أصدرت الكاتبة والمناضلة النشيطة في مجال حقوق المرأة والديمقراطية والمساواة عائشة بلعربي، مؤخّرا كتابا يحمل عنوان «المساواة-عدم التمييز، تاريخ ناقص»، وذلك عن دار النشر الفينيك. وهو كتاب يكتسي أهمية كبيرة لكونه يؤرّخ لمسار هذه المناضلة الطويل في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية والمساواة، وذلك ضمن نضال قوى اليسار في بلادنا منذ حصول المغرب على استقلاله إلى اليوم. كما يؤرّخ الكتاب لمسارها الجامعي والإعلامي. في هذا الحوار، تبرز عائشة بلعربي أنّ أمورا كثيرة إيجابية تحققتْ في مجال المساواة وعدم التمييز والإنصاف الخ، وهي الإيجابيات التي ترجمتها بنود الدستور المغربي الجديد. ومع ذلك، تعتبر أن هناك عددا من السلبيات، منها ما يتصل بالعقليات والبنيات التقليدية والأبيسية التي ما زالتْ تعشش في الكثير من الأدمغة. وتقترح هنا بعض الخطوات والإجراءات الكفيلة بتفعيل بنود الدستور وما تحقق على صعيد التشريع والقانون. بعدما عرفه المغرب من تقدم و ايجابيات على مستوى حقوق الإنسان، بصفة عامة، وحقوق المرأة على وجه الخصوص، يصدر كتابك حول «المساواة والعدالة» في نهاية سنة 2012. ماهي الاهداف والرهانات المتحكمة في إصداره اليوم؟ هذا الكتاب جاء في الوقت الملائم. وهو كتاب اشتغلت عليه منذ سنوات عديدة، بوتيرة متقطعة احيانا، حيث توقفت للعمل على قضايا الهجرة النسوية نحو اوربا. وفي سنة 2010، عاودت العمل عليه. هو كتاب جاء في و قته الملائم بعد صدور النسخة النهائية من الدستور سنة 2011، والتي تنص على (انظر الدستور) بشكل واضح في بنوده، وبعد التطور الذي عرفه ويعرفه النقاش حول المساواة والعدالة. لماذا اخترت هذا العنوان؟ السبب هو انني لاحظت بأن كلمة «مساواة» عندنا لاتزال تنطوي على الكثير من الطابو، وبخاصة في الثقافة السياسية المغربية. يمكننا الحديث عن حقوق المرأة، كما يمكننا الحديث عن الكوطا المخصصة للمرأة، وتعزيز مكانة المرأة، لكن كلمة "مساواة" ما فتئت تفزع وتخيف الكثيرين. ومن ثم فإن الحافز الذي كان من وراء تأليف هذا الكتاب يمكن ارجاعه الي ثلاث نقاط اساسية هي: 1 - يتعلق الامر، اولا، بابراز التطور الذي عرفه المغرب، منذ 1956، الي حدود 2012، وهو اطار عام ادرج فيه الكتاب. 2 - نضال المرأة وصراعها من اجل المساواة والعدالة، واذن فان مسألة الحركات النسائية واحزاب اليسار، وحركات حقوق الانسان فيما يخص ثنائية "»المساواة - العدالة«" كانت مسائل في قلب تتبع مساري الشخصي، باعتباري مناضلة داخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، كما يتعلق الامر هنا بمساهمتي الشخصية، كمتتبعة ومحللة وكاتبة على أعمدة جرائد »"المحرر"« "الاتحاد الاشتراكي"، "ليبراسيون"، في توعية وايقاظ بعض الهمم بقضايا المرأة المغربية، علاوة على توضيح رؤيتي وفهمي للمسائل المتعلقة بالمساواة والعدالة. ذلك لان كفاحي ونضالي في صفوف الاتحادا لاشتراكي، كان كفاحا من أجل الديمقراطية، و الكفاح من أجل الديمقراطية هو نضال من أجل تحقيق المساواة والعدالة لفائدة المرأة المغربية. اعتقد انه لابد هنا من اعادة