البناء الاميري الذي رسخ بشكل نهائي الصيغة العربية للاسم/ الكلمة، مرة اخرى، لعلماء فقه اللغة، لا ينبغي أن ننسى ان صيغة مجريط، الصيغة المعروفة الوحيدة، التي ثبتها شخص، كان يحرر باللغة العربية الإطار الزماني والمكاني للتأسيس تقع مدريد وسط شبه الجزيرة الإيبيرية، جنوب الحاجز الجبلي الذي تشكله سلسلة الثغر الأوسط، على السهل القاحل للأراضي القديمة والوعرة للهضبة الإسبانية. تجد المدينة، إذن، أفقها مغلقا غربا وشمالا بسلسلة جبال وادي الرملة )غواداراما)، وهي تقع على سهل يعود إلى العصر الثلاثي يتكون من مواد رسوبية وحتاتية، فوق واحد من التلال المتعددة التي تغطي أرضية تلك الجبال المتاخمة للسلسلة! فوق هذا التل، الذي يبلغ متوسط علوه 640 مترا، بجثم اليوم المركز التاريخي للعاصمة الإسبانية في ملتقى الشارع الكبير وشارع بايلين. وكانت هذه المنطقة المرتفعة محمية طبيعيا من جهات ثلاث بمجاري للمياه: اثنان منها كانا يمران محاذيين جدا للتل، من جهة الشمال، حيث شارع أرينال يمتد على طول المجرى القديم للوادي،ومن جهة الجنوب حيث يحتل شارع شقوبية ممر جدول سان بيدرو الذي اختفى. من بين هذه الوديان الثلاثة التي كانت تحيط بموقع مجريط، لم تكن علاقات المدينة الصغيرة وطيدة إلا مع جدول سان بيدرو، لذلك فإن الباحث خيمي أوليبير أسين يرجع أصل المدينة نفسه إلى هناك، إذ أن أول من عمر مدريد مجموعة من القناصين والرعاة يكونون قد استقروا على ضفاف جدول سان بيدرو. إن المعطيات، القليلة جدا، حول الماضي العريق لمدريد جعلتها دائما عاصمة، بمعنى أن البحث كان دائما يجتهد في إعطائها تاريخا يتوغل في عمق الزمن وكأنه يتهرب من إمكان أن تكون أصول عاصمة مثلها ترجع إلى القرون الوسطى المظلمة. إلا أن محاولات ربط مدريد بمدينة مانتوا لما قبل الرومان أو مياكوم الرمانية كانت دون جدوى، تماما مثلما ذهبت سدى تلك الجهود التي كانت تحاول أن تجد فيها مجالا لاستقرار الإنسان أثناء الفترة التي استوى فيها القوط الغربيون على هيسبانيا. ودليل ذلك أن الأركيولوجيا لم تستطع تأكيد أي واحد من الأطروحات التي كانت تريد إرجاع مدريد إلى ماض أثر إثارة من نشأتها الإسلامية في العصر الوسيط. بل أكثر من ذلك، فإن البحث لم يكشف إلى حد اليوم أي بنية يمكن أن تجعلنا نفترض وجود مجال سكاني على هضبة المركز التاريخي لمدريد قبل الفترة الإسلامية. وبعبارة أخرى، فإن أول مجال سكاني دائم وقار في هضبة مدريد بدأ مع بني أمية في قرطبة. كانت مجريط تقع، طوال وجودها، في منطقة حدودية، بعيدة جدا عن العاصمة قرطبة في الفترة الأموية، وأقرب من مركز الدولة عندما كانت تحت سيطرة طائفة طليطلة. وطوال تاريخها كانت تجاورها من جهة الشمال مملكة مسيحية. مملكة قشتالة-ليون، وكانت قوتها تزداد باستمرار ومركزها يتمدد نحو الجنوب. بقي أن نذكر، لإنهاء هذا التقديم حول الفضاء الذي بنيت فيه مجريط، طبيعة وأصول السكان الذين قطنوا المنطقة الوسطى للثغر الأوسط. كثيرا ما تم التركيز على أهمية الساكنة الأمازيغية في هذا الثغر، منطقة بني رزين، شنتبرية حتى المنطقة الموجودة غرب طليطلة بين وادي تاجه ووادي يانة. كانت المنطقة، التي ستنشأ عليها