لاتزال الحكومة مصممة ومقتنعة بأن قرار الزيادة في أسعار المحروقات، قرار في صالح البلاد والعباد خاصة منهم المستضعفين، ولاتزال تدافع بشراسة عن هذا القرار، فلم تكتف «بالمرافعة الإعلامية « التي قدمها رئيس الحكومة على القناتين العموميتين الأولى والثانية، بالرغم من أن أصوات الاحتجاج ترفع هنا وهناك سواء من المواطنين أو النقابات والمهنيين، ناهيك عن وجهات النظر للعديد من الخبراء والاقتصاديين الذين أوضحوا خطورة هذه الزيادة وتأثيرها على عدد من المواد الأساسية الأخرى التي يستهلكها المواطن وخدمات النقل، فضلا عن التحليلات السياسية للمعارضة بخصوص إصلاح صندوق المقاصة التي تفيد على أنه لا يمكن أن يكون بقرار معزول عن أي مخطط شامل ورؤية واضحة للإصلاح. فأول أمس وصف وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي في ندوة صحفية، عقب اجتماع المجلس الحكومي، أن قرار الحكومة القاضي بالزيادة في أسعار المحروقات بالقرار «الشجاع والمسؤول» لأنه انبنى على معطيات موضوعية بالزيادة في أسعار البترول على مستوى السوق العالمية، مما أدى إلى ارتفاع في نفقات صندوق المقاصة حيث تم إلى حدود الآن صرف حوالي 22 مليار درهم من أصل 32 مليار درهم كانت مرصودة له. ومن جهته يصر الإدريسي الأزمي الوزير المنتدب لدى وزير المالية المكلف بالميزانية على أن قرار الحكومة قرار في صالح المستضعفين، ويرفض أن يقال على أن الحكومة قد أحرقت المواطنين بهذه الزيادة في رد على بنقدور رئيس الكونفدرالية العامة لجمعيات المستهلكين بالمغرب الذي اعتبر أن الحكومة قد أحرقت الشعب المغربي بهذه الزيادة وضربت قدرته الشرائية في الصميم، مباشرة على الهواء في برنامج «مواطن اليوم» الذي بثته قناة ميدي1 سات أول أمس. واحتج بنقدور بقوة في هذا البرنامج، على أنه لا يفهم كيف لحكومة تقبل على اتخاذ قرار يهم الشعب المغربي قاطبة بشكل انفرادي في الوقت الذي يدعي فيها رئيسها وأعضاؤها وميثاق شرف أحزاب أغلبيتها المكونة لها، المقاربة التشاركية، موضحا أنه لم ينعقد أي حوار بشأن إصلاح صندوق المقاصة، إلا اجتماع يتيم حضره كرئيس للكونفدرالية تم عقده منذ مدة، ولم يتم التداول في مثل هذه الزيادة، مؤكدا أن باب الحوار مسدود. والحكومة بحسب الخلفي ستتعامل بصرامة مع كل سوء استغلال لهذا القرار ومحاربته، والحيلولة دون فرض زيادات خيالية ترهق القدرة الشرائية للمواطن خاصة على مستوى أسعار النقل والبضائع والمواد الغذائية الأساسية، وهذا ما لا يراه ميطالي الكاتب العام لكونفدرلية النقل المشارك هو الآخر في حلقة برنامج «مواطن اليوم»، موضحا أن الزيادة في المحروقات تؤثر بشكل اوتوماتيكي على قطاع نقل الأشخاص أو البضائع، وساق عدة أمثلة توضح هذا الواقع الحتمي مستدلا على أن مهنيي النقل هم الآخرين ضحايا لهذه الزيادة ومن سيتحملها في الأخير هو المستهلك. وقال الخلفي من جهة أخرى إن الحكومة ستنخرط في حوار مع المهنيين خاصة النقابات المهنية المشتغلة في مجال النقل الطرقي أو مع المقاولات في إطار الاتحاد العام لمقاولات المغرب على اعتبار أن آلية الحوار ستمكن من تعزيز شروط تحمل المسؤولية الجماعية لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المغرب، لكن ماذا يفيد الحوار بعد اتخاذ قرار بهذا الحجم يضرب القدرة الشرائية للمواطن ويخلق صعوبات كبيرة للمهنيين؟