تقديم تعريف دقيق لمفهومي المساواة والعدالة. نعم، وقد لاحظت ان الناس يعمدون احيانا الى اعطاء الأولوية للإنصاف كما يميلون الى الحديث عن "مساواة" من اجل الوصول الى العدالة. والحال ان العكس هو الذي ينبغي ان يحصل. ذلك لأن المساواة مبدأ أساسي مرتبط بطبيعة الحال بمبدأ حقوق الانسان. ومن المعلوم ان جميع المعاهدات والاتفاقيات الدولية تتناول مسألة المساواة، وانعدام التمييز ونبذ التفاوت. منها بنود معاهدة القضاء على كل اشكال التمييز ازاء النساء، واعلان بجين، الصادر سنة 1995 الذي ينص على أنه لا يمكن تحقيق الديمقراطية ولا التنمية بدون مساواة النساء، فضلا عن مشروع الالفية في نقطة الثمانية يشدد بدوره على مسألة المساواة. من ثم تلاحظ ان المناخ الدولي، ومناخ المعاهدات والاتفاقيات الدولية يسيران في اتجاه المساواة. لذلك لا ينبغي ان ننسى انه حين نتحدث عن الديمقراطية هناك مبدأ مساواة الجميع، وليست فقط مساواة المرأة. هناك مبدأ المساواة في اقتسام الخيرات. فلو كان هناك اقتسام عادل للخيرات لما كانت هناك طبقات هشة، ولما كان ثمة فقر ومظاهر البؤس، خلافا لما نشاهده في بلدان اخرى من العالم. اما مفهوم الإنصاف فهو وسيلة للوصول الي المساواة. لذلك، فاننا حين تتحدث عن الإنصاف هناك سيرورة، وهي السيرورة التي تم اعتمادها في العديد من البلدان. من مظاهر هذه السيرورة، الانتقال من الكوطا، الكوطا المتنامية غير المتحجرة، التي تصل في نهاية المطاف الى تحقيق نسبة 50 بالمئة اي النصف للرجل والنصف للمرأة. وقد كان عملنا داخل الحزب يسير في اتجاه النضال من أجل دمقرطة المؤسسات، ودمقرطة المجتمع، ودمقرطة السياسة. والى حدود سنة 2012 مازلنا في وضعية ثابتة جد متكلسة: عندنا امرأة واحدة في الحكومة، %18 من النساء في البرلمان، وحوالي 12% من النساء في المجالس البلدية والقروية. وهذا أمر مؤمن بالنسبة لبلدنا اليوم. ان «انعدام التمييز» يغدو اليوم مسألة ملحة ومستعجلة لابد من الخوض فيها ومواجهتها بجرأة كبيرة، وسلطة كبيرة، ووضوح رؤية، وموقف. فانا اعتقد بان المشكل مع هذين المفهومين هو ان لهما تأويلات متبانية. وللهروب من مواجهة مبدأ المساواة الجلي والواضح، ولا أتحدث هنا انطلاقا من اعتبارات بيولوجية، بقدر ما اتحدث عن الرجل والمرأة معا،فانه تم تعويض كلمة "مساواة" بكلمة غامضة هي كلمة "تكامل"، والحال ان التكامل لا يعني بحال المساواة. فالتكامل مابين الرجل والمرأة كان دائما موجودا، لكل واحد منها وظائف ومهام تخصه وتكمل الاخر، غير ان هذا لا يعني ولا يشير الى التراتبية الموجودة اليوم في مجتمعنا. مع ذلك، فقد تحققت اشياء كثيرة في المغرب، وعرفت قضية المساواة وانعدام التمييز حضورا قانونيا في نصوص كثيرة منها الدستور. هذا صحيح، وقد أشرت في كتابي الى ما عرفه المغرب من تطور كبير منذ 1956، الى 2012، وهذا التطور الايجابي ساهم في تحقيقه الجميع. ومع ذلك، فان الافق الذي كان منتظرا لا يصل الى انتظاراتنا وطموحاتنا وآمالنا ومطالبنا. المشكل هو اننا داخل مؤسساتنا، مختلف مؤسساتنا لم نصل الى الكتلة الحرجة والنسبة المنتظرة في تطور