دشنت حركة الطفولة الشعبية برنامجها الوطني لهذا الموسم بموضوع «مناهضة العنف ضد الأطفال» وتزامن ذلك مع تخليدها لذكرى تأسيسها ال 57 . وفي هذا الاطار احتضن المجلس الوطني لحقوق الانسان ندوة دراسية في موضوع العنف الموجه ضد الأطفال أعرب خلالها الأمين العام للمجلس محمد الصبار في كلمة افتتاحية عن أهمية هذا الموضوع و التفكير سويا في الوسائل و الطرق الملائمة لترقية حقوق الطفل في بلادنا عامة و لمواجهة ظاهرة العنف ضد الأطفال، سعيا نحو تحقيق المصلحة الفضلى للطفل بمقاربة تستند على ما تنص عليه اللآليات الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان عامة ، وبالطفل بصفة خاصة، ولا سيما اتفاقية حقوق الطفل التي شكلت احد مرتكزات المبادئ التي اعتمدتها مدونة الأسرة في كثير من مقتضياتها، التي تهم الطفولة حيث استأثرت قضايا الطفولة ب 40 مادة من مجموع المواد الأربع من المدونة، اي بنسبة 10% علاوة على مختلف النصوص القانونية الوطنية ذات الصلة بالطفل، إلا ان تدني العديد من المؤشرات ذات الصلة بالوقاية والحماية يسائل واضعي السياسات العمومية ومجموع المتدخلين والفاعلين في الميدان ويطرح تحديات للقيام بمجهودات كبيرة للارتقاء فعليا بمستوى مبادئ حقوق الطفل ومصلحته. كما اكد الأمين العام على الالتزام بقضايا الطفولة والتربية على حقوق الانسان من اجل ادماج ثقافة المواطنة والمساواة في البرامج المدرسية الموجهة للطفل بشكل يسمح بترسيخ عقلاني ومدروس لحقوق الانسان و لقيمها ومبادئها في تفاعل مع المجتمع المدني . ومن جانبه دعا الكاتب العام للحركة عبد الاله حسنين ان برنامج هذه السنة «مناهضة العنف ضد الأطفال» له مبررات عدة تنسجم في جزء كبير منها بالقناعات الراسخة لحركة الطفولة الشعبية بان درجة العنف بلغت مستويات مهولة في الاساءة الى صورة الأطفال داخل المجتمع ، والمساهمة في إعمال اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها المغرب وكذلك البروتوكولات الملحقة بها . وقد شكلت المحاور المطروحة في هذه الندوة الدراسية التي ترأستها الأستاذة جميلة السيوري عضو المجلس الوطني لحقوق الانسان ورئيسة جمعية عدالة فرصة لتدارس المواضيع بعمق و تقديم مقترحات للاشتغال على اشكالية العنف الموجه ضد الأطفال سواء من خلال تقديم دراسة الأمين العام للأمم المتحدة المتعلقة بالعنف ضد الأطفال والتي لخصها الأستاذ كميم عبد الحق عضو المجلس الوطني لحقوق الانسان من خلال التوصيات العامة التي ركزت على طبيعة العنف ضد الأطفال و مدى انتشاره في 5 بيئات : المنزل و الأسرة -المدارس والبنيات التعليمية - البنيات المؤسسية الأخرى (ملاجئ الأيتام - المؤسسات الاصلاحية) - بيئات العمل - المجتمع و الشارع . وأدرج بعض الأرقام الصادمة للعنف الذي يتحول الى قتل و هو ما يتضح من ارقام منظمة الصحة العالمية أن قرابة 530 ألف طفل تتراوح أعمارهم من الولادة الى 17 سنة تعرضوا للقتل في سنة 2002 و أشارت الدراسة ذاتها ان 21 %من النساء في بعض الدول تعرضن لإيذاء جنسي قبل بلوغهن 15 سنة . اما محمد عدي ممثل المندوبية الوزارية لحقوق الانسان فقد تطرق لمجالات ملائمة القوانين المغربية ذات الصلة مع التزامات المغرب الدولية .إذ قدم تعريفات للعنف ضد الاطفال وبعض تمظهراته .واستعرض التزامات المغرب في مجال حماية الاطفالمن العنف .