بسط أحمد وهوب, الكاتب الإقليمي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالمحمدية، منظومة حزبية في مشروع تصميم التهيئة للمدينة، كما بسط اقتراحات وتصور الاتحاد بخصوص هذا الموضوع وأيضا التصور الخاص بمستقبل التنمية بمدينة الزهور. وكشف وهوب الذي كان يتحدث في ندوة خاصة في هذا الموضوع يوم الثلاثاء 2 أكتوبر 2012 بقاعة الندوات بفندق جنان فضالة بالمحمدية ,التي أدارها نائب الكاتب الإقليمي المهدي مزواري, أن الدعوة إلى هذه الندوة التي حضرها ممثلو الأحزاب السياسية والنقابية والمجتمع المدني ورؤساء الجماعات والفاعلين الاقتصاديين, جاءت لتبادل الأفكار والمعلومات والمواقف حول موضوع يسترعي اهتمام مختلف الفاعلين اليوم في أكبر جهة. أهمية موضوع الندوة يأتي لأهميتها من الناحية الاقتصادية والبشرية، هي جهة الدارالبيضاء الكبرى بصفة عامة، والمجال الترابي لعمالة المحمدية بصفة خاصة، هذا الموضوع الذي يشغل الفاعلين على مختلف مستوياتهم, مشروع تصميم التهيئة الذي وصل إنجازه إلى مرحلة متقدمة، وأصبح المعنيون به مدبرين للشأن الذي سيؤول إليه الملف في مراحله النهائية، كما عاش ويعيش المتضررون من مقتضياته المقترحة على مستوى التنطيق والتخصيص، والذين لا شك أنهم وضعوا الشكايات لدى السلطات المختصة في مرحلة البحث العمومي التي انتهت قبل أيام، يعيش هؤلاء مخاوف كبرى من ضياع حقوقهم العينية. وبخصوص طبيعة الوثيقة تقنيا وسياسيا: يقول وهوب إذا كنا جميعا، وبحسب ما هو متوفر من معلومات متفقين على أن تصميم التهيئة هو وثيقة مرجعية، أو بأن التجهيزات المسطرة فيه وثيقة التعمير التنظيمي التي تحدد حقوق استعمال الأرض داخل المجال الترابي الذي تغطيه، و أن مدة سريان تنفيذه هي 10 سنوات على الأقل وإن كان، عمليا، يضاعف هذه المدة مرتين أو أكثر (آخر تصميم بجهة الدارالبيضاء الكبرى كان سنة 1989)، وأنه »يشكل بالنسبة للجماعة والوكالة الحضرية الأساس القانوني والتقني والعمراني اللازم الذي تعتمد عليه لدراسة طلبات رخص إحداث التجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات وإقامة البناءات، ويهدف الى تحقيق عدة أهداف مرتبطة بالتعمير وتخصيص الأراضي والتراث والطبيعة وضوابط البناء. إذا كانت هذه بعض الخصائص التقنية والقانونية لتصميم التهيئة, فإنها تبرز ضمنيا أهمية منهجية إعداده والاحترازات والضمانات التي يجب الحرص على توفيرها أثناء الإعداد ووضع المضامين، كمبدأ المقاربة التشاركية، ومبدأ تكافؤ الفرص ومبدأ المساواة التي يضمنها الدستور المغربي لجميع المواطنين والمواطنات. فهل تحققت كل هذه الضمانات في إعداد تصميم تهيئة المحمدية كمجال ممتد يشمل ست جماعات ترابية؟ وبماذا تتسم مضامينه المقترحة؟ وبسط الكاتب الإقليمي تصور الاتحاد الاشتراكي لمجال المنطقة: لكن، قبل ذلك كيف ينظر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لهذا التجمع الحضري وخاصة جماعة المحمدية؟ إن المحمدية لها خصوصيات بارزة لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار في تصميم التهيئة. القرب أو الاندماج مع الدارالبيضاء الكبرى موضع المدينة في البناء الجهوي المقبل ,جهة موسعة تضم جهات البيضاء وسطات والجديدة)، حيث يفترض أن تكون المحمدية في عمق هذا البناء. موقع المحمدية في الجهة الميتروبولية الوسطى ما بين الجديدة والقنيطرة مرورا بالرباط، حيث المحمدية هي مركز هذه الجهة. - التوسع السريع الذي تعرفه المراكز المجاورة للمحمدية والوظائف المستقبلية التي يجب إدماجها فيها. - دينامية المدينة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، حيث أصبح الحديث اليوم عما يزيد عن 200.000 نسمة من السكان، في حين يفوق سكان المحمدية الكبرى ما يزيد عن 350.000 نسمة. وشدد على أنه يجب اعتبار المحمدية جزءا لا يتجزأ من التجمع المتروبولي للدار البيضاء، وبالتالي وجب التفكير في توزيع الوظائف بين الحاضرتين بشكل معقلن (النشاط الإنتاجي النظيف والتكنولوجيا غير الملوثة والبحث العلمي العالي، والسياحة مثلا)، فالبيضاء - المحمدية تجمع حضري واحد. المحمدية عاصمة وقطب حضري قوي ومؤثر في محيطه المباشر (الجماعات المجاورة: بنسليمان، عين حرودة، المنصورية، الشلالات، بني يخلف، سيدي