مدريد وتكبر، خاضعة لقبيلة بني سالم، وهي قبيلة من قبائل مصمودة الأمازيغية كان حضورها قويا بالثغر الأوسط، وقد تركت اسمها لمدينة ميديناثيلي، أي مدينة سالم. نشأت مدريد في مرحلة عادت فيها الحياة الحضرية إلى البروز، وهي مرحلة دامت قرنا طويلا، أي منذ بناء مدينة مرسية سنة 825 حتى بناء مدينة الزهراء سنة 936. تميز هذا الطور الأول من تمدين الأندلس بتعزيز مدن موروثة من الماضي حفزت التهديدات الخارجية، النورماندية والمسيحية، على تحصينها، وأيضا بناء مؤسسات حضرية جديدة. أي أنه تعززت، في كثير من الأحيان، مجالات سكانية انضمت إلى الدولة الأموية، وتم وضع الجيوش فيها تحت سيطرة عامل. كان الهدف من كل هذه التشييدات مقاومة القوى البعدية عن المركز التي تهدد الدولة الأموية، وهكذا تأسست مرسية على يد عبد الرحمان الثاني سنة 825 لتكون المركز الجديد لجهة كانت فيها العشائر العربية تتناطح فيما بينها. وهناك بؤر حضرية أخرى أسسها من ثاروا ضد الأمير القرطبي: يتعلق الأمر كذلك بتعزيز تجمع سكاني سابق تحول إلى مقر إقامة محصنة لزعيم الثورة وأتباعه. إن مدنا مثل بطليوس، ومارتلة، وهارون، وشلب، وأيضا لاردة، وبلغير، وأقليش أو بجانة كلها تدين للثوار بكونهم دعموا مجالاتها السكانية ببنائهم حصونا وفي بعض الأحيان، بنيات تحتية ضرورية للحياة اليومية مثل الحمامات والمساجد. تندرج نشأة مدريد، إذن، ضمن حركة التمدين التي شملت الأندلس كلها خلال القرن التاسع، وبشكل مجمل الغرب الإسلامي. ومن جهة أخرى، فإن تطورها يبدو أنه يتبع أشكال توسع أنوية (جمع نواة) المدن التي نشأت مع هذه الفترة الأولى من التمدين: هذه المراكز الحضرية الأولى ذات طبيعة عسكرية، مثل قلعة عبد السلام - ألكا دي إيناريس حاليا - بمركز مسور من هكتارين فوق تل صغيريبدور محيطه على السور. وفي أسفل الحصن كان يتكون تجمع سكاني مفتوح تشهد خزفيات القرنين التاسع والعاشر على وجوده. هناك مدن أخرى كانت بداية نشأتها على شكل حصون. فمن المعلوم جدا الآن أن مدينة جيان توسعت في ضواح على هامش نواة كانت حصنا شيد ابتداء من نهاية القرن التاسع. كما أن أصل قلعة أيوب أيضا حصن بسيط سرعان ما تحول إلى مركز حصني منيع وهائل ليمنع توغل بني قاسي نحو الجنوب، في إطار سياسة الأمير محمد الأول في احتلال الأراضي وامتلاكها. وهكذا تكونت مدينة في الفج محاطة بثلاث قلاع يجمعها سور و بها مسجد جامع وسوق ومقر لإقامة العامل (العامل هو الحاكم في العصر الأندلسي). محمد الأول (886-852)، الأمير المؤسس دخلت مجريط التاريخ عندما أمر أمير قرطبة بتأسيسها. ولقد حدد المؤرخ الرازي (955-888)، الذي ازداد سنوات قليلة بعد هذا القرار الأميري، أصل مجريط، كما يذكر ابن حيان (1076-987)، على الشكل التالي: ولمحمد في سلطانه الآثار الجميلة والآيات الجزيلة، والفتوح العظيمة، والعناية التامة بمصالح المسلمين، والتهمم بثغورهم، والحفظ لفروجهم، والضبط لأطرافهم، والتوجيه لمصالحهم، وهو أمر ببنيان حصن استيرش لغلال مدينة سالم، وهو منها بين الجوف والغرب، وهو الذي بني لأهل ثغر طليطلة حصن طلمنكة وحصن مجريط وحصن بنه فراطة. وكان شديد الاستخبار عن الثغور، والتطلع إلى ما