وقدم مضامين النصوص الدولية ذات العلاقة وأبرزها اتفاقية حقو الطفل الصادرة سنة 1989 والتي صادق عليها المغرب في سنة 1993، والبروتوكولات الملحقة بها ومن بينها البرتوكول الاختياري المتعلق بمشاركة الاطفال في المنازعات المسلحة والبروتوكول حول بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء وفي المواد الاباحية ، والبرتوكول المتعلق بمسطرة التظلمات ... كما اشار إلى مضامين بعض اتفاقيات منظمة العمل الدولية وخاصة الاتفاقية 182 المتعلقة باسوإ أشكال عمل الاطفال والاتفاقية 138 التي تحدد الحد الادنى لولوج عالم الشغل. وقدم الاستاذ عدي جردا حول العديد من التشريعات الوطنية التي هي بحاجة لملائمة مضامينها مع الاتفاقيات الدولية. واختتم عرضه بالتذكير بالتوصيات التي أعقبت مناقشة التقرير الثاني الذي قدمه المغرب في ربيع السنة الماضية قفي اطار الاستعراض الدوري الشامل . وفي دراسة واقعية للقوانين الوطنية ذات الصلة بالعنف الموجه للأطفال تطرق الأستاذ أحمد مفيد من كلية الحقوق بفاس مبرزا الجهود المبذولة للتصدي للعنف ضد الأطفال ، لكن هذه الجهود تتعارض تعارضا شديدا مع قلة الاستثمار في السياسات و البرامج التي ترمي الى توثيق مدى انتشار العنف ضد الأطفال و خصائصه و التدخل لمعالجة اسبابه ،مؤكدا على ضرورة المرافعة و التحيين لمجموعة من المقتضيات التي اعتمدتها مدونة الأسرة و المرتبطة بالطفولة ، كما ان الدولة ملزمة بتوفير المساءلة في كل حالة من حالات العنف و تفعيل جميع المعاهدات و الالتزامات الدولية ذات الصلة و تنفيذها . اما المحور الثاني في هذه الندوة الدراسية شكل فرصة لتدارس الموضوع بعمق وتقديم مقترحات للاشتغال على اشكالية العنف الموجه ضد الأطفال ولا سيما دور التنشئة الاجتماعية والتربية في مواجهة مختلف أنواع وأشكال العنف و تأثيراته السلبية على الأطفال و هو ما تمت مناقشته من خلال مداخلة الأستاذة بريجيت الأندلسي والأستاذ عبد اللطيف كدائي من خلال مقاربات تربوية لمناهضة العنف الممارس على الأطفال داخل الأسرة و الشارع و المؤسسات التعليمية والاصلاحية، والتحليل لكل أنواع العنف انطلاقا من الأسباب المباشرة وغير المباشرة، والنتائج الوخيمة على الافراد والجماعات نفسيا واجتماعيا، وذلك أخدا بعين الاعتبار المقاربة التربوية في شموليتها بما في ذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية و البيئية. الاستاذة بريجيت الاندلسي افتتحت عرضها بمدخل قدمت فيه تعريفات للعنف ضد الاطفال واسبابه وعواقبه . وتمحور عرضها حول أشكال هذا العنف والمتمثلة في العنف اللفظي والعنف الجسدي والعنف النفسي . وقدمت إحضائيات منها أن 85 بالمائة من التلايذ لايصرحون بالعنف المملرس عليهم من طرف معلميهم . وفي محاولة فهم مدلول العنف انطلق الاستاذ عبد اللطيف كدائي من ملاحظات أولية حول ما يعنيه العنف كسلوك بشري: فهناك عدم اتفاق الباحثين والدارسين لقضية العنف حول مدلوله فهناك غموض وعدم وضوح يكتنف هذا المفهوم،وهناك تداخل وتعدد في التعريفات لوجود تعدد وتداخل في صور العنف وأشكاله وتنوع في دوافعه وأسبابه ومستوياته؛ وأن العنف يشمل كل الجوانب المرتبطة ببيئة الفرد : المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والنفسية... (العنف يحيط ببيئة الطفل من كل الجوانب) وأشار إلى أن للعنف حجم إحصائي. فهناك فرق كبير بين عدد الحالات التي يفصح أو يبلغ عنها وبين عدد حالات العنف الموجودة واقعيا بالمجتمع، الأبحاث العالمية تشير إلى أن طبيعة العنف وظروف