مرض السكري وباء عالمي، بحيث يقدر عدد المرضى المصابين في العالم بهذا الداء ب 371 مليون شخص مصاب. وقد تضاعفت نسبة انتشار مرض السكري في الثلاثة عقود الأخيرة، وذلك ناجم عن ارتفاع أمل الحياة، وبفعل التغيرات التي طرأت على نمط الحياة، مقابل تقليص المجهود الجسماني والرفع من نسبة السعرات الحرارية، وكذلك التشخيص المبكر. وتشير الإحصائيات إلى أن شخصا من بين عشرة مصاب بالسكري في العالم. هذه الأرقام تجاوزت التوقعات المرتقبة رغم تحسن المراقبة والتشخيص والعلاج. يشكل مرض السكري من نوع 2 نسبة 80 في المائة من كل أنواع مرض السكري، ويعتبر «الداء الأبيض» مشكلا صحيا بأبعاد إنسانية، اجتماعية واقتصادية، ويؤدي إلى إصابات في مستويات متعددة في الجسم، سواء تعلق الأمر بالشرايين، أو المضاعفات القلبية والكلوية، وكذا التأثيرات والتداعيات على البصر، فضلا عن التسبب في بتر الأطراف الناجم عن انسداد العروق، دون إغفال المضاعفات النفسية المصاحبة لمرض السكري . هذه الصورة القاتمة لمضاعفات مرض السكري، تستوجب نهضة إعلامية، وتوعوية، وتشخيصية، وعلاجية للمرض من طرف مؤسسات المجتمع المدني، ومهنيي الصحة، وخاصة المسؤولين الصحيين في بلادنا، فمن غير المقبول أن تعج المستشفيات العمومية بمواطنين مصابين بالضعف الكلوي، على سبيل المثال لا الحصر، الناجم عن مرض السكري المهمل ، أو بأشخاص مصابين بالعمى الناجم عن مرض السكري. أما بالنسبة للجانب الاقتصادي و الاجتماعي فهما متداخلان بشكل وثيق، مع مستوى السكان والدخل الفردي، والمستوى الثقافي للساكنة. فمرض السكري يتطلب على المستوى الفردي، نفقات غالبا ما تفوق القدرة الشرائية للمواطن المغربي البسيط، وذلك لمتابعة وبنجاعة نصائح الطبيب في السلوك الغذائي، والعلاج الدوائي، والمراقبة اليومية لمستوى السكري في الدم، والمراقبة المخبرية لوظيفة الكلي، والخزان السكري كل ثلاثة أشهر، وكذا مستوى الدهنيات في الدم. أما على الصعيد الجماعي، فمرض السكري يتطلب تقريب المستوصفات والمستشفيات من المواطنين، مع التكوين المستمر لمهنيي الصحة، وتخفيض أسعار الأدوية، وسن سياسة دوائية ناجعة. وينصح الأطباء بتجنب جميع العوامل المحفزة على الإصابة بمرض السكري، فبالإضافة إلى العوامل الوراثية المحفزة في ظهور مرض السكري من نوع 2 ، نجد السمنة والزيادة في الوزن، ومتلازمة التمثيل الغذائي، وكذلك التغيرات الايضية التي تشمل» ديسليميديا» ، ارتفاع الضغط الدموي، مقاومة الانسولين، ارتفاع استهلاك السعرات الحرارية ،النقص في النشاط الرياضي. و في الختام أود التنبيه ، إلى أن نظامنا الغذائي، غني بالهيدروكربونات، وخاصة السكريات ذات الامتصاص السريع، وبأن دراسات حديثة أنجزت على صعيد 175 دولة، أثبتت ترابط مرض السكري من نوع 2 والمكونات الغذائية للطعام، بحيث بينت هذه الدراسة أن كل زيادة بنسبة 150 كيلو كالوري للشخص في اليوم في توافر السكر، تساهم في زيادة انتشار مرض السكري بنسبة 1.1 في المائة، و ذلك بعد اختبار المواد الغذائية الأخرى، بما في ذلك الألياف، اللحوم، الفواكه، الزيوت، والحبوب، ومجموع السعرات الحرارية، مع مراعاة الوزن و السمنة، وعدة عوامل اجتماعية، واقتصادية، كالتحضر والدخل.