أكد جلالة الملك محمد السادس أن الأمة الإسلامية مطالبة اليوم، وبحكم رسالتها الحضارية، بتقديم مساهمة فعلية وجريئة في الإجابة عن الأسئلة المطروحة والمخاوف الراهنة، وتحقيق الازدهار التنموي لكافة الشعوب في ظل التعايش والمساواة والوئام. وقال جلالة الملك في خطاب إلى الدورة الثانية عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي ،التي انطلقت أشغالها يوم الاربعاء بالقاهرة ،إن العالم يعاني اليوم من «أزمات معقدة حيث تتعرض قيم التسامح والتعايش والحق في الاختلاف، لأسوأ مظاهر الانتهاك لفائدة تغدية نزوعات التطرف والإقصاء واهتزاز المرجعيات القيمية. وأوضح جلالته أن الأمة الإسلامية لن يتسنى لها تقديم هذه المساهمة إلا بتفعيل قيمها المثلى المنبثقة من مرجعيتها المقدسة، ومن ترسيخ روابطها الاجتماعية وإنجازاتها الحضارية وعبقرية أبنائها وتسامحها مع كل الديانات والثقافات، مشددا جلالته على ضرورة أن ترقى هذه المساهمة إلى نموذج قادر على كسب رهان الانفتاح الإيجابي والحوار البناء مع كل مكونات المجتمع الإنساني. وقال جلالته إن القضية الفلسطينية التي كانت أساس قرار إحداث منظمة التعاون الإسلامي سنة 1969 بالرباط، لا «تزال في صلب انشغالاتنا الدائمة بل تظل جوهر عملنا خاصة مع تمادي السلطات الإسرائيلية في تعنتها وخرقها السافر لمبادئ وقواعد القانون الدولي «، مشيدا بمصادقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على منح دولة فلسطين صفة مراقب غير عضو في المنظمة الأممية، معربا عن التجاوب مع « نداء الرباط « الأخير الذي وجهته كل القوى الفلسطينية إلينا مهيبين بالجميع إلى التفاعل الإيجابي مع سائر الجهود الرامية إلى المصالحة «، مؤكدا أنه لن يدخر أي جهد لمواصلة مساعيه الحثيثة لدى الأطراف الوازنة على الساحة الدولية لوضع حد لتمادي الحكومة الإسرائيلية في الاعتداءات المتكررة على مختلف المعالم الدينية في خطة ممنهجة لتهويد القدسالشرقية والقضاء على هويتها. وبخصوص الأزمة السورية ذكر جلالة الملك بانخراط المغرب في الجهود الدولية الرامية إلى إيجاد حل سياسي لها يكفل وقف دوامة العنف، ويحافظ على السيادة الوطنية والوحدة الترابية». وأكد صاحب الجلالة أنه لم يعد من المقبول أمام هذا الوضع المأساوي المتفاقم أي تردد أو مماطلة . من جهة أخرى أكد جلالة الملك أن المغرب سبق وحذر المجتمع الدولي، ومنذ سنوات، من مغبة الأخطار المحدقة بمنطقة الساحل والصحراء، التي عرفت دولة مالي الشقيقة في الآونة الأخيرة أبشع مظاهرها في التطرف والإرهاب والانفصال. مجددا جلالته التنديد بكل الأعمال الإرهابية القائمة على التكفير والإقصاء وزرع الفتنة والتي تتنافى مع القيم الإسلامية السمحة. وأكد جلالته أن الأمر لا يتعلق بمالي الشقيق وحده وإنما يشكل خطرا تمتد تداعياته إلى كافة بلدان المنطقة لزعزعة استقرارها وتمزيق وحدتها، مؤكدا أن المغرب لن يتوانى في التضامن الكامل مع دول الساحل والصحراء التي تربطه بها روابط تاريخية عريقة .