يحدث فيها، وإرسال الثقات للبحث عن مصالحها. هذا الخبر، وهو الأكمل حول نشأة مجريط، يحوي جميع المعطيات المتوفرة حول تأسيسها: أي حول المؤسس وهو الأمير محمد الأول، وطبيعة هذا التأسيس وهي بناء حصن، ودواعي البناء وهي أمن سكان الحدود مع طليطلة. محمد الأول الأمير الباني: وصل إلى السلطة وهو في الثلاثين من عمره، وحكم الإمارة خلال أربع وثلاثين سنة - من 23 شتنبر 852 إلى 4 غشت 886 - ساعده في ذلك نضجه وثباته اللذان ساهما في سياسة البناء التي طورها في الأندلس. وقد شملت الأشغال التي أمر بها محمد الأول كل مجالات البناء: المجال الديني - في قرطبة والجزيرة الخضراء وإلبيرة ومالقة واستجة ومدينة شذونة وسرقسطة - ومجال القصور - في قصر قرطبة وفي مزارع العاصمة - والمجال العسكري في استيرش، طلمنكة مجريط، بنة فراطة، قلعة رباح، جندلة، قلعة أيوب، وشقة، أبدة، وفي قصور بمقاطعات إدارية كان يطلق عليها »كور« (جمع كورة) بكل من جيان، رية والجزيرة الخضراء - إن الأحداث التي يمكن التاريخ لها بالضبط تبين أن أعمال البناء والتشييد الحقيقية أنجزت قبل بداية الفتنة، سنتي 876-875، ثم بأدت تقل شيئا فشيئا: وبعد هذا العقد من الزمن الذي كثرت فيه البنيات التي أمر الأمير بتشييدها ما بين سنتي 853 و865، جاءت مرحلة قلت فيها ورشات البناء، وحتى تلك القليلة الموجودة منها لم يكن الأمير، أحيانا، هو صاحب القرار في شأنها. أما في ما يتعلق بنوع ومعنى الأعمال التي يأمر بها الأمير فهي حصون الغرض منها، بدون شك، تقوية الاستحكام، وأحسن مثال لما تبقى من الحصون التي بنتها سلطة قرطبة في القرن التاسع هو حصن ماردة، لأن أصول بنائه مازالت محفوظة، إذ أن أسواره العالية ترتفع إلى اليوم على ضفاف نهر وادي يانة. هل يمكن أن نتخيل، بعد اكتشاف بقايا الأسوار في مدريد، في عقبة البقاع، بناية لها أّهمية مماثلة؟ يدفعنا إلى التفكير في هذا، من جهة، السور الرباعي العادي لماردة والرباعي المغير لمدريد، ومن جهة أخرى، الأبراج والجدران المربعة غير البارزة كثيرا، التي نجد علاماتها الطبوغرافية على السورين. بقي أن نشير، في الأخير، إلى الدواعي التي يمكن أن تكون وراء فعل الأمير. في سنوات الخمسينيات والستينيات رأى المؤرخون في بناء مدريد رغبة في حماية الحدود الشمالية أمام الموقع الهجومي لملك أبيط/أوبييدو أوردونيو الأول. (866-850) وفي الثمانينيات، تم تأويل ظهور حصن في مدريد برغبة قرطبة في تقوية سلطتها في منطقة تهزها ثورات مستمرة. إن الهدف من بناء مجريط كان هو تثبيت السلطة الأموية في وجه ثورات طليطلة. ويضيف خوسي لويس بيرميخو وكينيا مونيوث أطروحة ثالثة مفادها أن مدريد قد تكون نتيجة لتدخل بني سالم في الدفاع عن المنطقة، إذ أن عدم قدرة هذه الإمارة على مراقبة الثغور بشكل فعلي جعل الأمازيغ يعيدون تنظيم أراضيهم بغية حمايتها من هجومات طليطلة العاصية، وأيضا من اعتداءات المجموعات القبلية المجاورة، بني قاسي في الشمال وبني ذي النون في الشرق. وأخيرا، تطرح كريستينا سيغورا فرضية أخيرة -حول أصل مدريد، عندما اعتبرت أن من أسسها ثائر ظل يقود حركة عصيان قوية في المنطقة مما أرغم عبد الرحمان الثالث على التوقيع