موسى بن علي وسيدي موسى المجدوب)، فنحن اليوم نعيش واقع المحمدية الكبرى، وتصميم التهيئة لا يجب أن يغفل هذا المعطي الهام، فلقد برمجت مشاريع كبيرة في المراكز المجاورة في السكن واللوجستيك والصناعة وغيرها، وسوف تتوسع المدينة، التي تختنق الآن، في هذه الاتجاهات. لذا، يجب بلورة تصميم للمحمدية يدمج بقوة هذا البعد في اندماج إيجابي مدروس. ومن جهة ثانية، مازال التصميم يعالج النسيج الحضري دون وحدة في الرؤية بين المحمدية السفلى والمحمدية العليا، ولابد من إنهاء هذه الازدواجية عبر توزيع مدروس للوظائف، وتنويع في السكن للحد من التمايز المجالي الموروث. وأخيرا، فإن من المرتقب أن تقارب ساكنة المحمدية الكبرى المليون نسمة سنة 2030، وبالتالي فإن تقوية شبكة الربط وآليات التكامل بين مختلف مكونات المحمدية الكبرى هي الأرضية الأساس لبناء تصور مستقبلي ناجع للتنمية، فبالإضافة الى الوظائف الصناعية واللوجستيكية والسكنية, فإن مستقبل المحمدية واحتلالها مكانة فاعلة في التجمع الوطني الميتروبولي يمر، أيضا، عبر تقوية اشعاعها الثقافي والترفيهي جهويا ووطنيا، و لم لا قاريا. وفيما يتعلق بمشروع تصميم التهيئة، بسط خلل منهجية الإعداد,هكذا يقول تصور الاتحاد الاشتراكي للمنطقة ويستشرف مستقبلها، وهو يجعل مدينة المحمدية في قلب هذه الدينامية وقطب الرحى فيها، فهل تستجيب الوثيقة الموضوعة حاليا أمام الأنظار لهذه التطلعات، سواء على مستوى منهجية إعدادها أم على مستوى مضامينها المقترحة؟ وهل تجيب الوثيقة على سؤال التنمية وسؤال الهوية؟ إننا نترك للندوة الإجابة الموضوعية عن مثل هذه الأسئلة، لكننا في الاتحاد الاشتراكي نريد أن نسجل أن مصدر الخلل الأساسي يتمثل في منهجية الإعداد، فالوكالة الحضرية يسند إليها القانون اتخاذ المبادرة بالتعاقد مع مكتب دراسات في المرحلة الأولى لوضع تصميم التهيئة، بالتنسيق مع الجماعات الترابية. إن مرحلة التشخيص وتجميع المعطيات، وأحيانا من طرف متدربين لا يمتلكون الخبرة الميدانية الضرورية، ينتفي فيها أي شكل من أشكال المقاربة التشاركية، ونحن في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية نرفض التخطيط للمنطقة مجاليا في مكاتب مغلقة. صحيح أن القانون يسند الى المجالس المنتخبة مهمة التنسيق والتداول في مراحل محددة، ولكننا نعتقد أنه من الضروري التفكير في تغيير القانون بأن يتضمن إجبارية الاشراك، على نطاق واسع، ومنذ البداية. وفي هذا السياق تساءل وهوب عن محاور الالتقاء بين تصاميم التنمية التي أعدتها الجماعات وبين تصاميم التهيئة: هل أدمجت جزئيا أو كليا أو ووضعت على الرف؟ وخلص إلى أن وثيقة تصميم التهيئة أعدت في غياب الحضور الفعلي للمنتخبين، وفي غياب الأحزاب السياسية التي يسند إليها الدستور تأطير المواطنات والمواطنين وغياب المجتمع المدني الذي يلعب دورا رياديا في مجتمع اليوم. كما كشف أن هناك خللا في المضامين يبرز أن الخطيئة الأصلية، إن صح التعبير، في منهجية إعداد تصميم التهيئة انعكست بالضرورة على مضامينه المقترحة، مما تسبب في اختلالات عديدة تعكسها المحمدية، على سبيل المثال، 196 تعرضا تقدم بها ملاك ومنعشون عقاريون ومواطنون عاديون وذوو حقوق، وبعضها مدعم بوثائق وتصاميم دقيقة، ونكتفي هنا بالإشارة إلى بعض هذه الاختلالات فقط: أما اختلالات التنطيق فيقول بشأنها أن الاختلال الأبرز في الوثيقة المعروضة للنقاش العمومي، ذلك أن حيفا واضحا كان ضحيته عدد كبير من المتضررين، منهم منعشون عقاريون، ومنم ملاك صغار أو متوسطون، أو مواطنون عاديون في مختلف الأحياء، دون مراعاة لوضعياتهم الاجتماعية المأزومة، ودون مساعدتهم، عن طريق الزيادة في عدد الطوابق، في المساهمة في حل بعض مشاكلهم الاجتماعية، فمن خصائص هذه الشرائح المجتمعية أنها تشكل مجتمعا ولودا، حريصا على العيش المشترك. ولعل الحديث عن الأسر المركبة في سياق محاربة أحياء الصفيح مؤشر واحد في هذا الاتجاه. ورأى أن حيف التنطيق الذي لحق عدداً كبيراً من الناس، هو في العمق ضرب لمبادىء دستورية، كمبدأ تكافؤ الفرص، ومبدأ المساواة، ومن الصور النمطية التي يتحدث عنها الناس اليوم أن تصميم التهيئة قد يكون عامل إغناء أو عامل تفقير، ويقولون أيضاً بالدارجة المغربية: (واحد