أعود، مرة أخرى، للحديث عن نوع نادر من الأشباح يتفنن في إعطاء الدروس والمواعظ للناس أجمعين، أشباح اختلطت عليها الأوراق، نست مكانها الأصلي فشمرت على ساعدها وانطلقت في رحلة البحث، ليس عن المتاعب، بل عن لقمة عيش مغمسة بمظلمة أو بشهادة زور في حق هذا المسؤول أو ذاك... أعتقد أن الحديث عن الخصوصية والاستثناء المغربي يشمل جميع القطاعات والميادين، فحتى الأشباح عندنا لها خصوصية فريدة من نوعها ولا أعتقد أن هذه الفصيلة من الأشباح لها مثيل في باقي دول العالم، بل حتى في تلك الأشد تخلفا. من الأصناف النادرة من الأشباح عندنا نجد صنفا غريب الأطوار، استثمر فساد الإدارة، فأصبح يبحث عن المتاعب تاركا مكانه الطبيعي الذي يصله منه أجر شهري وانطلق باحثا في الفنادق عن لقاء صحفي تتبعه وجبة دسمة، أو عن اجتماع اقتصادي تتلوه رشوى نقدية أو عينية، أو ينطلق متصيدا مدراء ورؤساء جماعات أو مسؤولين محليين مستجديا أحيانا أو مهددا أحيانا أخرى باحثا عن دخل إضافي مادام قد ضمن دخله الأصلي نتيجة تواطؤ مكشوف لفقهاء الإدارة الذين يقفون عاجزين عن طرد الأشباح لأسباب يعرفونها جيدا... الأشباح عندنا تختفي هنا لتظهر هناك، تختفي من أمام التلاميذ لتظهر في الندوات الصحفية ورجال الأعمال والعمال والولاة ورؤساء الجماعات. تختفي من مكاتبها التي يفترض أنها تتقاضى أجرا شهريا مقابل قضاء مصالح الناس، لتظهر في المناسبات والمهرجانات وتتربع على الكراسي الأمامية بعد أن هجرت كراسيها الأصلية. الأشباح عندنا تبحث عن المتاعب أينما كانت، لأن هناك من أوهمها أن مهنة المتاعب ليست كما يعتقدها العامة، فهي متعبة لأصحاب النفوس الشريفة وأصحاب المبادئ، لكنها مريحة ومنعشة لمن في قلوبهم مرض وللطامعين واللاهثين وراء موارد مالية إضافية بطرق غير مشروعة. عدد الأشباح الباحثين عن المتاعب في تزايد كبير لدرجة أن هناك من الأساتذة من لم يبق له من الصفة إلا الإسم، هناك من الموظفين من لايلتحق إلا نادرا بمكتبه ومنهم من أصبحت لاتربطه بمؤسسته إلا الحوالة الشهرية التي تمر إلى حسابه البنكي. كل هذا، وفقهاء الإدارة يقفون موقف المتفرج على الأشباح وهي تظهر وتختفي، بل من الأشباح من قام بإصدار عناوين تمجد هؤلاء الفقهاء وتعطي الدروس والعبر في الوطنية والنزاهة الإخلاص. إنهم أشباح انتسبوا للجسم الصحفي بمجموعة من المدن المغربية خلسة من الجميع، واعتبروا العمل الصحفي وسيلة للارتزاق!... وعوض مباشرة الأستاذ، المدير والموظف عمله داخل الفصل وأداء دوره التربوي، أو يباشر عمله في إدارة ما تجده يتجول بين المقاهي أو الفنادق باحثا عن ندوة صحفية هنا أو هناك أو يتجول بين الإدارات والمكاتب واعدا هذا المسؤول بخبر في الصفحة الأولى سيسرع ترقيته أو متوعدا هذا المسؤول بخبر سيحطم مستقبله المهني... وكل شيء بأجر، فلامنطق لعبارة (أجرك على الله) عند الأشباح، فالأصل عندهم الدفع قبل النشر...! قبل افتتاح الدورة، توالت نقط نظام حول محضر دورة الحساب الإداري بتأريخ 21 فبراير 2012 التي زور محضرها؛ حيث تضمنت بيانات كاذبة، وأرقاما لا علاقة لها بما صودق عليه في الدورة، إذ تم تغيير وتزوير أرقام وأوعية الفائض المخصصة لكل دوار: دوار بسموم 97000 درهم عوض 11000 درهم، إداولسطان 97000 درهم عوض 100000 درهم، إقايغان 97000 درهم عوض 94000 درهم، اقتناء فاكس 6000 درهم عوض 4000 درهم، اقتناء طاولة 25000 درهم عوض 20000 درهم، برامج لتجهيز الخزانة الجماعية بالمكتب والحواسيب بشراكة مع الوكالةالوطنية لتنمية أقاليم الجنوب 50000 درهم، إلا أن المحضر جاء غير متضمن لكلمة شراكة؛ تساءل بعض الأعضاء عن سر العلاقة مع هذه الوكالة التي يتكئ عليها، في كل مرة، لتبرير فلتة أو هفوة، إذ توجد بمكتب الرئيس أربعة حواسيب من صنع صيني دون تحديد طريقة الاقتناء أو التمويل من طرف هذه الوكالة؟ ثم كيف نفذت مجموعة من المشاريع مع الجمعيات قبل المصادقة على المخطط،وقبل التداول حول الشراكات في المجلس؟ أسئلة تستدعي مساءلة مسؤولي برنامج انقاد الواحة بالوكالة الوطنية لتنمية أقاليم الجنوب؛ السلطة بحكم الشراكة القانونية، وضعت في وضعية إحراج؛لأنها تحضر الجلسات وترفقها بتقارير، مايوحي بأنها شريك؛ ورطة اقترح معها المجلس، توصية عقد دورة قريبة استثنائية أو غيرها للاستدراك؛ بحيث تعديل محضر الدورة السابقة، وإعادة النظر في دراسة الطريق الرابط بين دواوير لكصور ومركز الجماعة، ليشمل دوار إدولسطان المقصي ودوار إسرغين عبر توريرن ونقطة تحويل اعتمادات لتسوية وضعية الكاتب العام. لقد استمرت المناقشة أزيد من 5 ساعات دون توقف، وبصخب أحيانا... سواء حول ملابسات التسيير العشوائي للجماعة وغياب الضوابط، أو من حيث ترك الجماعة لمصير مجهول، (سنخصص مقالا مفصلا لخروقات التفويضات، ومختلف التجاوزات في التسيير والحضور) ومن حيث نقطة دراسة مخطط المغرب الأخضر، فقد تساءل الأعضاء عن الحالة اللاطبيعية لمخطط الجماعة، الذي دام الكلام السياسوي عنه أكثر من ثلاث سنوات؛ ففي كل مرة يصاحب الرئيس أستاذ من الرباط، أو من الوكالة الوطنية لتنمية أقاليم الجنوب للاجتماع مع الجمعيات بانتقاء وفي غفلة؛ بحيث تأتي الاجتماعات ليلة السبت أو الأحد، دون استدعاء مسبق أو برمجة معينة؛ متحججا بالوقت أو انشغال الأستاذ المكلف، وضعية تقزز معها الأعضاء الجماعيين، وتساءلوا عن فحوى الخطاب حول المخطط الجماعي دون المسودة، سواء في صيغتها الفرنسية أو الصيغة الطبيعية بالعربية، حتى يتمكن الجميع من الاطلاع والمدارسة؛ وبالتالي إعطاء وبلورت اقتراحات؛ خاصة أعضاء لجنة التتبع الذين غيبوا قسرا؛ أما عن ملتمس مخطط المغرب الأخضر، فقد شدد جميع الأعضاء على أنه لايمكن اختزال مخطط المغرب الأخضر في السواقي وأشجار النخيل، بل يجب أن يشمل جميع السلاسل وتوزيعها على الدواوير، ومناطق الجماعة والقيادة عامة، حسب الخصوصية والخصاص، كما لم يفت السادة الأعضاء الإلحاح على ضرورة بناء محطة لمعالجة وتعليب التمور بإقايغان المركز، نظرا لكونه نقطة إستراتيجية للقيادة (هذه المحطة تحاول جهات الالتفاف عليها حتى لاتبنى بإقايغان). حاولت السلطة المحلية تبرير انعدام الإسراع بذلك، بحجج إدارية وغير مبنية ومردودة مجاليا وواقعيا، فإذا استحضرنا مبادئ وأهداف انطلاق المخطط سنة 2008، والرامية إلى النهوض الشامل بأوضاع الساكنة، خاصة القروية منها، سواء من حيث: تحسين دخل الفقراء أو تحسين القدرة الشرائية للقروي والر فع من معنوياته، أملا في استقراره بمجاله، أو تشجيع الاستثمار، أو تحسين الناتج الداخلي الخام الزراعي، أو تجاوز العجز الغذائي؛ أهداف ومرامي، تستدعي من المسؤولين بمكتب الاستثمار الفلاحي بورزازات، والوزارة الوصية على قطاع الفلاحة، ومسؤولي عمالة طاطا وجهة كلميم، استحسان تنزيل مضامين المخطط، بإقايغان خاصة وطاطا عامة.