تلتئم غدا وعلى امتداد أسبوع, أشغال اللجنة الرابعة التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة ، والتي ستتطرق إلى عدد من القضايا بينها النزاع المفتعل بالصحراء المغربية . وحسب رئيس اللجنة الغابوني نيلسون ميسون ، فقد توصلت اللجنة ب37 توصية تهم عددا من النزاعات الدولية, مضيفا أن اللجنة ستعمل على إنهاء أشغالها قبل ال 15 من الشهر الجاري ، على أن ترفع مشاريع القرار التي تم التوصل إليها إلى الجمعية العامة للمصادقة النهائية عليها. وكانت اللجنة الرابعة ، وعلى امتداد سنوات عديدة ، منساقة وراء وجهة نظر واحدة لهذا النزاع المفتعل ، وهي وجهة نظر الجزائر ، التي كانت تحشد كل إمكانياتها الدبلوماسية وعلاقاتها الدولية ضد المغرب ، غير أنه في 2007 ، وبعد أن نجح المغرب في إقناع العديد من الدول بجدية مشروعه المتعلق بالحكم الذاتي وبعد أن أشاد مجلس الأمن بدوره بجدية هذا المقترح, داعيا إلى مفاوضات مباشرة بين الأطراف المعنية من أجل حل سياسي متوافق عليه ، تغير موقف اللجنة الرابعة ليتناغم بدوره مع موقف مجلس الأمن والحل السياسي التوافقي, مما اعتبر هزيمة دبلوماسية للجزائر التي لم تستطع منذ 2007 حشد الدعم الكافي للتوصيات التي تقدمها حول الموضوع. لكن الاجتماع الحالي للجنة الرابعة يتوقع أن يشهد معركة شرسة بين المغرب والجزائر التي ستسعى بكل جهد إلى إعادة عقارب ساعة اللجنة الرابعة إلى ما قبل 2007 ، خصوصا أنها ستحاول ، حسب المتتبعين ، استغلال عدد من المعطيات للترويج لدعايتها. فاجتماع اللجنة الرابعة لهذه السنة يتزامن مع عودة المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي كريستوفر روس إلى المنطقة بعد أن كان المغرب قد أعلن سحب ثقته منه ، لكنه لم يتمكن من إقناع القوى الدولية الفاعلة بضرورة تغييره ، وأعلن الأمين العام الأممي بان كيمون تشبثه به ، وهو ما اعتبرته الجزائر والبوليزاريو التي تسعى بكل جهد لإقحام المينورسو في موضوع مراقبة حقوق الإنسان ، انتصارا لهما. كما يتزامن هذا الاجتماع مع الزيارة المثيرة للجدل التي قامت بها مؤسسة كينيدي إلى الأقاليم الجنوبية ومخيمات تندوف ، والتي صدر عنها تقرير يحمل اتهامات عديدة للمغرب بدعوى خرق حقوق الإنسان في الأقاليم الصحراوية ، دون أن يتعرض إلى الخروقات العديدة التي تحصل يوميا في المخيمات ، وهو ما اعتبرته الرباط تقريرا منحازا وغير منصف ، فيما أشاد به الطرف الآخر وسيستعمله بدون شك كورقة في اجتماع اللجنة الرابعة. المغرب أيضا لن تعوزه الحجج خلال هذه « المواجهة,» فهو مسلح بقرارات مجلس الأمن المتعاقبة منذ 2007 والتي تعتبر أن المفاوضات هي الإطار الوحيد لإيجاد حل سياسي للنزاع ، لن يكون إلا حلا توافقيا ، كما أن اللجنة الرابعة نفسها ، وعلى امتداد خمس سنوات ، تدعم هذا التوجه. وإذا كان تقرير مؤسسة كينيدي ، الورقة التي سيستند عليها الطرف الآخر حول موضوع حقوق الإنسان وضرورة تكليف بعثة المينورسو بذلك ، فإن المغرب تمكن من تأكيد أن الآليات التي يتوفر عليها تملك المصداقية والإمكانية لتتبع خروقات حقوق الإنسان في كل الأقاليم المغربية ، ممثلة في المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، بمختلف لجانه الجهوية ، بعيدا عن أي محاولة لتسييس هذا الموضوع أو دخول أطراف خارجية على الخط في انتهاك لسيادته على أرضه ، وقد تأكد ذلك من خلال الزيارة التي قام بها إلى المغرب المقرر الأممي المكلف بمناهضة التعذيب خوان منديز, الذي أكد أن ثقافة حقوق الإنسان بدأت تتطور في المغرب، وأن مختلف السلطات التي التقى بها أبانت عن الإرادة السياسية من أجل إرساء ثقافة مؤسساتية تحظر وتمنع التعذيب والمعاملات المهينة ، معتبرا إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان, الجانب المؤسساتي الأبرز لهذه الثقافة الصاعدة ، وأن الجهود المبذولة من قبل هذا المجلس ومختلف لجانه الجهوية بهدف تعزيز وعي السلطات والمجتمع المدني والنهوض بحماية حقوق الإنسان قد بدأت تعطي ثمارها. كل هذه المعطيات والتطورات تؤكد أن اللجنة الرابعة وعلى امتداد أسبوع ستشهد مواجهة غير مسبوقة بين المغرب ومناوئي وحدته الوطنية ، الذين سيستعملون جميع الوسائل والمغالطات ضد بلادنا ، مما يضع أمام الوفد المغربي خلال هذا الاجتماع مهاما جسيمة تتمثل في مواجهة هذه الحملات والحفاظ على المكاسب التي تحققت منذ 2007.