اعطاتو، واحد ركلاتو). وبخصوص هدر حقوق الغير، يقول إن الأمثلة الصارخة عليه أن هناك تجزئات مرخصة، وتم الشروع في تسويقها تجارياً، ولكن تصميم التهيئة يضع عليها مرافق عمومية، بينما بجانبها تم تكريس تجزئات بطوابق زائدة، كما أوضح وجود إلغاء مشاريع اجتماعية: فمثلا تقترح الوثيقة مرافق عمومية على أرض كانت مخصصة لمشروع سكني اجتماعي خاص بمستخدمي بلدية المحمدية. كذلك منطق رهن العقار، وعلى ذكر المرافق العمومية يخصص مشروع تصميم التهيئة 66 هكتاراً للمناطق الخضراء، يضيف، وهي مساحة لا اعتراض عليها، نظريا، في مدينة ذات حساسية بيئية دقيقة، لكن إذا وضعنا في الاعتبار، أنه لم ينجز من المرافق العمومية التي كان يتضمنها تصميم التهيئة لسنة 1989، إلا نسبة 27% فقط، وأن جماعة المحمدية تعيش خصاصاً واضحاً على مستوى ميزانية الاستثمار، وأن عشرات المناطق الخضراء القائمة تعيش حالياً خريف العمر، فإننا نتساءل عن ضمانات إعداد وإنجاز المساحات الخضراء الجديدة. وطرح أحمد وهوب أسئلة حول إشكالية السعر الباهظ لاختيار التصنيع، إذ تتوفر المحمدية على صناعات وطنية استراتيجية، وهو اختيار تم تبنيه بقوة بعد الاستقلال مباشرة، لكن ثمن هذا الاختيار كان كبيراً على المستوى البيئي، وعلى مستوى الصحة العامة للساكنة، وقد كان من المفروض أن يكرس تصميم التهيئة مرافق اجتماعية في مستوى المخاطر التي تتهدد المنطقة، كما من الواجب على الدولة ضخ الدعم المالي الضروري لتسييرها واستمرارها إنصافاً لسكان المنطقة، ومن جهة أخرى، فإن مشاكل الدارالبيضاء بالأمس كانت تجد حلها في المحمدية، بينما مشاكل هذه الأخيرة اليوم تجد حلها في الجماعات المجاورة، الشيء الذي يستوجب نظرة شمولية لمكونات المحمدية الكبرى باقتراح عقلاني لتوزيع الأدوار والمهام، وخلق جسور التكامل الاقتصادي والاجتماعي بينها. وخلص الكاتب الاقليمي إلى القول، إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي تلقى عشرات الشكايات من فاعلين اقتصاديين ومواطنين في إطار انفتاحه وعلاقاته وحواره الدائم مع الناس الذين يحترمون فيه اهتمامه بالشأن المحلي وانشغاله بالملفات الكبرى للمنطقة من منطلق حرصه على المصلحة العامة، وتغليب اعتبارات الإنصاف ورفع الحيف والشفافية على أي اعتبار آخر. يقول إن الاتحاد الاشتراكي الذي ربط في موضوع هذه الندوة بين مشروع تصميم التهيئة ومستقبل التنمية استشرافاً للمستقبل، ودعا لحضورها مختلف الفاعلين من أساتذة ومهنيين مختصين، وفاعلين اقتصاديين واجتماعيين ومنتخبين ومجتمع مدني، فإنه إذ يساهم في النقاش العمومي الدائر حول الوثيقة، تحذوه الرغبة في أن تسلط أشغال هذه الندوة المزيد من الأضواء على مشروع تصميم التهيئة المقترح في علاقاته المتشابكة بتنمية المجال والتخطيط للمستقبل، كما تحذوه الرغبة أيضاً في توضيح المواقف وتحديد المسؤوليات، ولكنه، قبل ذلك وبعده، يأمل من مختلف الفاعلين في الملف استثمار خلاصات أشغال هذه الندوة كمدخل لاستدراك بعض مظاهر الخلل الصارخة التي تميز مشروع تصميم التهيئة بالجماعات الحضرية، ومشاريع تصاميم التنمية في الجماعات القروية، وهو إذا كان قد سجل إحداث إطار ثلاثي بمجلس المحمدية لدراسة هذا الملف من أجل إعداد وثيقة تفاوضية، فيما تبقى من مراحل إعداد تصميم التهيئة، فإنه يرى أن مثل هذه المبادرة كان ينبغي أن تكرس كمنهجية لتعامل الأطراف منذ البداية، وهو يأمل صادقاً في أن تحذو الجماعات الأخرى حذو المحمدية. من جهته، قارب المهندس المعماري حسن أوجارو من خلال الوثائق التي قدمها الإشكاليات التي يطرحها هذا الموضوع. إذ أكد أن هناك عدة وثائق للتعمير، ويأتي على رأسها المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية التي هي بمثابة خارطة الطريق للتوجهات الأساسية للتعمير. وعرج في عرضه على ما تعيشه الجماعات المحيطة بالمحمدية، حيث شدد على أنه لم يتم إعطاء الفرصة من أجل تنمية هذه الجماعات، على اعتبار أن الوثيقة المعنية خصصت المناطق للفلاحة وليس للعمران وغيرها. وأشار إلى ضرورة أن يراعى في إعداد هذه الوثائق تحديد ماذا نريد من مناطقنا ومدننا، هل تكون سياحية أو صناعية وغيرها، مسجلا غياب هذه الرؤية، مطالباً بضرورة رصد النقائص والتعامل مع الأمر وفق الدراسة