على معاهدة التسلم مع أحد إخوان مؤسسها ويمنح مدريد صفة »مدينة« مكافأة لها على طاعتها. مجريط بين حصن ومدينة تكمن نقطة انطلاقة مدريد في قرار الأمير محمد الأول ببناء مكان محصن، اي حصن،على تخوم الثغر الاوسط، بالتأكيد قبل سنة 865. وكان من النتائج المباشرة لذلك ان المكان اتخذ اسم مجريط، وبدأت تظهر فيه عناصر يمكنها ان تؤكد حماية المكان وسكانه. وهي، على الارجح، سور وادارة في طور التكوين تتشكل، على الاقل، من عامل وحامية. بعد ذلك، نجد ان المصادر العربية المكتوبة تذكر مدريد كمركز حضري صغير به مسجد جامع، ينتصب بؤرة ثقافية ينشطها العلماء، وفيها قاض، لكن دون امكانية تحديد متى تحولت الي تلك المدينة الصغيرة (او المدينة) التي يشير اليها الادريسي اواسط القرن الثاني عشر، اذ ان التناقض حول نفس المكان، بين معطى يؤكد وجود حصن وأدلة تبين وجود مدينة، مسألة ظلت قائمة في الازمنة الاولى من التاريخ الحضري للاندلس. ان اسم مدريد هو، بدون شك، الاسم الجغرافي الذي اثار كثيرا من الدراسات منذ المؤلف المحكم الذي نشره خايمي اوليبير اسين سنة 1959 وفي يومنا الحاضر، يتوزع المستعربون الاسبان بين اصلي الكلمة الممكنين، اللاتيني والعربي، اللذين اقترحا في الستينات من القرن العشرين. حسب جوان كوروميناس مجريط مشتقة من كلمة لاتينية هي وقع تغيير في ترتيب حروفها مما يمكن من ايجاد علاقة بينها وبين الكلمة العربية مجرى. كذلك فيديريوكو كورينيطي ومعه في نفس التوجه مانويلا مارين يرجح امكانية الاصل اللاتيني للكلمة ويؤكد فرضية كوروميناس بينما اوليبير اسين يجعل من مجريط كلمة عربية قحة دون اي سابق لاتيني، مجريط اذن، كلمة مهجنة مكونة من الكلمة العربية مجرى واللاحق المستعرب ايط (يعني الكثرة) لانه كان ينطق في اسبانيا المسلمة اللاحق اللاتيني هكذا etum، من جهتها تعني كلمة مجرى قناة اصطناعية لجلب المياه، وعلى الخصوص القنوات تحت الارضية التي تجد لها حضورا واسعا في باطن ارض مدريد. الفرضية العربية تدافع عنها ايضا ماريا خيسوس روبييرا ماطا ,كلمة مدريد مشتقة من الكلمة العربية مجرى وأضيف لها اللاحق. ايط ولعل الصيغة الحالية نتيجة لترجمة عالمة من العربية الى اللاتينية. حسب الفرضية المختارة، تتغير الدلالة التاريخية للعلم الجغرافي تعبيرا عميقا: فالفرضية اللاتينية تقتضي ان هناك تجمعا سكنيا قبل الاسلام، بينما الطرح العربي يوحي بغياب لأي تجمع بشري او ربما استقرار جماعة بشرية لم تترك اي اثر في الذاكرة الجماعية مما قد يكون دفع هذه الأخيرة الى نسيان حتى اسمها. ماتزال هناك شكوك حول اصل تسمية مدريد.: اين هم الامازيغ الذين كانوا يقطنون هذه المنطقة من الثغر الاوسط في الفرضيتين؟ هل كانوا يستوطنون جانب وادي سان بيدرو، في مكان سبق ان سكنه بشر، وان مساهمتهم اللغوية محاها، في القرن التاسع، البناء الاميري الذي رسخ بشكل نهائي الصيغة العربية للاسم/ الكلمة، مرة اخرى، لعلماء فقه اللغة، لا ينبغي أن ننسى ان صيغة مجريط، الصيغة المعروفة الوحيدة، التي ثبتها شخص، كان يحرر باللغة العربية، في مقابل صيغ اخرى متعددة قد تكون تعايشت معها، فالذي يحرر يجتهد دائما في توحيد عباراته، حسب القواعد التي يعرفها، وذلك بالبحث عن كلمة قريبة من تلك التي يسمعها مخافة ان يحورها او يغير شكلها. تستعمل المصادر بالتناوب مصطلحي حصن و مدينة للاشارة الى مجريط، كما هو الحال بالنسبة لبلدات اندلسية اخرى. يجدر التأكيد على انه، لحد الان، مازال من الصعب ان نميز بين معنيي المصطلحين والميدان الذي يستعمل فيه كل واحد منهما:لا يمكن اعتبار الحصن اقل امتدادا من المدينة فالماضي الذي تغرس فيه هذه الحاضرة جذورها لا يمكننا دائما من التمييز بين حصن ومدينة, كما ان طبيعة السلطة التي كانت وراء تأسيسها لا تمكن، بدورها، من التمييز بين هذين الشكلين من التعمير، وختاما، يبدو ان البحث في الميدان الاداري عن الفرق بين «مدينة» و»حصن». يعتبر الفرضية الاكثر كمالا: ففي الفترة الأموية، كثيرا ما كانت « المدينة» تعني رأس الدائرة. وخاصة الكورة كما كانت تسمى في العهد الاندلسي، حيث يوجد العديد من ممثلي الادارة القرطبية. بينما يبدو ان «حصن» تشير الى ادارة اكثر بدائية وماتزال في مهدها، وذات صبغة عسكرية، مكونة فقط من ممثل رسمي تعينه قرطبة، وكيل الحكومة، مدعم بجنود قصد فرض نظام العاصمة بالاقليم. في نفس المصدر، المقتبس لابن حيان، تذكر مجريط اولا كحصن في عهد محمد الاول. بعد ذلك، تذكرها الشهادات اخرى، تعود الى عهد عبد الرحمان الثالث، كمدينة هل هذا التغيير المصطلحي يمكن ان يعني مرورا من ادارة عسكرية بدائية الي ادارة اكثر تطورا؟ مدريد، التي بنيت في البداية كقلعة حوالي سنة 865، قد تكون آوت في الاصل ممثلا عن قرطبة،مدعما بحامية مهمته الحفاظ على نظام العاصمة في المنطقة وبهدف واضح هو منع الثورات واستخلاص الضرائب. اما بناء الحصن من طرف محمد الاول فقد يوازي اول دخول للامويين الى المنطقة.بعد الفتنة واعلان الخلافة، اصبحت البلدة تسمى مدينة وكأنها تحولت بالفعل الى مدينة صغيرة اي مركز ينتظم حوله اقليم، لم تعد فقط مقر اقامة حامية عسكرية. غير ان المعجم ليس سوى دليل على تطور مدريد: هذه المدينة الصغيرة المبنية في العهد الاموي احتفظت ببقايا سورها التي تشكل مقياسا آخر على أهمية هذه البلدة. قلاع مجريط: بقايا واستفهامات تركت القلاع المدريدية، كدليل على وجودها، اثارا مختلفة، واوصافا ، وتماثيل مرسومة وبقايا اكتشفت اولاها سنة 1953 واخراها سنة 2000 اثر الحفريات التي اجريت في ساحة الاسلحة انطلاقا من هذه المصادر انجزت تصاميم متباينة جدا لاتجاه السور الأموي. ولقد ميزت الكتب التاريخية دائما، في مدريد القرون الوسطى، بين سور اول واخر ثان يختلفان في شكل ابراجهما: ابراج الاول مربعة بينما ابراج الثاني مستديرة. وبعيدا عن الشكل في الخط المضبوط للمكانين المسورين، فإن الاول يحوي فضاء اضيق بكثير من الثاني: فهذا الاخير يحيط بالاول من جانبيه الجنوبي والشرقي ويحتويه بشكل يكاد يكون تاما في كل التصاميم المقترحة. الاختلافات بين هذه التصاميم واصحابها تكمن فقط في بعض جزئيات التصاميم، وفي وظيفة كل من السوريين وصيرورتهما التاريخية. فرغم انها كلها تتفق علي ان السور الاول اسلامي, فإنها تختلف حول الثاني الذي يعتبره بعضها اسلاميا بينما تراه اخرى مسيحيا. من جهة أخرى، السور