حج وزير الخارجية سعد الدين العثماني عشية أول أمس الى قبة البرلمان باستدعاء من لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج، لدراسة ونقاش ثلاث نقط متعلقة بالمساعي الدبلوماسية المغربية في شأن قضية مالي وتداعياتها السياسية والأمنية على دول المنطقة، وتجديد الثقة بكريستوفر روس كممثل شخصي للأمين العام للأمم المتحدة حول النزاع المفتعل في الصحراء ثم قضية المهاجرين غير الشرعيين الأفارقة من جنوب الصحراء للمغرب، والتدابير المتخذة للحد من هذه الظاهرة التي أصبحت في تنام مضطرد، وتداعيات ذلك على مختلف المستويات. قال سعد الدين العثماني إن الوضع في مالي لا يعني المغرب مباشرة وأنه لا خوف على المغرب بما يحدث في محيطه الافريقي بشكل مباشر، معتبر الأزمة في مالي راجعة لعدة أسباب برزت بعد سقوط نظام القذافي، الشيء الذي أدى الى تعقيد الأمور، مؤكدا أن علاقة المغرب بمالي ليست وليدة اللحظة بل هي نابعة من أبعاد ثقافية وتجارية واقتصادية وثقافية، مستعرضا في حديثه خطوات الوزارة والسياسة نحو إفريقيا. وفي قضية الصحراء قال العثماني إن لا جديد يذكر غير أن المساعي الدبلوماسية التي تباشرها الخارجية مستمرة في انتظار القرار الاخير للأمين العام للأمم المتحدة، محددا المسافة الزمنية لذلك بعد شهر رمضان. ودافع العثماني عن بان كيمون قائلا إن أمامه ملفات ضاغطة وحارقة كملف سوريا والسودان، وهو ما يشغل الرأي العام الأممي أكثر من قضية الصحراء التي ليست استعجالية بالنسبة لهم.، وأضاف العثماني أن الاكراهات قائمة وهناك تخوفات لكن وزارته تؤمن بالحلول التدريجية، وتدبرها بكثير من الحيطة والحذر باعتبار القرارات الدبلوماسية مثل الحرب ينبغي أن يحسب لها ألف حساب، وأضاف العثماني أن الأمريكيين يطمئنونا قائلين أنتم المغاربة في موقع قوي ولهذا ما الدافع الى الخوف .ولم يفت العثماني إبداء رأيه في ملفات عربية وافريقية كانت موضع تساؤل من أعضاء الفرق البرلمانية، في حين لم يسعف الوزير الوقت في استكمال أخرى لارتباطه بموعد مع وزير الداخلية الفرنسي، واعدا النواب بالعودة الى اللجنة لتدارس ونقاش بعض النقط المطروحة، معترفا أمامهم أنه لا يمكنه الجواب عن كل ما يطرح لاعتبارات يعرفها العثماني ولا يريدها أن تكون موضوعا إعلاميا في الصفحات الأولى من الجرائد اليومية، حسب ما فاهت به نائبة من العدالة والتنمية في وجه الصحافة الحاضرة. وفي العرض الذي تقدم به رئيس الفريق الاشتراكي، قال أحمد الزيدي إن الفريق الاشتراكي سبق له أن تناول قضية الصحراء في جلسة عمومية، في موضوع سحب الثقة من كريستوفر روس المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، لكن هناك تساؤلات ظلت عالقة، تندرج حول الموقف نفسه من روس، هل مازال قائما أم أن هناك تراجعا، وما هو تقييم الحكومة لمواقف الدول النافذة في القرار الدولي، من قرار الحكومة المغربية، وخاصة موقف الولاياتالمتحدة التي صرح سفيرها بالمغرب مؤخرا لصحيفة مغربية أن بلاده لا تزال تدعم روس، وهل صحيح يضيف رئيس الفريق الاشتراكي، ما تداولته بعض الأخبار عن عزم الممثل الخاص للأمم المتحدة في الصحراء فولفارنخ فيسبورد فيبر إعفاء عدد من العاملين المغاربة بالمينوسو ضمن حزمة إجراءات غير ودية إزاء المغرب. ووقف الزيدي عند عمق العديد من الاشكاليات العالقة في الموضوع ، متسائلا عن الإجراءات التي يتعين على الحكومة اتخاذها في حق فولفارنخ فيسبورد فيبر الذي سبق له أن اشتغل على ملف تيمور الشرقية في هذا المنصب، مع كل الخلط والمقارنة الخاطئة التي يحاول البعض إقامتها بين قضية تيمور وقضية الوحدة الترابية للمغرب. ونبه رئيس الفريق، وزير الخارجية سعد الدين العثماني إلى الأوضاع غير المستقرة في افريقيا جنوب الصحراء والتي تنشط في بعض مناطقها عصابات منظمة انتعشت بتداعيات الثورات التي وقعت في تونس وليبيا ومصر وما تلى ذلك من انتشار للأسلحة ووصولها الى أيادي الجماعات الإرهابية، مفسرا رغبة بعض الأطراف الإقليمية في بث عدم الاستقرار في بلدان المنطقة وفي