الميدانية الصحيحة، وفي غياب ذلك، لن تكون هناك نتائج محققة، ذلك أن التوقعات لن تكون دائماً صحيحة، مهما يرهن المستقبل وكشف أن مكتب الدراسات الذي يتولى الدراسة, عادة ما يكون رهينة لرغبات المنعشين العقاريين وسجل وهو يتحدث عن مدينة المحمدية، عدة أخطاء يتضمها تصميم التهيئة حيث قدم نماذج مثل, إنجاز طرق بالقرب من الأحياء الصفيحية وغيرها. وكذلك الترخيص للبناء عبر 4 طوابق, في حين هناك شوارع وازقة بالقرب منها لم تستفد من هذا الترخيص, كما شدد في مداخلته بخصوص تصميم التهيئة ان يتم اشراك في اعدادها الفاعلين بمختلف اشكالهم. لإبداء الرأي. وكذلك الاستناد على الدراسة الديمغرافية من كل الجوانب من قبيل هل المدينة تستقطب المواطنين او غيرها. الاستاذ ايت موسى اكد على الصعوبة في الحصول على الوثائق لضبط الاختلالات بالمحمدية والجماعات المجاورة. وأبدى ملاحظات مشيرا إلى ان مابني على باطل فهو باطل. واضاف ايت موسى ان التشخيص المتعلق بمدينة المحمدية كان خاطئا ومجانبا للصواب, إذ لم يعتمد على التشخيص الميداني لفهم الواقع الديمغرافي والاجتماعي, الذي بناء عليه يتم اقتراح وثيقة جديدة. واضاف ان الإحصاء أكد أن نسبة تزايد ساكنة المحمدية كان بين إحصائي 1994 و 2004 لا يتعدى نسبة %1 كما أن كل المدن الكبرى شهدت انخفاضا وتراجعا في هذه البنية. فمثلا الدارالبيضاء لم تتعد فيها %0,0 و الرباط %0,1 في حين نجد التقديرات الخاصة بالمحمدية ان نبسة تزايد الساكنة ستصل الى %4,4 سنة 2020 رغم الاختناق التي شهدته هذه المدينة. ورأى ان هذا الرقم غير واقعي ومنطقي. على اعتبار ان المغرب عرف تحولات ديمغرافية في المدن والبوادي, وهناك انخفاض كبير في الولادات وفي مؤشر الخصوبة الذي انتقل من %2,5 الى 1,8 طفل لكل امرأة في سن الانجاب حسب احصاءات 1994 و 2004 وربما هذا الرقم سيعرف انخفاضا, لكن نجد أنه يتم رفع هذه المؤشرات واعتمادها في تهييء تصميم التهيئة. وفي حالة المحمدية نجد أن السكان يلجؤون الى الجماعات المجاورة بحكم التلوث وغلاء العقار. على اعتبار ان المحمدية وصلت الى حالة التشبع, كما ان الاراضي اصبحت نادرة مما يطرح سؤالا كبيرا حول زيادة ساكنتها ب %4,4 سنة 2020 ليصل عدد السكان 375660 نسمة. وهو الرقم الذي شكك فيه وعزا هذه الارقام الى كون الأراضي المتبقية في المحمدية عليها رهانات لتلبية مطالب بعض المتدخلين في المدينة. وبخصوص الجماعات المجاورة قال ان الدارالبيضاء تصدر مشاكلها الى المحمدية, وهذه الاخيرة تصدرها الى الجماعات المجاورة المنصورية وبني يخلف, ورأى ان التعامل مع هذه الاشكالية فيها نوع من العبث بناء على غياب دراسات ميدانية. وابدى يقينه ان ما يحدث لا يعدو ان يكون استجابة لمطالب بعض المنعشين العقاريين وليس استجابة لمصالح الساكنة والمدينة. أردوغان التركي ومرسي المصري: رمزان بارزان للتحول الكبير الذي يهز العالم العربي والإسلامي في القرن 21. فالتسارع المفاجىء الذي فرضته الثورات العربية منذ دجنبر 2010، بدأ يتجسد من خلال بداية ترتيب الأوراق واصطفافات القوى العظمى في لعبة الشرق الأوسط الجديد. ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الولاياتالمتحدة في هذا المعطى الجديد؟ وهل فعلا أدى »الربيع العربي« إلى قيام »شتاء إسلامي«، كما تحاول تجسيده الرسوم الكاريكاتورية؟ الأمريكيون الذين صاحبوا بعضاً من هذه التغييرات يرون في بعض الأحيان أنها تنقلب ضدهم، وحادثة بنغازي، التي قتل خلالها السفير الأمريكي وثلاثة من مواطنيه يوم 11 شتنبر أظهرت بوضوح أنهم إذا كانوا دائماً هدفاً، فإن سلطتهم وتحكمهم في الأحداث بدأ يتآكل شيئاً فشيئاً. بالنسبة للذين رأوا في الانتفاضات التونسية والمصرية تعبيراً عن تطلع للنموذج الديمقراطي والاجتماعي الغربي، فإن الاستفاقة صعبة. ففي هذين البلدين لم تحمل الانتخابات الى السلطة من قاموا بالثورة وأسقطوا الديكتاتورية، بل حملت الأحزاب الاسلامية، النهضة في تونس والإخوان المسلمين في مصر، ومكنت المتطرفين السلفيين من التسلل إلى الواجهة. و«الربيع العربي» كان تعبيراً إعلامياً غربياً. لكن تعبير »الصحوة العربية« يبقى دون شك أكثر ملاءمة. وهذه الصحوة ومطلب الحرية والكرامة الذي حملها، أخذ أشكالا مختلفة حسب