عائلة شنيتف ليست كباقي العائلات المغربية، بالإضافة إلى الفقر فإنها تعاني مشاكل عديدة، إذ يعيش في كنفها ثلاث بنات صبي مصابون بإعاقة جسدية، تتكون هذه العائلة من إحدى عشرة فردا، بالإضافة إلى الأم والأب هناك الجدة من الأب والجدة من الأم والسبعة أبناء. تتلخص حكاياتهم في أن حكيمة 35 سنة لم تكن في صغرها فتاة معاقة بل كانت كباقي فتيات الحي، غير أنها بعد أن بلغت العشر سنوات من عمرها بدأت تظهر عليها أعراض غريبة، منها فقدان التوازن في القدمين، تلاه اعوجاج في العمود الفقري إذ أن الظهر يتقوس إلى الأمام ، أي أن البطن والصدر يندفعان إلى الأمام، في هذه المرحلة تتصلب عضلات الساق قليلا فتصعب معها الحركة، و تبدأ بالمشي على أطراف الأصابع، بعد فترة وجيزة تفقد فيها السيطرة على حركة القدمين إذ أن العضلات أصبح أكثر صلابة، وانتهى بها المطاف في أن أصبحت مشلولة اليدين والقدمين بالكامل. ونعيمة 31 سنة، تختلف حكايتها قليلا عن أختها الأكبر إذ أنها لم تظهر عليها علامات المرض إلا بعد أن بلغت 16 سنة من عمرها، هي أيضا مرت بكل المراحل التي مرت منها شقيقتها حكيمة، غير أن نعيمة الفترة التي تطور فيها المرض كانت أقل من اختها و سرعان ما فقدت القدرة على المشي و تحريك يديها، بالرغم من مرضها إلا أنها كانت تساعد العائلة بخياطة الألبسة وبيعها، غير أن الشلل الذي تمكن من يديها منعها من مزاولة مهنة الخياطة وبتالي أصبحت هي الأخرى عاجزة كليا. زينب الصغرى هي الأخرى لم تسلم من الإصابة ، الأن تعيش المراحل الأخيرة في تطور المرض لديها، فقد أصيبت بشلل، لم تعد تستطيع الوقوف على قدميها أو حتى تحريكهما، وبعد سنة أو أقل من ذلك ستصاب بالشلل الكلي. لم تتوقف معاناة العائلة في إصابة البنات الثلاثة بالشلل، بل كانت إصابة نور الدين الابن الأصغر بالشلل النصفي بعد إصابته بالحمى الشديدة وهو في سن السبع سنوات خاتمة المآسي. أما حنان 27 سنة، يمكن اعتبارها المحرك الرئيسي للعائلة، توقفت عن الدراسة وتخلت عن عيش حياتها الخاصة حتى تهتم بشقيقاتها الثلاث، وتحرص على تلبية حاجياتهم الضرورية، فهي بمثابة اليدين والأرجل لهن ، كما أنها تحاول جاهدة تقديم المساعدة لأبيها الذي يشتغل بناء بأجرة يومية، وأمها التي أنهكها التعب من كثرة العمل، على توفير لقمة العيش بالعمل خارج البيت، تصفها نعيمة بملاك الرحمة الذي أنعم الله به على هذه العائلة، كلما نظرت إليها انهمرت دموعها شفقة وتحصرا على هذا الملاك الذي تخلى عن حياته حتى يهتم بهن. تسترسل نعيمة في وصفها للمعاناة اليومية قائلة « لا نستطيع العيش بدون مساعدة من شخص آخر، لا نستطيع الأكل أو الشرب، أو تغير الملابس، نحتاج بشكل يوم للمساعدة حتى في أبسط الأشياء» وجود الجدة من الأب والجدة من الأم، في الأصل هما شقيقتان، بالمنزل قد يساعد قليلا بالمساعدة في قضاء الحاجيات الخفيفة غير أنهن أيضا في أمس الحاجة للمساعدة بسبب تقدمهن في السن. في غياب مساعدة الحكومة والجمعيات التي تهتم بالمعاق، يقول الأب «أحاول جاهدا أنا وزوجتي وابنتي حنان تلبية حاجياتهم المادية الكثيرة، هن في حاجة للمأكل والملبس بالإضافة إلى الأدوية التي تحمي أجسادهن الضعيفة والحساسة، مع العلم أن الطبيب أقر أن هذا المرض الذي تعاني منه بناتي لا علاج له غير الترويض الطبي الذي سيساعد العضلات على الاسترخاء، غير أني لم أستطيع توفير المال الكافي للترويض مما سرع تطور المرض عندهن».