شكلت عمليات التوسيع التي يعرفها منجم إميضر مصدرا لتنمية الطاقة الإنتاجية لهذا الأخير. وقد صاحب نمو الإنتاج حاجيات متزايدة إلى الماء: عصب الحياة. وقد لجأ المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن التابع للدولة (مكتب الأبحاث والمساهمات المعدنية سابقا) إلى حفر بئر تار?يط دون سند قانوني رغم اعتراض الفلاحين وعائلاتهم على وعيا منهم بحجم الدمار الذي سيخلفه ذلك على الفلاحة والحياة بصفة عامة في محيطه. هذا البئر لا يزال على حاله إلى يومنا هذا رغ تجدد الشكايات على هذا الإستغلال اللاقانوني بواسطة شكاية مرفقة بعريضة تحمل 1663 توقيعا تم توجيهها إلى المعنيين في شهر يوليوز 2012. في إطار عمليات التوسيع دائما، قررت شركة معادن إميضر توسيع المنجم مرة أخرى واستخراج المزيد من المعدن النفيس بالمكان المسمى «إودرانIWDRAN «، الشيء الذي جعل الشركة تبحث عن المزيد من موارد إضافية لسد حاجيات المعمل من الماء نظرا لكون الكميات التي يوفرها بئر تار?يط لا تكفي. هذ وقد حاول مسؤولوا الشركة المنجمية الضخ من واحات ومناطق مختلفة في الأحواض المجاورة دون جدوى (على سبيل الذكر : واحة دادس، واحة تدغت تودغى قرية أر?) لكن المفاوضات مع المنتخبين والمسؤولين بتلك المناطق والواحات لم تسفر عن توافق لمباشرة استغلال مواردهم المائية. لتجد الشركة المنجمية جماعة إميضر كملجأ أخير لاستنزاف ما تبقى من الماء في الجهة الشمالية. أمردول ن «تيدسى»: قبل انطلاق عمليات الضخ ب «تيدسى» شمال شرق جبل «ألبان»، عقد اتفاق بين مسؤولي الشركة وبعض نواب الأراضي السلالية يحق بموجبه للشركة المنجمية التنقيب عن الماء بالمنطقة المحددة في نفس الوثيقة وذلك بتاريخ 23 أبريل 2003. مما خلف استياء ا في وسط الساكنة التي احتشدت في تظاهرات سلمية تضم نساء ا ورجالا وشبابا إلى عين المكان. لكن التعاطي الأمني مع الأمر والترهيب النفسي للأمهات وإستدعائهن من طرف الدرك و اعوان السلطة أثر في نفسية المحتجين وتركوا مكان الحفر بحسرة. فاستئنف الحفر لتكتشف كميات هائلة من الماء وترقى بعض مسؤولي الشركة عبر هذه المهمة. في 22 أبريل 2004، وقعت اتفاقية بين ممثلي الشركة المنجمية وبعض المنتخبين وبعض الممثلين وبعض الأعيان لتمكين الشركة من استغلال الثروات المائية ب «تيدسى» مقابل امتيازات ومساعدات اجتماعية. اتفاقية توضح التزامات الأطراف، كيفية قياس الصبيب وكذا الإجراء ات الواجب اتخاذها في حالة نضوب المياه في الخطارات والآبار بالجماعة. وبعد إتمام الإجراء ات القانونية المتعلقة بالبحث العلني، حيث لم يسجل أي تعرض نظرا لكون الساكنة على غير علم بالمراجع والمقتضيات القانونية التي تمكنها من التعبير عن الرفض الذي ظل حبيسا إلى أجل غير مسمى باعتبار أن هذا الإتفاق تم بسرية لم يسبق له أن عرض على أي مجلس للمناقشة و التصويت ، منحت وكالة الحوض المائي ل ير غريس زيز ترخيصا للشركة المنجمية التي تقدمت بطب في الموضوع. هذا الترخيص المسجل تحت رقم 6/2004 يسمح