البلدان، ولكنه، باستثناء بعض الملكيات في الخليج، لم يستثن أي نظام من هذه الأنظمة. ويبقى مآل الحرب في سوريا وموقف طهران وتطور الوضع الاقتصادي في مصر، ومصير الاستقرار في ليبيا، ومقاومة المجتمع المدني لضغوط ومطالب السلفيين.. كلها معطيات تبقى مجهولة سيكون لها بالتأكيد تأثير على توجهات هذه الصحوة. هناك تحدي آخر أمام الثوريين، ويتمثل في إعادة ترتيب الأمور وبناء خطاب سياسي متماسك في مواجهة خطاب الإخوان المسلمين. والشيء الأكيد هو أنه لا الولاياتالمتحدة ولا أوربا تستطيع هذه المرة التأثير في سير الأحداث، ويعترف باراك أوباما أن مصر اليوم »لا هي بالحليف ولا هي بالعدو« للولايات المتحدة، ويتعين إعادة بناء كل شيء في هذا الشرق الأوسط الجديد. ردود الفعل الرسمية من خلال أعضاء الحكومة المغربية ابتداء من رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ووزير خارجيته سعد الدين العثماني، وكذلك وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة وأيضا عبد الله باها. لم يتسن لنا معرفتها، رغم الاتصالات الهاتفية لأكثر من مرة يوم أمس، حيث كانت الهواتف ترن دون أن نجد صدى لمكالماتنا. في حين كان هاتف وزير الخارجية مقفلا وكذلك رقم الخارجية المغربية الثابت. وفي اتصال بالرجل الثاني في الخارجية المغربية يوسف العمراني الذي كان في مهمة ستراسبورغ، صرح لنا أنه لم يطلع بعد على هذا التقرير. محمد اليازغي القيادي الاتحادي والملم بملف الصحراء، صرح للجريدة تعليقا على تقرير الخارجية الأمريكية بأنه يقلل من أهمية هذا التقرير، على اعتبار أنه يعتمد في صياغته على تقارير المنظمات غير الحكومية، ومنها بالتأكيد تقرير منظمة كيندي التي زارت رئيستها مؤخرا المناطق الجنوبية. إذ شدد على أن هذه المنظمات منحازة في مقاربتها ضد المغرب. وأوضح محمد اليازغي أن المهم أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في اتصاله مع جلالة الملك محمد السادس، أكد على أن مبعوثه الخاص سيظل مؤطرا بما قرره مجلس الأمن، خاصة في قضية المينورسو والتي لن تمتد لتصبح لها علاقة بحقوق الإنسان بالمنطقة. وأضاف أن المغرب عرف تأسيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو منظمة تتابع حقوق الإنسان بالمنطقة. وعن سؤال إن كان تقرير الخارجية الأمريكية له علاقة بالموقف المغربي من مبعوث الأممالمتحدة روس، ذو الجنسية الامريكية، استبعد اليازغي هذا الربط، وأضاف أن الأساسي هو موقف كاتبة الدولة في الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون الذي عبرت عنه والداعم للمقترح المغربي بخصوص ملف الصحراء المغربية. واعتبرته مقترحا ذا مصداقية وواقعية. وسجل اليازغي أن هذه التقارير دائما لم تكن في صالحنا، وليس هذا التقريرالأول من نوعه في هذا الباب. تضمن تقرير جديد قدمته الخارجية الأمريكية للكونغرس، انتقادات شديدة اللهجة للمغرب بخصوص تسجيل انتهاكات لحقوق الإنسان في منطقة الصحراء المغربية. واعتبر التقرير، الذي يأتي تنفيذا لقانون تمت المصادقة عليه في وقت سابق من السنة الماضية، أن الوضعية في المنطقة تثير الكثير من القلق. وينص ذلك القانون على ضرورة تقديم الخارجية الأمريكية تقريرا أمام لجنة القروض داخل الكونغرس، توضح فيه مدى احترام الحكومة المغربية لحقوق الإنسان ومستقبل الأقاليم الصحراوية. ومن خلال هذا القانون، اشترط الكونغرس منح المساعدة المالية العسكرية الأمريكية للمغرب ب"منح منظمات حقوق الإنسان والصحفيين وممثلي الحكومات الأجنبية حق الدخول إلى الصحراء دون قيود". وحسب ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية، فإن نص التقرير يتحدث عن المناطق الصحراوية باعتبارها "إقليما غير مستقل يطالب المغرب ببسط سيادته عليه، وهو موقف لا يقبله المجتمع الدولي،" مضيفة أن "الاستفتاء لم ينظم والصحراء تبقى بذلك تحت السلطة الإدارية المغربية وذلك رغم أن منظمة الأممالمتحدة لا تعترف بالمغرب كقوة إدارية مسيرة للصحراء ". وشدد تقرير هيلاري كلنتون، حسب ذات المصادر، على أن "الوضع العام لحقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية يثير مخاوف شديدة في ما يخص مثلا الحد من حرية التعبير، والاجتماع واللجوء إلى الحبس التعسفي والتجاوزات الجسدية