كنا قد تطرقنا في الأسبوع الفارط، لبعض تفاصيل التدخلات الاسعافية الطارئة ، التي يقوم بها الشخص المسعف من أجل إنعاش القلب والرئتين، والتي تنقسم إلى إنعاش متقدم وإنعاش ابتدائي، لنكمل ، في ملف هذا الأسبوع، الجزء الثاني حول نفس الموضوع. التنفس الصناعي من خلال الفم أو الأنف إن الضغط على عضلة القلب يحرك الدم، والدم يحتوي على الأوكسجين الضروري لإبقاء خلايا الدماغ على قيد الحياة، إلا أن ما يحتويه الدم لا يكاد يكفي لبضع دقائق، لذا لابد من تحريك الهواء في الرئتين، حتى تتم عملية تبادل الأوكسجين بثاني أكسيد الكربون، حيث يتم النفس الصناعي بعد 30 تدليكة قلبية، على أن تتم العودة مباشرة إلى التدليك القلبي بعد نفختين، ويتم ذلك بالطريقة التالية: * مد الرقبة بالضغط على الجبين وفتح الفك، وذلك لفتح المجاري التنفسية، وتلقائيا يتم إبعاد اللسان الذي «يشل» في حالة الموت السريري هذه، ويرتد للخلف مغلقاً المجاري التنفسية. * نفخ النفس، بحيث تمسك يد الفك وترفعه حتى يبقى وضع العنق على امتداده، واليد الأخرى تغلق فتحتي الأنف، حتى لا يتسرب الهواء المنفوخ من الأنف للخارج ولا يصل الرئتين. وتسمى هذه الطريقة بالنفخ عن طريق الفم. ويمكن اختيار النفخ عن طريق الأنف ، وذلك بإغلاق الفم ثم ضم الشفتين حول الأنف، مع تركه مفتوحاً ثم النفخ عن طريق الأنف، وذلك في الحالات التي يتعذر فيها النفخ عن طريق الفم « لوجود عائق ما كاللعاب أو الدم، أو القيء»، ويكفي هنا حدوث نفس أو نفسين فاعلين لتجديد الهواء في الرئتين ، ثم لابد للعودة فوراً إلى الضغط على القلب بتواتر 100 في الدقيقة. تواتر التدليك والنفس يستمر التبادل بين التدليك القلبي ونفخ النفس بتبادل 30 ضغطة ثم نفختين ثم 30 ضغطة... الخ. إلى حين وصول الطاقم الطبي المدرب، والذي يقوم بعملية الإنعاش المتقدمة، وهذا مايشار إليه ب « 30:2 » . وتجدر الإشارة إلى أنه يجب التأكيد على أن عملية الإنعاش الابتدائي هذه هي فقط لتغطية المرحلة الحرجة وإنقاذ خلايا الدماغ في حالة السكتة القلبية من الموت، ولكنها ليست عملية إحياء. بمعنى أنه لو تمت بشكل صحيح ، فإنه يمكن أن يبقى المريض لمدة قد تصل إلى الساعة إلى حين وصول الطاقم الطبي، وتنتهي العملية إما بالإجهاد التام لكافة المسعفين، أو بوصول الطاقم الطبي المتدرب. وبالتالي فإن هذه العملية لا تجدي نفعاً بالإطلاق إذا لم تُسبق أو إذا لم يرافقها نداء الاستغاثة إما عن طريق الهاتف، أو عن طريق إرسال أحدهم ليحضر النجدة الطبية، ولو تأخرت بسبب ذلك عملية الإنعاش قليلاً، فعملية إنعاش دون طلب النجدة الطبية أو الإسعاف مآلها إنهاك المسعف، الذي لن يستطيع أن يُنعش إلى ما لا نهاية! * أما الصنف الثاني فيتعلق بالإنعاش القلبي الرئوي المتقدم، وهو الإنعاش الذي يقوم به الفريق الطبي المدرب والمجهز، وبخاصة بجهاز مزيل الرجفان وأقنعة للتنفس الصناعي، ضمن قائمة من الأدوية والمعدات الطبية الخاصة. الهدف من عملية الإنعاش المتقدم هو إعادة الدورة الدموية إلى الوضع الطبيعي، وإخراج القلب من السكتة القلبية، ولا يتم بذلك إلا باستخدام مزيل الرجفان الذي يعطي صعقة كهربائية توقف الرجفان البطيني، واعتماداً على التخطيط القلبي قد يكون القلب تجاوز حالة الرجفان ليصل إلى حالة السكوت القلبي، حينها تتم عملية الإنعاش دون استخدام الصعقة الكهربائية، وذلك متروك لتحليل الطاقم الطبي المدرب. خطوات الإنعاش المتقدم يتم الإنعاش بعد وصول الفريق الطبي للإنعاش بناء على توصيات اللجان الطبية المختصة، وبناء على التدريب الذي حصل عليه الفريق الطبي. 