حدوثه، ومكان ارتكابه لا يتم الإفصاح والتبليغ عنه بسهولة. كما أنه منتشر جغرافيا . فقد أثبتت الدراسات وواقع الممارسة العملية أنه لا يوجد منطقة جغرافية محصنة من وقوع الإساءة. هي مشكلة تتولد بتواجد عوامل خطورة لا تميز بين دولة وأخرى أو بين القرية والمدينة، أو بين غني أو فقير،،،، عوامل الخطورة هذه موجودة في كل المجتمعات وكل المناطق. وله ايضا عواقب ضد الأطفال تتجاوز الأذى الجسدي والنفسي المباشر إلى عواقب اجتماعية وإلى أذى مزمن قد يلازم الطفل مدى حياته :أعاقة أو مرض دائم، وقد ينتج عنها الوفاة. وتمتد هذه العوقب إلى عائلته وإلى المجتمع والى اقتصاد الدولة. وأبرز الاستاذ كدائي أن قياس العنف ضد الأطفال مغربيا يتسم ب 1. صعوبة في التقدير الإحصائي لمعرفة مدى انتشار العنف في بلدنا (المعطيات المتوفرة هي بعيدة عن الواقع) 2. أغلب حالات العنف ضد الأطفال في المغرب لا يبلغ عنها، وفي حال التبليغ عنها فإنها لا تعالج، وفي حال علاجها طبيا، فإنها لا تتابع نفسيا واجتماعيا. 3. إن القضايا المرتبطة بالعنف والحد منه ومناهضته لا تدرس بطريقة منتظمة في المؤسسات المختصة من جامعات ومعاهد... 4. عواقب العنف غير معروفة لدى عموم أفراد المجتمع مما تبدو يصعب من مأمورية الحاجة للوقاية والتدخل. محمد الصبار الامين العام للمجلس الوطني لحقوق الانسان: أوضاع الطفولة تسائل واضعي السياسات العمومية يسعدني أن أفتتح أشغال هذا اللقاء حول العنف الموجه ضد الأطفال من خلال مقاربة حقوقية اعتبارا لاختصاصات المجلس الوطني لحقوق الإنسان كمؤسسة وطنية مختصة في حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، وكذا من منطلق دور التنشئة الاجتماعية، اعتبارا لمجالات اشتغال واهتمام شريكنا في اللقاء «حركة الطفولة الشعبية» وغيرها من منظمات المجتمع المدني. هذه الشراكة العلمية مع الجمعية يبررها أن المجلس يعتبر جمعيات المجتمع المدني شريكا أساسيا ولا محيد عنه في اشتغال المجلس وإعداد وتنفيذ برامجه. كما أنها فرصة سانحة أن نلتقي في هذه المناسبة من أجل التفكير سويا في الوسائل والطرق الملائمة لترقية حقوق الطفل في بلادنا عامة ولمواجهة ظاهرة العنف تجاه الأطفال، سعيا نحو تحقيق المصلحة الفضلى للطفل بمقاربة تستند على ما تنص عليه الآليات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان عامة، وبالطفل بصفة خاصة، ولاسيما اتفاقية حقوق الطفل، التي شكلت أحد مرتكزات المبادئ التي اعتمدتها مدونة الأسرة في الكثير من مقتضياتها، التي تهم الطفولة، حيث استأثرت قضايا الطفولة ب40 مادة من مجموع المواد الأربعمائة للمدونة، أي بنسبة 10 في المائة. علاوة على مختلف النصوص القانونية الوطنية ذات الصلة بالطفل مباشرة أو بشكل غير مباشر. ورغم مصادقة بلادنا على اتفاقية حقوق الطفل وعلى البروتوكولين الاختياريين الملحقين بها، وعلى آليات أخرى تمس الطفل من قريب أو من بعيد، بحيث شكل ذلك تدعيما للمنظومة التشريعية والتنظيمية الوطنية، إلا أن تدني العديد من المؤشرات ذات الصلة بالوقاية والحماية يسائل واضعي السياسات العمومية ومجموع المتدخلين والفاعلين في الميدان ويطرح تحديات القيام بمجهودات كبيرة للارتقاء فعليا إلى مستوى مبادئ حقوق الطفل ومصلحته الفضلى. وذلك أخذا بعين الاعتبار مكونات المقاربة الحقوقية لقضايا الطفولة في شموليتها بما في ذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. والمجلس واع