والكلامية ضد المعتقلين خلال توقيفهم وسجنهم". وبالتالي، فإن "المنظمات غير المعتمدة لا يمكنها الاستفادة من الأموال العمومية ولا قبول المساهمات المالية، وأنها تواجه صعوبات للحصول على ترخيص من أجل تنظيم اجتماعات عامة" حسب التقرير الذي تطرق الى حالة الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان وتجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان. وتضمن التقرير أيضا إشارة إلى الزيارة التي قام بها شهر غشت الماضي وفد من المركز الأمريكي روبيرت كيندي للعدالة وحقوق الإنسان، وهي الزيارة التي كانت قد أثارت تحفظ المغرب بسبب الانتقائية الممنهجة التي تم اعتمادها في اختيار المنظمات التي استمع إليها أفراد المنظمة. ورغم ذلك، فإن التقرير الذي توصل به الكونغرس أشار إلى أن وفد المركز تناول في تقريره "الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان المرتكبة في منطقة الصحراء ". وبخصوص حقوق الافراد في التعبير عن آرائهم حول الصحراء الغربية، سجل التقرير الأمريكي أن المغرب يعتبر أن مطالب استقلال الصحراء الغربية تشكل "مساسا خطيرا بالأمن". وتشير الملاحظات التي أوردها تقرير كتابة الدولة في الخارجية الأمريكية إلى أنه "ثمة قيود متواصلة سيما بالنسبة لحقوق الاجتماع السلمي والمنشورات التي تدعو إلى الاستقلال أو إلى استفتاء يدمج الاستقلال كخيار". ونقل التقرير أن "القانون في المغرب يمنع منعا باتا كل المظاهرات الكبرى حول حقوق الإنسان أو أي تظاهرة سلمية لصالح استقلال الأراضي الصحراوية"، مضيفا أن "الأشخاص الموقوفين جراء احتجاجهم على دمج الصحراء الغربية في المملكة المغربية، لم يستفيدوا بعد من محاكمة علنية منصفة". كما أن " توزيع منشورات تدعو الى استقلال الأقاليم الصحراوية أو إلى إجراء استفتاء قد يتضمن هذا التصور، ممنوع"، حسب كتابة الدولة التي أكدت أن الحكومة المغربية "ترفض أيضا الدخول إلى بعض مواقع شبكة الإنترنت كتلك التي تدعو إلى استقلال" الأقاليم الصحراوية. وحسب التقرير دائما فإن "أغلبية وسائل الإعلام وأصحاب المدونات الإلكترونية يمارسون الرقابة الذاتية حول هذه المسألة" في حين أن "أصحاب المدونات الإلكترونية الذين يشكون في أنهم مراقبون من طرف السلطات المغربية يضطرون لإخفاء هويتهم". وانتقد تقرير كتابة الدولة في الخارجية الأمريكية الحكومة المغربية بسبب "تطبيقها إجراءات صارمة تحد بشدة من قدرة المنظمات غير الحكومية والمناضلين من أجل حقوق الإنسان على الالتقاء بالصحفيين"، مضيفة أن الصحفيين الأجانب يجب أن يتحصلوا على الترخيص الرسمي المسبق من وزارة الاتصال المغربية قبل الالتقاء بالمنظمات غير الحكومية التي تعارض الطرح المغربي بخصوص قضية الصحراء. وفي ما يتعلق بإنشاء المجلس الوطني لحقوق الانسان من طرف المغرب في سنة 2011 في إطار الإصلاحات السياسية، أشار التقرير إلى أن "المسؤولين الأمريكيين دعوا المغرب مثلما وعد بذلك إلى نشر التقرير الخاص بسنة 2011 حول حقوق الإنسان، بما في ذلك تقرير خاص حول وضعية حقوق الإنسان بالصحراء ". كما أوضحت كتابة الدولة أن "المغرب يرفض حضورا دائما لمكتب المندوب السامي للأمم المتحدة حول حقوق الإنسان أو آلية حقوق الإنسان في إطار المينورسو". ويأتي هذا التقرير بعد إصدار مؤسسة روبرت كينيدي للعدالة وحقوق الإنسان بيانا مستهل شهر شتنبر الماضي، يقدم ملاحظات أولية حول زيارة وفد منها للأقاليم الصحراوية ومخيمات تندوف. وهو البيان الذي نددت فيه ب "الانتهاكات المغربية الجسيمة لحقوق الإنسان في الأقاليم الصحراوية، وبالوضعية الصعبة التي يعيشها اللاجئون الصحراويون منذ أربع عقود بمخيمات تندوف"، ودعت إلى تشكيل آلية دائمة لمراقبة حقوق الانسان. وقد أثار هذا التقرير المصغر انتقادات واسعة من طرف الحكومة المغربية، وأصدرت بدورها بيانا بيان يصف التقرير بالانحياز لجبهة البوليساريو، واتهمته بالانتقائية وعدم الحياد، وتعهدت بالرد عليه. ومن بين ما جاء في تقرير المنظمة الأمريكية أن الوفد الحقوقي سجل ملاحظات حول التواجد الكثيف لقوات الأمن وانتهاكات للحق في الحياة والحرية والسلامة الشخصية، وحرية التعبير، والتجمع، وتكوين الجمعيات. وبشكل عام، لاحظ الوفد سياسة الترهيب والعنف الذي