كل الناس يتفقون بأن الصحافة هي مهنة المتاعب، والسلطة الرابعة التي تصنع رأيا عاما يجعل من الساسة والحكام مجرد موظفين عند الشعب يحترمون إرادته، ويعملون على رخائه لأنهم هؤلاء الساسة منه وإليه، ولكن متى تكون الصحافة سلطة رابعة، وصانعة لرأي عام، ومهنة للمتاعب، طبعا عندما يشتغل بها صحفيون يقدرون معنى التعب، ومعنى سلطة الرأي، ومعنى التوجهات العامة للشعب، وليس من يشتغلون على استفزاز الناس، وتضبيعهم بالشائعات المغرضة، فهؤلاء، للأسف، هم من تعج بهم ساحتنا الإعلامية، وهم طبعا من صناعة بعض التيارات السياسية الفاسدة، وبعض رجال الأعمال المهربين للمال المغربي، والمستفيدين من الفساد السياسي، وكلما ظهر بين هؤلاء المدعين للصحافة، شخص نزيه وقلم حقيقي يواجه الفساد، فإنهم ينقضون عليه ويمطرونه بوابل من الغائط الذي يتذوقونه كل عدد من جرائدهم، فهم سادة الإشاعة، والتملق، والتلفيق، والتخابر الدنيء، وأقلامهم تظل جبانة في تعاملها مع ذوي النفوذ، فلا تجدهم إلا تحت موائد هؤلاء يجمعون الفتات بعد أن تنبطح أقلامهم منزلة سراويلها لقذف الشرفاء، هم أكلة الجيفة وسكان الجحور الموبوءة، فكل من تدرج منهم إلى سلطة رئيس للتحرير يصبح الجرذ الأكبر في زريبة الجرذان، وكل من استطاع أن يؤسس مجموعة إعلامية صحفية يصبح إلها جرذا أكبر، فتتسع دائرة الفتات الذي يقتات منه ويتصدق منه على باقي عبيده ورسله، وكهنة معبده.. كل هذه المقدمة لتوضيح شيء بسيط هو أن الصحفيين الشرفاء قلة في بلدي، والأقلام الوازنة تعد على رؤوس الأصابع، والمتعبون بمهنة المتاعب هم قلة أيضا، لأنهم يتعبون في جلب الخبر، والتحقق منه، والإحاطة بملابساته، بل التمحيص فيما كان هذا الخبر مدمرا لمن سيتسرب ضده، أو مدمرا للبلد التي قد تدخل في حرب جراء هذا الخبر، كما وقع في حرب العراق، وقد يكون هذا الخبر مدمرا لأسرة بكاملها، حيث تبقى طيلة حياتها تعيش بندوب هذا الخبر، ويكون بذلك ناشر الخبر مجرما في حق الإنسانية، وقد ينتج عن هذا الخبر عكس ما يتوقعه الناشر، أي رب ضارة نافعة، فينقلب من نية الإساءة إلى درجات النجاح، كما وقع للتشهير بالعديد من المشاهير، والأفلام، والكتب، وغيرها.. من هنا نجد أن الجريدة «الوطنية» التي نشرت خبرا أن هذا العبد الضعيف محمد الشوبي قد احتج على فيلم شارك فيه للفنان المايسترو لحسن زينون، والذي عرض بمهرجان مراكش، وهذا الفيلم عنوانه «الموشومة»، وقد احتج على مشاهد بعينها تمس، حسب الصحفي الذي سأعود إليه فيما بعد، الحياء العام، أقول لهذه الجريدة غير الحرفية، والتي تتغذى على الإشاعات المغرضة، بأنني لم أر لحد الآن فيلم المايسترو لحسن زينون، وأقول كذلك، أنني لم أعبر لهذا الصحفي الصغير عن أي شعور تجاه أي فيلم، وأقول بأنني سأحتفظ بحقي في الرد القانوني عن هذه الإشاعة وهذا التلفيق، لأنني بعد أن علمت بالخبر اتصلت بهذا الصحفي المغرور بنفسه واستفسرته الأمر، بعد أن طلبت هاتفه النقال من أحد الزملاء، فرد علي بأن الخبر كان خطأ مطبعيا وسيصدر اعتذارا وتصويبا في العدد القادم، لكنه لم يفعل، هذا الصحفي الذي ظل يبحث عن شهوات المهرجان دون أن يولي اهتمامه لعمله، بل قلد النجوم الذين ينتقدهم في صعود البساط الأحمر وتمختر أمام زملائه الصحفيين، ناسيا غافلا عن مزالق هذا البساط الأحمر وما يعانيه النجوم من ويلاته، خصوصا المغاربة التي تترصدهم ألسن وأقلام وعدسات الصحفيين والجمهور على حد سواء، فقد استسهل الأمر لغضاضته، وصعد يستعرض لباسا لا يمكنه في يوم من الأيام أن يليق به، فكان نشازا بين المشاهير، المحليين والعالميين، وأعود للجريدة التي تنشر، وتعتمد مثل هذا الصحفي السخيف، وأقول لرئيس تحريرها أن زمن السكوت عن التشهير والتحريف ولى، وأن العمل الصحفي يجب أن يعود للصحفيين العقلاء والمتمرسين، وليس من هب ودب وكتب السيناريو والمقالة والقصيدة ولم يصب، ولو في حمل خبر حقيقي إلى قرائه .