المسار الايجابي المنتظر، وهو الوصول اليوم على الاقل الى نسبة %30 و %40 داخل مختلف المؤسسات داخل الوزارات، وداخل الهيئات والادارات الكبرى. بل انه يمكنني القول ان ما تعرفه وضعية المرأة اليوم هو نوع من »"توظيف"« المرأة، المرأة التي اصبحت مجرد رمز لا أقل ولا اكثر، اكثر مما هي مشروع حقيقي داخل المجتمع. هل الامر يعود الى غياب ارادة حقيقية لدى الدولة، ام الى الاحزاب السياسية ام ان المجتمع وهيئاته؟ أعتقد ان هناك التقاء وتضافرا لكل هذه العوامل والاسباب. فالدولة تملك الوسائل الكفيلة بتحقيق المساواة، غير ان الدولة تشتغل وتعمل على المؤسسات، فضلا عن ان للاحزاب السياسية دورها في هذا الشأن، وكذلك الهيئات والجمعيات داخل المجتمع المدني. وفوق هذ وذاك هناك المدرسة التي تلعب دورا لا يستهان به، بل ربما هي التي من شأنها ان تلعب الدور الابرز. وهنا يبدو اننا امام ضرب من المفارقات. خذ على سبيل المثال، الانتخابات التشريعية الأخيرة لسنة 2011، التي سبقها نقاش كبير حول قانون الأحزاب السياسية، وهو المشروع الذي اقترحته وزارة الداخلية، وكان يتضمن مقترح نسبة 33% للمرأة داخل الهيئات السياسية. لكن الملاحظ هو أن عدداً من الاحزاب رفضت هذه النسبة. وإذا كان الاتحاد الاشتراكي وأحزاب أخرى من اليسار قد قبلت النسبة، فإن أحزاباً أخرى رفضت بشدة تواجد كوطا 33% داخلها. وكان يتعين أن ينتقل النقاش الى البرلمان من أجل الموافقة على هذه النسبة وتمريرها، فحتى داخل الأحزاب السياسية هناك مشكل يعوق سيرورة المساواة، وبالتالي بقينا نراوح مكاننا لا نتجاوز قضية الكوطا. فالنساء النشيطات من أجل قضية المرأة كنّ يعتقدن بأن مسألة الكوطا ليست سوى مرحلة عابرة، انتقالية، للوصول إلى المساواة، أي إلى 50% كانت الفكرة، داخل الأحزاب، هي أن تكون نسبة 25%، مثلا، في هذا المؤتمر، ثم 30% في المؤتمر الموالي، ثم 40% ثم 50% هذه هي الكوطا المتطورة. وتلاحظ أن المنافسة من أجل المناصب الهامة، تكون بين الرجال. يقال للنساء: ها هي لائحتكنّ الوطنية، افعلن بها ما شئتن، في حين أن المنافسة في الدوائر الهامة كانت بين الرجال. أي أن الأحزاب السياسية بدورها غير متقدمة في هذا الشأن. وهناك من جهة أخرى، المدرسة حيث يلاحظ غياب تام لمسألة المساواة، ويتجلى ذلك في المقررات المدرسية، بمختلف مستوياتها، وفي نظرة الزملاء المدرسين الى زميلاتهم، وكذا تمثلاتهم لهن، وطريقة التدريس، فضلا عن النظرة التي لهؤلاء المدرّسين إلى كل من التلاميذ الذكور والإناث. ثم لا ننسى هذا الخروج الأخير، الخروج الغريب والشاذّ لوزير التربية المغربي الذي توجّه إلي تلميذة لا يتعدى عمرها 12 سنة ليقول لها: »لماذا لم تتزوّجي بَعد». هذا كلام غريب لا معنى له، وهو يذكّر بفترة الستينات في المغرب، حيث كان يقال بأن الفتيات اللواتي يصلن الى مستوى البكالوريا هن الفتيات الذميمات اللواتي لم يتزوّجْن إلخ. وهذا التصور الغريب مافتىء موجوداً في بلادنا الى اليوم، للأسف، في القرن 21 وداخل حكومة تعمل في إطار دستور جديد جد متقدم، وهو دستور اشتغلت من أجله ومن أجل بلورته وإخراجه للوجود