اضطرت مجموعة من مواطني ومواطنات دوار الزراق بمنطقة تروال، الواقعة تحت النفوذ الترابي لإقليم وزان، بعد أن لم تعد تنفع معها مهدئات عديمة الجدوى، إلى تعليق كل التزاماتها المهنية والاجتماعية، والانتقال إلى مدينة وزان من أجل إسماع أصوات فلذات أكبادها الذين حرموا من الحق في الدراسة ويستعدون لمعانقة الشارع بكل انحرافاته وأمراضه الاجتماعية. المتذمرون سردوا، أمام مراسل الجريدة، معاناتهم التي لخصوها في كون الدراسة بفرعية دوار الزراق، التابعة للمجموعة المدرسية سيدي علال الزغاري، كانت ضحية التدبير الفاشل للموارد البشرية الذي تشرف عليه نيابة التعليم. فالمدرسة المعنية لا تتوفر إلا على مدرسين اثنين! نعم اثنين، واحد يدرس بقسم مشترك، المستويين الأول والثاني، لكنه - يقول آباء وأمهات التلاميذ بلغة عربية فصيحة ولا غبار عليها- نادرا ما تطأ قدماه عتبة الحجرة الدراسية، ولا يعلمون هل إدارة المؤسسة ومصلحة الموارد البشرية بالنيابة تتوفران على السند القانوني لخصومة هذا الأستاذ لتلامذته التي طالت! أما الأستاذ الثاني، فيكفي أن يعلم كل من يتبجح بالدفاع عن المدرسة العمومية بأنه مكلف لوحده بتدريس (الفرنسية والعربية) ل 58 تلميذا بقسم مشترك، يجمع تلاميذ أربع مستويات دراسية ( الثالث والرابع والخامس والسادس)! فعن أي حق نتحدث في التعليم الذي يضمنه الدستور لأبناء هذا الوطن، وتحميه المواثيق الدولية، إذا كان العرض التربوي بالمدرسة العمومية التي تشكل هذه المؤسسة جزءا منها، يقدم على هذا المقاس الذي لم تتحدث عنه أية مدرسة تربوية منذ بداية التاريخ؟ أين نحن من الجودة، والتعليم النافع وتكافئ الفرص بين أبناء الوطن الواحد، ودعم طفولة العالم القروي، ومحاربة الهدر المدرسي، وانطلاق الدراسة الفعلية يوم 12 شتنبر ... وما إلى ذلك من الكلام «القاصح» الذي أثث فضاء الدخول المدرسي لهذه السنة؟ تعطيل الدراسة بهذه المؤسسة، كما هو الشأن بالنسبة لمؤسسات أخرى منتشرة عبر ربوع الإقليم، راجع بالأساس إلى سببين -تقول مصادر موثوقة التقت بها الجريدة - السبب الأول يعود إلى الخصاص المهول المسجل في الموارد البشرية، الذي وجدت نيابة التعليم صعوبة في تدبير هذه الندرة، والسبب الثاني أرجعته نفس المصادر إلى سيادة العشوائية، وغياب ضوابط ومقاييس شفافة -أسبابها يعلم بها الجنين في بطن أمه- أثناء عملية إعادة الانتشار التي تربك الخريطة المدرسية ، فيختل التوازن، حيث يسجل الفائض في الموارد البشرية في زمن الخصاص! فاتورة هذا الارتباك يؤدي ثمنها مستقبل الوطن الذي تقتل مدرسته العمومية.