1 يبدأ الإنعاش بتبادل التدليك والنفس بتواتر 30:2 لمدة دقيقتين، إذا لم يكن هذا قد حصل من قبل المسعف الأولي. 2 بناء على التخطيط القلبي يتم تقسيم السكتة القلبية إلى قابلة للصعق الكهربائي، وغير قابلة للصعقة الكهربائية. 3 إذا ما استقر الرأي على أن السكتة القلبية قابلة للصعق يتم الآن تطبيق الصعقة مباشرة، وذلك لأن فرص نجاح الصعقة في العضلة أكبر إذا توافر الأوكسجين في العضلة القلبية. مع العلم أن التأخير يضر أيضاً ، إذ أن فرص النجاح تقل بنسبة 5 10 % مع كل دقيقة تمر! 4 بعد تطبيق الصعقة الكهربائية يتم تدليك القلب مجدداً، وذلك دون تقييم التخطيط القلبي. 5 بعد أن يتم تدليك القلب لمدة دقيقتين، يتم تقييم التخطيط القلبي من جديد. (*) ممرض مختص في التخدير والإنعاش دوامة من التيه والخوف والألم عاشتها هاجر ومعها والدتها أمام هذا المعطى، الذي فرض على الصغيرة في سنة 2010 الخضوع لحصص تصفية الكلي وقبلها إجراء عملية يطلق عليها اسم «المكانة»، ترتكز على ربط الشريان مع الوريد، تقول هاجر، من أجل دوران الدم النقي في الجسم، والتي مكثت بعدها 15 يوما في انتظار التعافي، قبل أن تسلم جسدها للآلات الميكانيكية 3 مرات في الأسبوع من أجل إجراء حصص تصفية الكلي التي تدوم مدة الحصة الواحدة 3 ساعات و 45 دقيقة. «تغيرت حياتي، انقطعت عن الدراسة وأصبت بعقدة نفسية، لم أتقبل حصص التصفية، وسدت في وجهي كل الأبواب وصرت محبطة لا أبتغي شيئا من الدنيا ومن هذه الحياة التي لا استطيع أن أنعم بحلاوتها»، هكذا صرحت هاجر، مستحضرة تلك التفاصيل الأليمة الأولى لحصص التصفية، والتي كانت تثقل كاهل أسرتها التي لم تكن لها طاقة توفير المبالغ المادية لهذه الحصص وللأدوية الباهظة التي تستعمل شهريا، والتي لاتزال تستعملها في السنة الثالثة من حصص التصفية التي ستتمها في شهر يونيو المقبل، هذا في الوقت الذي تم قبول ملفها الطبي وصارت تستفيد من حصتين أسبوعيا وحصة ثالثة مؤدى عنها. قرابة 3 سنوات من الألم تعايشت هاجر مرغمة مع تفاصيلها، في كل زفرة من زفرات أنفاسها، وانبرت إلى كتابة خواطر وقصائد تترجم أحاسيسها ومشاعرها، عملت طبيبتها التي ساندتها وآزرتها في محنتها ، على طباعتها في ديوان يحمل إسم «همسات»، وهي اليوم تعيش بأمل واحد وأوحد ، وهو استفادتها من عملية لزرع الكلية التي، تقول هاجر، بأن من شانها أن تفتح لها آفاقا جديدة وتبعث الروح في جسدها وأن تمكنها من أحلام جديدة بعد تلك التي تحطمت، معتبرة أن في ذلك صعوبة كبيرة، وهي صعوبة مادية، فهي قد أرهقت كاهل أسرتها بمصاريف تكون على حساب شقيقيها اللذين يبلغان من العمر على التوالي 4 و 14 سنة، ومع ذلك فهي تتسلح بالأمل في مواجهة الألم، ألم لايقف عند ماهو عضوي مرتبط بالمرض وتبعاته ، وإنما يحضر فيه كذلك الشق النفسي، مستحضرة ما تكابده والدتها من عناء، وهو الاستحضار الذي ترجمته إحدى قصائدها التي جاءت تحت عنوان «أمي الحبيبة» هذا نصها : «أمي ياذات القلب الكبير .. أهديك كل الحب .. دنيا وأشواقها .. إليك يا من عشت في أحشائك .. وتربيت في أحضانك .. أحببتك إلى حد الجنون .. ولم أعرف لحبك حدود .. يا أغلى نسمة فيحاء .. نزلت من جنة السماء. أعشقك بقدر ما يمتلك البحر من رمال .. حين كنت أفضل نهاية المرء على بدايتها .. وجدتك تبحثين عما قد يحببني فيها .. كنت