بالتحديات المطروحة ويهتم بفئة الأطفال بمختلف فئاتهم وأوضاعهم، من منطلق مجالات تدخله على المستويين الوطني والجهوي من خلال لجانه الجهوية الثلاثة عشر. وهكذا ومساهمة منه في تنزيل مقتضيات الدستور الجديد، استنادا على الاختصاصات الموكولة إليه في مجال تنظيم منتديات وطنية أو إقليمية أو دولية لحقوق الإنسان لإثراء الفكر والحوار حول قضايا حقوق الإنسان، باشر المجلس هذه السلسلة من اللقاءات بتنظيم ندوة دولية حول موضوع «المجالس الوطنية للأسرة والطفولة» في يناير 2012 ، بعد إنجاز دراسة في الموضوع، مساهمة منه في النقاش والتفكير حول إحداث المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة في المغرب، من حيث الاختصاصات والمهام والهيكلة والتشكيلة والوظيفة والدور الذي يمكن أن تلعبه هذه المؤسسة في مجال السياسات العمومية المرتبطة بالأسرة والطفولة، علاوة على الإطلاع على التجارب الدولية المماثلة بغية إثراء مسلسل إحداث المجلس المذكور. كما أن موضوع حماية الأطفال يحضى باهتمام المجلس حاليا من خلال زياراته التفقدية إلى مراكز حماية الطفولة المنصوص عليها في المادة 11 من الظهير المحدث للمجلس، والتي ستتوج قريبا بصدور تقرير شامل حول هذا الموضوع. كما أن لهذا الالتزام بقضايا الطفولة وجها آخر يتصل بالتربية على حقوق الإنسان وهو ورش هام وحاسم، والذي تعد الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان إحدى أهم آلياته لاسيما عبر محوري التربية والتحسيس من أجل إدماج ثقافة المواطنة وحقوق الإنسان والمساواة في البرامج المدرسية الموجهة للأطفال بشكل يسمح بترسيخ عقلاني ومدروس لحقوق الإنسان ولقيمها ومبادئها، ويشرك جمعيات المجتمع المدني في هذه الجهود. ومن الأكيد أن المحاور المطروحة في هذه الندوة الدراسية سوف تشكل فرصة لتدارس الموضوع بعمق وتقديم مقترحات للاشتغال على إشكالية العنف الموجه ضد الأطفال ولاسيما دور التنشئة الاجتماعية والتربية في مواجهة مختلف أنواع وأشكال العنف وتأثيراته السلبية على الأطفال. عبد الاله حسنين الكاتب العام لحركة الطفولة الشعبية: نسعى لإعمال اتفاقية حقوق الطفل يسعد حركة الطفولة الشعبية أن تدشن برنامجها الوطني لسنة 2013 في ضيافة المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، المؤسسة الوطنية التي اكتسبت بفعل ممارساتها وانتاجاتها ، مصداقية داخل المغرب وخارجه . وبالمناسبة نهنئكم الأخ محمد الصبار الامين العام ومن خلالكم المجلس الوطني لحقوق الانسان ورئيسه الاستاذ إدريس اليزمي ونهنئ الحضور الكريم هيآت وشخصيات بالسنة الجديدة داعين لكم بالتوفيق في مهامكم. اختارت حركة الطفولة الشعبية موضوعا لبرنامجها هذه السنة:»مناهضة العنف ضد الأطفال» ، وهو امتداد لبرامج سابقة أنجزناها خلال الخمس سنوات الأخيرة كمساهمة منها في إثارة بعض القضايا ذات أهمية بالغة في تنشئة الأطفال والشباب في دينامية التحولات المجتمعية التي يعرفها المغرب من بينها : برنامج المندمج للتربية على حقوق الإنسان من خلال تشجيع إنتاج وسائل تربوية تحمل روح القيم الإنسانية المتعارف عليها كونيا، وانخراط أطرها في عملية واسعة لتقوية قدراتها والرفع من مستوى تكوينها وأدائها التربوي داخل النوادي والمخيمات الصيفية لتمكين الأطفال من وسائل تنشيطية تساهم في تشبعهم بثقافة الحوار والإيمان بالاختلاف واحترام الآخر وممارسة التسامح والعيش بالتضامن والاعتراف بحق