان مطالبين برحيل »أمغار« و »طمر سياسة أمغار«، وذلك بتطبيق مبدأ سيادة الحق والقانون. وهذا ما وعد به وكيل الملك بعد إجراء المسطرة القانونية في الموضوع.