تنتظرين مني السعادة .. لكن وللأسف .. لم أقدم لك سوى التعاسة .. تكفيني بسمة من بسماتك .. تحيي روحي وتسقي آهاتي .. لولاك لانتهت حياتي .. وانتهت معها آهاتي ياحبيبة قلبي .. أتمنى يومي قبل يومك». أطفال صغار، يافعون، مراهقون وراشدون، يجدون أنفسهم عرضة للعيش ما قدر لهم من العمر، إلى جانب آلات تصفية الكلي، متصلين بها من خلال إبر وخيوط، تجعل حياتهم حبلى بالتفاصيل المؤلمة، جسديا، نفسيا وماديا، في ظل العجز عن زرع كلية هي ليست في متناول الجميع. تتعدد أسباب تعرضها للإصابة الكلي مصفاة تحتاج إلى أكثر من عناية الكلي مصفاة تحتاج إلى أكثر من عناية وظائف الكلي * إخراج البول: حيث تبدأ عملية الإخراج بالتصفية، وذلك بمرور الدم خلال الكبيبات التي تسمح بمرور السوائل والأملاح من خلالها إلى أنابيب التصفية، التي تمتص الأملاح والسوائل بمعدلات متوازنة بحسب حاجة الجسم، وتفرز السوائل والأملاح التي لا يحتاجها الجسم عن طريق البول الذي يتكون من هذه السوائل والأملاح وإفرازات أخرى. * التحكم في ضغط الدم : تعد الكلي من أهم نقاط التحكم في ضغط الدم ، فعند انخفاض ضغط الدم لسبب أو لآخر، تفرز الكلي هرمون الرينين H Rennin الذي ينشط مجموعة من التفاعلات الكيميائية، ويؤدي في النهاية إلى انقباض الشرايين الطرفية، وزيادة ضخ الدم من القلب ، مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، وبالعكس فعندما يرتفع ضغط الدم عن المعدل الطبيعي، تفرز الكلي بعض المواد، التي تؤدي إلى انبساط الشرايين الطرفية ومن ثم اتساعها ، حتى تستوعب كمية أكبر من الدم فتؤدي إلى انخفاض الضغط * تنظيم معدل إنتاج كرات الدم الحمراء: نظراً لاحتياج الكلي إلى كميات كبيرة من الأوكسجين لتأدية وظائفها ، حيث خلاياها تعتبر من أكثر خلايا الجسم حساسية لنقص الإمداد بالدم ( الأوكسجين ، التغذية )، تقوم الشعيرات الدموية الكلوية بفرز هرمون الاريثروبيوتين Erythropiotein ، الذي يقوم بتنشيط خلايا نخاع العظام Marrow Bone ، فيساعد على سرعة تكاثرها ونضجها منتجة عدداً أكثر من كرات الدم الحمراء R.B.Cs ، وبإفراز هرمون الاريثروبيوتين وما يتبعه من زيادة عدد كرات الدم الحمراء ( الناقل الرئيسي للأكسجين من الرئتين إلى مختلف أنسجة الجسم )، تضمن الكلي الحصول على كميات مناسبة من هذا الأكسجين، وتستمر الكلي في إفراز هذا الهرمون حتى تستوفي احتياجها تماماً، ويأتي ذلك بالوصول إلى المعدل الطبيعي لعدد كرات الدم الحمراء ونسبة الخضاب في الدم . * تنشيط فيتامين د : وهو الفيتامين المسؤول عن تنظيم امتصاص الكالسيوم من الأمعاء وترسيبه في العظام، وإخراج الزائد منه عن طريق الكلي وغيرها، والمصدر الرئيس لفيتامين (د) هو الإنتاج الذاتي من الدهون تحت الجلد بتأثير أشعة الشمس المباشرة، بالإضافة إلى المصادر الغذائية كالدهون الحيوانية، وأشهرها زيت كبد السمك. * ضبط الأس الهيدروجيني PH الدم: حيث تقوم الكلي بإفراز الأيونات الحمضية الزائدة مثل الهيدروجين واستحداث الكربونات القلوية Na Hco3 وإضافتها إلى الدم . خطورة أمراض الكلي تكمن خطورة أمراض الكلي أو الجهاز البولي في تأخر اكتشاف وتشخيص قصورها الوظيفي، وللأسف حتى مع شكوى الشخص في بعض الحالات، ولذلك يجب دائماً أن تكون حاضرة في الذهن. وغالباً ما يتم التعرف على هذه الأمراض من خلال الكشف الدوري على الأمعاء أو على المرضى، من خلال التحاليل المخبرية أو الصور بالأشعة، حتى يتمكن الطبيب من