الاول، عند بعض المؤلفين،ليس سوى قصبة المدينة و الثاني هو المدينة المدنية، بينما عند اخرين يعتبر السور الاول النواة الحضرية الاصلية والثاني. الذي اتخذ شكل ربض مسيج، نتيجة لتوسع المدينة. هذه الاختلافات في تصوير الفضاءات المحصنة ادت الى تشكل مدن امتداداتها متباينة جدا. بنسبة تباين تتراوح مابين 1 و 10 بالنسبة لمدريد الاسلامية وحدها. من دراسة الى اخرى. مر الفضاء داخل الاسوار من اكثر من 35 هكتارا تقريبا الى 4 هكتارات: الطاغي في كتب التاريخ هو مدريد اسلامية واسعة جدا. مع استثناء و احد، حتى نهايات سنوات الثمانينيات، يذهب سور المدينة، حسب الياس طورمو اي مونثو من القصر الملكي الى ساحة اسابيل الثانية، فينعرج جنوبا ليمر بساحات سان ميغيل وبويثا ثيرادا اي الباب المسدود، فيصل الى ساحة بورتا ديم وروس اي باب المسلمين، ثم يصعد نحو الشمال مارا بعقبة لابيغا, قبل ان يصل الى القصر الملكي، يمتد في مجموعه، على مسافة كيلو مترين، اي ما يمكن ان يضم كأقصى حد 32 هكتارا كفضاء داخل الاسوار، التصميم الذي يقترحه خايمي اوليبير اسين يزيد اكثر في التوسع، تغطي المدينة اكثر من 35 هكتارا، بمقرها المسور الاول الذي يضم 9 هكتارات والثاني 26 هكتارا. نفس التصميم، مع بعض التغييرات الجزئية فيما يخص تشكيل الفضاءات المحصنة لمدريد، يتكرر مع كل من لويس كاباييرو واورتينسيا لارين وانويل ريتويرثي واراثيلي تورينا وخوان ثوثايا, يضم السور الاول. حسبهم 8 هكتارات والثاني 26,5 هكتارا. النموذج نفسه لمدريد الاسلامية موسعة نجده حتى نهاية الثمانينيات، في اقترحات مانويل مونطيرو باييخو اوفرانثيسكو خوصي مارين بيرييون وعلى العكس من ذلك. يقترح باسيليو بابون مالدونالد اواسط الثمانينات، مدريد اندلسية ذات ابعادا أكثر تواضعا: يقسم السور الثاني الى جزأين على مستوى الشارع الكبير, معتبرا الجزء الشمالي اسلاميا بينما يجعل من الجزء الجنوبي توسعا للمدينة في الفترة المسيحية،يضع جنبا الى جنب قلاعه من 3 او 4 هكتارات ومدينة يسكنها المدنيون من 12 هكتارا، اي مدريد اسلامية من 15 هكتارا. في بداية التسعينيات، قطع فيرناندو بالديس فيرنانديب مع كل التصاميم السابقة: فهو يرجع، بصفة نهائية السور الثاني الى الفترة المسيحية، ويرى ان السور الاول فقط هو الذي يمكن ان يعتبر اسلاميا بالنظر الى خصائصه: ابراج محكمة البناء ومستطيلة وغير خارجة كثيرا عن السور ومبنية بشكل منتظم على طول الحائط ومدعمة بزيادة في عرض الاساس مدرجة. كل الاعمال اللاحقة لمقالة فيرناندو بالديس تجمع على اعتبار السور الثاني حصنا مسيحيا والسور الاول اسلاميا: فمانويل ريتويرثي بيلاسكو يعتقد ان المدينة الاسلامية تشمل طول السور الاول وتضم القصر الملكي و مجموع المساحة بين الطرفين. وحسن انطونيو فيرنانديث اوغالدي وفرانثيسكو خوسي مارين بيرييون وبيلار مينا مونيوث وخابيير اورتيغا بيدال والينا سيرانو ايريرو ومار طورا بيريث, فإن مدريد الاندلسية تتوسع في الجزء الجنوبي للسور الاول، على شكل مربع غير عادي تميزه بقايا السور المكشوفة، اي على نحو ما ينيف عن 4 هكتارات. هكذا نجد أن مدريد كانت من بين المدن الاكثر تواضعا في الاندلس. وتدخل