في معرضها الموسوم ب «عنبر محمول»، تستمر الفنانة والمهندسة المعمارية سلمى مريم الشرايبي في صياغة مديح متوهج - تشكيليا - للبهجة والانبساط، وفي هبة الجسد النسائي بذخا جماليا يسنده توازن الألوان الفاقعة والتوزيع المحكم للنور على السند والغرافيزم المنساب الذي لا يشكو التوتر أو الانقطاع. تتراءى لوحة الشرايبي، بألوانها المتلألئة ومعمارها المغترف من فني تركيب الزليج ونحت الجبص العتيقين، للعين وكأنها تدعوها إلى التأمل، غير المتسرع، في مقولة فولتير: «على المرء أن يعرف كيف يتعلم في رحم الابتهاج. المعرفة الحزينة معرفة ميتة. الذكاء هو الفرح». تمنح لوحة سلمى مريم الشرايبي، التي هي أيضا اقتراح للتطابقات الممكنة بين جنسها التشكيلي وبين التعبيرات الراقصة والأنماط الموسيقية، (تمنح) مفاتنها للرائي كوحدة متفردة ومنفردة، تتنفس إيقاعات الزمن في استقلالية عن جاراتها في المعرض. لكنها تكشف له، في ذات الآن وبدون مواربة، عن طبيعتها كجزء من كل، كطموح إلى التناغم مع باقي الأعمال، بل إلى تكملتها وإضافة تفصيل لها، مما يجعل هذا الناظر يخال نفسه في حضرة ثنائيات أو ثلاثيات أو رباعيات، ويدفعه إلى إعادة ترتيب وتركيب المعروضات وفق موروثه الفني وتيارات أحاسيسه، متورطا بذلك في لعبة إعادة صياغة المعرض بفعل حرية القراءة والتأويل التشكيليين للأعمال، في تفردها وتكاملها، التي تشرع الفنانة أبوابها أمامه. المعرض وحدة يخترقها الاختلاف إذن. وفعل الإبداع، لدى سلمى مريم الشرايبي، سعي، حثيث وغير متساهل مع الذات، نحو أفق تكامل المنجز الفني رغم احتضانه للتعدد، نحو تلاؤم مكونات اللوحة داخل اللوحة ومع جوارها. من الهندسة المعمارية أتت، ومن صرامة الدرس الأكاديمي حول تاريخ الفن. من تعدد الانشغالات الجمالية والإصابة بفيروس التشكيل منذ الطفولة أتت، ومن دقة المعادلات الرياضية أيضا. لكل هذا وبسبب هذا، تتملك سلمى مريم الشرايبي «الصنعة» والدقة والتحكم في البنية وضبط التوازن وتمثل الألوان. ولكل هذا وبسببه تزاوج لوحاتها بامتياز بين بصمات الإرث المغربي ومستلزمات الفن الحديث تشكيليا، مثلما تتحكم في القدرة على تكسير رتابة المتعة التي تولدها أعمالها حتى لا تمسخ هذه الأخيرة إلى مجرد زينة لا أثر لها. لسنا، بكل تأكيد، في ضيافة آثار عابرة لفنانة عابرة. بل في رحابة الفعل التشكيلي المفكر فيه برصانة والمهيأ بصرامة والمنجز بتقنية رفيعة. إن هذا ما يدركه الزائر لمعرض سلمى مريم الشرايبي، ليردد في أعماق أعماقه، وهو يغادر المعرض، أنه ثمة أفق غير مفتعل للتشكيل المغربي بصيغة المؤنث. في إطار ليلة الأروقة، يفتتح معرض سلمى مريم الشرايبي ليلة يومه الجمعة من االسابعة مساء إلى منتصف الليل، وذلك بمقر مكتب هندسة الفنانة (26، شارع العلويين، الشقة 3، حسان، الرباط)، ويستمر إلى غاية 7 يناير 2012 .