التشخيص الجيد المبكر لهذه الأمراض، ويجب متابعة التحاليل بصفة مستمرة. أما بالنسبة للأمراض الحادة فقد تؤدي إلى خلل بالوظائف الكلوية، الذي قد يؤدي إلى الإصابة بالفشل الكلوي الحاد. ومن الأعراض التي يجب أن يتم الانتباه إليها والتي تعتبر مدعاة للقلق: الحرارة التي لا يعرف سببها، قلة كمية البول عن المعتاد، الحرقة عند التبول، آلام في جانبي منتصف الظهر أو مكان المثانة البولية «أسفل البطن»، حيث يجب استشارة الطبيب فوراً عند الشعور بأي من الأعراض السابقة لاتخاذ الإجراءات اللازمة من تحاليل لأخذ العلاج المناسب، حتى لا تؤدي إلى مضاعفات حادة خطيرة أو الإصابة بأمراض الكلي وهي خطيرة جداً. الأمراض المزمنة التي تصيب الكلي أي مرض أو إصابة من الإصابات الحادة، قد تنتهي بمرض مزمن يصيب الكلي أو الجهاز البولي إذا لم يتم العلاج المناسب في الوقت المناسب. وهناك بعض الأمراض والإصابات التي قد لا يشعر المريض بأعراضها، وقد لا تظهر عليه علاماتها إلا بعد فوات الأوان ، ولكن يمكن اكتشافها مبكراً بالفحص والتحاليل ، ومن هذه الأمراض: العيوب الخلقية التي تصيب الجهاز البولي مثل الكلي المتكلسة، أو انخفاض إحدى الكليتين، أو وجود اختناقات خلقية في الحالب، أو قناة مجرى البول.. إلخ الالتهابات الصامتة وهي التي لا يشكو منها الشخص ولذلك تتراكم مضاعفاتها حتى تتلف الكلي البلهارسيا الأورام التي لا يشعر المريض بأعراضها مبكراً متلازمة الكلى، وهذه المتلازمة التي تكتشف عادة في الطفولة المبكرة، ثم أمراض عامة تصيب الجسم، ومن بينها إصابة الكلي مثل أمراض الروماتويد، والسكري، وضغط الدم المرتفع ،وبعض أمراض الغدد، وغيرها من الأمراض المختلفة. الفشل الكلوي الفشل الكلوي يعني الفشل في وظائف الكلي، أي أنها لا تقوم بوظائفها كما يجب في تصفية الدم وتخليص الجسم من المواد الضارة، ولذلك تتراكم في الدم هذه المواد والأملاح الزائدة، وذلك يؤدي إلى فشل في أنسجة وأعضاء الجسم المختلفة. ومن الأسباب الهامة للفشل الكلوي، سوء استعمال الأدوية التي قد تضر أنسجة الكلي، والتي قد تؤدي إلى تدمير خلاياها، وبذلك ينتج عنها الفشل في وظائفها، لذلك يجب استعمال الأدوية باستشارة الطبيب وتنفيذ تعليماته حتى نتفادى خطر الفشل الكلوي. ويمكن القيام بعدة خطوات مهمة من اجل الوقاية من الإصابة بالكلي أو التدخل الاستعجالي من قبيل : * الكشف المستمر وفحص البول للاكتشاف المبكر لأي أمراض تصيب الكلي أو أي عيوب خلقية بها والجهاز البولي قد تكون غير محسوسة للإنسان ولكن نتائجها ومضاعفاتها خطيرة. * الإسراع بزيارة الطبيب عند الإحساس بأي أعراض، خاصة بالكلى والجهاز البولي. * المبادرة بعلاج التهابات الحلق واللوزتين جيداً، وأي أعراض حادة تصيب الجسم. * علاج الأمراض العامة التي تصيب الجسم وتؤثر على الكلي، مثل السكر، وارتفاع ضغط الدم، والروماتويد، وبعض أمراض الغدد، وغيرها. * الحرص على استعمال الأدوية وعدم تناول أي دواء إلا باستشارة الطبيب المعالج. * الإكثار من شرب المياه والسوائل، خاصة في فصل الصيف والجو الحار. * الحرص على النظافة والاغتسال بالماء لمخارج البول والبراز بعد التبول والتبرز. * الحد من تناول الأطعمة والمشروبات التي يدخل في تصنيعها مكسبات اللون والطعم والرائحة وكذلك التي تحتوي على المواد المحافظة. * تجنب الممارسات الضارة التى تضر أعضاء وأنسجة الجسم ومعها الكلى والجهاز البولي، مثل التدخين وتعاطي المخدرات وغيرها.