كليا ضمن شبكة البلدات الصغيرة الاولى في زمانها ومنطقتها. هكذا تقع قلعة رباح ايضا على 4 هكتارات تقريبا وسريتة على أكثر من 3 هكتارات وقلعة عبد السلام على ما يزيد عن هكتارين، كما ان طلمنكة لا بد انها كانت تضم داخل اسوارها 6 هكتارات، ثم باسكوس ما يقرب من 8 هكتارات. اذا كانت الدراسات التاريخية تعتبر مدريد، الان، مدينة اندلسية صغيرة،فإن التردد بين مدينة من 4 هكتارات واخرى من 9 مصدره التأويل الذي يفسر به المقر المحصن الذي يتخذ اقامة للعامل. وبالفعل، فان من بين السمات التي تعتبر من خاصيات المدن الاندلسية وجود هذا الفضاء القديم المحصن الذي دأبت المصادر على ان تطلق عليه اسم القصر او القصبة. اما فيما يتعلق بمجريط، فالرأي السائد يكمن في البحث عنه (عن هذا الفضاء) تحت القصر الملكي الحالي، مما يعني ان المدينة قد تتوسع الى 9 هكتارات وقد تكون مكونة من حصنين مبنين على هضبتين متجاورتين، الاولى متوجه بالفضاء العسكري القديم المحصن - تحت القصر الملكي - والاخر بالمدينة المدنية - المربع ذو الهكتارات الاربع - غير انه، في رأي فيرناندو بالديس، بما انه لا وجود لاي اشارة في المصادر تمكن من ايجاد ولو بقايا قليلة لقلعة عربية مفترضة في المكان الحالي للقصر، وان اقدم شاهد على قصر من القرون الوسطي بني هناك، يعود الى الربع الاخير من القرن الرابع عشر، فان مجريط المحصنة تختزل الى المربع غير العادي، لذلك ينبغي البحث عن اقامة العامل داخل هذا المكان، في زاويته الشمالية الشرقية لان فيها اعلى نسبة ارتفاع للفضاء داخل الاسوار. يبقى النقاش مفتوحا، ويجدر بنا ان ننتظر ما ستسفر عليه الابحاث الاركيولوجية. التي تجري تحت اشراف استير اندريو ميديرو بساحة الاسلحة، من معطيات جديدة في هذا الصدد. وختاما، فان مدريد الاندلسية ليست هي الفضاء المحاط بالاسوار فقط، بل هناك بؤر سكانية بعيدة عن هذا المقر الحضري، جنوب وشرق المدينة تقع البعيدة منها على بعد 450 مترا عن السور، تشهد على وجودها المطامير والابار: النواة الاولى، في الجنوب، على هضبة لاس بيستيياس ابانت عنها حفريات انجزت بين ساحة لوس كاروس والجهة الغربية من شارع شقوبيه، اي في الجزء الغربي للتل. الفضاء المسكون الثاني خارج الاسوار يوجد في الجنوب الشرقي، وقد ابانت عنه الحفريات المنجزة بين شارعي كابا باخا كاب الطا والجزء الشرقي لشارع سيغوبيا حتى مستوى ساحة الباب المسدود التي ابانت عن كثافة سكانية اقل. النواة السكنية الثالثة خارج الاسوار، الواقعة بعيدا عن باب سانطا ماريا هي الاطلال المكتشفة بين شارعي ساكرامينطو والشارع الكبير. والمنطقة الرابعة في الشمال الشرقي للمدينة، هي الفضاءات التي كشفتها الحفريات التي انجزت في كل من شارع سانتياغو وساحة راماليس ومحطة اوبيرا, اكبر تجمع نجده في النواة الاولى من هذه البؤر الاربع، وهي نواة هضبة لاس بيستيياس. من جهة اخرى، فقد تطورت الفضاءات المسكونة خارج الاسوار في فترات مختلفة من تاريخ مجريط: يرى دانييل بيريث بيثينطي انه بما ان تعمير هضبة لاس بيستيياس لا يمكن ربطه بأي باب من أبواب سور المدينة، ولا حتى مع احدى الطرق المؤدية اليها،فإن هذا الأخير انشيء من دون شك، في نفس الوقت الذي نشأت فيه المدينة. لاينبغي ايضا نفي فرضية استقرار بشري في هضبة لاس بيستيياس سابق لتعمير قصبة القصر. بينما باقي بؤر التجمعات البشرية خارج الاسوار يمكن ربطها بابواب الفضاء المسور او بالطرق المؤدية اليه. وبذلك يكون تطورها لاحقا لبناء المدينة. يمكن ان تكون مدريد، اذن، قد تطورت على شكل بؤر تجمعات سكنية مشتتة على مسافة قريبة من فضائها المحصن المسمى لا المودينا .