مقدمتها المغرب. وفي هذا الصدد سأل رئيس الفريق الاشتراكي وزير الخارجية عن الطرق المتخذة لتدبير ملفات عالقة مع الشركاء الاقليميين والدوليين في ما يتعلق بمحاربة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، خاصة في حدود المغرب الجنوبيةوالشرقيةالجنوبية، وكذلك محاربة الهجرة غير القانونية العابرة للمغرب خاصة في ضوء اختراق الجماعات الإرهابية للعصابات المنظمة لهذه الجريمة ولضحايا الهجرة السرية. وما هي الوسائل المطروحة في التنسيق الأمني مع بلدان المنطقة للتصدي للإرهاب وباقي أشكال الجريمة المنظمة وحماية الحدود المغربية من أي اختراق أمني. وشخص الزيدي الوضع المزري لظاهرة الهجرة السرية إلى المغرب، مشيرا الى أن هؤلاء المهاجرين اليوم في المغرب بالآلاف، يستقرون في عدد من الأحياء في هوامش المدن ويقيمون تجمعات خاصة بهم، في شرق المغرب وشماله يعيشون في عدد من الغابات: كغابة سيدي معافة بوجدة غابة غوروغو بالناظور غابة بليونش في الشمال. والتي أصبحت معروفة لدى المغاربة كما لدى المهاجرين غير القانونيين، منبها الحكومة الى خطورة الظاهرة التي تطرح اليوم إشكالات أمنية لا يمكن الاستهانة بها، محيلا على تقرير أخير للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان يظهر أن المئات من هؤلاء يوجدون في السجون بتهم مختلفة تذهب إلى حد القتل. وقال الزيدي إن المغرب بين خيارين: إما القبول بهؤلاء المهاجرين وتمكينهم من حقوقهم أو على الأقل استيعابهم مؤقتا في مراكز استقبال، والنظر في كل وضعية على حدة أو ترحيلهم إلى بلدانهم في إطار احترام الكرامة البشرية وحقوق الإنسان. كما أن المغرب لا يمكن أن يقوم بدور الدركي لبلدان الاتحاد الاوربي التي هي مطالبة بدعم جهود المغرب في محاربة الهجرة السرية وبالمساهمة في متطلبات الترحيل، وهي عملية تقوم بها هي نفسها دون ضجيج ودون تعاليق. ويبقى الأساسي يضيف الزيدي هو حماية الحدود المغربية. فالهجرة السرية هي إحدى واجهات الحرب التي تتعمدها الدولة الجزائرية ضد المغرب وإنها أحد أسلحتها الفتاكة لهز الاستقرار في المغرب وتخريب العلاقات المغربية الإفريقية والمغربية الأوروبية، لذلك وجبت إعادة النظر في الاستراتيجية الأمنية لحماية حدودنا مع الجزائر ونهج أسلوب الترحيل الفوري من حيث دخول المهاجر السري إلى المغرب. وطالب رئيس الفريق الاشتراكي بإخضاع تجمعات المهاجرين السريين للمراقبة العمومية والتدخل بإجراءات اجتماعية وصحية، وتعويضها بمراكز استقبال مأنسنة، ومحاربة شبكات الاتجار في البشر وتشديد العقوبات في حقها، وتكثيف التعاون مع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء سواء في محاربة الهجرة أو العودة الإرادية للمهاجرين. وفي تدخله توجه النائب الاشتراكي عضو لجنة الخارجية حسن الدرهم الى عمق المشكل القائم في الصحراء، مركزا حديثه على القضية الوطنية من منطلقين أساسيين: الأول يتعلق بكونه ابن الصحراء القريب جدا من المشهد اليومي لأهلها، والخبير بما يروج في أوساطها وما يرتب في أزقتها و دروبها، واضعا وزير الخارجية أمام حقائق أدت الى صعوبة إيجاد حلول للقضية والتي تظل نابعة من تراب الصحراء المغربية نفسها، والمنطلق الثاني هو منطلق سياسي مفاده قناعة النائب حسن الدرهم أن لا حل في الصحراء إلا من داخل الصحراء نفسها، وأن الأفيد الآن ليس الركض وراء روس بقدر ما هو ركض إلى الصحراء لحل المشاكل الاجتماعية التي تؤجج جوانبها أموال البترول الجزائري والممولون لزرع فتن الانفصال والمستفيدون من أن تظل دار لقمان على حالها، في إشارة واضحة الى من عاثوا فسادا في الصحراء بحس خال من الوطنية وبنكران للوطن من اجل المصالح الضيقة التي تنتعش في الصحراء أمام مرأى الرأي العام المحلي دون محاسبة، وقال الدرهم إن الصحراء المغربية لا يمكن أن تكون إلا مغربية، والصحراويون عازمون على الدفاع عن الوحدة الترابية ولو كلف ذلك مزيدا من الشهداء وأن كل أمة أدرى بشعابها، لكن على الحكومة أن تقوم بمهامها في جهة الصحراء لا في مكاتب الرباط.