للشركة باستغلال ثقب واحد بصبيب مستمر يبلغ 24 لترا في الثانية لمدة 5 سنوات قابلة للتجديد ابتداءا من 15 غشت 2004 وفقا لنفس الترخيص. بعد استغلال مياه «تيدسى»: إميضر تُستَنزف بطلب من مسؤولي جماعة إميضر، وفقا للمادة 10 من اتفاقية 2004، قام مختص من مكتب الدراسات إنوڤار الذي سبق أن أنجز دراسة الثأثير لفائدة الشركة المنجمية شهر يونيو 2004، قامم بقياس الصبيب بالخطارات ومقارنته بالنتائج المسجلة أثناء الدراسة السالفة الذكر. وقد خلصت هذه المقارنة إلى تسجيل انخفاضات قوية خاصة على مستوى خطارة «تاغيا» بنسبة 61% وخطارة «توجديدت» بنسبة 58%. بينما سجل بئر «أنو نيمكساون» انخفاضا لمستوى استقرار المياه بلغ 1،25 مترا كما هو مبين في الوثيقة المرفقة بهذا التقرير. أما بشأن اتفاقية 2004، فإنها تشكل جانبا آخر من الخروقات إذ خرقت الشركة المادة العاشرة منها والتي تنص على إعادة النظر في الكميات المستخرجة في حالة تحقق النقص في الخطارات والمنابع بالجماعة وظلت متشبتة بفكرة مغلوطة مفادها انعدام أية صلة بين ثقب تيدسى ونظام الري المعتمد محليا (الخطارات). وفي السياق ذاته، توصلت جمعية تيدسى لمستعلي المياه لأغراض زراعية، التي تضم الفلاحين والمزارعين، بمذكرة توضيحية بشأن دراسة التأثير التي أنجزها مكتب إنوڤار لفائدة الشركة المنجمية قبل انطلاق عمليات الضخ. هذه الدراسة التي ارتكزت على محورين أساسيين : أولهما متعلق بتحليلات كيميائية لعينات تم أخذها من الخطارات والثاني متعلق بدراسة التقاطع الجيولوجي الذي أنجزته المديرية الجهوية للمياه بالإضافة إلى معاينات ميدانية. استنادا إلى ذلك، أوضحت التحليلات التي أنجزتها الشركة المنجمية غياب أية صلة كيميائية. كما أشارت المعطيات الجيولوجية إلى عدم وجود أية صلة جيولوجية بين الثقب الذي تستغله الشركة والخطارات مع تبوث وجود علاقة جيولوجية بين الثقب المذكور و»أنو نيمكساون» المتواجد على مرمى حجر من الخطارات. هذا وقد خلصت الدراسة إلى توصيات مفادها أن التحليل الكيميائي لم يراعي تزود الخطارات بمياه الأمطار التي ساهمت في تغيير تركيبتها الكيميائية وأن غياب مصادر للمياه (أثقاب وآبار) بين الثقب والخطارات يجعل تحديد وجود العلاقة أمرا عسيرا وغير دقيق. وبالتالي فإن الدراسة الكيميائية التي استندت إليها الشركة لا يمكن الإستناد إليها وفي خاتمة المذكرة، نص المكتب على ضرورة وضع أجهزة لقياس الصبيب على كل من الثقب والخطارات ومقارنة النتائج لمتابعة مدى ترابط هذه الموارد. وفي قراءة لنتائج حملة القياسات التي قام بها مختص المكتب في غشت 2005، أكد مسؤولوا المكتب أن السبب وراء الإنخفاضات المسجلة قد يعزى من الدرجة الأولى إلى تأثير استغلال الثقب من طرف الشركة المنجمية وليس إلى الجفاف لأنه حسب شهادات الساكنة فإن الخطارات لا تتأثر بالجفاف سوى بجزء ضئيل. ومن جانب آخر، فإن هذا التأثير السلبي الذي يهدد الحياة بجماعة إميضر، خلف ردود أفعال من المنتخبين، المجتمع المدني والساكنة مطالبة