توج مؤتمر الاممالمتحدة لمكافحة الفساد أمس الجمعة بمراكش أشغاله بإصدار توصياته حول كيفية تنفيذ الاتفاقية الدولية التي صدرت في العقد الماضي لمواجهة آفة متعددة الأوجه والانشطة والآليات. توج مؤتمر الاممالمتحدة لمكافحة الفساد أمس الجمعة بمراكش أشغاله بإصدار توصياته حول كيفية تنفيذ الاتفاقية الدولية التي صدرت في العقد الماضي لمواجهة آفة متعددة الأوجه والانشطة والآليات. كانت الايام الستة التي انعقدت فيها ، داخل المؤتمر أو على هامشه، أنشطة رسمية أو من طرف المجتمع المدني، تتفق بما يشبه الإجماع أن سرعة الفساد في العالم أكبر من سرعة ما تبدعه الاتفاقيات الأممية وآلياتها . بل إن للمفسدين القدرة على اختراق جدران القانون والرقابة للاستيلاء على المال العام وتهريبه، والمتاجرة في البشر والمخدرات واقتراف الجرائم بمختلف أشكالها وبشاعتها. في جلسات المؤتمر برزت بعض الارقام التي تؤكد حجم الفساد المستشري في العالم، من بينها ما تضمنه تقرير مكتب الاممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمةالذي اعتبر بأن المجرمين وخصوصا تجار المخدرات كان بإمكانهم غسل قرابة 1.6 تريليون دولار ، وهو ما يناهز 2.7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي لسنة 2009، وأن هذا الرقم يتماشى مع النسبة التي تتراوح بين 2 و 5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي المحددة من طرف صندوق النقد الدولي لتقدير حجم غسل الأموال. أما عائدات الإجرام، ما عدا التهرب من دفع الضرائب، فبلغت 2.1 تريليون دولار أو 3.6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في سنة 2009 (2.3 إلى 5.5 بالمائة ) ، بل إن عائدات الجريمة المنظمة عبر الوطنية مثل الإتجار بالمخدرات والتزوير والإتجار بالبشر و تهريب الأسلحة الخفيفة تقارب 1.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، من المرجح أن يتم غسل 70 بالمائة منها عبر النظام المالي. تجارة المخدرات تشكل نصف عائدات الجريمة المنظمة عبر الوطنية وخمس جميع عائدات الإجرام. ومن الاستنتاجات التي خلص إليها مكتب الاممالمتحدة،أن الأسواق العالمية للكوكايين والهيروين والقنّب تراجعت فيما ارتفع إنتاج وتعاطي عقاقير الوصفات الطبية شبه الأفيونية والمخدرات الاصطناعية الجديدة. وأن 210 ملايين شخص، من سكان العالم المتراوحة أعمارهم بين 15 و64 سنة يتناولون المخدرات، وأن 200 ألف حالة وفاة سببها تناول المخدرات . مؤتمر مراكش تناول موضوع الرشوة والتهرب الضريبي، ومن الأرقام التي تم الكشف عنها أن أكثر من 1.6 مليار دولار يتم تهريبها سنويا إلى الخارج . أما الاموال الناجمة عن اختلاس المال العام فتصل إلى 40 مليار دولار ، ويكفي استرجاع 100 مليون من هذه الاموال لتمويل برنامج متكامل لتلقيح 4 مليون طفل وإيصال الماء الشروب ل 250 ألف أسرة أو تمويل علاج أزيد من 600 ألف مصاب بداء السيدا خلال عام كامل. وبقدر ما تتعاظم الآفة منتوجا ومتاجرا ومستهلكا، مهربا ومتهربا، فاسدا ومفسدا، بقدر ما تتسع مساحات الفقر في العالم وتتعقد مشاكله الاجتماعية. وقد سعت إحدى ورشات مؤتمر مراكش إلى مناقشة دور المواطن في محاربة الفساد لأن الآفة تستهدفه .ولأنه قبل أن تتحرك الحكومات لمكافحتها، كان هو ومنظماته المدنية يرفع الصوت عاليا : الفساد جريمة في حق التنمية والديمقراطية والتعليم والبيئة والصحة والعدالة و...وقالت إحدى مسؤولات الأممالمتحدة في هذه الورشة إن على العالم، وكما يتم التشهير ببعض الجرائم مثل السياقة في حالة سكر ، يجب أن يشهر بالمفسدين مهما كانت درجة الجريمة والمسؤولية. وفي خضم أرقام المؤتمر كان هناك تقييم مستمر لاتفاقية الاممالمتحدة لمكافحة الفساد التي برز بأنها تصطدم بإرادة، ليس فقط الدول التي لم تصادق عليها بل حتى التي صادقت، إرادتها في أن تلائم مضامينها مع تشريعاتهاالوطنية .إرادتها في أن تقدم كل أشكال المساعدة والتعاون للدول التي تعاني من تهريب لأموالها. ففي مؤتمر مراكش برز أن هناك الكثير من الخطاب والقليل من الارادة في بلورة الاتفاقية، ووثائق الاممالمتحدة وتقييماتها خير شاهد على هذه المفارقة.