تمارسه الدولة ضد منتقدي النظام الذي ينتهك سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، والذي يوفر إمكانية الإفلات من العقاب لمرتكبي الانتهاكات. كما لاحظ الوفد أن المدافعين عن حقوق الإنسان مستهدفون بشكل خاص. وذكر البيان أن وفد المؤسسة خضع للمراقبة من طرف الأمن السري، كما منع فعليا من مراقبة هجوم على متظاهرين سلميين، بل تعرض أفراده للشتم، وتعرض لحملة تضليل على نطاق واسع تهدف إلى تقويض مصداقيته. وأورد البيان على لسان رئيسة مركز روبرت كينيدي "أن اضطهاد منتقدي الحكومة المغربية من الصحراويين لا يليق بالمملكة المغربية، التي حققت مكاسب مثيرة للإعجاب في ضمان حقوق الإنسان لشعبها على مدى العقد الماضي." أما في مخيمات اللاجئين، فقد ذكر البيان أن الوفد سجل ملاحظات بخصوص مستويات العيش المتدنية. وذكر أنه "ربما تكون مستويات المعيشة الأساسية كافية في مخيمات اللاجئين كجزء من حل مؤقت، ولكن بعد ما يقرب من أربعة عقود فإن هذه المعايير لم تعد مقبولة وتؤثر بشكل خطير على حياة وأحلام، وتطلعات أكثر من 100.000 شخص". كما نقل البيان على لسان سانتياغو كانتون، مدير الشراكات بمركز روبرت كينيدي قوله إن المركز "يلتزم بمواصلة الحوار مع الحكومة المغربية من أجل معالجة حالة حقوق الإنسان في الصحراء الخاضعة للمغرب"، مؤكدا أنه "يجب أن يتم بشكل فوري تشكيل آلية دولية دائمة من طرف المجتمع الدولي لحماية حقوق الإنسان للصحراويين». منذ الفوز الإنتخابي للإسلاميين في تونس ومصر، ومنذ بدأت الثورة السورية تسقط في الحرب الأهلية، ومنذ أيضا مقتل السفير الأمريكي بليبيا من قبل جماعة للقاعدة ببنغازي يوم 11 شتنبر الماضي، أصبحت العبارة أكثر شيوعا في تعاليق الفرنسيين: "الربيع العربي" انزلق صوب "ربيع إسلامي"، وأن المدى الديمقراطي لسنة 2011، قد انتهى إلى الفوضى والقمع. رغم ذلك، فإن الصيرورة المنطلقة منذ دجنبر 2010 من قبل ساكنة سيدي بوزيدبتونس، لا يحتمل لا انجداب الإعجاب ولا سوداوية التشاؤم. فنادرا ما يتوافق الزمن الإعلامي مع الصيرورة الإنتخابية ومع التحولات العميقة (للمجتمع). تمة أمر مفحم، وليس عيبا أن نعيد التذكير به: لقد انطلقت الثورات العربية لتدوم. "لسنا سوى في السنة الثانية للثورات"، يؤكد جون بيير فيليو، الأستاذ بمدرسة العلوم السياسية وصاحب كتاب "الثورة العربية. عشرة دروس حول النهوض الديمقراطي" (فايار 2011). "لابد من زمن، قبل أن أن تبرز نظم ثابتة. لقد خرجت هذه المجتمعات من رهاب كبير تسببت فيه خمسة عقود من الديكتاتورية". فسواء في تونس، مصر، أو ليبيا (اليمن تجتاز مرحلة كمون وسوريا في حرب أهلية)، فإن الأسئلة التي تطرح هي أسئلة كينونية (كيف يمكن مصالحة الدين مع التعدد، والإسلام مع الديمقراطية. حقوق الإنسان مع احترام المقدس)، لكنها جد عملية أيضا (هل لابد من دستور قبل الإنتخابات أم بعدها). من أمريكا اللاتينية حتى أروبا الشرقية، تمة نماذج متعددة للمقارنة. لكن ولا واحد منها يمكن تطبيقه حرفيا. "فعكس دول أروبا الشرقية، فإن التغيير العربي لم يأت من فوق بل من القاع"، يؤكد فيليو. "بينما التحولات الأمريكو لاتينية، ليست نتيجة ثورات، بل نتيجة صيرورة إدماج العسكر في اللعبة الديمقراطية. وفي الحالة العربية فإن المجتمعات تعيد تشكلها من القاع، وحدها. وأمام هذه الحركية، فنحن عاجزون، لأن أدوات اشتغالنا أصبحت متجاوزة". فمن أجل أن يكون انتقال ديمقراطي كاملا، فإن 3 نقط لابد أن تعالج وتحلل: الإصلاحات السياسية المرتبطة بالدستور وبالإنتخابات. ترسيخ عدالة انتقالية وإصلاح وسائل الأمن. ثم أخيرا فسح المجال أمام بروز مجتمع مدني تساعد في توسيع هوامش الديمقراطية. بالتالي، بشكل سريع، ومباشرة بعد الإطاحة بالديكتاتوريات، طرحت مسألة إلحاحية مراجعة الدستور، بغاية حماية وتعزيز الفعل المجتمعي وقطع الطريق أمام أي مرشح للإستبداد من جديد. في ليبيا، مثلا، فإن تبني نص دستوري كان مطلبا أساسيا للثوار، الذين ملوا من أسلوب نظام القدافي. لكن كيف يمكن البداية من الصفر دون غياب للسلطة؟ هل يجب تنظيم انتخابات قبل الدستور، أو انتخاب مجلس متوافق عليه مكلف بتحرير نص الدستور؟. مصر اختارت السبيل الأول، فيما تونس الثاني، مع إخفاقات لهذا وذاك. الطريقة المصرية، المختارة من قبل الجيش، التي غايتها وضع نظام سلطة قوي يستطيع وضع حد لصيرورة الثورة، هو الذي قاد الإخوان المسلمين إلى السلطة. لكن هؤلاء أيضا حاملوا مشروع مجتمعي (متوافق مع الإسلام)، الذين لهم طموح في فرضه على النص الدستوري. لقد عدنا إذن إلى نقطة البداية: لابد من دستور حتى تكون قواعد اللعب واضحة بصفة نهائية بين المدنيين والعسكريين، بين الدينيين واللائكيين، بين المسلمين وغير المسلمين. "إن إعادة الصيرورة إلى الوراء، قد ضيع على مصر سنة ونصف كاملة" يقول جون بيير فيليو، الذي يؤكد في الآن نفسه على أن ذلك أضعف الجيش خلال هذه الفترة. في تونس، تم اختيار طريق التغيير الراديكالي منذ مارس 2011. فالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاحات السياسية والإنتقال الديمقراطي، التي ترأسها بنعاشور، قد وضعت آلية سمحت بانتخاب مجلس تأسيسي في أكتوبر 2011، الذي عنه صدرت الحكومة الحالية. وتحديد سنة لتحرير دستور جديد لن تحترم طبعا، مما قد يدخل البلاد في مجال توتر كبير. "لقد منحت لحظة الإنتقال هذه لحزب النهضة الإسلامي فرصة تعزيز مواقعه"، يقول فيليو. وهو يرى في ذلك تخوفا من الإسلاميين أن يفقدوا بريقهم في الإنتخابات العامة القادمة. في ليبيا، احترم الجدول الزمني، رغم تراكمات المشاكل الأمنية الواضحة، بسبب جماعات المسلحين. فالمجلس الوطني الإنتقالي، برئاسة مصطفى عبد الجليل، قد سلم السلطة كما وعد بذلك لمجلس منتخب يترأسه محمد المقريف، يشكل فيه الإسلاميون أقلية. وبقية المسلسل تبدو صعبة، تتمثل في وضع حكومة قوية تعيد الأمن (تجميع سلاح الجماعات)، وأيضا تحقيق المصالحة الوطنية، مع الجواب عن التحديات المركزية التي تطرح على البلد (الشريعة أم لا، فيدرالية أم سلطة مركزية... إلخ). ففي كل واحد من هذه البلاد الثلاثة، استحوذ النقاش حول الهوية الدينية على السؤال الدستوري، وضمنه مصير الأقليات، ووضعية المرأة وقانون الأحوال الشخصية. ورغم محاولات استعراض القوة للجماعات السلفية الصغيرة، المنظمة، فإنه لابد من تسجيل أنه في تونس كما في مصر، فإن الأحزاب الإسلامية قد تبنت موقف الدولة المدنية وتخلو (مؤقتا) عن فكرة تطبيق الشريعة. مثلما أن المسألة الفدرالية في ليبيا تعتبر طابو كبير. وأكيد أن التأخر قد سجل في مجال العدالة الانتقالية وإصلاح أجهزة الأمن. ففي مصر كما في تونس، فإن عائلات شهداء الثورة، تطالب دوما بالإنصاف. فيما المحاكمات المتسرعة لمحاكمة الديكتاتوريين (المؤبد لبنعلي)، لم تحقق انتظارات الرأي العام. فيما محاكمة وتطهير أجهزة الأمن، منتظرة دوما، بسبب أن المؤسسات الجديدة هي في حاجة إليها لضمان الأمن ولتعزيز مشروعيتهم. في مصر كما في تونس، تم الاكتفاء ببعض قرارات العزل. فمؤسسة أمن الدولة في مصر التي تغير اسمها ب "الأمن الوطني"، بقيت تشتغل في الظل. وسواء عن صواب أو خطأ، فإن عناصر الثوار يرون ظلها في ما وراء الأحداث المفتعلة هنا وهناك. وعودة العنف سواء على ميدان التحرير، أو المأساة التي وقعت في ملعب بورسعيد لكرة القدم (مقتل 74 مشجعا). كما أن بعض الأحداث الدامية في تونس تثير الشك والسؤال. والفضيحة التي تفجرت حول اغتصاب امرأة من قبل عناصر أمن تلخص الصعوبات في تغيير الأساليب القديمة، حتى ووزارة الداخلية تدار من قبل معتقل سياسي سابق. وأخيرا، في ليبيا، فإن ظروف اعتقال سيف الإسلام نجل العقيد القدافي، لا تترجم أسباب المحاكمة العادلة. إن العطش الجارف للفعل والمشاركة السياسية، هو الذي يغذي الحيوية التي تميز المجتمع المدني، مما يعتبر عنصر اطمئنان. فجمعيات التعاون، والأحزاب، والنقابات تولد كل يوم. فيما البنيات القبلية في ليبيا تتصالح مع السياسة. وإلى جوار وسائل الإعلام الرسمية للدولة، التي كانت تابعة للنظام القديم، تورق صحافة حرة. وجون بيير فيليو متفائل: " إن المشهد السياسي في مرحلة متقدمة للتشكل وغلبة الإسلاميين ليست مضمونة تماما. فبين انتخابات يناير 2012 والدور الأول للإنتخابات الرئاسية في ماي، فقد الإخوان المسلمون في مصر نصف أصواتهم. والمثير أنه في سوريا، حيث النظام السياسي شمولي بشكل عنيف، قد تنظم المجتمع بشكل مستقل". تمة ملامح أمل في انتقال تعلن عن نفسها، هي طويلة وصعبة. عن يومية «لوموند»