هذا المصطلح ذو الاصل العربي الواضح، والذي يعني القصبة الحضرية. مايزال حاضرا اليوم في الاعلام الجغرافية المدريدية عبر تقديس مكان العبادة، ويرسخ في الذاكرة الجماعية ان باني مدريد امير أموي من قرطبة. و هذا فعل حاسم سواء بالنسبة لتاريخ مدريد او لتاريخ اوروبا كلها، اذ ان مدريد، اليوم، هي العاصمة الاوروبية الوحيدة التي كانت، منذ القرون الوسطى في مفترق طرق الحضارات. وتأسف المعتصم لهذا القرار ودعا الى أن ترقى الدولة الى الحكمة وتنهي هذا الموضوع ، لأنه يشكل وصمة عار في المنتظم الدولي . ويقول رئيس حزب البديل الحضاري « اننا لم نذهب الى المقرر الأممي الخاص للأمم المتحدة حول التعذيب خوان مانديز لكي نصبن ونمرمد الدولة حول الانتهاكات في الخارج، بل نريد ان يبقى غسيلنا في الداخل «. وأضاف المعتصم «أعلنا منذ مدة عن عقد المجلس الوطني لحزب البديل الحضاري، بالمقر المركزي للحزب الاشتراكي الموحد، لنجد أمامنا بلاغا موقعا من طرف محمد بوسعيد والي ولاية الدارالبيضاء، يخبر فيه نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد بمنع اللقاء، وذلك استنادا إلى قرار الحل الذي اتخذ في حق الحزب عندما تم اعتقال أمينه العام مصطفى المعتصم في ما يعرف بملف «خلية بلعيرج». «بعد هذا المنع اتصلت برئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، يقول المصطفى المعتصم، لأخبره بالمنع وأحمله مسؤولية ما سيترتب عن هذا القرار الجائر الذي اتخذ في حق الحزب من طرف أعضاء المجلس الوطني والذي سيتخذ شكل احتجاجات وخطوات غير مسبوقة، حيث وعدنا رئيس الحكومة بتقديم قرار حل الحزب، كتابة من طرف وزير الداخلية امحند العنصر. وحيى الأمين العام لحزب البديل الحضاري الخطوة التي اتخذها حزب الاشتراكي الموحد «إن أعضاء الحزب علقوا اجتماع مجلسهم الوطني «إكراما لمناضلي الحزب الاشتراكي الموحد» الذين تركوا مقرهم رهن إشارة «الضيوف». ودعا المعتصم لدعم الصف الديمقراطي الوطني بالوقوف الى جانب حزب البديل الحضاري . وفي البلاغ الذي وجهه والي البيضاء الى الحزب الاشتراكي الموحد والذي يحمل موضوع «بشأن حزب البديل الحضاري المنحل» أخبر الوالي الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد أن حزب المعتصم هيئة صدر في حقها مرسوم الحل طبقا للمادة 57 من القانون 36.04 المتعلق بالأحزاب السياسية. وهدد البلاغ بأن وضع مقر الحزب الاشتراكي الموحد «رهن إشارة أعضاء الحزب المنحل من أجل عقد النشاط، يعد بحكم القانون مساهمة في الإبقاء على حزب وقع حله، الأمر الذي يقع تحت طائلة الأفعال الجرمية المؤطرة بمقتضى أحكام القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية خاصة المادتين 64 و 69 منه».