المساواة والدفاع عن الكرامة الفردية والجماعية والتعايش بكل الحرية اللازمة والمطلوبة. وبرنامج القراءة متعة الذي سعينا من خلاله إعادة الاعتبار للعلاقة بين الطفل والكتاب إيمانا منا بأن مجتمعا لاقرأ لا يمكنه أن يتطور أو يتقدم ويستوعب حقوقه . وقد مس هذا البرنامج آلاف الأطفال في فروعنا التي تتجاوزالاربعين وفي مخيماتنا التي احتضنت خلال الموسمين الماضيين مايفوق ال سبعة آلاف مستفيد. إن برنامج هذه السنة :»مناهضة العنف ضد الاطفال» له مبررات عدة تنسجم في جزء كبيرمنها بالقناعات الراسخة لحركة الطفولة الشعبية بأن درجة العنف بلغت مستويات مهولة في الإساءة إلى صورة الأطفال داخل المجتمع ، و من جهة ثانية مساهمة منا في إعمال اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها المغرب ، وثالثا فإن مسؤوليتنا كمنظمة تربوية من منظمات المجتمع المدني تلقي على عاتقنا مواجهة هذه الظاهرة من خلال المقاربة التربوية لإبراز ما للعنف من آثار سلبية ضد ناشئتنا وتمكين أطرنا من الأدوات المعرفية لتحسيس المجتمع الذي نشتغل فيه ومعه بضرورة احترام حقوق الطفل وصيانة كرامته، وبالتالي تصحيح الصورة النمطية والسلبية التي تجيز العنف من خلال تأسيس ثقافة مناهضة له والمساعدة على تحضير آليات للتحسيس بخطورة الموضوع ولمصاحبة الضحايا . . والعنف كما تعلمون أيتها السيدات أيها السادة ليس فقط العنف البدني . إن هناك أوجه عدة لهذه الظاهرة : فأي معاملة قاسية مادية أو معنوية ، حاطة ومهينة للكرامة تعد عنفا. إذا كان لحركتنا دور في تربية الطفل والمساعدة على تنشئته تنشئة اجتماعية سليمة ؛ فإن من بين أهدافنا كذلك تعزيز ومساندة إعمال حقوق الطفل التي تنص عليها المواثيق والاتفاقيات الدولية ومن بينها الاعلان العالمي لحقوق الطفل واتفاقية حقوق الطفل والبروتوكولات الملحقة بها . وهي نصوص صادق عليها المغرب وأصبحت لها المكانة السامية في الترسانة القانونية لبلادنا . وإذا كان من مهام المجلس الوطني لحقوق الإنسان رصد ومراقبة وتتبع أوضاع حقوق الإنسان على الصعيدين الوطني والجهوي، فنحن نعتقد أن على عاتقه أن يكون كذلك آلية للتظلم وتتبع حقوق الطفل بالمغرب باعتباره مؤسسة وطنية أحدثت طبقا لمبادئ باريس وفي هذا السياق نتطلع كحركة تربوية داخل المجتمع الى ان يلعب المجلس الوطني لحقوق الإنسان دورا رئيسيا في تقوية آليات الوساطة المدنية من اجل رصد وتتبع كل الانتهاكات التي تطال الأطفال ويعمل وتعزيز وتطوير العمل التشاركي في مجال حماية الأطفال ضد العنف . ندشن برنامجنا الوطني :»مناهضة العنف ضد الأطفال» عشية تخليد حركتنا لذكرى تأسيسها . ففي الخامس يناير من سنة 1956 بادر عدد من القادة الوطنيين وفي غمرة السعي لبناء مجتمع جديد بعد الاستقلال ، بادروا إلى إنشاء هذه الحركة , وقد عملنا طيلة أكثر من خمسة عقود ونصف مع أطفال المغرب في مدنه وقراه ، في حواضره ومناطقه الهشة ، في دور الشباب والمخيمات التربوية وضمن كل الأوساط الاجتماعية . وشكلت الطفولة الشعبية طيلة هذه الحقبة مشتلا تشبع بأنشطته وقيمه ومبادئه الآلاف من الأطفال والأطر الذين أصبحوا رجالا ونساءا مسؤولين يقدرون بحق مسؤولياتهم . فبإمكانياتنا المتواضعة وبمفهوم التطوع الذي يشكل روح عملنا ، نحرص على أن نساهم في بناء العنصر البشري تربويا ، هاجسنا الرئيسي أن ينخرط هذا العنصر في بناء مغرب متقدم ومجتمع جديد ، تصان فيه الكرامة وتحترم حقوق الإنسان.