برفع الأضرار وضبط استهلاك الشركة المنجمية للثروات المائية. فقد اشتكى نواب الأراضي السلالية الذين يتم إقصاؤه بشكل متعمد في الإجتماعات والاتفاقات المتعلقة بالشأن المحلي رغم توفرهم على الوثائق القانونية لممارسة مهامهم والدفاع عن مصالح الجماعة كما أنه لم يسبق أن قدموا استقالتهم ولم يصدر أي قرار بالعزل بشأنهم. بالإضافة إلى ذلك، قامت جمعيات فلاحية وأخرى تنموية بإرسال شكايات إلى الجهات المعنية قصد رفع الأضرار، تعميم الإستفادة، تطبيق القانون والتعرض لأي تجديد رخصة أو حفر بئر أو تعميقه خارج الأراضي التي تستغلها الشركة المستغلة لمنجم إميضر. كما أن اجتماع لجنة البحث العلني المنعقد يوم 26 يونيو 2009 عرف تسجيل تعرض المنتخبين ومثلي المجتمع المدني والساكنة عبر دفتر التعرضات والملاحظات بمقر الجماعة القروية لإميضر ومقر القيادة بتنغير . ذلك بعد خرق جل بنود اتفاقية 2004 وجسامة الأضرار التي لحقت بالموارد المائية للجماعة بسبب الضخ المفرط الذي تستهلكله الشركة بإستمرار و بدون توقف وبدون قياس صبي المياه المستعلة، مع خرق القانون 1095 المتعلق بالماء و خاصة المادة 26 39 49 50 التي ما فتئنا نؤكدها في جميع المناسبات بإثباتات موثقة. لكن تعنت المسؤولين بالإدارة العمومية ووفاءهم لخدمة الشركة المنجمية على حساب حقوق البسطاء وفي خرق سافر لجميع المواثيق والقوانين، يواجه المواطنين في إميضر الذين لم يتلقوا بعد إجابات تشفي غليلهم. كلام تؤكده وكالة الحوض المائي ل?ير غريس زيز التي أقدمت على تجديد الرخصة رقم 6/2004 لأجل 10 سنين إضافية غير مكترثة بتعرضات الساكنة والجتمع المدني والمنتخبين. الشركة خرقت الترخيص 6/2004 لإستغلال مياه «تيدسى»؟ الإطلالة الاولية على الاتفاقية تبين ان الشركة لها الحق في استغلال ثقب واحد ذو الإحداثيات في حين تباشر الشركة المنجمية عمليات الضخ من ثقبين آخرين غير مرخص كما يتضح ذلك من خلال الجزء المتعلق بالأثقاب التي تستغلها الشركة في دراسة التأثير السالفةالذكر. الثقب الأول يعرف مشاكل مرتبطة أساسا بنوعية الطبقة التي تحيط بالفرشة المائية إذ عرف انهيارات متتالية وكان موضوع عمليات تهيئة وإصلاحات لم تكلل بالنجاح مما أدى إلى هجره والإكتفاء باستغلال الثقب الثاني الذي يعتبر المزود الرئيسي للمنجم بالماء الصناعي والصالح للشرب. لكن القانون لا يحمي هذا الإستغلال كون الثقب الثاني غير مذكور في الترخيص وبالتالي فهو ثقب غير قانوني أي أن استغلاله يعتبر خارج عن القانون لأن الثقب المشمول بالترخيص منهار و مهجور، مما يستدعي تدخل المؤسسات المعنية و خاصة وكالة الحوض المائي لسحب الرخصة. لكن لماذا لم تحرك ساكنا مع يقين خرق القانون؟ سؤال آخر بخصوص عمل الإدارة، هل تتوفر هذه المؤسسة على آلية للمراقبة لتفادي تجاوز الكميات المرخص بها؟ هل فعلا يتم تطبيق القانون 1095 المتعلق بالملك العام المائي؟ عموما، إن القانون هو آخر ما يفكر فيه القيمون على الشأن العام بالإدارة العمومية المغربية وأن منادي بتطبيق القانون يواجه بعبارة «راسك قاسح» ومن تم تنطلق عمليات «ترطيب الرأس». بمحاولة المساومة او التهديد . لقد صرح عامل إقليم تنغير في تعليق له على العرائض الموجهة له ضد الإستغلال لبئر «تاركيط» بدون سند قانوني منذ 1986 «إلا قلتو ليا نسد تاركيط بحال إلا قلتو ليا نسد الشركة». بل اكثر من ذلك خصصت العشرات من عناصر القوات المساعدة و الدرك الملكي لحراسة البئر المغتصب 24/24ساعة مما يؤكد أن السلطات لا تبخل في الصمت إزاء خرق القانون ولا تجد حرجا في ذلك ومستمر في غض النظر عن خرق الشركة للقانون طولا و عرضا وفي جل الملفات ضاربين بذلك حق المواطنين عرض الحائط في المقابل ولا تدخر جهدا في قمع و اعتقال المطالبين بحقوقهم المضمونة قانونا وترهيبهم وتعنيفهم ماديا ومعنويا ولا تجد حرجا في هذا كذلك. بل إن ضمان استمرار عمل الشركة فوق كل حق وكرامة مهما كلف ذلك من تدمير واستنزاف وقبل رفع القلم واستئناف التفكير، لابد من التماس إجابة مصيرية: في حالة نضوب الفرشة المائية خصوصا اننا في منطقة صحراوية ناذرة التساقطات مما سيؤدي إلى جفاف الخطارات والآبار بالجماعة ، ستقع كارثة حقيقية لا محالة تؤدي بتهجير السكان مجبرين علما ان الدراسات و التوقعات تقول ان موجة من الجفاف قادمة في السنين المقبلة , فما هي التي رسمناها كمعنيين (ساكنة، سلطات، مصالح خارجية ومستثمرين) لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ علما ان المياه في جماعتنا القروية موجهة بالاساس الى الإستعمال الصناعي بالمنجم خرق لقانون الماء 10.95 خاصة في مادته 86 على التي تنص على»ضمان أولوية تزويد السكان بالماء وإرواء الحيوانات» ومع العلم أن القبائل المجاورة رفضت رفضا قاطعا استغلال مواردها من طرف ذات الشركة. وهنا نتسائل كيف لشركة تستنزف الثروة المائية بشكل مهول وبشكل غير قانوني منذ عقود بتواطئ من السلطات، ان تتحدث عن مسؤولية اجتماعية اوتنمية محلية وهي تقضى على اهم مصدر للحياة. كما نشير إلى ان الإتفاق المفبرك الأخير الموقع بين بعض اعضاء المجلس القروي و اشخاص لا يمثلون إلا مصالحهم الشخصية من جهة و مجموعة «مناجم» قد جدد للشركة المنجمية إستغلال اتقاب تيدسى لعشر سنوات بشرط عدم تعرض الساكنة مستقبلا لهذا الإستغلال. مع العلم ان اعضاء المجلس الموقعين على هذا الإتفاق قد سبق لهم ان رفضوا و تعرضوا على هذا التجديد كما ذكر سالفا, كما لم يترطق الى الاستغلال الغير قانوني لمياه بئر تار?يط مما يؤكد ان اعضاء المجلس هؤلاء لم يوقعوا إلا بعدما مورست عليهم ضعوطات و إغرائهم بمصالح شخصية او الإبقاء على الإمتيازات التي يحضون بها. الحلول المقترحة من ساكنة إميضر المعتصمة منذ غشت 2011 كفيلة بالمحافطة على الثروة المائية و الحياة بالمنطقة بما يضمن حقوق الجيل الحالى و الاجيال القادمة إيمانا منهم بقيمة و ندرة هذه المادة الحيوية، لكن الشركة مؤازرة بالسلطات و الإدارات المختصة لا يهمهم إلا الزيادة في ارباح مالكي الشركة على حساب المحيط و الإنسان.