القوى التقدمية والنسائية بصورة جدية ومضنية، ليأتي مسؤول من داخلها ويصرّح بكلام منافٍ للدستور، ومنافٍ للعصر. الدستور يتحدث عن المساواة وعدم التمييز بينما العقليات لاتزال تراوح مكانها. وفي الوقت الذي ننتظر فيه أن تتشكل هيئة عليا للإشراف على تفعيل بنود الدستور في هذا الشأن، نلاحظ أن بعض المسؤولين في الحكومة يطلقون كلاماً يعيدنا إلى ما قبل توقيع المغرب على الاتفاقية الدولية لعدم التمييز إزاء النساء. ما هي التدابير والاجراءات العملية التي تبدو، في نظرك، كفيلة بتجاوز هذه الوضعية السلبية؟ من بين أهم هذه التدابير والاجراءات أنه لابد أن نبدأ بالأحزاب السياسية، وخصوصاً أحزاب اليسار. فنحن نلاحظ جميعاً أن السباق نحو إدارة هذه الأحزاب يكون دائماً بين الرجال. وهذا لا يعني بأن النساء لا يرغبن في الترشح، بقدر ما يعلمن مسبقاً بأنه لا حظوظ لهن في النجاح لأن الرجال الذكور يتوفرون على علاقات خفية ومعلنة، ويعملون من أجل هذا، ولهم شبكات كثيرة ومتنوعة. الشبكات الذكورية تختلف عن الشبكات النسوية. الشبكات الذكورية هي شبكات العشاءات والنزهات واللقاءات. إذن منذ البدء تختلف الوسائل وبالتالي، فالمرأة داخل الهيئات السياسية تعلم أنها لا يمكن أن تغامر وتدخل معركة تعرف أنها ستخسر فيها مسبقاً. وهذه الوضعية عامة ومتشابهة، حيث أنه حتى داخل الهيئات الثقافية، التي من المفروض أن تكون متقدمة في هذا الشأن، نجد أن السباق نحو رئاستها يكون دائماً بين المثقفين الذكور في غياب تام للمرأة. المثقف هو الذي يُفترض فيه الاستيعاب الكامل لمبدأ المساواة. فحين يكون المرء ملتزماً التزاماً كاملا بمبادىء حقوق الإنسان والديمقراطية، يكون ملتزماً بمبدأي المساواة وانعدام التمييز. لكن لا ينبغي أن ننسى بأن مجتمعنا هو مجتمع أبوي، بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى. والبنيات الأبيسية جد قوية وتتحكم في جميع العقليات، وهي ليست فقط بنيات أبيسية ذكورية، بقدر ما تشبع بها حتى النساء. هناك تطبيع اجتماعي لهذه البنيات، وطغيان كبير لهذا المناخ الأبيسي. وبالتالي، فإن التحدي الكبير، هو كيف يمكن القضاء على هذه السيادة الأبيسية؟ هناك لحسن الحظ، العديد من النساء اللائي يناضلن من أجل القضاء عليها، والعديد من الرجال كذلك. وخصوصاً في صفوف الشباب. من حسن حظنا، اليوم أن هناك شباباً متحمساً، واعياً يناقش مسألة المساواة واقتسام وتوزيع المهام بين الذكور والإناث. صحيح أن الطريق طويل، والمصاعب والحواجز كثيرة، تعوق هؤلاء الشباب، لكن أنا متفائلة بحتمية الوصول يوماً ما إلى وضعية أفضل. لِنَعُدْ إلى كتابك، عندما نشرع في قراءته، أول سؤال يتبادر إلى الأذهان هو المتكلم داخله: هل هي الباحثة الاجتماعية أم المناضلة النشيطة في مجال الدفاع عن قضايا المرأة، أم الصحافية، بما أن جزءا كبيرا من الكتاب يتكون من نصوص ومقالات نشرت منذ مايربو على أربعين سنة من طرف الأستاذة عائشة بلعربي؟ صحيح أن النفس الصحفي موجود، وكانت نقطة الانطلاق هي أنني سعيت إلى جمع عدد كبير من المقالات الصحفية التي نشرتها منذ أكثر من أربعين سنة على اعمدة جرائد »المحرر« "»الاتحادالاشتراكي"« "»ليبراسيون"«. وهي بمعنى ما تؤرخ لمساري النضالي، وللقضايا التي شغلتني فيما يتعلق بالمرأة المغربية، ومختلف النضالات التي خاضتها منذ حصول المغرب على استقلاله، كما تؤرخ لما عرفه المغرب كذلك من حالات مد وجزر في التعاطي مع قضايا المرأة. وفي الوقت ذاته تجد تحليلا لأهم الأسئلة التي شغلتني نظريا وعلميا باعتباري محللة وباحثة اجتماعية. خلاصة القول، أنا اعتبر نفسي هوية واحدة يجمع بينها الالتزام.انا امرأةا ملتزمة بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان و قضايا المرأة والمساواة وانعدام التمييز ونبذ العنصرية والإقصاء الخ. ثم حزب »"الاتحاد الاشتراكي"« أعطاني الوسائل، ووفر لي المناخ المناسب من أجل النضال والتعبير والمشاركة، رغم أننا داخل حزبنا لم نكن دائما متفقين حول عدد من النقط والقضايا والسلوكات، غير أن النقاش في حد ذاته كان غنيا وإىجابيا. وقد ساعدني كذلك كوني باحثة في علم الاجتماع، لأن الباحث السوسيولوجي مرتبط دائما بالميدان، وينصت ويحلل، وهو ما قمت به في الفصلين الأول والثاني من الكتاب. وبالتالي فأنا كل هذه العوامل في الآن ذاته. من هنا ربما هذا النفس السير ذاتي الذي نلمسه في كتابك؟ نعم، هو بمعنى ما أوتوبيوغرافيا ترصد مساري السياسي، أولا باعتباري مناضلة داخل حزب تقدمي منذ مايربو على 40 سنة. مثلما ترصد مساري السوسيولوجي والمهني، ومساري الصحفي. ومنذ أكثر من ثلاث سنوات طلب من عدد من الزملاء، من داخل الحزب ومن خارجه، كتابة تجربتي في النضال من أجل حقوق الإنسان وقضايا المرأة والمساواة. وما يهمني أكثر هو مخاطبة الشباب اليوم. ولابد من الإشارة كذلك إلى أن الفضل في تحقق إلى اليوم، في مجال المرأة. وهو كثير، يعود بالأساس الى قوى اليسار، والى الحركات النسائية، وحين أٍقول Feministe، هذه الكلمة ليست كلمة قدحية، كما يتصور البعض. الحركات النسائية هي حركات من أجل المرأة، ومن أجل الدفاع عن وضعيتها وكرامتها وحقوقها و مساواتها. هذا هو المعنى الحقيقي لهذه الكلمة التي لا ينبغي الانتقاص منها، أو النظر إليها على أنها قدحية. ورغم كل ما تحقق، مازالت المرأة والحركات النسائية الموالية لها، تناضل من أجل استبعاد النظرة الأبيسية التي مازالت تضغط على المجتمع وتكبل حركته في اتجاه الوصول الى مساواة حقيقية بين الرجال والنساء. ونحن اليوم ننتظر أن يسفر النقاش، خصوصا بعد صدور الدستور الجديد، عن هيئة تفعل بنود المساواة وانعدام التمييز. غير أننا نعيش نوعا من التباعد بين ما تعرفه الحركات في المجتمع من نقاش، وبين الصمت الذي نلاحظه داخل البرلمان مثلا، حيث لا يحضر ممثلو الأمة حتى لمتابعة النقاش، وكأنهم غير معنيين بالأمر، وهذا مؤسف، بل إن الهيئة التي كان من المفروض أن تتبلور منذ أن كانت على رأس وزارة الأسرة والتضامن الأستاذة نزهة الصقلي، لم تتغير في العمق، بقدر ما تغيرت التسمية التي أصبحت تحمل اسم "»إكرام«." ولا داعي الي شرح ما تنطوي عليه التسمية من معاني تقديم الصدقة والبر والكرم ومساعدة الفقير واليتيم. لا وجود للمساواة هنا.