تعيش بلادنا أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة ليس فقط بفعل تداعيات الأزمة الدولية ولكن بسبب عدم استيعاب الحكومة لخطورة الأزمة وتفاقمها ولافتقادها لأبسط قواعد تدبير الشأن العمومي واكتفائها بتسيير ما هو يومي والاهتمام الزائد عن اللزوم بالحروب الكلامية العديمة الجدوى. إن أغلب المؤشرات الاقتصادية والمالية والاجتماعية توضح بما لا يدع مجالا للشك أننا في وضعية حرجة حيث تجاوز عجز الميزانية العامة 7,2% ونسبة المديونية العامة فاقت 62% من الناتج الإجمالي الداخلي وتدهور كذلك عجز الميزان التجاري وكذا عجز ميزان الأداءات بالإضافة إلى مرتبتنا في الدرجة 130 في مجال التنمية البشرية ووضعية الطبقة الوسطى. لكن الخطير في الأمر أن الحكومة لازالت متشبتة بمقاربتها الأحادية وتريد تهميش المؤسسة التشريعية التي صادقت على القانون المالي لسنة 2013 بل أبانت عن إرادتها في نقض المرجعية الدستورية خصوصا وأن الفصل 77 ينص على أن الحكومة والبرلمان من واجبهما السهر على الحفاظ على توازنات مالية الدولة. إن الحكومة ليس من حقها مراجعة مجموعة من المضامين الأساسية للقانون المالي الحالي المتعلقة بالاستثمار العمومي ومناصب الشغل والتي لها انعكاسات خطيرة على الوضعية الاجتماعية ووضعية المقاولة الوطنية واستقرار الشغل دون استشارة البرلمان ودون تفعيل ديمقراطي للدستور الجديد. لذلك نرفض أن تقتصر الحكومة على وضع نصوص قانونية أحادية في شكل مراسيم بل عليها أن تبلور قانونا ماليا تعديليا تكون من أهدافه احترام المرجعية الدستورية وإشراك المؤسسة التشريعية في التغييرات التي سيعرفها القانون المالي الحالي وكذلك من أجل تجاوز أية إجراءات تجزيئية ستكون لها آثار وخيمة على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا. إن الوضع الاقتصادي والاجتماعي الحالي يحتاج إلى إجراءات جريئة تحمي القدرة الشرائية للمواطن وتحفز المقاولة الوطنية على العطاء وتنعش الدورة الاقتصادية الوطنية، إجراءات ترتكز أساسا على محاربة الريع والاحتكار والرشوة والتهرب الضريبي والتملص الضريبي ووضع حد للامتيازات والنفقات الضريبية عوض البحث عن الحلول السهلة والتي تتحملها الفئات الضعيفة والوسطى.